حضّر الشاب إياد
منصور، لزفة عرسه جيدا، واختار أن تكون في وادي قانا، وفي يوم الأرض.
يقع وادي قانا في
محافظة سلفيت، ويتبع قرية دير استيا، وتملك عائلة منصور بيارات برتقال وليمون في
الوادي الذي يشتهر بعيون الماء التي تجعله مقصدا سياحيا وترويحيا لأهالي المنطقة.
يعمل إياد، بالإضافة إلى
مساعدته جده خضر منصور في العناية بالأرض، دليلا في مجال السياحة البديلة، وغير
التقليدية، في تعريف المواطنين والزوار الأجانب بمعالم فلسطين الطبيعية والبيئية.
ويدرك إياد حجم ما
يواجهه المزارعون في الوادي، من هجمة احتلالية على الوادي، والتي تستهدف الاستيلاء
عليه.
في مدخل الوادي،
انتشرت مجموعات من المستوطنين، بقيادة أدلاء، للتعرف على الوادي، ولم يحاولوا
التوغل داخله هذه المرة، بسبب كثافة وجود المواطنين، بمناسبة عرس إياد الذي أراده
مختلفا كما قال.
تجمع الحضور في ساحة أمام
عين البصة في الوادي، وهي إحدى العيون الغزيرة، وتحلقوا في انتظار الشاعرين
الشعبيين محمد العراني وأكرم قعوار، وخلال الانتظار ظهر في الساحة شعراء هواة
حاولوا تقليد محاورات الشعراء الشعبيين في الفخر والاعتداد بالنفس، بشكل كوميدي، أثار
اهتمام النّاس.
نقل الشاعران العراني
وقعوار، بمحاوراتهما، الحضور إلى أجواء من الفرح والحماسة، وهما يتنقلان بين أغراض
الشعر الشعبي، مركزين على المعاني الوطنية وصمود المزارعين في وادي قانا.
وقاد العراني وصلة
الشعر، خلال تقليد الحلاقة للعريس، وانطلقت زفة العريس من عين البصة إلى منزل قديم
صغير لعائلة منصور بني في ستينات القرن الماضي، وقطع الحضور طريقا متربة، وعادوا
منها إلى ساحة البصة، ولكن هذه المرة معهم العريس ممتطيا صهوة حصان، ومن رقبته تتدلى
حبال من الأوراق النقدية.
عند الوصول إلى
الساحة، قصد العريس، تجمعا نسائيا، في لفتة واجبة تجاه نساء العائلة اللواتي تجمعن
منفصلات عن الرحال، ليواصل السير إلى الساحة، ليبدأ الشاعران العراني وقعوار،
وصلات من فرح يصل بالجمهور إلى ذرى مرتفعة.
ينتسب العراني، إلى
قرية عرانة في محافظة جنين، وباختياره كنيته الفنية، يسير على خطى تقليد يحرص
غالبية الشعراء الشعبيين في فلسطين على التقيد به، وهو الانتساب إلى مسقط الرأس.
قال العراني:
"أتي إلى الوادي لأول مرة، إنني اسمع به منذ صغري، جئنا لنشارك آل منصور أفراحهم،
ووجدت انه ينطبق على وادي قانا الوصف بأنه جنة أرضية، حيث توجد الينابيع الطبيعية
مثل: الجوزة، والفوارة والبصة".
وعن تغنيه بالوادي
وهذه العيون، قال العراني: "أنا أغني بشكل ارتجالي، وهذه ميزة لدى الشعراء
الشعبيين، ونحن نغني للوطن وهمومه وقضاياه، خصوصا في هذا المكان وبمناسبة يوم
الأرض الخالد".
الدكتور نافذ منصور
عم العريس يقول: "منطقة وادي قانا مهددة بالتهويد والاستيطان، وكما يمكن أن
يرى الزائر للوادي فان المستوطنات تعتلي رؤوس الجبال من مختلف الجهات. يتعامل الاحتلال
مع الوادي كمحمية طبيعية وتحت هذا المسمى يتم مضايقة أصحاب الأراضي والمزارعين من
قبل سلطات الاحتلال والمستوطنين لتفريغها والاستيلاء عليها، ونحن نتحدى الاحتلال،
بتنظيم فعاليات لمواجهة الهجمة الاحتلالية والاستيطانية".
وأضاف: "نحن في
لجنة المزارعين في وادي قانا، وبلدية دير استيا، وأهالي دير استيا أصحاب الأراضي
الزراعية، وأهالي دير استيا بشكل عام، ننظم فعاليات لمواجهة التحدي الاستيطاني
الخطير المحدق بنا، ومنها هذه الفعالية وهي تجربتنا الأولى في هذا المجال، ونأمل
أن يتم البناء عليها، وهي تأتي ضمن الفرح الفلسطيني بتزويج أبناءنا الشباب
ليكوّنوا عائلات تنتج نسلا لتعميق جذورنا في هذه الأرض".
يمتد وادي قانا على
مساحة آلاف الدونمات، ولكن الجزء المستغل منها، كما يقول الدكتور نافذ: "هو
جزء بسيط والجزء الأكبر يعتبر أحراش طبيعية وأراضي زراعية خاصة ولكنها غير مستغلة،
لان الاحتلال يمنع المزارعين من استصلاح أرضهم واستغلالها، هذا الوادي يعتبر سلة
غذائية لأهالي دير استيا والقرى المجاورة بالإضافة إلى كونه متنفسا ترويحيا
لمحافظتي سلفيت وقلقيلية، وفي الآونة الأخيرة أصبح كذلك أيضا على مستوى الوطن، حيث
تؤمه وفود سياحية من مختلف إنحاء فلسطين".
يتجلى العراني
وقعوار، في إنشادهما للأرض والوطن والطبيعة، ومن خلفها رددت الجبال في وادي قانا
الصدى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق