أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 29 أبريل 2022

مجزرة صغيرة/تيسير خلف



مجزرة التضامن واحدة من أصغر المـجـازر التي ارتكبت بحق المواطنين السوريين والفلسطينيين المدنيين البؤساء العزل في ريف دمشق.

في الفترة من شهر 7 عام 2012 وحتى نهاية 2013، كانت هنالك مـ.جـازر أكثر هولاً لم تسلط عليها الأضواء، تم تنفيذها بالطريقة ذاتها، منها وليس كلها: داريا 700 شـهـيـد، جديدة الفضل أكثر من 2000 شهـ.يـد، شارع علي الوحش 1200 شهـيـ.د. كل القتلى مدنيين عزل سيقوا إلى الذبح من دون أن يتوقعوا المصير الذي كان  ينتظرهم.

في العام التالي 2014 انضم إلى فرق قتل الشعب السوري الكثيرة تنـظيـم داعش المجرم ومن هم على شاكلته.

المشترك الوحيد الذي اجتمع عليه جميع الخصوم بمختلف راياتهم ورموزهم هو قتل المواطن السوري الأعزل البائس التعيس.

#مجزرة_التضامن

#فلسطينيون_وسوريون

#ريف_دمشق

#تيسير_خلف


الأربعاء، 27 أبريل 2022

ما كان وراء الكواليس الحزينة/ياسين الغُماري




 


مجانين بيت لحم، للكاتب الفلسطيني القدير أسامة العيسة، الصّادرة عن مُؤسّسة نوفل-هاشيت أنطوان عام 2013، والحائزة على جائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة الآداب عام 2015، عمل روائي صحفيّ  فخم، من القطع الكبير، يقع في 254 صفحة، بأبعاد تاريخيّة ثريّة مُؤثّرة، يتناول القضيّة الفلسطينيّة، ممّا يعني بحثًا واسعًا ومُجهدًا.

جاءت الرواية على شكل رسالة لعُجيل المقدسي، وهو سفير الشخصيّات المضطهدة الّتي تعامل معها الكاتب. لابُدّ من التنويه إلى مقدار الألم في الرواية بشكلٍ قوي، الألم الّذي يُساوم على شخصيّات لم تفلح في حياتها، لشخصيّات كانت عرضة لشيء ما، والّتي طالبت بشيء ما-لعلّها السَّكينة، لشخصيّات فقدت اتّصالها لكلّ ما له علاقة بالواقع الكسيح، لشخصيّات منسيّة مطردة، وعلى هذا الأساس، بفنيّة وخفّة، يُوقظ البطل هزائمهم وتاريخهم المرير، كما لو أنّه عاش تفاصيلهم لحظة بلحظة، حتّى الصّمت بين الأجزاء، تاركًا لك، من خلاله، أن تتخيّل بنفسك، ما كان وراء الكواليس الحزينة.

تنقسم الرواية إلى ثلاثة أجزاء:

-سفر تكوين: تناول هذا القسم فلسطين، بيت لحم، والدهيشيّة، بسرد متين ومُتميّز، تاريخهم الطويل.

-سفر من لا أسفار لهم: تناول هذا الجزء حكايات أناس حقيقيين، وواقع رثّ دفعهم، شيئًا فشيئًا، بإجماع الكلّ، لأنْ يُستبعدوا عن الحياة، أو لنقل لتكميم أفواههم، وإتلاف ما تبقّى من ملكاتهم، وهذا من طبيعة الحياة الظّالمة، حيث تعدّى كلّ من هبّ ودبّ على كرامتهم، وما من رادع لهم.

-سفر مشمشي: وهو الأخير، قد يحسب القارئ المرتجل أنّ العبث قد يطال الأفراد فقط، ولكن قبل أن يصل إلى هذه الحقيقة، عليه أن يُدرك، قبل كلّ شيء أنّ المأتى الأوّلي للعبث، هو فَتْك الأنظمة. يبقى الأمل شعلة قد تنير درب الضالّ يومًا. ولكن، أحقًّا هُنالك ما يستحقّ الكفاح من أجله؟

وكما قيل في الصفحة 221: "أجنّ شيء في الكون، عندما يفقد الموت هيبته، ويصبح أكثر الأشياء طبيعيّة".

