أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 30 أبريل 2008

صرح لمحمد شحادة ورفاقه

نهاية دراماتيكية لبناية فلسطينية في القدس الغربية



دخلت عملية تهويد أحد رموز النهوض الوطني الفلسطيني العمراني خلال الانتداب البريطاني مرحلتها النهائية، بعد الكشف عن كامل ما يخطط لهذا الرمز الذي يقع في غرب مدينة القدس، غير بعيد عن أسوار المدينة القديمة الغربية. والحديث يدور عن الفندق الذي شيده المجلس الإسلامي الأعلى، برئاسة الزعيم الفلسطيني الحاج أمين الحسيني، في منطقة ماميلا، في نهاية عشرينات القرن الماضي، ليكون تحفة معمارية، ولينافس النشاط الصهيوني المتزايد الذي كان يأخذ أشكالا عمرانية أيضا مثل بناء فندق الملك داود في منطقة لا تبعد كثيرا عن منطقة ماميلا التي تملكها الأوقاف الإسلامية، والذي ما زال يعمل حتى الان، وينزل فيه كبار ضيوف الدولة العبرية من الرؤساء والمسؤولين، وفيه أقام الرئيس المصري السابق أنور السادات لدى زيارته التاريخية لإسرائيل.

واعلن في إسرائيل، بأنه سيتم تشييد فندقا في المبنى التاريخي، ستديره سلسة فنادق هيلتون الشهيرة، ويضم 220 غرفة، بالإضافة إلى بركة سباحة ومنتجع صحي، وهو جزء من سلسلة فنادق والدورف – استوريا الفخمة، المخصصة للأثرياء.

ومن المتوقع أن يتم افتتاح الفندق الجديد في عام 2010، بعد أن وقع اتفاق رسمي بين سلسلة هيلتون، والسلطات الإسرائيلية التي تسيطر على المبنى منذ اكثر من ستين عاما.

ووفقا للمصادر الإسرائيلية فان سيتم استثمار نحو 100 مليون دولار في الفندق الجديد، الذي يفصله عن مقبرة ماميلا الإسلامية شارع إسفلتي عريض، وهي المقبرة المهمة التي تضم رفات قادة وفاتحين وعلماء ومؤرخين وقادة جيوش واقطاب صوفيين وقضاة من مختلف العالم الإسلامي، وبعد عام 1948، ووقوعها تحت سيطرة إسرائيل، تم تحويل جزءا من المقبرة إلى حديقة يرتادها مثلي الجنس من اليهود، وقسم آخر لموقف سيارات، والان تسعى إسرائيل لبناء ما يطلق عليه (متحف التسامح) على ما تبقى من المقبرة، وهو ما أثار الحركة الإسلامية في إسرائيل بقيادة الشيخ رائد صلاح الذي خاض معاركا قانونية ما زالت مستمرة ضد الحكومة الإسرائيلية.

وفي الفندق الجديد، سيتم الحفاظ على كثير من الملامح الفنية للمبنى القديم الذي استوحى من العمارة العربية الأندلسية، مثل المنحوتات الحجرية واقواس الزينة وغيرها.

وسيضم الفندق الجديد، 220 غرفة وجناحا، وحمام سباحة مساحته 500 متر، وثلاثة مطاعم، ومنتجع صحي، وقاعات ومرافق للاجتماعات.

ويعتبر هذا الفندق الثاني في الشرق الأوسط من مجموعة والدورف - استوريا، بعد فندق قصر الشرق في جدة، الذي انضم لهذه المجموعة الفندقية الفخمة عام 2006، وتتكون المجموعة المتفردة التي تحمل علامة والدورف – استوريا، من خمسة فنادق حول العالم، أربعة منها في الولايات المتحدة الأميركية، اشهرها يقع في مدينة نيويورك، والخامس هو الذي افتتح في جدة السعودية، والسادس سيكون الفندق الجديد في القدس.

وسيضع الفندق الجديد حدا نهائيا ومأساويا، لقصة الفندق الذي بني بإشراف المفتي الحسيني عام 1929، الذي أطلق عليه اسم (فندق بالاس)، في حين أن كبار السن من المقدسين يطلقون عليه حتى الان (بناية الحاج أمين)، أو بناية المجلس الإسلامي الأعلى.

وفي خضم العواصف السياسية التي كانت تتعرض لها فلسطين، ونشاط الحركة الصهيونية والانتداب البريطاني المعلن للسيطرة على الأرض وإنشاء وطن قومي لليهود، اتجه نظر الحسيني نحو مشروع، يبدو للوهلة الأولى بأنه ليس له أية علاقة بالسياسة أو بالتحدي المصيري المتزايد، وهو تشييد مبنى على الطراز المعماري الإسلامي، في غرب المدينة، على مسافة لا تبعد كثيرا عن أسوار المدينة القديمة، في منطقة ماميلا.

ولا شك أن الحسيني، لاحظ النشاط المعماري المتزايد في غرب المدينة، التي لم تكن تعرف بهذا الاسم وإنما بالقدس الجديدة، والتي كانت تتوسع خارج الأسوار في نشاط معماري محموم، لفئات ومجموعات عديدة في مدينة القدس ذات الطابع المتعدد، فأخذت تنشأ بنايات على طرز معمارية حديثة وغير مسبوقة، لجاليات أجنبية، وأخرى متجذرة الجذور مثل بطريركية الروم الأرثوذكس، وربما الأهم، المشروع الذي كان يبينه يهودا وهو فندق الملك داود، بالإضافة إلى مبنى جمعية الشبان المسيحية.

وبدأ الحاج أمين، باسم المجلس الإسلامي الأعلى بناء فندق في منطقة ماميلا، ذات العمق الإسلامي، والتي تحولت إلى منطقة تجارية هامة في القدس الجديدة، تضم بنوكا ومخازن تجارية ومكاتب حكومية، ودائرة عامة للبريد، بالاضافة الى محل كبيا لشركة سبينيس لبيع الملابس واللحوم والبضائع البريطانية المستوردة، ووجد في الحي مستشفى حكومي للحيوانات، وسوق الجمعة لبيع المواشي، ودور للسينما.

وفي مثل هذا الأجواء، صمم بناء الفندق الذي رعاه الحاج أمين الحسيني وبادر إليه، للتأكيد على الوجود الفلسطيني السياسي والثقافي في غرب المدينة، المهندس المعماري التركي النحاس بك، واعلن في الصحف المحلية عن عطاء البناء.

وظهر نوع من التنافس والسباق ميز تلك الفترة بين الفندق الفلسطيني وفندق الملك داود اليهودي، وربما لهذا السبب وأسباب أخرى اشترط المفتي على المقاولين أن يتم إنهاء العمل خلال 13 شهرا.
وللدلالة على جديتها، استخدمت شركة المقاولات 600 من العمال، من بينهم حرفيون بصناعة الحجارة المقدسية التي بني منها الفندق.

ولم يركن الحاج أمين، إلى تعهدات شركة المقاولات بإنهاء العمل في الوقت المحدد، واولى أهمية شخصية وبالغة لأعمال البناء، وكان يحضر مرتين في الأسبوع إلى موقع البناء عند حفر الأساسيات، ثم بشكل يومي مع بدء التشييد.

ويتضح من سير العمل في بناء الفندق، أن الأحداث التي شهدتها فلسطين آنذاك، لم تؤثر على الفترة التي حددت لإنجازه، وفي يوم 22 كانون الأول (ديسمبر) 1929، انتهى العمل، وكتب على واجهة المبنى من الأعلى بحروف بارزة "مثلما بنى آباؤنا وفعلوا نبني ونفعل"، في إشارة واضحة إلى الاستمرارية والحفاظ على الهوية، ورأى البعض في هذا النقش الذي أمر به المفتي إشارة إلى التشابه المعماري بين هذا البناء والمباني الإسلامية في الوطن العربي والأندلس.

واصبح المبنى يشار له كأحد أهم المباني في المدينة المقدسة، ودعا المجلس الإسلامي الأعلى لحفل افتتاح له، حضره وجهاء وسياسيون واعيان من العرب واليهود والبريطانيين.

وتحول المبنى بطوابقه الأربعة إلى شاهد سياسي جديد، كما أراده المفتي، وتميز الفندق بفخامته، وضم 140 غرفة، 45 منها تشبه الأجنحة مع حمامات، وخصصت ثلاثة مصاعد لاستخدام النزلاء، تمتعوا بتدفئة الفندق المركزية في أيام الشتاء، وبالمطعم الفخم.

وكل هذه المزايا اعتبرت في حينها، نوعا من الرفاهية الفائقة، التي ميزت هذا الفندق الفلسطيني الذي لفت الانتباه بعمارته الإسلامية الواضحة، والذي شبهه البعض بقصر الحمراء في غرناطة.

واحتوى الطابق الأول على ممر طويل محاط بأعمدة على الجانبين، وسقف مقوس يفضي إلى الداخل المغطى بالسجاد الفاخر والنادر الذي كان يعطي مع الثريا الطويلة المعلقة في السقف رونقا مميزا، وتميز الشكل الخارجي للفندق بالنوافذ المقنطرة وبأحجاره وتصميمه الهندسي اللافت.

ورغم كل ما بذل لإخراج الفندق بصورته الزاهية، إلى انه واجه تحديا جديا عام 1931 عندما افتتح فندق الملك داود، ولم يستطع الفندق الفلسطيني منافسة الفندق اليهودي الجديد.

واضطر المجلس الإسلامي الأعلى في عام 1935 إلى إغلاق الفندق الأثير، واقتصار العمل على المطعم الفخم، وأجر بعض الغرف بشكل شهري.

