تعتبر دار الغزّاوي،
بحجارتها المشربة بالأحمر، نموذجا حيا، لقصور وبنايات مدينة بيت لحم، التي مزج
فيها مهندسو الحداثة في نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، الطراز
المعماري الشرقي والغربي.
أوّل بريد
تقع هذه الدار في
بداية شارع النجمة قرب ميدان المنارة، وهي عبارة عن طابقين، على واجهتها المطلة
على الشارع رَقَمين، الأوّل في أعلى الواجهة، وهو عبارة عن مثلث حجري يضم نقشا
للصليب وتاريخ البناء: 1924، ويبدو الصليب على شكل مرساة بحرية تمسك بالتاريخ المدون
في دائرة.
أمّا الرقم الثاني
فهو النقش الرئيس على بلاطة بيضاء كُتب عليها على أربعة اسطر:
"بعونه تعالى
تأسس هذا البيت
عيسى داود الغزّاوي
1924"
وكما يوضح الرقم فان عيسى داود الغزّاوي هو من شيد هذا البناء، وحسب بعض
المصادر، فان ذلك تم بعد هدم البناء القديم، الذي كان جزءً من حارات بيت لحم
القديمة.
وبالقرب من هذه
الدار، يظهر بقايا قوس كان يشكل بوابة قد تكون البوابة الرئيسة المفضية إلى ميدان
المنارة، في بيت لحم القديمة، ولا شك أن وجود هذه البوابة، يعود إلى تاريخ قديم،
وانه تم هدمها أو الاستغناء عنها مع توسعات حدثت لشارع النجمة.
يقول المؤرخ خليل
شوكة، بان: "دار عيسى داود الغزاوية وورثته، ضمت في السابق مشغل أنطون سمور
للتريكو والنسيج، والخياط البير جدعون، واحمد عبد الله مصطفى، وكافتيريا ومطعم
اللوصي، وملحمة وديع حزبون، وحاليا صالون حلاقة. وفي الداخل مساكن. وكانت في
السابق مكتب البريد في عهد الانتداب البريطاني وكان مدير المكتب عودة سرية، وعملا
كموزعي بريد كل من فؤاد دعيق وعفيف دعيق".
يخبرنا المؤرخ ميشال
سمعان اسطفان، صاحب كتاب (فلسطين طوابع وأختام 1990-1860) بان أوّل مكتب بريد
افتتح في بيت لحم كان في عام 1870م وكان مركزه سنة 1912 في السراي الحكومية عندما
لم يكن في المدينة سوى فرع واحد للبريد.
وعندما احتل
البريطانيون بيت لحم بتاريخ 8 كانون الأوّل 1917، استلموا مكتب البريد فيها، كما
هو الحال في باقي المدن الفلسطينية.
وعلى الأرجح فان أوّل
بريد في العهد البريطاني، كان في دار الغزّاوي.
طابقان
حسب توثيق معهد ابن سينا لهندسة المعرفة والتقنيات العربية في جامعة بير
زيت، فان دار الغزّاوي تتألف: "من طابقين وتسوية بمسطح 240 متراً مربعاً لكل
طابق، كما تم بناء ملحق منفصل في الجهة الجنوبية، وأيضاً بني على الشارع دكانين
عليها زخارف حديدية فوق الأبواب. الدخول للمبنى بواسطة زقاق يؤدي إلى رواق يحتوي على
درج صاعد إلى الطابق الأول، حيث يوجد غرفتين واسعتين في الجهة الشرقية، وفي مقابل
بسطة الدرج يوجد على الحجر البارز نحت لسيدنا الخضر".
أمّا الطابق العلوي: "فيتكون من رواق يؤدي إلى غرفتين واسعتين تحتوي
في سقف إحداها رسومات رسمها فنان يوناني وتمثل الفصول الأربعة، أمّا الجهة الشرقية
فتحتوي ثلاث غرف، وكان يتم تمهيد السقف بالإسمنت وعجنه بطبقة جصية رقيقة ومن ثم
الرسم فوقه، ويوجد في كل غرفة بلكون يطل على الشارع، وتحتوي الجهة الشرقية على
ثلاث غرف منها المطبخ. سقف الدار مستوي واستخدمت فيه الدوامر الحديدية. المخازن
أسفل الدار كانت أول مكتب للبريد والبرق في مدينة بيت لحم في فترة الانتداب
البريطاني، كما استأجره المصور بشارة الزغبي كإستديو دار التصوير العربية".
شُرفات ثقافية
البلاكين أو الشُرفات تميز دار الغزّاوي، وحسب تقرير لمركز حفظ التراث
الثقافي في بيت لحم، فان الشُرفات تعتبر: " من
العناصر الدخيلة على العمارة المحلية التي جاءت إلى المدينة عن طريق التأثيرات
الأوروبية في نهاية القرن التاسع. بنيت الشُرفات على الواجهات الرئيسية من المباني
ووفرت في أغلب الأحيان إطلالة على الشارع الرئيسي، كما عكست تقبل صاحب المنزل
للثقافة الجديدة".
وحسب التقرير، فان شرفات دار الغزّاوي: " من
الشُرفات الفريدة من نوعها، حيث يلتف في كل شرفة دامر حديدي ليشكل إطارا يتم صب
الباطون في داخله".
وتتميز دار الغزّاوي
ببلاطها، ولكي نعرف أكثر عن البلاط التقليدي في بيت لحم، سنتوقف عند ما ذكره مركز
حفظ التراث الثقافي بهذا الشأن: "استخدمت
المدة الجيرية في تشكيل أرضيات الغرف، خاصة في الغرف السفلية من الأحواش، حيث كان
يتم عمل المدة من مونة تتكون من الجير والنحاتة بكميات متساوية يتم خلطها ونقعها
لمدة يومين ثم يتم بسطها على الأرض حتى تجف. أمّا في أواخر القرن التاسع عشر، فقد
أستخدم الحجر في تبليط كافة الغرف في المنزل، وكان الحجر أكثر تهذيبا في غرف
الاستقبال والضيوف منه في الطوابق التي كانت تستخدم للخدمات والخزين".
"وفي بداية القرن العشرين تم استيراد البلاط الملون من أوروبا، وكان
يصل مدينة بيت لحم من خلال ميناء حيفا، واقتصر استخدامه حينها على القصور والمنازل
الفخمة. أمّا في الثلاثينيات فقد تم استخدام الحجر الملون في أغلب المنازل في
المدينة وذلك نتيجة إنشاء مشغل لتصنيعه في مدينة القدس مما جعله في متناول الجميع.
يكون عادة البلاط في غرف الاستقبال والغرف الرئيسية على شكل سجادة تتكون من
الزخارف الهندسية أو النباتية. أمّا في المطبخ وغرف المنزل الأخرى فيتكون عادة من
البلاط الأبيض أو من خليط من البلاط الأبيض والأسود أمّا على شكل شطرنج، أو يتم
تشكيل حزام أسود حول الغرفة.
أستخدم البلاط المصنوع من الحجر المحلي مع الرخام المستورد لعمل سجادة على
مدخل القصر، بينما تم استخدام البلاط الملون المستورد أيضا في بقية غرف القصر.
وأستخدم البلاط الإسمنتي المبزر على شكل سجادة في منزل الغزّاوي".
http://www.alhaya.ps/arch_page.php?nid=280169
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق