أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 31 أغسطس 2022

منزل على مفترق التاريخ












 يبرز المنزل المبني من الحجر الوردي، المعروف باسم منزل الحاج محمود، في محلة الشيخ بدر، في القدس الجديدة، وكأنه، واحدة من الصفحات التي ذرتها الرياح الأندلسية، بمعماره، ولوحات الخط بالقاشاني الأزرق، والسيراميك، والأرابيسك.

بني المنزل، المكون من ثلاثة طوابق، قريبا من النصب التذكاري، الذي بناه البريطانيون، في الموقع الذي تسلموا فيها القدس من آخر رئيس بلدية للمدينة في العهد العثماني حسين الحسيني، ليبدأ عهد جديد بعد أربعة قرون من تاريخ فلسطين، ومعه ازدهار أحياء لفتا الفوقا.

صمم المنزل المهندس سبيرو خوري، الذي عرف بتصميماته للعديد من المنازل الفاخرة في القدس، مثل قصر أديب العربية محمد إسعاف النشاشيبي في محلة الشيخ جراح، وبيت الشرق.

بصمات خوري الهندسية، تظهر على المنزل، بتفصيلات فاخرة من الحجر الوردي، من محاجر بلدة لفتا، ودرابزين سقف مسنن، وأحجار الزاوية، والعتبات، ودرابزين حجري مثقب وأنيق للشرفات، تجملها لوحت الخط بالقيشاني الأزرق، إضافة إلى جداريات هندسية بالقيشاني.

خط بالقيشاني آيات قرآنية مثل: "وأما بنعمة ربك فحدث" و"وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها" و"ادخلوها بسلام آمنين".

على الأرجح فإن مصدر القيشاني، المصانع المنتشرة في القدس آنذاك، مثل مصنع بليان في محلة سعد وسعيد، ودار الأيتام الإسلامية، والقسم الصناعي في مدرسة الأيتام السورية (شنلر)، وهذه كانت أشهر مصادر بلاط السيراميك، للمنازل الحديثة في القدس.

تقع محلة الشيخ بدر فيما عرف بلفتا الفوقا، تمييزا لها عن جذر القرية التي خرج منها العديدون ليبنوا في أراضيهم الممتدة. بعد الانتداب أصبح الاسم الشائع للموقع الذي بني فيه المنزل، روميما، وعرف كحي مختلط عربي-يهودي-بريطاني.

بني المنزل، ضمن ظاهرة انفتاح معماري على العالم الخارجي، وأنماط معمارية جديدة، لمنازل بنيت خارج بلدات المدن القديمة، أو نواة القرى الريفية، لغايات السكن أو الاستثمار.

في القدس، شهدت الفترة منذ عشرينيات وحتى أربعينيات القرن العشرين، موجة بناء مزدهرة، في الأحياء العربية خارج البلدة القديمة، بالإضافة إلى محلة الشيخ بدر وغيرها من أحياء لفتا الفوقا، مثل الطالبية، والقطمون، والبقعة، وتميزت المنازل بتصاميم وفيرة وغنية، بعضها مزخرفة بالخزف المزجج والملون.

 نكب أهالي لفتا، وشردوا عام 1948م، خصوصا بعد مذبحة مقهى صالح عيسى، في لفتا الفوقا، عندما هاجمت العصابات الصهيونية رواد المقهى بالرشاشات، فاستشهد سبعة من رجال القرية في 28 ديسمبر 1948م.

تعود الرجال الاجتماع في المقهى، لوجود راديو فيه، شكل مصدرهم للأخبار، وتلاوة القرآن، والمواعظ الدينية.

أسكن المحتلون، في منازل محلة الشيخ بدر المنكوبين، 25 عائلة يهودية فورا، لضمان عدم عودة المشردين إليها.

يقول الباحث المختص بتاريخ قرية لفتا ضياء معلا: "الحديث عن منزل الحاج محمود محمد العاصي، وشقيقه الحاج علي، كانا من أصحاب شركة كسارات وسيارات نقل للحجارة (تركات)، وملكا أيضا عمارتين خلف منزلهما هذا".