تُحاصرني دائمًا كلمات تُعزّي نكبة الإنسانيّة، إحداها لأحلام مستغانمي: "للأقدار يد لا تُرى، لكن لا يد تعلو عليها أو تلوي مشيئتها لأنّها يد الله، وأخرى لبثينة العيسى: "كان العالم كثيرًا وكنتُ أنا وحدي، وثالثة لمي زيادة: "أتمنّى أن يأتي بعد موتي من يُنصفني" أخلّص للقول أنّ الرواية جذوة لمن ضاعت قضاياه، ومات في حداد على حاله.

#ياسين_الغُماري

#مجانين_بيت_لحم

الثلاثاء، 26 أبريل 2022

قاسم الوطن فتنة الهوى..!




 


في رحيل علي الدميني (1948-2022)

«غسل الدهر حزننا بالأقاحي

واستوينا على بياض الجراح

ومهيض الجناح ما زال يقضان

حتى أتاه القطى بجناح

لا النهيرات جفت بكاء

ولا البحر أرخى الهوى للرياح».

ذات يوم في الدمَّام عام 1987م، التقطت ديوان (جهات المواقع) أوَّل دواوين علي الدميني، الشاعر، والمثقف، والمناضل، والمعتقل السياسي، الذي منع من السفر لأكثر من عشرين عامًا، بسبب مواقفه.

وجه الحداثة الشعرية في السعودية، كان بالنسبة لي، نوع من الاكتشاف إلى جانب أعمال شعراء آخرين كمحمد الثبيتي وعبد الله الصيخان، والروائي والقاص عبد العزيز مشري.

تدول الأيَّام، وتكرّ، فتنعى حتَّى وسائل الإعلام الرسميَّة السعوديَّة، المعارض والمعتقل السياسي السابق. يصفه التلفزيون السعوديّ الرسميِّ "أبرز الشعراء المجددين".

الأنظمة لا تعتذر، ولا تعوض ضحايا الاضطهاد السياسي، بل إنَّها تستثمر موتهم. ألاحظ كيف تنتظر وزارة ثقافة، موت مبدع منسي لتسرع لنعيه، بدون خجل. لعلها ترفق بيانات النعي في سجلَّات انجازاتها.

"ولي وطنٌ قاسَمتهُ فتنة الهوى

ونافحتُ عن بطحائه من يقاتلُه ْ

إذا ما سقاني الغيث رطباً من الحيا

تنفس صبح الخيل وانهلّ وابلُهْ

وإن مسّني قهرٌ تلمستُ بابه

فتورق في قلبي بروقاً قبائلُهْ"

#علي_الدميني

#محمد_الثبيتي

#عبد الله_الصيخان

#عبد_العزيز_مشري

حفريات خربة طبالية














 كشفت الأعمال الاستيطانية في خربة طبالية جنوب القدس عن موقع أُثري

الاثنين، 25 أبريل 2022

منتهك معايير..!



تذكرني إدارة الفيس بوك، بين الْفَيْنَات، ولا أعرف لماذا، محذرة، أنَّ صفحتي معرضة لخطر الإلغاء، وكأنَّه لا يكفينا أخطار الإلغاء الواقعية.

وفي تحذير آخر: "إذا ارتكبت بعض الانتهاكات الأخرى لمعايير المجتمع، فقد تفقد الكاتب أسامة العيسة، إلى الأبد".

كنت أعتقد أن الأبد يعمل لدى رجال الدين، وأصحاب الدعاوى القومية والوطنية، المتأكدين أن الأبد، يعمل لديهم.

"طال الأبد على لبد" النسر المعمر للقمان، ولكنّهما، لقمان ونسره الأخير، لم يتأبدا.

السبب انتهاك المعايير. ما الكاتب غير منتهك معايير، لا يكون الكاتب كاتبًا، إلَّا إذا انتهك، وشكَّك، ونقد، رغم أنني لا أعرف القواعد التي انتهكتها.

حبذا لو أن الفيس، يحدد قواعده. والأهم ما هي معايير المجتمع التي ينصب الفيس نفسه حارسًا لها، وأي مجتمع يقصد؟

#لقمان

#لبد

#فيس_بوك

السبت، 23 أبريل 2022

أُعجوبة القدس..!