ولم يكن ذلك نهاية تقهقر الفندق، وكأن ما يحدث له يتناسب مع الأوضاع السياسية التي تتردى بالنسبة للفلسطينيين، ففي عام 1936، استولى البريطانيون على الفندق، وحولوه إلى مبنى خاص بهم، وفي نفس العام اتخذته لجنة بيل البريطانية التي وصلت فلسطين لتقرير مصير البلاد وتقسيمها بين العرب واليهود، مقرا لها في النهار تجمع المعلومات، وفي الليل ينام أعضاؤها في فندق الملك داود.

تطورت الأوضاع في فلسطين بشكل سريع ودراماتيكي، واصبح الحاج أمين مطلوبا للبريطانيين وفر خارج البلاد، بينما وسعت العصابات الصهيونية، من عملها باستهداف مصالح بريطانية، خصوصا مع القرارات البريطانية بترشيد الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وتحسبت بريطانيا وأغلقت مدخل الفندق لكونه اصبح مبنى حكوميا مهددا.

وتم وضع أسلاك شائكة حول الفندق، للحيلولة دون وضع أفراد العصابات الصهيونية المتفجرات، وفي عام 1948، استولت دولة إسرائيل الناشئة حديثا على الفندق، وحولت قسما منه مقرا لوزارة التجارة والصناعة، ولكن المبنى بعمارته المبهرة، ظل مدار نقاشات استمرت سنوات وشارك فيها مهندسون وسياسيون ورجال أعمال، حول مصيره المستقبلي.

وطرحت الكثير من الأفكار، في كيفية التصرف بالفندق الفلسطيني المغتصب، وقبل سنوات تم الموافقة على إضافة طابقين للبناء القديم، وتحويله إلى فندق من جديد مكون من 330 غرفة، ولكن المشروع لم ير النور، وكل فترة وأخرى كانت تطرح أفكارا مثل هذه، حول المبنى الذي وصفه ذات مرة الاثاري الإسرائيلي دافيد كروبنكر بأنه ذو قيمة معمارية وتاريخية كبيرة، منوها إلى زخارفه الحجرية التي تشكل أحد العناصر التي تضفي عليه خصوصيته المعمارية.

وفي شهر نيسان (ابريل) 2007، حدث أمر غريب بشان المبنى، فالذين يمرون بجانبه، ويقفون لإلقاء نظرة على عمارته الفريدة، فوجئوا بأصوات الآليات تعمل داخله، وتبين أن أعمال هدم تجري لاجزائه الداخلية بينما تم المحافظة على واجهاته الخارجية.

وفي 11-4-2007، ذكرت صحيفة يديعوت احرنوت الإسرائيلية، بأنه سيتم تحويل المبنى إلى شقق فخمة للطبقة الثرية من الإسرائيليين والأجانب.

واتضح الان أن ما ذكرته الصحيفة العبرية ليس دقيقا، بعد الإعلان عن الفندق الجديد الفخم، الذي ينهي حكاية فلسطينية في المكان، امتزجت بالدماء والأمل والدموع.

وكل ذلك يجري، وسط صمت فلسطيني رسمي وشعبي، والتعليق الوحيد الذي يمكن سماعه هو ما تفوه به صاحب مطعم شعبي في القدس القديمة قائلا "لا استبعد أن يتحول الفندق الجديد الذي بني على أملاكنا المغتصبة المكان المفضل لجلسات التفاوض الفلسطينية-الإسرائيلية، دون أن يرف رمش للمفاوض الفلسطيني وهو يستمتع بالضيافة الفخمة".

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Reports/2008/4/326274.htm

صحتين

الثلاثاء، 29 أبريل 2008

صداقة ام مصلحة؟



سلام..ام هدنة؟ صداقة ام مصلحة؟

اسرائيل تحاصر دير وادي القلط



أحيا الأرثوذكس في فلسطين، عيد الفصح، وقبله سبت النور، وسط أجواء من الغضب، سببها إجراءات إسرائيلية وصفت بالانتقامية، في حين تواصل إسرائيل فرض حصاراً غير معلن على أحد اشهر الأديرة الأرثوذكسية في صحراء البحر الميت. ويقع هذا الدير في وادي القلط، وهو محمية طبيعية، تسطير عليها السلطات الإسرائيلية، وكان طوال قرون موطنا للنساك والرهبان الذين هربوا بعقائدهم من الاضطهاد الروماني إلى مغر وكهوف الوادي، وكذلك في عهود أخرى. ويعتقد أن الهاربين بعقيدتهم سكنوا هذا المكان منذ القرن الثالث الميلادي، واخذوا ببناء الأديرة بعد القرن الرابع وتبني الإمبراطورية الرومانية للمسيحية، دينا رسميا.

ويحمل الدير اسم السان جورج، وهو أحد ابرز معالم الوادي السياحية والأثرية، ولم يتمكن عدد كبير من السياح والمؤمنين المحليين من الوصول إلى الدير لإحياء عيد الفصح، بسبب ما يصفه الرهبان بالحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال على الدير المنحوت جزء منه في الصخور. وقال يعقوب الأطرش أحد العاملين في الدير لمراسلنا، بان سلطات الاحتلال تفرض حصارا على الدير منذ ستة اشهر، عندما تم وضع حاجزين عسكريين على الطريقين المؤديين إلى الدير، الأول من جهة أريحا، والثاني بالقرب من طريق القدس-أريحا.

وأضاف الأطرش "كان يصلنا يوميا المئات من السائحين، ولكن الان لا يصل أحد بسبب هذه الحواجز، وإذا أراد أحد الوصول إلى الدير، خصوصا إذا كان من السياح الأجانب الذين يأتون خصيصا لرؤية الدير التاريخي، فعلى الواحد منهم أن يقطع طرقا التفافية في الصحراء، فيصل منهكا". ويشير الأطرش، إلى أن إحدى السائحات اصيبت بالإغماء بعد وصولها إلى الدير، بسبب الإرهاق من الطريق الطويلة.

ويعيش في الدير ألان رهبان من الروم الأرثوذكس، في أجواء من النسك، حيث لا توجد أية وسائل من أساليب التقدم الحديثة في الدير مثل الكهرباء، وكانت حياة الرهبان منتظمة حتى الحصار الاسرائيلي الاخير، وعصفت بالوادي والدير أحداثا كثيرة، وهو الوحيد الذي نجا من التدمير خلال العهود التي توالت على فلسطين، وخصوصا الغزو الفارسي عام 614م، وتوجد بقايا من الدير القديم المدمر.

وحسب الأطرش، فانه بعد احتجاج بطريركية الأرثوذكس، على الحاجزين، وعدت السلطات الإسرائيلية بان يكون الأمر مؤقتا، ولكنه استمر حتى الان.
ويعتقد كثيرون من المتابعين، بان حصار الدير التاريخي، يأتي، كجزء من ضغوط تمارسها الحكومة الإسرائيلية على البطريركية الأرثوذكسية، من اجل اخذ موافقتها على تسريب أراض جديدة إلى السلطات الإسرائيلية، وشراء صمتها على أراض تعود ملكيتها للبطريركية، وتستخدمها الحكومة الإسرائيلية الان مثل مبنى الكنيست الإسرائيلي المقام على ارض تابعة للبطريركية.

وتسيطر إسرائيل الان على عدد من الأديرة الأرثوذكسية في صحراء البحر الميت، وأهلتها كمواقع سياحية، وتشترط إعادتها للبطريركية، موافقة الأخيرة على بيع وتأجير أراض للإسرائيليين. ويتهم رعايا البطريركية العرب، الرئاسة الروحية اليونانية السابقة، بالتساوق مع الرغبات الإسرائيلية، وتسريب أراض إلى السلطات الإسرائيلية، ولكن وضع جماعات يهودية يدها على عقارات عربية أرثوذكسية في منطقة باب الخليل بالقدس، قبل أربع سنوات، أطاح بالبطريرك السابق، وسط تعهد من البطريرك الحالي، بالحفاظ على املاك الطائفة.

وتحاول السلطات الإسرائيلية، أن تقلل من أهمية الاحتجاجات الفلسطينية على إغلاق الطرق المؤدية إلى وادي القلط، الذي يمتد بطول 45 كلم.
واعتبرت أن وضع الحواجز هو جزء من خطة لتعويد زوار الوادي، على الوضع الجديد الذي ينتظره، حيث سيتم وضع سياج حوله، كجزء من الأسوار والجدران التي تبنيها سلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

ولكن قرار السلطات الإسرائيلية بوضع سياج، اصطدم بمعارضة منظمات البيئة الإسرائيلية، التي رأت بان وضع سياج، سيحول، دون وصول الحيوانات وربما الطيور، التي تعتبر منطقة الوادي موئلا مهما لها. وتمكنت جمعية حماية الطبيعة الإسرائيلية، التي تحالفت مع اللوبي من اجل البيئة في الكنيست، من اجل تغيير مخطط الحصار الإسرائيلي لحصار وادي القلط، وتم تجميد أعمال بناء السياج الأمني حول وادي القلط، ويؤكد خبراء جمعية حماية الطبيعة الإسرائيلية انه من الممكن نصب ما أسموها "أجهزة ردع إلكترونية" في المنطقة، مؤكدين انه ليست هناك أية ضرورة لإقامة عوائق قد تلحق أضرارا جسيمة بالبيئة.