يضيف معلا: "كان للحاج محمود العاصي فرس أصيلة، وضعها في خدمة العرسان، حيث كانت تستخدم لزفة العرسان من أبناء لفتا، بعد النكبة، لجأت عائلة العاصي إلى رام الله، وسكنت في منزل يعود لعائلة طوطح- شارع مدرسة الفرندز، وفي مطلع الستينيات، بنت العائلة منزلا في حي سطح مرحبا بمدينة البيرة، وسكنت فيه".

بدا أن مواعيد الحاج محمود مع القدر مستمرة، ففي يوم الخامس من حزيران 1967م فارق الحياة. يقول معلا: "في اليوم الأول للحرب، رحل الحاج محمود العاصي، وبسبب ظروف الحرب، دفن بجانب منزله في مدينة البيرة، وفي عام 1984 توفي شقيقه الحاج علي العاصي ودفن في مقبرة البيرة القديمة".

هدم المحتلون، صف المنازل بجانب منزل الحاج محمود، ليبنوا ما يعرف الآن بمحطة الحافلات المركزية، بينما بنوا على أنقاض محلة الشيخ بدر، مؤسسات رسمية كالكنيست، ومتحف إسرائيل، ومتحف أرض الكتاب وغيرها.

https://www.alhaya.ps/ar/Article/138901/%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE

الأحد، 28 أغسطس 2022

من سيرة الحجر الفلسطيني الأحمر


نقش الحاج محمود، على منزله المبنى بالحجر الوردي، في لفتا الفوقا، في الجزء من محلة الشيخ بدر التي ستصبح حي روميما اليهودي-العربي، الآية الكريمة "وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍۢ فَمِنَ ٱللَّهِ" كان ذلك في عام 1925م، في ذروة النهضة العمرانية في ظل الانتداب البريطاني.

سبقه بقليل الأخوان جاسر المسيحيين، بنقش الآية على قصرهما، الوردي المعشق بالأبيض، في شارع القدس-الخليل. استعان الأخوان بشيخ الخطاطين العرب في عصرهم نجيب الهواويني الشامي-المصري. لا نعرف لبن استعان الحاج محمود. لعلها لمسات عبد القادر الشهابي، أستاذ الخطَّاط محمد صيام ابن قرية لفتا.

تتحوَّل الآية، إلى تسليم قدري، لدى مسلمي فلسطين ومسيحييها. حكمة الاحتلالات المتعاقبة. احتلالات لم تتوقف على مدى القرون الطويلة.

نُكب آل جاسر مبكرًا، لأسبابٍ اقتصادية عالمية. بعد سنوات نكب الحاج محمود، وأضحى منزله في قبضة المحتلين، والآن، قريبًا من محطة الحافلات المركزية، والقطارات، في منطقة نابضة، بقيت النقوش صامدة.

قضى الحاج محمود، في رام الله، بعيدا عن منزله، في لحظة درامية.

تلك قصة أخرى ستروى قريبًا. 

 

السبت، 27 أغسطس 2022

قناة فريدة على مشارف القدس









 يتابع جورج نسطاس، العصف المتسارع بالمكان الذي نشأ فيه، وما زال يقطنه، حول دير مار الياس، على مشارف مدينة القدس المحتلة، التي تتمثل، بتجريف واسع للأراضي لإقامة بنى استيطانية جديدة، وأخرى تتعلق بأعمال البنية التحتية لسكة القطار الخفيف.

هذه الأراضي الواسعة، تابعة لمدينتي بيت لحم وبيت جالا، ضمتها سلطات الاحتلال، مبكرا بعد حزيران 1967، إلى حدود بلدية القدس الاحتلالية، ومنذ الاحتلال لم تتوقف عمليات التهويد، ومع أعمال البنى التحتية الحالية، يبدو المنزل الريفي لعائلة نسطاس، معزولا مع اقتطاع المزيد من الأرض حوله.

خلال الشهرين الماضيين، وثق نسطاس، اكتشاف قناة مياه فريدة قبالة دير الطنطور، وعلى المدخل الجنوبي لبلدة بيت صفافا.

لم يكن الكشف على القناة الساكنة في صمتها تحت الأرض، يحتاج سوى ضربة من أسنان الجرافة، حتى تتهشم، وليظهر مقطع منها.

يصل طول المقطع المكتشف، إلى نحو 50 مترا، من المتوقع أن يضيف من معلومات حول الأنظمة المائية التي زودت مدينة القدس، التي عانت دائما من شح المصادر المائية، بالمياه.