 


قد يكون أوَّل ذكر عربي عن أعجوبة سبت النور، ما وصلنا من الجاحظ (776-868م). ذكر في كتابه الحيوان، عن نار الاحتيال: "وما زالت السّدنة تحتال للنّاس جهة النّيران بأنواع الحيل، كاحتيال رهبان كنيسة القيامة ببيت المقدس بمصابيحها، وأنّ زيت قناديلها يستوقد لهم من غير نار، في بعض ليالي أعيادهم".

ذكر أيضًا عن افتتان "عجايز النصارى وأغمارهم" بمصابيح كنيسة القيامة. قد يكون وصله خبر الأعجوبة وهو في البصرة أو بغداد، وعلى الأرجح ناقش الأمر مع رفاق القلم والتفلسف والمنطقيين من مسيحيين وغيرهم.

ميَّز الجاحظ بين نوايا العجائز، والعلماء والعقلاء، وكما هو متوقع لم يؤمن الجاحظ بالأعجوبة، وهو المتكلم، المعتزلي، العقلاني الذهين، المفتون بأرسطو.

وهو الذي أكد على مذهب الشك، باعتباره منهج معرفة اليقين. سيتناثر الشك الجاحظي، ويتبدد ولن يؤسس في الثقافة العربية، بعكس الشك الديكارتي مثلًا في الثقافة الغربية.

النقد الأكبر لانبثاق النور المقدس من قبر المسيح الفارغ في القدس، إلى حد الاستهزاء والاستحقار، سنلحظه لدى الكُتّاب والرحالة المسيحيين الغربيين، الذين جاؤوا إلى القدس للحج، خلال القرنين الثامن والتاسع عشر، ومنهم من غلاة المتدينين. واعتبروا الاحتفالات الصاخبة التي تشهدها كنيسة القيامة، دلالة على تخلف الشرقيين المزمن، الذي قد يؤدي إلى كوارث، كما حدث مثلًا في عام 1834، وكاد الفاتح المصري إبراهيم باشا، أن يقتل اختناقًا، بينما مات كثيرون احتراقًا.

التعالي وعدم الفهم الغربي له دلالة مهمة، فعيد الفصح هو عيد الشرق، عيد الربيع، قيامة أدونيس (السيّد)، ثم قيامة المسيح (السيّد) تحتفل به فلسطين، وإن بأشكال مختلفة منذ آلاف الأعوام. وفي الغرب يسمونه ايستر، نسبة للشرق، أو في تأويل آخر نسبة لعشتار، باعتباره أحد تجليات الأعياد الوثنية، التي يزعم الغرب تعاليه عليها، وهو غير صحيح، فما حاولت الديانات الإبراهيمية محوه، حاضر بقوَّة في الفنون المختلفة التي صاغت وجدان الشعوب التي توصف بالمتمدنة، بينما في الشرق، فاكتفت الأديان، التي لم تنبثق من فراغ، بترسيخ ما سبقها، وهي تنكر ذلك، ولولا ما علق بها من أديان سابقة، لما استمرت.

سبت النور مناسبة، ليقول فيها سكُّان البلاد، أراء في أحوال البلاد. في فلسطين المعاصرة، نجد التأثيرات السياسية على سبت النور. مثلًا في نيسان 1920، وبعد الاضطرابات آنذاك خلال موسم النبي موسى، هتف الفلَّاحون وانضم إليهم المتعلمون من الشباب: "صهيوني خذ ربعك وسير/هذه البلاد بلادنا".

وبعد أيّام، في سبت النور، هتف المسيحيّون في كنيسة القيامة: "يا مار جِرّيس على القبر صلينا، إحنا العرب والسيوف في إيدينا"، بدلاً من "إحنا النصارى والشموع في إيدينا".

كانت أعيادنا دينية، وأصبحت قومية-هكذا يلاحظ خليل السكاكيني في يومياته.

وفي سبت النور قبل أعوام، كانت السياسة حاضرة، فهتف المشاركون:

"يا داعش وينك وينك

مسيحي يقلع عينك"

و "يا داعش صبرك صبرك

مسيحي يحفر قبرك"

و "يا أبو بكر البغدادي

ليش تطردني من بلادي".