وحصار الوادي، ومنع السياح من الوصول إلى الدير، لم يثر غضب جمعيات البيئة في إسرائيل أو أية جهات، بما فيها المفاوضين الفلسطينيين. ويرى الأطرش بالإجراءات الإسرائيلية، بأنها تعديا على حرية المؤمنين في التنقل، والوصول إلى أماكن العبادة، وهو ما ظهر خلال احتفالات عيد الفصح، التي تشكل مدينة القدس مركزا للاحتفالات بهذا العيد، لوجود كنيسة القيامة فيها، التي تحوي القبر المقدس.

ومنعت سلطات الاحتلال، الفلسطينيين المسيحيين من الوصول إلى القدس، يوم السبت الماضي، للاحتفال بسبت النور، في كنيسة القيامة، التي امتلأت بالحجاج الأجانب، بينما ظهر الفلسطينيون الذين تمكنوا من الوصول إلى الكنيسة، بينهم كأقلية. ويعتبر الاحتفال بالنور المقدس في كنيسة القيامة ذروة عد الفصح، ومنها ينطلق إلى المدن الأخرى، حيث تم استقبال هذا النور، في مدينتي رام الله وبيت لحم في احتفالات صاخبة، تعويضا من المحتفلين لحرمانهم من الوصول إلى القدس.

واصدر الأب عيسى مصلح، الناطق الرسمي باسم بطريركية الروم الأرثوذكس، بيانا عبر فيها عن استهجان البطريركية لتصرفات الجيش الإسرائيلي بحق المصلين المسيحيين خلال احتفالات يوم سبت النور. واعتبر مصلح، إن أسلوب تعامل أفراد الشرطة الإسرائيلية مع المصلين المتوجهين لكنيسة القيامة ودير الروم الأرثوذكس "قد فاق جميع الحدود، حيث تم منع ألاف المصلين من المرور في شوارع القدس كما تم الاعتداء على عدد من النسوة وكبار السن".

ونقل مصلح، عن البطريرك ثيوفيلوس الثالث قوله أنه "يرفض هذه التصرفات التي تطال أبناء رعيته وإن الكنيسة الأرثوذكسية ستعمل بالتعاون مع باقي الكنائس في جهد موحد لمنع تكرار ما حصل اليوم ولضمان حرية العبادة للناس". وأكد مصلح، على أن الصلاة حق للجميع و لا يملك أحد حق منع الآخر من التعبّد والمشاركة في الشعائر الدينية، وان بطريركية الروم الأرثوذكس وعلى رأسها البطريرك ثيوفيلوس الثالث لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه منع رعاياها من ممارسة حقهم الطبيعي في العبادة.

وكان ممثل المؤسسات الأرثوذكسية العربية بالقدس المحامي نبيل مشحور، اصدر بيانا انتقد فيها البطريركية، موافقة الأخيرة على إجراءات، اتخذتها السلطات الإسرائيلية للوصول إلى كنيسة القيامة خلال احتفالات سبت النور. واعتبر أن التعليمات الجديدة "حول كيفية الوصول إلى كنيسة القيامة للاحتفال بسبت النور المقدس تتعارض مع الستاتيكو (الوضع القائم) المتبع عبر مئات السنين وتتنافى مع أبسط حقوقنا الدينية في الوصول إلى أماكن العبادة المسيحية لممارسة شعائرنا الدينية".

واضاف بان المؤسسات الأرثوذكسية العربية بالقدس "تؤكد على حقها القانوني المشروع في الوصول إلى كاتدرائية القديس يعقوب الأرثوذكسية دون مضايقات أو حواجز شرطية عبر الدرج الداخلي للكاتدرائية كما هو متبع منذ القدم". ودعا المسؤولين في بطريركية الروم الأرثوذكس إلى "رفض الضغوط الممارسة التي يتعرض لها أبناء الرعية ووضع الحد نهائيا لحصار كنيسة القيامة المتنامي سنويا والذي أصبح أمرا لا يطاق"، مؤكدا "على حقنا الوصول الحر والآمن إلى مقدساتنا بحرية وأمن وسلام". ولكن هذا الحق، لا يحترم، من قبل سلطات الاحتلال، كما يقول الفلسطينيون، الذين يئنون من ثقل الاجراءات الاسرائيلية المتزايدة على الارض.

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2008/4/325801.htm

الاثنين، 28 أبريل 2008

درب روماني الى البحر الميت

 

 

مفتاح وبوابة العودة



أخر ما يحتاجه سكان مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين، شمال مدينة بيت لحم، هو تشييد بوابة جديدة في مدخل مخيمهم، المحاصر بالجدران والبوابات العسكرية الإسرائيلية من كل جانب، بالإضافة إلى وجود الجيب العسكري الإسرائيلي المعروف باسم قبة راحيل بمحاذاة المخيم، والجدار العازل الذي بنته إسرائيل لفصل المخيم عن مدينة القدس والذي تحول إلى المكان المفضل للوفود الأجنبية المتضامنة مع الفلسطينيين، لتعبر عن رفضها لممارسات الاحتلال، وبالقرب من هذا الجدار وقبة راحيل، سقط العديد من فتيان المخيم شهداء وجرحى برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي، وهم يحتجون على ما يصفونه سجنا مغلقا يعيشون فيه، بعد 60 عاما من طردهم من قراهم الأصلية التي أصبحت الان جزءا من دولة إسرائيل.

ويشكل وجود قبة راحيل، كجيب عسكري استيطاني ديني يهودي بمحاذاة المخيم، مرتبط بمدينة القدس التي تسيطر عليها اسرائيل، تهديدا لا يوصف على حياة السكان الذين يصلون الى منازل سالكين طرقا التفافية.ورغم أن هذا هو وضع أهالي المخيم مع الجدران والبوابات، إلا أن المخيم يشهد الان تشييد بوابة جديدة، بأيدي فلسطينية هذه المرة، لتكون رمزا لما يقولون أنها النكبة المستمرة، وتعبيرا عن تمسكهم بحق العودة.

واطلق على البوابة، التي يتسارع العمل فيها لإنجازها قبل الثامن من شهر أيار (مايو) المقبل، اسم بوابة العودة، وهي جزء من مشروع يضم أيضا مفتاح ضخم يرمز لمفاتيح منازل الفلسطينيين التي تركوها قبل 60 عاما، يأمل المشرفون على المشروع بتسجيله في موسوعة جينس للأرقام القياسية باعتباره اضخم مفتاح على الإطلاق.وقال منذر عميرة، رئيس مركز شباب مخيم عايدة الاجتماعي في مخيم عايدة، واحد نشطاء حركة فتح، أن المشروع يتضمن أيضا جدارية ضخمة تم الانتهاء منها، مستوحاة من المأساة الفلسطينية، رسمها فنانون محليون مستذكرين بعض اشكال الحياة الريفية التي سادت في القرى الفلسطينية التي دمرت في عام 1948.

وتم تصميم البوابة من قبل الفنان عايد عرفة لتلائم المفتاح الضخم، الذي يبلغ طوله 10 أمتار، ويزن 2 طن من الحديد، وما زال العمل مستمرا فيه، وسيتم نصبه إلى جانب بوابة العودة والجدارية. وقال عميرة، بان هذا النشاط، المدعوم من قبل مكتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، يأتي في إطار الفعاليات الفلسطينية لإحياء الذكرى الستين لنكبة الشعب الفلسطيني.

واضاف عميرة لمراسلنا وهو يقف أمام البوابة التي يجري تشييدها "أردنا إحياء الذكرى الستين للنكبة، بطريقة غير تقليدية، لذا فكرنا بتشييد البوابة وتصميم مفتاح العودة الضخم، لإدخاله في كتاب جينس للأرقام القياسية وهو الأمر الذي سيمكننا من الوصول إلى العديد من الشعوب الغربية، لنقل رسالتنا إليهم بطريقة حضارية".واشار عميرة إلى انه جرت مراسلات مع إدارة كتاب جينس منذ اكثر من شهر ونصف حول هذا الموضوع، وتبين أن مفتاح العودة هو اضخم مفتاح فعلا، ولكن تواجهه عقبات لإدراجه في الكتاب، بسبب مآخذ من إدارة جينس على طابعه السياسي.

وقال عميرة "نحن لا نخفي الطابع السياسي للمفتاح، والذي يأتي في سياق أشكال النضال السلمية ضد الاحتلال، وهي أشكال نضالية مشروعة عالميا، ولا نخجل منها ابدا". واضاف "ما زلنا ننتظر ردا من هيئة جينس، لتسجيل المفتاح، وهذه المرة الأولى التي تتوجه بها مؤسسة فلسطينية تعنى باللاجئين للمشاركة في كتاب جينس".وسيتم تنظيم احتفالا مركزيا في الثامن من شهر أيار (مايو) المقبل لإطلاق المشروع، وعن سبب اختيار هذا التاريخ يقول عميرة بان "احتفالات إسرائيل بنكبتنا التي تسميها ذكرى استقلالها ستبدا في 8-5، ونحن أيضا سنطلق مشروعنا في هذا التاريخ، خصوصا وان فعاليات كثيرة سيتم تنظيمها في ذكرى النكبة منذ منتصف أيار، ونريد أن نعطي زخما إعلاميا للموضوع".

ويشير عميرة بانه سيصار في الاحتفال، إلى تسليم أوراق ملكية الأراضي للقرى الفلسطينية المدمرة من الأجيال التي عايشت النكبة إلى الأجيال الأحدث سنا، تعبيرا عن استمرار التمسك بحق العودة الذي لا يسقط بالتقادم.وقال بان ممثلين عن الجيل الجديد من اللاجئين سيخطون على البوابة أسماء القرى التي هجروا منها، وأيضا باقي أسماء القرى التي دمرتها أسرائيل، باستخدام السيراميك.