حكايات قنوات المياه التي أوصلت الماء، إلى القدس، تعبق بالأجواء، فما زالت بقاياها موجودة، تشير إلى ما يمكن وصفه المشروع الوطني للفلسطينيين، الذي بذل فيه الكثير من الجهد، والمال، والتقنيات.

نقل الماء إلى القدس، من منطقة العروب، التي تجمعت في بركة الشط فيها، عبر قنوات مياه ينابيع عديدة، وسار في قناة متعرجة في طبغرافية صعبة، بطول يصل إلى نحو 25 كم، حتى برك سليمان، جنوب بيت لحم، ثم في قناة إلى القدس، بطول يزيد عن خمسين كم.

يعيد الباحثون هذا النظام المائي المعقد، إلى العصر الروماني المبكر في فلسطين، وفي الوادي الذي تطل عليه أعمال التجريف الواسعة التي تنفذها سلطة الاحتلال، تظهر مقاطع طويلة من قناة المياه السفلية التي نقلت المياه إلى القدس، آتية من بيت لحم، وقد حطم الجدار والشوارع العسكرية جزءا منها، وعرفت في العصور الإسلامية بقناة السبيل، وهي أحدث، وان لم تكن أكثر جمالا واتقانا، من القناة المعروفة باسم القناة العليا، التي يطلق عليها المحليون قناة الكفار، لأنها تعود إلى العصر الروماني، وبينت من قساطل حجرية ضخمة. يسميها البعض قناة الخرزات، مشبهين القساطل الحجرية المثقوبة، بالخرز المثقوب.

أما المقطع الجديد المكتشف فليس له علاقة، على الأرجح بقناتي السبيل والكفار، وإنما الحديث عن قناة ثالثة مختلفة، كشف عن مقطع شبيه له خلال أعمال البنية التحتية في بيت لحم، ضمن مشروع بيت لحم ألفين.

يقول الدكتور محمد غياظة المتخصص بالآثار: "أرجح أن هذا المقطع من القناة المكتشفة، قد يعود إلى الفترة الرومانية المبكرة، لكنني لا أستطع الجزم في ذلك، لأنه يحتاج إلى دراسة ومعاينة".

أعمال الحفريات للقطار الخفيف، والبناء الاستيطاني في خربة طبالية القريبة، كشف عن مواقع أثرية، مثل محجر، يعتقد جورج نسطاس، وهو مثال وخبير في الحجر الفلسطيني، أنه أخذ منه مرابيع لبناء القساطل للقناة العليا.

ولديه، من أدلة ظرفية في الموقع، ما يؤيد فرضيته. يقول نسطاس: "الحجر الفلسطيني، ثروة قديمة، يدل على ذلك المحاجر العديدة التي تكتشف".

ويضيف: "أرى هدرا واستخداما مفرطا لهذه الثروة، آمل أن يتاح للمعنيين، فرصة للتمعن، والتفكير".

https://www.alhaya.ps/ar/Article/138712/%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D9%81%D8%B1%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3

الأربعاء، 24 أغسطس 2022

خليَّة الدهيشة 1959م

بفضل العين الساهرة الحارسة لوثائقنا؛ العزيز بلال شلش، وصلتني ملفات أفرجت عنها سلطات الاحتلال مؤخرًا، وهي جزء من غنائم هزيمة حزيران المستمرة.

منها ملف قضية لسبعة شبان وطلبة آنذاك من مخيم الدهيشة، اعتقلوا بتهمة الشيوعية، قرَّر محافظ القدس حسن الكاتب توقيفهم، كما يظهر في الصورة المرفقة.

حسن الكاتب، كما سمعت عنه من معتقلين سياسيين، معظمهم أصبح في دار البقاء، هو بطَّاش.

سمعت نتفًا عن هذه الخليَّة، من أمهاتنا الأميات، المنكوبات، ولا يبتعد ما جاء في محاضر التحقيق، عن ما كَّن يذكرنه، تندرًا، وحزنًا، وأسفًا، ناصحات لنا، نحن الذين أضحينا فتيانًا وشبانًا، نكرَّر، بنزق غبيِّ (كما يفعل أبناؤنا الآن)، سيرة السابقين، بأن لا نسير في طريقٍ غير موصلة.