اليوم رفع أحدهم على أنغام الأهازيج الدينية المحلية علم روسيا، في كنيسة القيامة، افتتانًا بأبي علي بوتين، فيما رفعت الأعلام الوطنية في مدن أخرى كبيت لحم مثلًا.

الصراع في الشرق مستمر على الهُويَّة..! وسبت النور وغيره من أعياد الفلُّاح الفلسطيني، تجلي دفاعي عن الُّهويَّة غير المتحققة..!

الصورة: قبطيتان في احتفالات سبت النور اليوم.

#الجاحظ

#أرسطو

#كنيسة_القيامة

#سبت_النور

#خليل_السكاكيني

 

الثلاثاء، 19 أبريل 2022

عبق فلسطين..!


 


تنقل الدكتور زياد منى (1950-2022) بين النضال، والبحث، والمواقف.

عن دار قدمس التي أسسها في دمشق وبيروت، وتخصصت بتاريخ الشرق القديم، ونقد المرويات التوراتية، أصدر لي كتابين:

*مخطوطات البحر الميت: قصة الاكتشاف. العنوان المقترح من قبلي كان أكثر تواضعًا: رعاة البيداء: القصة غير الكاملة لمخطوطات البحر الميت. تقديمه للكتاب أشبه بالشهادة: "إنه وباختصار، شهادة قيمة، من إنسان واع يعايش تلك الحياة، بصعوباتها وتعقيداتها، وينقل إلى القارئ بعض من عبق فلسطين، أو جزء منها، وأريج تربتها الطيبة، لكل ليس على حساب موضوع الكتاب الرئيس الذي يتصدر الأولوية".

من الغرائب، أنه أخبرني أن الكتاب الذي طبع في بيروت، لم يحصل على موافقة من وزارة الإعلام السورية، ليدخل الشام. ربما حصل لاحقًا على جواز مرور.

*ظله على الأرض: ألقاب حكام مسلمين في رقوم مقدسية.

تحفظ على إشارات عابرة في المقدمة، تتعلق بألقاب معاصرة لحكام معاصرين. وأنا كنت، وما زلت متحفظًا، على رؤيته لجغرافيا العهد القديم، المبنية على رؤية الدكتور كمال الصليبي.

هذه المرَّة، منع الكتاب، الذي يبحث في جذور الاستبداد العربي-الإسلامي، من خلال الألقاب التي تركها الفاتحون والغزاة والمغامرون والأفاقون على جدران القدس، في عمَّان.

دار قدمس، هي مشروع ثقافي متقدم، أدارها زياد منى المثقف العارف، وإن كان شابها بعض الإصدارات ذات الانحيازات السياسية التي تتوافق مع أراء زياد الراديكالية، إلَّا أنها حافظت على ألقها، وجديتها، وجديدها.

رحل زياد في دمشق الشام، ودفن فيها، ليس بعيدا عن عبق فلسطين الشام. ربما كان يتمنى أن يدفن في قدس الشام.

#دار_قدمس

#زياد_منى

#كمال_الصليبي


الاثنين، 18 أبريل 2022

فصح فلسطين..!


 


يمتد الفن الفلسطيني، إلى آلاف الأعوام، وفيه نماذج مدهشة، رغم أنَّ كثيرا من تفصيلاته، وصلت لنا بفضل حرفيين، عملوا لتلبية رغبات فنية وحياتية ودينية، منذ العصور الوثنية، حتى الأديان الإبراهيمية، من نماذجها هذا الخاتم المذهل الذي يعود للعصر البيزنطي.

يمثِّل هذا الخاتم النادر، الموجود الآن في متحف إسرائيل في القدس الجديدة، نوعا من الفن الحرفي، يستهدف الحجاج المسيحيين إلى القدس، ويمكن رؤية نقش للمسيح على الصليب، بين اللصين، وفي الأسفل، تصوير لمؤمنين، أو مؤمنتين، تؤديان الصلاة، وقد ترمزان للمريميتين، الأقرب إلى قلب المسيح وعقله.

استمر تقليد مشابه، في الحج الإسلامي الى القدس، مثل شهادات تعطى لمن أدى الحج القدسي، الذي استمر، رغم فتاوى التحريم، باعتبار أن القدس، قبلة منحولة.