وستشمل فعاليات افتتاح بوابة ومفتاح العودة، أيضا مسيرة جماهيرية وسينظم مهرجان ضخم، من المقرر ان تشارك فيه شخصيات فلسطينية من الأراضي المحتلة منذ عام 1948 "تأكيدا على وحدة الشعب الفلسطيني رغم كل محاولات الاحتلال للفصل بين أبناء الشعب الواحد"- حسب ما يقول عميرة.

ويولي عميرة أهمية كبيرة على المشروع، ويسعى لان يصبح رمزا للمخيم بدلا من الجدار المحيط به، الذي يستقطب المتضامنين الأجانب ورجال السياسة الدوليين، الذين يزورون المخيم للاطلاع على ما يسميها السكان الجريمة التي ترتكب بحقهم، ومن بين الذين زاروا المكان بان كى مون، امين عام الأمم المتحدة، والذي تلقى هدية من الأهالي هي عبارة عن مجسمات استخدم فها التطريز الفلسطيني، ولكن الإسرائيليين صادروها في مطار بن غوريون، عندما كان المسؤول الاممي يغادر البلاد.

ويشكو عميرة مما يسميه قلة المعلومات عن القضية الفلسطينية لدى العرب والمتضامين الأجانب، ويشير إلى خبرته في هذا المجال من خلال استقباله لضيوف المخيم من المتضامنين العرب والأجانب، والذين يعتقدون كما يقول عميرة بان مأساة اللاجئين بدأت مع الجدار الفاصل.ويضيف "لم نكن نحتاج إلى أي جهد لشرح قضيتنا للمتضامنين والمتعاطفين معنا، لانهم أصلا يؤيدون حقوقنا، ولكننا نريد تزويدهم بمعلومات اكثر واوفى عن القضية الفلسطينية، ونأمل أن تشكل البوابة والمفتاح والجدارية، مساهمة ذات معنى في هذا المجال".

ويقول "عندما يدخل أي زائر إلى المخيم متجاوزا الحواجز والاسوار الإسرائيلية، سيرى البوابة، التي تعبر بمفتاحها واسماء القرى والجدارية عن معاناتنا وتعطي فكرة عن الأمل الذي نتمسك به، حتى العودة إلى ديارنا التي شردنا منها".ويأمل عميرة ان تشكل البوابة أيضا جسرا لتلاقي الأجيال الجديدة التي ولدت وعاشت في المخيم مع الأجيال الأولى للنكبة.وحسب الصحافي منجد جادو وهو أحد أبناء المخيم فان "هدف بناء البوابة والمفتاح الضخم في هذا الموقع هو لربطها بما يعانيه الشعب الفلسطيني بعد ستين عاما خصوصا مع بناء إسرائيل الجدار العازل الذي يحصر الفلسطينيين ويقتل آمالهم في المستقبل على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية".

وقال جادو "اصبح موقع الجدار مزارا للمتضامنين الأجانب الذي يأتون لمشاهدة الجدار واثره على حياتنا واعتقد أن إنشاء بوابة العودة والمفتاح الضخم سيقدم شرحا لهؤلاء المتضامنين حق العودة ومدى تمسك اللاجئين به". ومن المقرر أن تشهد الأراضي الفلسطينية احتفالات ضخمة لاحياء الذكرى الستين للنكبة، في حين ستطلق إسرائيل احتفالات ستستمر لمدة سنة، في ذكرى ما تسميها استقلالها.

وكانت إسرائيل أعلنت من قبل المنظمات الصهيونية في 15 أيار (مايو) 1948، بعد انتصارها على جيوش عدة دول عربية، دخلت فلسطين، لإنقاذ شعبها، وانتهى هذا التدخل بتشريد الشعب الفلسطيني فيما يعرف الان باسم النكبة المستمرة منذ ستين عاما، التي تمر ذكراها في ظل ظروف صعبة يعيشها الفلسطينيون، الذين توجد أغلبيتهم في المنافي، بينما تحاصر إسرائيل من تبقى منهم في الضفة الغربية وقطاع غزة في كانتونات صغيرة، وكل هذا وسط حالة من الانقسام داخل حركة التحرر الوطني الفلسطينية التي لم تنجز أي من أهدافها حتى الان.

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2008/4/325505.htm

الأحد، 27 أبريل 2008

جبل المنطار



متحف يهودي في القدس بتبرع هوليودي



أعلن في إسرائيل عن تبرع الممثل الأميركي كيرك دوغلاس وابنه النجم مايكل دوغلاس، لإنشاء متحف في البلدة القديمة بالقدس في ساحة حائط البراق ( المبكى )، الذي تجري فيه إسرائيل أعمال توسع وهدم وحفريات وتدمير للآثار العربية والإسلامية، واستتبعت غضبا فلسطينيا وعربيا. وسيحاكي المتحف شكل معبد يهودي، وسيقام في بناية قديمة بقيت من حارة المغاربة التي هدمتها السلطات الإسرائيلية بعد أيام من احتلال القسم الشرقي من القدس في حزيران ( يونيو ) 1967، على رؤوس سكانها، منهية بذلك اثرا ايوبيا عمره 1000 عام. ويقع في البناية مركز ايشا هتواره أي (النار من التوراة)، وهو مركز يهودي عالمي، أسس في عام 1974، على يد الحاخام نوح واينبرغ، والهدف منها إحياء التراث اليهودي، وبث الحياة فيه على حسب تعبير الحاخام المؤسس، و"إحداث نهضة للشعب اليهودي في مختلف أنحاء العالم".ونجح الحاخام المؤسس في مسعاه، حيث يوجد حاليا 30 فرعا لمركزه، منتشرة في 5 قارات، ويشرف على تنظيم برامج في 77 مدينة في 17 بلدا.وتضم المجموعة الداعمة للمركز شخصيات إسرائيلية محلية مثل زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، وعالمية مثل مارجريت تاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، والمخرج والمنتج ستيفن سبيلبرغ، والممثل كيرك دوغلاس، الذي يظهر الان في الصورة بتقديمه وابنه الدعم السخي لإنشاء المتحف داخل هذا المركز.وسيضم المتحف الذي يوصف بأنه سيكون فخما وعظيما، مجسما ضخما لهيكل سليمان المفترض، مقابل الحرم القدسي الشريف الذي يشكل حائط البراق جداره الجنوبي.وسيتكون المتحف من ثلاثة طوابق، بكلفة 20 مليون دولار، وسيبرز كما يريد دوغلاس رحلة الشعب اليهودي في التاريخ من أيام النبي إبراهيم حتى يومنا هذا "مع التشديد على أهمية ورسالة وجود الشعب اليهودي في ارض إسرائيل ودور إسرائيل في تحسين العالم وتقدمه".

 

قال الحاخام يهودا واينبرغ، المسؤول عن المشروع الجديد، مستبقا أية انتقادات محتملة من الجانب الفلسطيني أو العربي "اننا لسنا بصدد مشروع سياسي"، مشيرا إلى أن أحد المساهمين في المشروع، هو التاجر الكندي ليزلي دان، الذي تمتد استثماراته إلى صناعات الأدوية العالمية.
وأشار بان المساهمة الكبرى في المشروع هي من نجم هوليود المخضرم كيرك دوغلاس، وابنه النجم المشهور مايكل.
وسيضم المتحف، تقنيات الصوت والضوء والرائحة ايضا، لشرح ما يطلق عليه القائمون على المشروع تاريخ الأمة اليهودية، وستنصب شاشة ضخمة، لهذا الغرض.
وسيضم المشروع، مركزا للتعلم وجناحا لاستضافة نجوم السينما والسياسيين وغيرهم من المشاهير من إسرائيل والخارج.
والشركة المسؤولة عن البناء، هي نفس الشركة الدولية التي اشتهرت بتشييد مشاريع ضخمة ومميزة، مثل برج لندن، ومتحف العالم في ليفربول.

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Entertainment/2008/4/325445.htm