من يتمعَّن في ملف هذه الخليَّة، وهي واحدة من خلايا صعب حصرها انتشرت آنذاك، سيدرك أنَّه لا يوجد قضية أصلًا، وأنَّ الأمر يتعلق بنشرة شيوعيَّة، تتنقل بين الأيدي بطريقة ترشحها كقصة كافكاوية.

كل ما حدث في السنوات العشرين التي أعقبت النكبة، كان يشي بالهزيمة المقبلة.

أتصفَّح الملفات، بأفضال بلال شلش الكثيرة، وأنا أتابع على الفيس بوك نقاش متجدِّد عن الاعتقال السياسيِّ.

قبل سنوات، عقد ممثلا الثنائية الفلسطينيَّة، بعد جولة مفاوضات، مؤتمرًا صحافيًا بشَّرا فيه جموع المواطنين البائسين أمثالنا، أنهما أحرزا تقدمًا، وتبادلا أسماء المعتقلين السياسيين لدى سلطتيهما.

أحدهما ما زال موجودًا وقياديًا، يتفكه عليه بعضهم بوصفه "..."، من سوء حظَّ ابن الجوزي، أنَّه لم يعش في عصره، وإلَّا لكان أضاف سيرته لكتابه المشهور، والآخر قتل في غارة إسرائيليَّة، خلال إحدى الحروب على غزة وهو معتقل للتحقيق معه حول "سلوكه واستغلال النفوذ وتربح بدون وجه حق"، كما قيل رسميًا، حسب قول غير رسميِّ، أنَّ فصيله صفَّاه.

كتاب حسن الكاشف روِّس بمكتوم، ولكن الاحتلال، جاء ولو بعد حين ليفضح المكتوم.

على غيرنا أن ينتظر خمسين سنة أخرى، ليفضح الاحتلال المستمر، المكتوم، ويدركون ما كنَّا نحذرهم منه.

#بلال_شلش

#مخيم_الدهيشة

 

السبت، 20 أغسطس 2022

المطرية 12 شارع قنديل!


 


تعود هذه السلة (الصورة)، على الأغلب، لجندي قد لا نخمن اسمه غير الواضح. واحد من أبناء الفلاحين، الذي زجوا في حروب، منذ أن خُلق الشرق، وشكَّلوا مخزونًا، للمعارك، ومصهم ضرائبيًا.

هذه السلة، غنيمة حرب، عثر عليها جيش الاحتلال، في تلك الهزيمة المستمرة، في مدينة القنطرة، شرق قناة السويس.

بلغ من حماسة، محررو واحد من الكتب المصورة الاحتفائية، التي تبجل النصر الإسرائيلي، صدر عام 1969 في القدس وتل أبيب، بمقدمة من موسى ديان، تضمين صورة السلة، التي يظهر عليها العنوان: القاهرة-المطرية-12 شارع قنديل.

خشي الجندي على سلته، فعلَّمها، ولكنَّها ذهبت، مع الأرض الرملية. لعله اكتشف، في لحظة كشف، وهو يؤسر، أو يفر، أو يقتل في مجازر جماعية، أن البنى كلها، رملية، فلم يأسف على سلة أصبحت غنيمة حرب.

#هزيمة_يونيو_المستمرة

#من_الأرشيف_الإسرائيلي

الأربعاء، 17 أغسطس 2022

أم خالد.. كان يخشاها "الشاباك"


ودع أهالي مخيم الدهيشة، قرب مدينة بيت لحم، نظمية عبد الفتاح مزهر (أم خالد)، زوجة مبعد، ووالدة أسرى، وجدة شهيدين.

تعتبر أم خالد، التي رحلت عن 86 عاما، واحدة من الوجوه المناضلة في تاريخ المخيم، منذ لجأت من قريتها خلدة، غرب القدس، إلى المخيم.

اعتقلت سلطات الاحتلال، زوجها حلمي مزهر (أبو خالد) في عام 1969م، وأبعدته إلى الأردن، لتبدأ رحلة معاناة جديدة في ظل الاحتلال الجديد.

يقول الناشط المجتمعي والأسير السابق يوسف أبو لبن: "كانت أم خالد أحد الدروع الحامية لشباب المقاومة الشعبية في مخيم الدهيشة، وكان بيتها حاضنة وطنية حقيقية، اعتقل الاحتلال أبناءها تباعا في سجون الاحتلال عبر كل مراحل المقاومة الشعبية في المخيم".