حتّى الآن، يحرص كثير من الحجاج المسيحيين، على وضع وشم، تذكارًا للحج القُدسي، يتولى ذلك حرفيون، منهم من ورث هذا الفن، ومنهم من يحاول أن يضيف إليه.

مسيرة فنية حرفية طويلة، من تماثيل الآلهة الأنثى، حتى الوسوم الدينية الخضراء.

في هذا الفصح، قلب القدس أخضر، رغم ثقل الاحتلال، وستكون كنيسة القيامة، على موعد مع تحدٍ في سبت النور الشرقي، مصرة على تحديد عدد حضوره داخل الكنيسة.

#القدس

#فصح_فلسطين

الثلاثاء، 12 أبريل 2022

الاثنين، 11 أبريل 2022

خروبة متفجرة حاصرها المحتلون


 ظلت الخروبة، التي عرفت هكذا باسم مجرد، بين الناس، علامة على الطريق من بيت لحم إلى القدس، وكأن لا خروبة غيرها على هذه الطريق، ولكنها لم تكن علامة دقيقة للفصل بين أراضي المدينتين المتداخلتين، فأراضي بيت لحم، وبيت جالا، تمتد إلى مسافة أبعد من موقعها، ومع ذلك رسخت مكانتها ودورها، وأضحت عناوين الأمكنة، تعرف على الطريق التاريخية، ما قبل الخروبة وما بعدها.

شكلت الخروبة المعمرة، رمزا على طريق بيت لحم-القدس، الغنية بالرموز، منذ زمن بعيد، فالروائي الراحل جبرا إبراهيم جبرا، يذكر في الجزء الأول من مذكراته التي صدرت باسم البئر الأولى، شجرة الخروب هذه.

يتذكر سفره إلى القدس، صغيرا: "كم كان رائعا عصر ذلك اليوم أن أتجاوز أخيرا قبة راحيل، بلوغا إلى شجرة الخروب الكبيرة على يسار الطريق، تلك الشجرة المستوحدة، المتفجرة في الأرض بين أشجار الزيتون الغبراء، كقبة خضراء فسيحة، وهي التي كثيرا ما آوينا إلى برودة الأفياء تحت أغصانها وأوراقها المتراصة كلما ابتعدنا عن البيت أيام الصيف القائظة بحثا عن أعناب الدوالي. وهي محطتنا الأثيرة في الذهاب إلى دير مار الياس والعودة منه، والدير حتى تلك الساعة أقصى مكان بلغته سيرا على القدم باتجاه القدس".

يضيف: "مررنا بالخروبة الجميلة، ومررنا ببوابة الدير القديم وبئره المهملة، متجهين نحو البقعة التحتا ومنها نحو الطوري. ثم نزلنا إلى مشارف بركة السلطان، وأطلت علينا أسوار المدينة القديمة، ومئذنة النبي داود، وقد غمرها شفق بنفسجي".

تأثرت الخروبة "المستوحدة المتفجرة"، التي نجت من قطع العثمانيين للأشجار، للتحول وقودا للقطارات، مساهمة في المجهود الحربي، ونجت قبلها من حملة إبراهيم باشا، وبعدها من ممارسات الاحتلال البريطاني، بالتغيرات السياسية الجديدة، فبعد احتلال ما تبقى من فلسطين، أضحت المكان المفضل، لجيش الاحتلال، لوضع الحواجز، للتفتيش، والقبض على ما يعتبرهم مطلوبين وهم في طريقهم من بيت لحم إلى القدس، ولم يكن من النادر، أن يوقف مسؤول الشاباك، سيارته، محاولا إخفاءها في ظل الخروبة، ناصبا كمينا لمناضل، أو مجموعة من المناضلين.

تأثرت الخروبة، مع بدء تهويد مقام قبة راحيل، القريب منها، وهي عملية انطلقت بعد الاحتلال مباشرة، وقرار حكومة الاحتلال مصادرة سبعة آلاف دونم من أراضي بيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور، وضمها لحدود بلدية القدس الاحتلالية، ووضع اليد على المقام التابع للأوقاف الإسلامية.