السبت، 26 أبريل 2008

بدو البحر الميت يحافظون على هويتهم



يحافظ أحمد عبد الله الهذالين ( 20 عاما)، على خصائص ثقافية ميزت البدو الذين ينتمي اليهم، وهم مبعثرون الآن في صحراء البحر الميت، بينما تعيش مجموعات منهم في البادية الممتدة شرق نهر الأردن والبحر الميت، ضمن حدود المملكة الأردنية الهاشمية. ويدرس الهذالين، في جامعة القدس في بلدة أبو ديس المحاذية لمدينة القدس، ويعيش في ما يمكن تسميته ببيت صفيح، حياة بدائية دون كهرباء أو تمديدات صحية، قرب جبل المنطار، أحد معالم صحراء البحر الميت، وهو جبل مرتفع، يستخدم كموقع عسكري، يكشف مدنا فلسطينية عديدة مثل رام الله، والقدس، وبيت لحم، والخليل. ويتعين على الهذالين، أن يقطع مسافة طويلة الى جامعته، مستخدما وسيلة التنقل المثالية في صحراء البحر الميت وهي الحمار، وهو رفيقه الدائم الذي يراجع دروسه وهو يمتطيه.
وفي طريقه يمر، الهذالين، بالمستوطنات اليهودية، المقامة في المنطقة، المبنية على الطراز الأوروبي، وبعضها اصبح مدنا كبيرة، والفرق بين العالمين، عالم الاستيطان اليهودي ذي الصبغة الأوروبية، وعالم الهذالين البدائي، كبير إلى درجة لا يمكن وصفه، وان كان ازدهار العالم الأول، تم على حساب حياة الهذالين وباقي البدو، الذين يصارعون قوة تبدو لا تقهر، للحفاظ على خصائصهم الثقافية، في عملية قدرية تشبه محاربة طواحين الهواء.
والهذالين، هو واحد من أفراد الجيل الرابع، للاجئين الفلسطينيين، وبالنسبة للعشائر البدوية في فلسطين، فان حرب عام 1948، التي انتهت بإقامة إسرائيل وتشريد الفلسطينيين، ما زالت مستمرة ولم تنته بعد، و"ان كانت لم تنجح في وضع حد للتميز الثقافي المصاحب لاسلوب الحياة الذي يعيشه هؤلاء، منذ آلاف السنين" كما يقول عبد الله الهذالين (50) عاما لمراسلنا، وهو والد احمد.
النقب أولا
وأدت تلك الحرب، وما تبعها إلى تبعثر العشائر البدوية، في الصحراء الفلسطينية، بعد عملية استيطان كبيرة ودؤوبة، نفذتها الدولة العبرية الوليدة آنذاك، في صحراء النقب، وبالمركز منها بئر السبع، وتم تجميع العدد القليل المتبقي من البدو، في بضعة تجمعات، بينما اضطلع دافيد بن غوريون، أول رئيس لوزراء إسرائيل بقيادة الاستيطان اليهودي في النقب، وتحولت صورته وهو ينتظر دوره في أحد المزارع الجماعية، لازالة روث البهائم الى ذكرى كبيرة لهذا القائد اليهودي لدى اجيال متتالية من المستوطنين اليهود.
وفي عام 1948 بلغ سكان النقب 105 ألف نسمة، في أثناء وبعد إنشاء إسرائيل، تم طرد وتشريد أغلبية فلسطينيي النقب، فلم يبق منهم سوى 13 ألف نسمة، يعيش معظمهم في قرى غير معترف بها من قبل إسرائيل، وهذا يعني أنهم يعيشون في تجمعات سكنية محرومة من المياه والكهرباء والخدمات الصحية والدراسية ومن كل شيء.
وأسكنت حكومات إسرائيل المتعاقبة بدو النقب في سبعة تجمعات أو قرى رسمية، هي أفقر سبع قرى داخل إسرائيل. ولمناسبة يوم الأرض كان مركز عدالة، الذي يعنى بالقضايا الحقوقية للفلسطينيين داخل اسرائيل، اعد فيلما تسجيليا بعنوان (غير المعترف بهم) يتطرق إلى معاناة الفلسطينيين في النقب. يبدأ الفيلم من (وادي زبالة) الذي ضم إلى (كيبوتس شوفال)، وهذا الوادي هو موطن عشيرة أبو قيعان، التي شردتهم سلطات الاحتلال من المكان في عام 1956، ونقلتهم إلى منطقة أخرى.
وسبب تهجير السكان أصحاب الأرض، كان لتوسيع (كيبوتس شوفال)، لزيادة المساحة الزراعية التي يسيطر عليها هذا الكيبوتس اليهودي. ويقول الشيخ حسن أبو قيعان الذي يقترب عمره من التسعين عاما، إن وادي زبالة، هو للعرب وليس لليهود، وانه يريد أن يموت ويدفن فيه. وروى شهود عيان من عشيرة أبو قيعان، كيف تم إجلاؤهم عن أرضهم بالقوة، وكل من رفض أطلق جنود الاحتلال النار عليه. ويقول خليل أبو القيعان في الفيلم "نحن لم نتخل عن أرضنا في وادي زبالة، نحن ننتظر الأرض وهي تنتظرنا وسنعود إليها مهما طال الزمن".
ونقل أصحاب وادي زبالة، إلى قرية غير معترف بها اسمها (أم الحيران)، ورغم أن عمرها يزيد عن 50 عاما، إلا أنها ما زالت محرومة من الخدمات، ويتهدد منازلها خطر الهدم، وسكانها يتهددهم التهجير من جديد، بأوامر من سلطات الاحتلال. وعن معنى أن تكون هناك قرية غير معترف بها يقول المحامي حسن جبارين مدير عام عدالة ان ذلك يعني أن القرية "غير موجودة على الخريطة، ولا يوجد لها اسم رسمي، ممنوع البناء فيها، ومحروم أهلها من الخدمات رغم أنهم يدفعون الضرائب".
ويظهر الفيلم مدى المآسي التي تعيشها القرى غير المعترف بها في النقب، فمثلا في قرية (السر) العربية غير المعترف بها، يمر خط مياه، ولكن القرية محرومة من المياه، ويمر من أراضيها أيضا خط كهرباء، ولكن ممنوع عليها استخدام الكهرباء. وتعاني قرى أخرى، من مشاكل معقدة مثل (ام بطين) التي يسير فيها واد من المجاري المكشوفة، بطول 3 كلم، ويمكن تخيل المعاناة متعددة الأوجه للأهالي جراء ذلك.
ويستخدم سكان القرى غير المعترف بها المياه أكثر مرة، فمثلا يخزنون مياه الاستحمام في حاويات لإعادة استخدامها مرة أخرى، بسبب مشكلة المياه المستعصية التي يواجهونها. ومن المشاكل التي يعانيها سكان القرى غير المعترف بها، عدم السماح لهم بالزراعة، ويتم رش مزروعاتهم بالمبيدات السامة من الجو للقضاء عليها. وفي مواجهة كل ذلك، يظهر الفيلم مقاومة فلسطينيي النقب لسياسة التهجير وتهويد الأراضي العربية في النقب، تحقيقا لأحلام القادة الإسرائيليين.
استهداف هوية
وما لم يتطرق له الفيلم، هو استهداف من نوع آخر، داعب رواد الحركة الصهيونية في فلسطين، قبل إنشاء الدولة العبرية، ومجموعات إنجيلية، فهؤلاء رأوا في وجود البدو طوال آلاف السنين في الأراضي المقدسة، محافظين على أسلوب حياة بدائي، اعتبروه أسلوب حياة توراتيا، يعود إلى زمن الأنبياء الآباء، تصديقا لتاريخ وجغرافية التوراة.
ولم يعدم هؤلاء المنقبون في الكتاب المقدس، وجود تفصيلات حياتية قارنوها بأسلوب حياة البدو، وان لم يخل الأمر في كثير من الأحيان من تعسف، وبدأوا يسيرون الرحلات الاستطلاعية إلى مضارب البدو، للتعريف بأسلوب الحياة التوراتي، معتبرين البدو هم أحفاد اليهود الأوائل، او "اليهود التوراتيين"، الذين اجبروا لاحقا على اعتناق المسيحية واليهودية.
ولكن هذا الافتتان بالبدو، لم يصمد أمام آلة الحرب، وأحلام إنشاء دولة يهودية خالصة، فتم تشريد معظم البدو، من النقب، الذين اصبحوا لاجئين مثل أغلبية الشعب الفلسطيني، ولكن قسم منهم، غادر صحراء النقب، إلى صحراء البحر الميت، التي تسكنها عشائر بدوية أخرى كثير منها، تحول إلى الاستقرار.
ولم تكن الصحراء الجديدة، جديدة على اللاجئين البدو، مثل عشائر الجهالين، والعزازمة، والهذالين، فهي كانت في السابق مجالا متسعا لحركتهم مع مواشيهم، ولكنها أصبحت الآن موطنهم الوحيد. وحافظ هؤلاء على أسلوب حياتهم، بإصرار فطري عجيب، وان كانت حدثت بعض التغيرات الطفيفة، مثل استبدال بيوت الشعر، في أحيان كثيرة، بالمغر، وبيوت الصفيح، ولكنهم بقوا مخلصين لمهنتهم الأساسية كرعاة للمواشي والإبل.
ولم يستسلموا لاغراءات الحياة الحديثة كالكهرباء، وتمديدات المياه الصحية، وظلوا يعيشون، جوابين للبيداء، الثرية بالمعالم الأثرية والحضارية، واصبح وجودهم فيها، جزءا من المشهد العام لصحراء البحر الميت، الذي لا يكتمل دونهم. ويرجع الفضل لرعاة البيداء هؤلاء في الكشف عن كثير من كنوز الصحراء، واشهرها ما عرف بمخطوطات البحر الميت، وما قدمه البدو لأجيال من الأثريين، خصوصا الغربيين، الذين وصولوا إلى الصحراء طوال القرون الأربعة الماضية، لا يمكن تقديره بثمن، حيث كانوا الادلاء على مواطن الكنوز الأثرية.
وحدث انعطاف كبير في حياة ساكني الصحراء هؤلاء، بعد احتلال إسرائيل، لما تبقى من فلسطين، في حزيران (يونيو) 1967، وتم إجلاؤهم من المناطق الحدودية الجديدة، واعتقال العشرات منهم بتهمة مساعدة الفدائيين الفلسطينيين، ووصل الأمر لإعدام بعضهم لمشاركتهم في المقاومة، وتمت السيطرة على منابع المياه، والعيون، والمراعي، وإجلاؤهم عنها.
وسقط العديد من الرعاة برصاص ما يعرف باسم الدوريات الخضراء الإسرائيلية، لانهم دخلوا مناطق يحظر عليهم الرعي فيها، بموجب قوانين الاحتلال.
واصيب العشرات من الرعاة بجروح وتشوهات، جراء انفجار قنابل بهم، من مخلفات الجيش الإسرائيلي الذي حول اراضي واسعة من مناطقهم إلى أماكن تدريب، وتحولت كثير من أراضيهم إلى منتجعات سياحية ومحميات طبيعية، مفتوحة لاي سائح من أي منطقة في العالم، لكنها محظورة عليهم.
ومنذ سبعينيات القرن الماضي، أصبحت عمليات تهجير البدو وإجلائهم، أمرا روتينيا بالنسبة للسلطات الإسرائيلية، لإنشاء المستوطنات، بين القدس، وبيت لحم، والخليل، إلى حدود البحر الميت، وكان على البدو أن يقاوموا كما فعلوا دائما، لوحدهم، وبعيدا عن فصائل العمل السياسي الفلسطيني التي لم تضعهم بحسابها. وخلال عملية الاقتلاع، تخلى كثيرون من البدو عن أسلوب حياتهم الصحراوي، بينما استمر آخرون فيه مثل احمد الجهالين، وهو راع شاب عمره 30 عاما.
وقال الجهالين لمراسلنا، وهو يقف على مرتفع صخري يطل على البحر الميت "بالنسبة للآخرين فان أسلوب حياتنا يبدو صعبا، ولكننا لا نستطيع أن نعيش إلا هكذا، نحن أبناء الصحراء، ولدنا فيها، ولا نستطيع العيش إلا فيها". والجهالين مثقف ومدمن قراءة، ونسج علاقات مع الكثير من الأثريين والباحثين الاجانب، ويتسلق التلال ويسير في البيداء بخفة وسرعة غزال، ولكن الصحراء تضيق عليه، ففي كل الجوانب المحيطة به، معسكرات للجيش، ومستوطنات، ومناطق تدريب وأخرى مغلقة لأسباب أمنية.
تغيرات ثقافية
ويقول احمد ان تطورات يصفها بالمهمة طرأت على حياتهم كبدو، مثل تأخر سن الزواج، ليصبح المتوسط عشرين عاما، وليس 15 أو 16 كما كان في السابق، وان كان يغلب على علاقات الزواج هو زواج الأقارب. وبعض نسائهم تمارس عملا هو اقرب إلى الفلاحة، مثل قطف النباتات البرية والعشبية التي تنمو في الصحراء، والتي أصبحت مرغوبة من قبل المستهلكين، وبيعها في أسواق المدن.
والاحتكاك اليومي بين البدو وقوات الاحتلال، يثير مشاعرا ذات طبيعة وطنية، بالمفهوم العصري، ما يجعل البدوي يشعر بانتماء يتجاوز القبيلة والصحراء. وعلى الضفة الثانية لنهر الأردن والبحر الميت، تكاد صورة البدو الذين وصلوا إلى هناك بعد هزيمة عام 1967، مختلفة بعض الشي، عن مثيلاتها غربا.
وفي شهر شباط (فبراير) الماضي وصل مراسلنا إلى مضارب عشائر الجهالين والعزازمة هناك، الذين حافظوا على طابع حياتهم الخاص ببيوت الشعر والاعتماد على الرعي، والزواج المبكر الداخلي، واتهام بعض القبائل الأخرى المستقرة في البادية الأردنية، لهم بالانغلاق، والتمرد، حتى أن كثيرا منهم يولدون ويموتون هناك دون أن يسجلوا أنفسهم في السجلات الرسمية للحكومة الأردنية. وعلى جانبي نهر الأردن والبحر الميت، تستمر الجماعات البدوية، بإصرار يبدو عجيبا، ومخالفا للتطورات الهائلة التي طرأت على العالم، في مواصلة نمط حياة لا يعرف أحد متى بدأ، في مكان يعتبر مسرحا لاشهر الصراعات العالمية.