منع الاحتلال، أم خالد، من السفر إلى الأردن منذ بداية الانتفاضة الأولى وحتى عام 1993 كإجراء عقابي.

يستذكر أبو لبن الراحلة قائلا: "كانت الأكثر جرأة في الدفاع عن أطفال وشباب الانتفاضة عند تعرضهم للاعتداء والاعتقال من جنود الاحتلال، وتعرضت مرات عديدة للضرب المبرح والاعتقالات، والاستجواب من جنود الاحتلال، ومخابراته".

كان على أم خالد، بعد مسيرة معاناة طويلة، أن تفجع أيضا، قبل سنوات قليلة باستشهاد حفيديها، أركان ثائر مزهر، وساجد عبد الحكيم مزهر. رحلت وابنها ثائر، والد الشهيد الطفل أركان في المعتقل، يقضي فترة اعتقال إداري.

قال ثائر، في اتصال هاتفي من السجن مع "الحياة الجديدة": "رحم الله الوالدة التي جرت علينا في السجون، في غياب والدنا المبعد، وجدة الشهيدين، سنظل أوفياء للمبادئ التي ربتنا عليها".

ونعى مدير مؤسسة إبداع الدهيشة خالد الصيفي، أم خالد: "وأنت تغادريننا، أيتها المناضلة العنيدة إلى حيث هم، أخبري ساجد بأن عقارب ساعتنا ما زالت تدور، وأن يومنا النضالي لم تنقص ساعاته بعد، وأن العشرات من الفتية قد التحقوا بالمدرسة على الطريقة الساجدية، وأخبري أركان، بأننا ما زلنا نحفظ عن ظهر قلب، طريقة العد التصاعدي النضالي، وأن الليمون الرمضاني الذي كان يعده، ما زالت بسطاته على جوانب الشارع الرئيس أمام المخيم".

وعبر الحقوقي شوقي العيسة، عن حزنه لرحيل أم خالد: "هل تموت القلاع الشامخة؟ زوج مبعد، أبناء أسرى، أحفاد شهداء، رحلت أم خالد، لكن رحيلها ليس كرحيل سائر البشر،  ستبقى روحها مغروزة في قلوب وعقول أهالي مخيم الدهيشة، مثالا في الصبر والإرادة والشموخ".

يتذكر جارها، الصحفي حمدي فراج، جزءا من مفارقات رحلتها النضالية الطويلة: "كانت تذهب لزيارة زوجها المبعد، كل سنة تقريبا، وتعود حاملا، على الجسر يسألها المحقق عن حملها، وينعتها بكلمة قبيحة، اعتقل كل أبنائها الستة، يكفيها فخرا أن ضابط الشاباك المكنى "كريم" كان يجاهر أنه لا يخشى من الدهيشة عند اقتحامها إلا من ثلاث نساء، إحداهن نظمية".

يضيف فراج: "سنظل نذكر أم خالد، لقد رحلت دون أن تكحل عينيها، بعودتها إلى مسقط رأسها قرية خلدة، رحلت دون أن تكحل عيونها بشيء مما يتكحل به المتكحلون والمتكحلات. رحلة طويلة من العذاب والألم والتضحية والفداء".

"لقد سقطت عكازة أم خالد، ورحلت أيقونة المخيم".. يقول يوسف أبو لبن.

https://www.alhaya.ps/ar/Article/138276/%D8%A3%D9%85-%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF-%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%AE%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%83

 

الثلاثاء، 16 أغسطس 2022

الطواحين السبع على نهرنا العظيم!


 


جرشت سلطات الاحتلال، قرية جريشة (إِجريشة) الصغيرة على نهر العوجا العظيم، وأضحت ضمن المخطط الحضري لمدينة تل أبيب الاستعمارية.

أخذت القرية اسمها من جرش (طحن) القمح، باستخدام مياه النهر، واشتهرت بموقع الطواحين السبع، الذي اجتذب المواطنين، كملتقى اجتماعي، بجانب مرسى القوارب، والمقاهي التي أقيمت على ضفتي نهر العوجا.