قاومت الخروبة للحفاظ على وضعها كعلامة، ودليل، وهاد للمسافرين، وواجهت الإغلاقات والحواجز، حتى الثلاثين من آذار عام 1993م، عندما قررت حكومة الاحتلال إغلاق القدس، أمام المواطنين، فبدأت بتعزيز الإجراءات العسكرية حول الخروبة المستوحدة، ولكنها استمرت بالمقاومة، ولم تتمكن حكومات الاحتلال المتعاقبة من إحكام حصارها حولها، حتى سنوات لاحقة، عندما سيج موقع الخروبة، ولم يعد يلحظها أحد.

تحول موقع الخروبة، إلى "معبر حدودي" بين المدينتين التوأمين، المتداخلتين، وهي تراقب العصف الاحتلالي بالمكان، الذي شمل أيضا مقام قبة راحيل، الذي حوله المحتلون إلى جيب عسكري واستيطاني، ومن أبراجه أطلقت النيران، ليرتقي عدد كبير من الأطفال والفتية، خصوصا في الانتفاضة الثانية، وتطل كذلك مواقع أخرى، مثل جرون الحمص، وهو حقل ارتبط بحكايات شعبية عن العذراء، الذي بنى عليه المحتلون معسكرا، وما زالت أعمال التجريف مستمرة حتى الآن، ومثل محيط دير مار الياس، وقناة السبيل التي نقلت المياه إلى القدس، على مدى ألفي عام، وخربة طبالية التي تجري فيها عمليات تجريف واسعة لإقامة مدينة استيطانية، وبئر الاستراحة وكنيسته، وجبل أبو غنيم، والوادي الشامي، وغيرها من مواقع.

لم يعش جبرا، الذي غادرنا في عام 1994م، ليرى ما حل بخروبته التي بدت له كقبة خضراء فسيحة، وهي الآن سجينة، غريبة.

https://www.alhaya.ps/ar/Article/132546/%D8%AE%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D9%81%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D8%AD%D8%A7%D8%B5%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%84%D9%88%D9%86

الجمعة، 8 أبريل 2022

مقطع من قناة السبيل

في أثر معارك بئر السبع






 

تقدم الدكتور خالد عودة الله، المشاركين في مجموعة تجوال سفر، صعودا إلى تل أبو هريرة في النقب، ليختبر معهم تجربته في اقتفاء أثار الحرب العالمية الأولى في فلسطين، خصوصا المعارك التي جرت في ديار النقب، والتي مهدت للاحتلال البريطاني للقدس.

خلال سنوات طويلة جاس عودة الله، في أماكن المعارك، وبعد نحو قرن على حدوثها، وجد كثير من اللقى العسكرية، كطلقات الرصاص، والتي تمكن من تحديد هوية صنعها، ومن استخدمها.

حول التل، تمتد مساحات خضراء، تؤكد على ما يقوله عودة الله، بأن صحراء النقب، هي في الواقع ليست صحراء تقليدية، وإنما هي أرض نابضة بالتنوع النباتي والحياة، بالإضافة إلى أهميتها التاريخية والعسكرية، منتقدا ما وصفه الجغرافيا المنسية، والوعي التاريخي المغيب.

انطلق عودة الله، مع مجموعته من القدس، شارحا طبيعة المعارك التي وقعت بين البريطانيين والجيشين العثماني والألماني، في باب الواد، والنبي صموئيل، وسريس، وغيرها، وصولا إلى بئر السبع، حيث يعتقد أن معركة: "بئر السبع مصيرية في الحرب العالمية الأولى".

يقول عودة الله: "بعد محاولتين فاشلتين في كسر الخط الدفاعي العثماني غزة - بئر السبع عن فلسطين  في معركتي غزة الأولى والثانية آذار ونيسان 1917، باغت البريطانيون الجيش العثماني في معركة بئر السبع  31-10-1917، ونجحوا في كسر الخط الدفاعي الحصين وفتح الطريق لاحتلال القدس، وعلى وقع سير العمليات العسكرية في المعركة، أصدرت وزارة الحرب البريطانية في 2 -11- 1917 وعد بلفور للصهاينة، وبهذا يمكننا القول بأن معركة بئر السبع، حددت مصير فلسطين بوقوعها تحت الاستعمار الأنجلو صهيوني المستمر إلى يومنا هذا".