الجمعة، 25 أبريل 2008

الجمعة العظمى..الخيانة العظمى

 

الإسرائيليون يصلون عنابة



بعد أن اغرق الإسرائيليون، سفينة ( ايتبريوس ) الفلسطينية، التي كانت ترفع علم هندوراس، واسر خمسة من الفدائيين الفلسطينيين، الذين كانوا في طريقهم لتنفيذ العملية في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، اخضع هؤلاء الأسرى للتحقيق، وبعد ثلاثة أيام، وصلت الضفادع البحرية الإسرائيلية إلى شاطيء عنابة الجزائري، وأغرقت السفينة الفلسطينية الثانية ( مون لايت )، بناء على التحقيق مع الأسرى، وليس نتيجة معلومات استخبارية إسرائيلية كما يقول يوسف الشرقاوي، متابعا حديثه عن تفاصيل العملية التي خطط خليل الوزير ( أبو جهاد ) لتنفيذها وسط تل أبيب، في مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلي، لاخذ رهائن أسرى من كبار الضباط فيها وربما وزير الدفاع نفسه، ومبادلتهم بأسرى فلسطينيين وعربا من السجون الإسرائيلية.

روايتان متناقضتان
وهنا لا بد من التوقف للإشارة إلى أن كلام الشرقاوي يناقض ما قدمته صحيفة معاريف الإسرائيلية، باعتباره كشف ينشر لاول مرة، وهو أن مهاجمة الباخرة (مون لايت)، في عنابة تم قبل إقلاع باخرة (ايتبريوس)، بعد توفر معلومات للاستخبارات الإسرائيلية حول عملية استهداف وزارة الدفاع، وهو ما ينفيه الشرقاوي بشدة.

وحسب معاريف فان الإسرائيليين علموا بمخطط أبو جهاد، ولكنه تمكن من خداعهم، والإيحاء بان سفينة (مون لايت)، هي التي ستنطلق لتنفيذ العملية، فقطعت الضفادع البحرية الإسرائيلية مسافة 2600 كيلو متر من شواطئ إسرائيل. إلى عنابة لتنفيذ العملية.

وحسب معاريف "وصلت وحدة الكوماندوز الإسرائيلية إلى ميناء عنابة بقيادة نائب الجنرال يوآف جلاند الذي اصبح اليوم قائد المنطقة الجنوبية. جلاند آت من الكوماندو البحري في الأصل. وبعد إبحار طويل وصعب لسفينة البحرية الإسرائيلية تم تفجر سفينة مون لايت بدون أية مصاعب. الصحف في حينه تحدثت عن انفجار غامض أدى إلى غرق السفينة في ميناء عنابة الجزائري. إغراق السفينة تسبب في مشاعر ارتياح كبيرة في جهاز الأمن وفي ديوان رئيس الوزراء شمعون بيرس".

واضافت معاريف "ولكن الشعور بالغرور لم يتواصل لمدة طويلة. اتباع م.ت.ف لم يجدوا صعوبة في تخمين من يقف وراء العملية. ووصلت أنباء لإسرائيل مفادها أن ابو جهاد يقول أن الذي يضحك هو من يضحك في الآخر. عبارته هذه أشعلت ضوء احمر مرة أخرى".

وتشير معاريف، انه بعد إغراق (مون لايت) في عنابة، تحركت سفينة (اتي بيريوس) من الجزائر في الرابع عشر من نيسان (أبريل) 1985. وبين 20 ـ 21 أيار (مايو) سارت نحو قناة السويس وفجأة خرجت من بين رتل من سفن التجارة وتوجهت فجأة نحو الساحل الفلسطيني المحتل. وعند الساحل كانت سفن البحرية الإسرائيلية تقوم بدورياتها فاكتشفت إحداها السفينة وطلبت منها أن تعلم عن هويتها، ولكن طاقم السفينة الفلسطينية رد بإطلاق النار، فبدأت البارجة الإسرائيلية بإطلاق القذائف نحوها وخلال عدة ثوان انفجرت وغرقت في مياه البحر.

ويعتبر الشرقاوي أن ما نشرته معاريف غير دقيق أبدا، وهو محاولة متأخرة لنسبة بطولات غير حقيقية لأجهزة الأمن الإسرائيلية، ويقول بأنه بعد التحقيق الإسرائيلي مع الأسرى الفلسطينيين الخمسة، تم تنفيذ العملية في عنابة، وليس قبل ذلك، ولم تكن ضربة استباقية بناء على معلومات استخبارية.

ويعتقد الشرقاوي، أن العملية الإسرائيلية استهدفت اكثر من سفينة، ويقول بان الأمن الجزائري تكتم على الموضوع، ولم يشر إلى تنفذ الإسرائيليين لعملية في عنابة.

ويضيف الشرقاوي بعد كل هذه السنوات "التزمنا نحن أيضا الصمت، ولكنني يمكن الان الإفصاح، انه وصلتنا معلومات بان الجزائريين تمكنوا من اسر عدد لا نعرفه من الضفادع البشرية الإسرائيلية، الذين نفذوا العملة، والاعتقاد لدي بأنه تم مبادلة الأسرى، ربما بوساطة أميركية، خصوصا وانه في تلك الأثناء بدأت عمليات غزل ما بين الجزائر والولايات المتحدة الأميركية".

ويتساءل الشرقاوي "لو كان لدى الإسرائيليين معلومات مفصلة عما نخطط له، لكانوا نفذوا إنزالا في معسكر التدريب، الذي لا يبعد سوى أمتار عن الشاطيء؟، أو لكانوا اغرقوا السفينة ايتبريوس وأبو جهاد على متنها طوال 9 أيام؟".

استخلاصات فلسطينية
بعد إغراق السفينة الفلسطينية الأولى في عرض البحر، وهي في طريقها إلى شاطيء يافا-تل أبيب، وإغراق السفينة الثانية في عنابة، فشل مخطط أبو جهاد بتنفيذ عملية غير مسبوقة، تعيد لمنظمة التحرير مكانتها، وتفرض على الإسرائيليين معادلات جديدة في الصراع.