ما زال الموقع، الشاهد على العلاقة الجدلية بين سيطرة الطبيعة، والترويض البشري للمياه، جاذبًا في المشهد الاستعماري التل أبيبي.

 صور:

https://alrawwya.blogspot.com/2022/08/blog-post_16.html

تقرير:

https://www.alhaya.ps/ar/Article/138232/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%AD%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D8%B9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%86%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%AC%D8%A7

فيديو: ثعلب على نهر العوجا:

https://www.youtube.com/watch?v=Xlx5f0PSjHg

الطواحين السبع على نهر العوجا (فيديو):

https://www.youtube.com/watch?v=uBbJ_atevzc

البسفور الفلسطيني-لقاء النهر بالبحر (فيديو):

https://www.youtube.com/watch?v=dX1Tqapo7Kc&t=182s

جسر على نهر العوجا:

https://www.youtube.com/watch?v=_VRD9QxitfM

#نهر_العوجا

#تل_أبيب

#قرية_جريشة

الطواحين السبع على نهر العوجا





















ما زالت قرية جريشة (إِجريشة)، على نهر العوجا، على بعد نحو 7 كلم شمال مدينة يافا، تحافظ على ألقها الماضي، رغم تدميرها وتهجير سكانها عام النكبة، بفضل ما تبقى من طواحينها السبع.

أخذت القرية اسمها من جرش (طحن) القمح، باستخدام مياه نهر العوجا التي كانت أغزر بكثير مما هي عليه الآن، بسبب سحب سلطات الاحتلال للمياه، ولكن مياه النهر ما زالت تفتن الزائرين لموقع الطواحين السبع، مثلما كان الحال قبل النكبة. عمدت سلطات الاحتلال الى تحويله إلى متنزه، وبناء منشآت سياحية.

عاش في القرية، حتى نكبتها نحو 220 نسمة في 51 منزلا، واجتذب موقع الطواحين السبع، المواطنين، كملتقى اجتماعي، بجانب مرسى القوارب، والمقاهي التي أقيمت على ضفتي نهر العوجا.

ضمت سلطات الاحتلال، القرية إلى مدينة تل أبيب، ويبدو موقع الطواحين السبع، كواحة وسط غابة البنايات الإسمنتية، وشبكة الطرق، وسكك الحديد المحيطة بها.

تشهد بقايا إحدى الطواحين الثلاث التي بنيت على ضفة نهر العوجا الجنوبية، على صراع الإنسان الفلسطيني مع الطبيعة، وقدرته على ترويضها.

يصنف الخبراء هذه الطاحونة، ضمن ما يطلقون عليه "طاحونة التزلج"، حيث عملت فيها آليتان للطحن، على نهر العوجا، بعد تخزين المياه في بركة مركزية، التي تدفقت عبر خنادق من واجهة الطاحونة بواسطة قنوات تدعيم مائلة مثل منحدر التزلج، لتجري المياه من هناك بقوة الجاذبية وأدارت دولاب حاويات من الخشب أو الحديد، لتعود إلى النهر عن طريق فتحة في الواجهة الجنوبية من الطاحونة.

ربط محور أفقي بين دولاب الحاويات وحجارة الطاحونة، وأدار حجر الرحى العلوية، المسماة مركبة، والتي طحنت حبوب القمح الموضوعة على حجر الطحن السفلية المسماة رحى إلى طحين، يقدر معدل إنتاج آلية الطحن الواحدة في الساعة نحو 40 كلغ من الطحين، أي أن قدرة الإنتاج المحتمل، هو طن في اليوم، ونحو 365 طن من الطحين في السنة.

حول البركة المركزية، بني مجمع الطواحين، وبفضل السد الذي بني للتحكم بمياه النهر، أزاح مجرى المياه إلى البركة، ومن هناك جرت المياه في أنفاق إلى مباني الطواحين الجنوبية الثلاث. عمل في المبنى الغربي الكبير سبع وحدات لطحن القمح، ليعطي الموقع اسمه الذي ما زال مستخدما حتى اليوم، رغم النكبات، وهدم منازل القرية، وتشريد أهلها.

بالإضافة للطواحين السبع، عملت في المبنى الجنوبي طاحونتان، وهكذا أيضا في المبنى الشمالي المجاور لضفة النهر.