بدأت جولة المجموعة في تل السبع، وهو موقع أثري مهم في تاريخ فلسطين، وكان أيضا مهما في سير العمليات العسكرية، كما هو الحال من معارك الخط الدفاعي العثماني في تل الشريعة وتل أبي هريرة  وتل خويلف.

حولت دولة الاحتلال تل السبع، إلى حديقة أثرية، وعسكرية، تقدم رواية منحازة للتاريخ والآثار، وتربطه بمواقع أثرية أخرى في فلسطين.

يعتقد عودة الله، أن معركة بئر السبع، كانت حدثا مؤسسا في صناعة الهوية القومية الاسترالية، التي شارك فيها الخيالة الاستراليين والنيوزلنديين، ما مهد للسيطرة على مفترق طرق استراتيجي، والوصول إلى القدس.

تحي جمعية الخيالة الاستراليين، بشكل منتظم ذكرى المعركة، بعرض عسكري، بمشاركة جيش الاحتلال، وفي عام 1917م، أحيت ذكرى مئوية المعركة، باحتفال عسكري صاخب، استغلته حكومة الاحتلال لتمتين تحالفاتها السياسية.

 استقطب الاحتفال المئوي 3000 سائح، قدموا خصيصا من استراليا ونيوزيلندا للمشاركة في حضور الفعاليات.

يوجد في مدينة بئر السبع، مقبرة عسكرية بريطانية، ومركز تخليد الإرث القتالي للخيالة الاستراليين والنيوزلنديين (الانزاك).

يؤكد عودة الله: "على سياسات تخليد ذكرى قتلى الحرب من الغزاة في تمتين التحالفات الإستراتيجية ما بين الكيان والكيانات الاستعمارية الأوروبية".

قال سامر الشريف، المسؤول في مجموعة تجوال سفر، إن المجموعة ستستكمل، بالتعاون مع الدكتور عودة الله، تنظيم مسارات بحثية، تتعلق بالحرب العالمية الأولى في فلسطين.

الثلاثاء، 5 أبريل 2022

لا أحترم سينما أبو أسعد..!


 


قبل سنوات، اعتذرت عن مشاركة أصدقاء، مشاهدة فيلم الجنة الآن، لهاني أبو أسعد، قبل عرضه في مركز ثقافي-اجتماعي. لم أرغب في أن أكون جزءًا، من جهة رقابية، حتّى لو لم تكن هي واعية بذلك.

لم أحضر فيلم صالون هدى، المثار حوله الجدل لأبي أسعد، ولا أعتقد أنَّني سأحضره، فأنا لا أحترم السينما التي يقدِّمها، حتى فيلمه الهوليودي، كان عاديًا، بل أقل من عادي.

يكتب أبو أسعد، مثل معظم المخرجين الفلسطينيين، أفلامه، ولا يستعين بكتَّاب سيناريو متخصّصين، فتبدو أفلامه، عبارة عن حواديث، ويحظى بدعم من جهات مانعة، ويمكن أن تحصل أفلامه على جوائز.

لكن..؟!

لا يرى أبو أسعد في الشعب الفلسطيني، إلَّا أنَّ نصفه على الأقل هم مجموعة من الجواسيس، والنصف الآخر في طريقه لأن يكون كذلك.

لاحظت أن أبا أسعد، يحاكي، أفلامًا، أُنتجت عن المقاومة الأيرلندية، قد تكون محل نقاش، ويبدو أنَّه خيَّل له، وضع يده على توليفة نجاح سينمائيَّة قد تجد صدى لدى جمهور أو في أروقة دهاقنة منتجي السينما العالمية.

ليس فقط أبو أسعد غير محترم سينمائيًا، وإنما هي ظاهرة، لمعظم الأفلام، التي تشترك في أن المخرج (أو المخرجة) هو المؤلف، لديه قدرة على الحصول على تمويل أجنبي، ويقدم توليفة من الشتائم التي تستهدف الأم والأخت، في تكريس بغيض، وسذاجة واقعية، ثم يحصد جوائز.

هذا النوع من الأفلام، لا يصمد في دور العرض، إن وجدت، لضعفها الفنيِّ، ولكن دائمًا، هناك، من هو مستعد لتمويل هذا النوع من الفن.

#صالون_هدى

#هاني_أبو_أسعد