وحسب الشرقاوي فان أبا جهاد كان يريد أن يمزج بين المفاوضات والمقاومة، وكان يتحدث للمقاتلين والمقربين منه قائلا "العمليات التي ننفذها توجه رسالة إلى الإسرائيليين بأنهم إذا أرادوا استمرار القتال فنحن على أهبة الاستعداد، وإذا جنحوا للسلم، فإننا أيضا سنكون على استعداد لذلك".

وبعد فشل العملية، بدا أبو جهاد متماسكا، كما يقول الشرقاوي، وتم إجراء تقييم لما حدث طوال عامين من التدريب القاسي والتخطيط ثم البدء بالتنفيذ، ومما تم استخلاصه، التركيز على عمليات الاستطلاع قبل تنفيذ أية عملية، وتضييق دائرة من يعلمون بالعملية في عدد محدود جدا من الأشخاص، والاستعداد الجيد، وأهمية سرعة انزلاق القوارب من الباخرة في البحر، والاتجاه إلى الهدف فورا.

ويضيف الشرقاوي "من وجهة نظري فانه في هذه العملية كان هناك قدر من النجاح، حيث استطاع الفدائيون الاشتباك مع الإسرائيليين، رغم عدم التكافؤ بين القوتين، وبالنسبة لنا فان مجرد الاشتباك في عرض البحر يعتبر نجاحا نسبيا، ولكن في المقابل، فإننا فشلنا في تنفيذ عملية مدوية، لو نجحت بالكامل وتم اقتحام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، لكان بالإمكان البناء عليها، وخسرنا 24 شهيدا من صفوة المقاتلين، وبعد تدريب وانقطاع عن عائلاتهم استمر عامين".

أبو جهاد يواصل التخطيط
ويظهر من التطورات التي حدثت لاحقا، بان أبا جهاد، استمر في التخطيط لتنفيذ عملية مدوية، وان الفشل في استهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية لم يثنه عن التفكير هذه المرة في استهداف مفاعل ديمونا، وهي العملية التي خرجت إلى حيز التنفيذ خلال الانتفاضة الأولى، وتمكنت مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين من السيطرة على حافلة إسرائيلية لنقل العاملين في مفاعل ديمونا، يوم 8-3-1988، والاتجاه بما تحمله من فنيي المفاعل إليه، قبل أن تتمكن القوات الإسرائيلية من الاشتباك مع المسيطرين على الحافلة، وإحباط الوصول إلى المفاعل النووي الإسرائيلي الذي يحظى بحراسة أمنية مشددة، بعد أن اصبح الفدائيون قريبون جدا منه، ونتج عن العملية قتل 50 من الفنيين الإسرائيليين ومنفذي العملية الثلاثة.

والاعتقاد لدى المتابعين، بان وقوف أبو جهاد شخصيا خلف عملية ديمونا، هي السبب التي جعلت إسرائيل، تقرر اغتياله، ولكن صحيفة معاريف تشير بأنه بعد العملية البحرية التي كانت تستهدف وزارة الدفاع، قررت الحكومة الإسرائيلية برئاسة شمعون بيرس في عام 1985، اغتيال أبو جهاد، وانه تم تنفيذ ثلاث محاولات فاشلة قبل الوصول إليه في تونس واغتياله في شهر نيسان (أبريل) 1988.

ويقول الشرقاوي "تميز أبو جهاد بإيمانه بالإبداع، واعطاء الفرص للآخرين، وبالشجاعة، وكثيرا ما كنا نراه وسط المقاتلين، في أثناء القصف، أو بعد عمليات إنزال إسرائيلية، وكان له دورا مهما سواء خلال عملية التوغل الإسرائيلية التي عرفت باسم عملية الليطاني عام 1978، أو خلال حصار بيروت 1982".

ويضيف "كان لدى أبو جهاد شخصية لها حضور وهيبة بين المقاتلين، ويحظى باحترامهم، وكان على تواصل دائم معهم، حتى بعد الخروج من بيروت".

ويكمل "كنا على يقين بان فشل عملية اقتحام وزارة الدفاع الإسرائيلي، لن تثنيه عن مواصلة التخطيط، ولم نفاجا بعملية ديمونا".

الرجوب كان هناك
بعد فشل عملية استهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية، خرج أبو جهاد والشرقاوي وغيرهم ممن لهم علاقة بالعملية، من الجزائر، وأصبحت تونس هي مكان إقامة أبو جهاد، وفي هذه الإثناء، ومنذ عام 1985، كانت أجهزة الأمن الإسرائيلية تجمع أية معلومات عن تحركاته، بعد أن اصبح على قائمة الموت الإسرائيلية.

وكشفت معاريف عن ثلاث محاولات إسرائيلية فاشلة لاغتياله، وذكرت "كل محاولة لاغتياله بعد عام 1985 كانت تتم بعد عملية جمع معلومات استخبارية طويلة. مع مرور السنين تراكمت معلومات كثيرة في ملف أبو جهاد وفيها تفاصيل نمط حياته. في إحدى الحالات سافر أبو جهاد خلال أيام طويلة في سيارة مفخخه بالقنابل ولكن هذه القنابل لم تنفجر لسبب ما وهناك شك طبعًا انه كان يعرف بالأمر حتى بعد الفشل، وفي حالة أخرى أطلق الرصاص على مكان يتواجد فيه أبو جهاد. وفي مرة أخرى انفجر صاروخ ولكن الهدف لم يتضرر مرة أخرى".

أما الشرقاوي فيشير إلى نجاة أبو جهاد من عدة عمليات اغتيال إسرائيلية، ويكشف عن إحدى هذه العمليات، حين قصف الإسرائيليون من البحر سيارته التي يقودها في طرابلس، برشقة من صواريخ جراد، ولكنه واصل السير رغم العطب الذي أصاب إطارات السيارة ونجا.

ولكن الإسرائيليين، لم يتوقفوا، وكانت لديهم مهمة لا تقبل التأجيل، فتم الوصول إلى أبي جهاد أخيرا، وبعد ثلاث سنوات من اتخاذ قرار اغتياله، إلى مكان سكناه في تونس العاصمة، في عملية محكمة، ليودع الرجل الذي تجرا على تجاوز الخطوط الحمراء الدنيا يوم 16-4-1988، دون أن تكتحل عيناه مرة أخرى بمسقط رأسه مدينة الرملة التي ولد فيها عام 1936، واصبح لاجئا في غزة وعمره 12 عاما.

وعندما تم اغتيال أبو جهاد، كان الشرقاوي، في مخيم شاتيلا في لبنان، في ظل ظروف من الاقتتال الفلسطيني-العربي هذه المرة.

ويقول الشرقاوي "قبل عملية اغتيال أبو جهاد بـ 48 ساعة، تحدثت معه تلفونيا من مخيم شاتيلا، لمدة 40 دقيقة، وكان الحديث عن الأوضاع في المخيمات، واذكر انه شدد كثيرا على الوحدة الوطنية، وقال لي بأنه يجب الان التركيز على الأرض المحتلة التي تشهد انتفاضة، وبأنه يجب تعزيز صمود الأهل هناك، وطلب مني محاولة التخفيف من حدة الصراع الذي كان تشهده المخيمات مع القوى التي تحاصرها، قائلا بان الصراع الأساسي هو مع العدو الإسرائيلي، ويجب تجنب أية صراعات أخرى، لأنها لا تخدم هدفنا الأول وهو دحر الاحتلال".

ويضيف الشرقاوي "بعد أن استمعت إلى توجيهات أبو جهاد، قال لي فجأة بان جبريل الرجوب، عندي في المنزل، ويريد أن يتحدث معك، وهو يشكرك على ما فعلته معه، وكان أبو جهاد يقصد المهمة التي كلفني بها في وقت سابق بإدخال الرجوب من البقاع إلى مخيم شاتيلا، في ظروف صعبة من الاقتتال كما ذكرت سابقا".

ويشير الشرقاوي، إلى انه تحدث مع الرجوب، بعد أن تحدث مع أبو جهاد، ولم يكن يعلم أحد، بان الكوماندوز الإسرائيليين، كانوا اقرب من أي وقت مضى من الرجل الثاني في حركة فتح، لينهوا حسابا معه، في عملية لم تعترف بها إسرائيل حتى الان، وشارك فيها ميدانيا الكثير من قادتها المشهورين مثل اسحق رابين، وايهود باراك، وموشيه يعلون، الذي تتحدث معلومات حديثة على انه من أطلق الرصاص على أبو جهاد لتأكيد موته.

http://65.17.227.80/ElaphWeb/Politics/2008/4/324729.htm

الخميس، 24 أبريل 2008

في الطريق الى تل ابيب



إستعدت صحيفة معاريف العبرية، جيدًا لذكرى إغتيال خليل الوزير العشرين، ونشرت في أوائل شهر نيسان (الجاري) ملخصًا لتقرير نشرته كاملاً لاحقًا، عن المحاولات الإسرائيلية لاغتيال الوزير (أبو جهاد). وتطرق التقرير إلى عملية خطط أبو جهاد لتنفيذها في قلب تل أبيب، تستهدف وزارة الدفاع الإسرائيلية نفسها. وأشار معد التحقيق عمير ريبروت إلى ما وصفها تفاصيل يتم الكشف عنها لأول مرة عن تلك العملية، التي أحبطتها إسرائيل في شهر أيار/ مايو 1985، وكانت السبب، على الأرجح الذي جعل إسرائيل تخطط لاغتيال أبو جهاد، والذي تم بعد ثلاثة أعوام في تونس العاصمة، اثر ثلاث محاولات اغتيال فاشلة وفقًا لمعاريف.