بني مجمع الطواحين الكلي على بقايا طواحين قديمة إلى جوار جسر أقواس قديم قطع نهر العوجا، شاهدا على التراكم الحضاري. بقيت من أثار الجسر القديم بقايا أقواس والبركة وأساس المباني.

كان السد والطاقة المائية من الممتلكات الحكومية في الفترة العثمانية، أما المباني وحجارة الرحى فملكية فردية، عمل سكان قرية جريشة كعمال في الطواحين حتى عام 1936، عندما تدهور وضع الطواحين المائية، مع دخول التكنولوجيا الجديدة على الطواحين.

بالقرب من موقع الطواحين السبع، يوجد تل جريشة الأثري، الشاهد على الطبقات الحضارية المتتالية على فلسطين، قريبا من نهر العوجا، الذي يسير بطول يصل إلى 30 كلم، من منبعه في رأس العين، حتى مصبه في البحر الأبيض المتوسط.

أرجع الأثاريون، التل، إلى أوائل العصر البرونزي الثاني (2800-2600 ق.م.) وفي العصر البرونزي الأوسط (2000-1500 ق.م) أصبح الموقع مدينة من مدن الـهكسوس الحصينة. على التل ينمو الصبار، الذي أضحى، رمزا للقرى الفلسطينية المدمرة في النكبة.

 

 

 

الاثنين، 15 أغسطس 2022

عندما شهدت إعدام سلمان رشدي!


 


في مدينتي، بعد غياب عام 1989م، شهدت إعدام دمية قال المتظاهرون المتحمسون، إنَّها تمثِّل الكاتب سلمان رشدي، خلال مظاهر في شارع الفواغرة.

كيف يمكن لمنتفضين، يواجهن عنف الاحتلال وإجرامه، أن ينشغلوا برواية لروائي بريطاني-هندي، لم يقرأوها؟ وكيف يمكن لتنظيم على رأسه مثقف، هو الدكتور فتحي الشقاقي، الشهيد فيما بعد، أن يتخذ موقفا سافرا في رجعيته ضد حق الرأي والكتابة؟

من الذين شاركوا في تلك التظاهرة الصادمة، نضجوا، وربما سخروا من حماسهم. لكن التفسير أن التظاهرة، كانت لإرضاء الراعي، أو أحد الرعاة الكبار للتنظيم، وهي دولة الخميني.

عندما تكر الأعوام، سيفكر المرء، أن المعضلة في بلادنا، ليس فقط الاحتلال، فالاحتلالات تسلم أرضنا لبعضها، ولا شيء يتغير، مع تغير هوية الاحتلال، الدينية أو القومية.

فانون، الذي أثر في أجيال سبقتنا، ووصل رشق تأثيره إلى جيلي، أكد على أن الوعي القومي، إن لم يصحبه أو يتبعه وعي اجتماعي، فالمؤكد استبدال محتل محلي، بأجنبي. يمكن لمس ذلك في "بروفة" الاستقلال الوطني الفلسطيني، سواء لدى السلطة، أو فصائل المعارضة.

قد لا يكون فانون قال ذلك، باللغة التي ذكرتها، فأنا أكتب من الذاكرة. لكن المؤكد أن ثنائية السيف والكلمة، لم تحسم في شرقنا. وصيحة يا سيَّاف هي الأعلى قعقعة وطحنًا.

لم يؤد إعدام سلمان رشدي، إلى التعجيل في انتصار الانتفاضة الأولى الكبرى، لكنَّها، مثل ممارسات أخرى، لطختها.

#سلمان_رشدي

#الدكتور_فتحي_الشقاقي

#فرانتس_فانون

الجمعة، 12 أغسطس 2022

على نهر العوجا

وراء الجدار حيوات مستباحة



ينتمي الياس حلبي، الذي ولد في القدس عام 1984م، لعائلة كانت شاهدة على العصف السياسي بالأرض المقدسة، منذ أكثر من قرن.

عاش حلبي، وما يزال في منازل العائلة، قبالة قبة راحيل، المقام الشعبي-الديني، الذي تحول إلى جيب استيطاني-عسكري وسط مدينة بيت لحم، وفي عصب المدن المقدسة الثلاث: الخليل-بيت لحم-القدس.

بالقرب من منازل العائلة، وعلى جزء من أراضيها، أقيم مخيم بيت جبرين المعروف شعبيا باسم مخيم العزة، عقبة النكبة، ليستقبل اللاجئين من بلدة بيت جبرين، وغيرها، يحده من الجانبين: شارع بيت لحم-القدس، وشارع الخليل-القدس.

عايش حلبي، استمرار مأساة شعبه، وشهد العملية التي لم تتوقف حتى الآن، في بناء جدار التوسع والعزل، ويعيش يومياته كفنان فوتوغرافي، يلتقط الصور، ويعمل عليها، على وقع المواجهات قرب قبة راحيل، التي تحولت، منذ أن أصبح عمره عشرة أعوام، إلى خط التماس الجديد، بين الفتية، وجنود الاحتلال.

يحاول الياس، الصامد في منزله، اتقاء عدوان الجنود المستمر، بتصفيح الجوانب المحيطة بالمنزل، ولكنه يلجأ، باستمرار إلى عدسته، ليوثق، ويقدم رؤيته لما يجري، كما في معرضه (وراء الجدار جدار) الذي افتتح في الفندق المحاط بالجدار.

في عام 2014م، عرض حلبي، عشرين صورة، على الجدار بعنوان: وراء الجدار دار، وعاد ب 16 صورة جديدة مختارا لمعرضه الجديد نفس العنوان، ليقول إنه ما زال هناك أمل.

الصور التي التقطها حلبي، تشكل تجربة جديدة في مسيرته الفنية، تقترب من الفن التشكيلي، التقطها من خلال شقوق وثقوب صغيرة في جدار الفصل والنهب الذي يفصل مدينة بيت لحم عن نفسها، وأراضيها التي ضمتها سلطات الاحتلال إلى حدود بلدية القدس الاحتلالية.

يقول حلبي: "تُصور، الصور، ما رأيته، من خلال الصدوع الصغيرة في الجدار، مثل منزل جارنا، وأراضي ناسنا، وأشجار الزيتون، وشوارعنا".

يضيف: "شهدت على تغير حارتنا، وتقلصها بسبب الجدار الإسمنتي الصلب الداكن؛ محلات ودكاكين اختفت، وكذلك منازل، وأراض، وأشجار، وذكريات، وحيوات كاملة، أرادوا لها موتا بطيئا، مع ذلك أردت أن أقول من خلال ما وثقته من الصدوع، إنه يوجد أمل، وستعود تلك الحيوات، بحجارتها، ومنازلها، وأشجارها، وترابها".

يؤكد حلبي، أنه يؤمن، إيمانا عميقا، بقابلية السرد التي تتصف بها الصور وقدرتها على رواية القصص، ويأمل أنه تمكن، من خلال صوره، أن يشعر الناس كأنهم اخترقوا الجدار، وساروا نحو القدس بكل حرية، وذلك من خلال صدع صغير في الجدار، تمكنت عدسته من اختراقه ورؤية وما يخفي خلفه.

يبرز حلبي، بصوره، الألوان التي فرضها شعبنا على الجدار، الذي يعتقد أنه، هدف لتحطيم نفسية شعبنا، الذي تمسك بالأمل والصمود، كما يقول حلبي: "من خلال مفاتيح منازل اللاجئين، اللذين لا يزالون مصرين على العودة إلى ديارهم وأراضيهم، والمنازل التي فصلها الجدار عن جذورها، وحاراتها، وأرضها، وانعكاس شجرة الزيتون، على مكانها قبل اقتلاعها من جذورها، لبناء جدار التوسع".

رغم أن الصور المعروضة تحكي قصصا درامية وترصد معاناة من الواقع المعاش، فان الزوايا التي أخذت منها هذه الصور والرؤية الأخاذة والتقنية العالية أضفت معاني الجمال على المعرض، وبثت فيه الأمل والإحساس بالتفاؤل وروح التغيير، بعد ما يقارب العشرين عاما على بناء جدار الفصل والتوسع في مدينة بيت لحم.

شارك الياس حلبي، في عدة معارض جماعية وفردية، محليا ودوليا، من أهم معارضة الجمعية معرض (Bethlehem rebortn) الذي أنتج عام 2019، وجال في عواصم عالمية عديدة، وهو الآن في باريس. من معارضه الفردية، بين البصر والبصيرة عام 2020 وأوردة عام 2021.