وعن هذا الموضوع تحدث لـ "إيلاف"، العميد يوسف الشرقاوي، أحد الذين شاركوا في الإعداد للعملية، التي لو نجحت، لشكلت اختراقًا فلسطينيًا هو الأكبر، في الصراع الطويل مع إسرائيل. وكذب الشرقاوي ما نشرته معاريف عن خرق استخباري إسرائيلي في ما يخص العملية المذكورة، مقدمًا رواية مختلفة تمامًا. وما كشف عنه الشرقاوي يختلف في تفاصيل كثيرة، عمّا ذكرته معاريف، وهي تفاصيل تنشر لأول مرة، ومن مصدر معروف، بخلاف تقرير الصحيفة الإسرائيلية، الذي اسند إلى مصادر فلسطينية وإسرائيلية مجهولة.

رجل يهجس بالبحر

ويقول الشرقاوي ان أبا جهاد كان يولي أهمية كبيرة لعمليات تنفذ داخل إسرائيل، من خلال البحر، مثلما فعل في عملية فندق سافوي في تل أبيب عام 1975، وعملية الشهيد كمال عدوان، المعروفة إعلاميا باسم عملية الشهيدة دلال المغربي في عام 1987، والتي تمكن خلالها مجموعة من الفدائيين السيطرة على حافلة اسرائيلية بعد وصولهم الى تل ابيب عبر البحر الابيض المتوسط من لبنان.

ويشير إلى أن أبا جهاد، كان خبر شاطئ يافا في صغره، وخطط لإرسال مجموعات فدائية في منطقة كان يسبح فيها، على شاطئ يافا، يسهل التسلل منها إلى تل ابيب، وهو ما حققه من خلال عملية دلال المغربي. ويقول الشرقاوي، ان أبا جهاد كان رجلا هاجسه البحر، فهو الرجل الأول المسيطر على قوات البحرية الفلسطينية، و بعد أن قتل، يروي الشرقاوي بأنه زار منزله في تونس، ورأى على الحائط صورة تجمع بين أبو جهاد والمناضل الاممي جيفارا، وعندما استفسر علم، بان الاثنين اجتازا دورة ضبط بحري في كلية تشرشال في الجزائر، وكان ذلك قبل عام 1964.

وخلال حصار طرابلس في عام 1983، فكر أبو جهاد بتنفيذ عملية في قلب تل أبيب، الهدف منها إرسال رسالة قوية إلى العالم والى اسرائيل وللشعب الفلسطيني ايضا، بأن منظمة التحرير التي تعرضت آنذاك للحصار، ما زالت موجودة وقوية ومستمرة في الكفاح. وحسب الشرقاوي، فإن أبا جهاد ابلغ اثنين بالعملية، أحدهما الشرقاوي نفسه إضافة إلى نائب في المجلس التشريعي الفلسطيني حاليا، كان يتولى مسؤوليات فيما يسمى القطاع الغربي داخل حركة فتح، وهو القسم الخاص بالارض المحتلة.

ويقول الشرقاوي "كانت الخطة، انه في أثناء خروجنا من طرابلس، بالسفن، برعاية فرنسية أن تجنح إحداها عن الخط المرسوم لها، وتقصد شواطئ الأراضي المحتلة، وتنفذ عملية يكون لها صخب إعلامي، وتبث الروح المعنوية في شعبنا، الحزين لمرأى مقاتليه وهم يغادرون طرابلس". وكان أبو جهاد متحمسًا لهذه الخطة، لان الشواطئ الفلسطينية لا تبعد عن طرابلس سوى 80 ميلاً، وهو ما يسهل العملية إلى حد كبير.

ويضيف الشرقاوي "مسألة تنفيذ عملية ضد الاحتلال، في ظل ظروف صعبة، ليست جديدة على حركة المقاومة الفلسطينية، ومثلا خلال حصار الفدائيين، في أحراش جرش وعجلون في الاردن عام 1971، خطط القائد المحاصر أبو علي اياد لتنفيذ عملية في الأراضي المحتلة، وهو ما تم بقصف منطقة بيتح تكفا بصواريخ جراد من جبال طمون". ولكن خطة أبو جهاد لم تر النور، والسبب كما يقول الشرقاوي "تمكن الإسرائيليون من اعتراض باخرة فلسطينية محملة بالدبابات والمدافع كانت متجهة إلى اليمن، والاستيلاء عليها، مما جعل أبو جهاد يغض النظر عن الخطة ويؤجلها إلى ظروف مواتية".

تدريب في بحر الجزائر

ووصل المحاصرون الذين خرجوا من طرابلس، راكبين البحر، إلى الجزائر، وكانت خطة أبو جهاد ما زالت طازجة بالنسبة إليه على الرغم من إدراكه، أنها تشكل تجاوزًا للخطوط الحمراء، في الصراع مع اسرائيل. ومسار الخطة هو الوصول الى الشاطئ الفلسطيني، ثم السيطرة على حافلة واقتحام مقر وزارة الدفاع الاسرائيلية، واخذ رهائن لمبادلتهم باسرى فلسطينيين وعرب يتم اطلاق سراحهم في الجزائر. وتم اختيار 28 شابًا فلسطينيًا، تتراوح أعمارهم ما بين 20-30 عامًا، وهم من أفراد النخبة المسماة الخدمة الخاصة، لينفذوا العملية التي خطط لها أبو جهاد، ويقول الشرقاوي "كلفني أبو جهاد بمهمة تدريب الشبان، وهو التدريب الذي استمر 14 شهرًا".

ولكن على ماذا تدرب هؤلاء الشبان وأين؟

أجاب الشرقاوي على أسئلة ايلاف، وهو ما يكشف عنه لأول مرة "أقمنا معسكرنا التدريبي على شاطئ البحر في وهران، وكان الهدف ان يتعود المتدربون على التعايش مع البحر. كانوا ينزلون إلى البحر خمس مرات في الأسبوع ويمكثون في وسطه لفترات طويلة". وكشف انه خلال التدرب توفى اثنان من المتدربين، عندما كان الجميع في البحر، وفجأة ساءت الأحوال الجوية، وارتفع الموج، وحاول الاثنان أن يمسكا بالزوارق دون جدوى، ونجا 26 من المتدربين بينما فقد الطاقم اثنين وهما حسب الشرقاوي: أبو فايز، وشحادة، وبعد ثلاثة أيام عثر على جثتيهما على بعد نحو 60 ميلا من مكان التدريب.

وحسب الشرقاوي، فإن وفاة اثنين من الطاقم ألقى بظلاله على المعسكر، خصوصًا أن احدهما وهو شحادة، كانت موكلة إليه مهمة أن يكون الدليل في تل أبيب، لانه يعرف هذه المدينة جيدًا وكان سبق له أن عمل فيها. وإضافة إلى التدريب في البحر، فان الطاقم تلقى تدريبا يصفه الشرقاوي بالقاس، وهو خاص باقتحام المدن.وعن ذلك يشرح الشرقاوي "الإنزال البحري، تكون من ثلاثة مراحل، الأولى الإبحار، والثانية النزول من البواخر، والثالثة ركوب في الزوارق الازوديك، وهي نفس تلك التي كان يستخدمها الإسرائيليون، ولدى الاقتراب من الشاطئ، يأخذون بالتجديف، ولدى وصولهم كان عليهم تخريب الزوارق ودفنها حتى لا يتم كشفها، والاستعداد لخوض أي معركة محتملة في المدينة".

ويقول الشرقاوي "القتال في المدن من اصعب أنواع القتال، بعد قتال الصحراء، لأنه يعتمد على احتلال موطئ قدم، ثم التصعيد خطوة خطوة، وخلال تدريب المجموعة، تعلموا إطلاق النار بكثافة، وكنا نعرضهم لإطلاق نار من جانب مجموعة أخرى، وتعلموا أيضًا إطلاق اكثر من 10 قذائف ار بي جي مرة واحدة، وكنت افتح قنبلة وارميها عليهم، وكان يتوجب على أي منهم إمساكها باليد وردها".

وتدربت المجموعة على اقتحام منطقة تحاكي مستوطنة إسرائيلية، وتم ذلك في منطقة في الجزائر، رفض الشرقاوي الكشف عن اسمها. وتدربت المجموعة أيضًا على السير لمسافات طويلة، وحسب الشرقاوي فانهم ساروا في احدى المرات 27 ساعة متواصلة قطعوا فيها 94 كيلومترًا، وكان الهدف من هذا التدريب، هو إمكانية سيرهم على الأقدام من الشاطئ الفلسطيني إلى الأردن، في حالة اي طارئ.

وخلال التدريب كان الجزائريون يراقبون من بعيد، ولكنهم وكما يقول الشرقاوي لم يكونوا يعلمون الهدف الذي يتم من اجله التدريب. وخلال التدريب زارهم أبو جهاد 4-5 مرات، وكان يقدم لهم تعبئة فكرية، واطلق على العملية اسم (فتح مرت من هنا)، وقال لهم إذا وقع أي منكم في الآسر فليقل لرابين بان أبا جهاد هو من بعثنا وسيبعث غيرنا.

وعلق الشرقاوي مفسرا "كان في ذهن أبو جهاد ما حدث مع الفدائي حسين فياض الذي اسر خلال عملية دلال، وقابله ديان مرتين، لذا فإن أبا جهاد كان يتوقع أن يلتقي أي من القادة الإسرائيليين بأفراد من المجموعة في حالة اسرهم، وكان معنيا بتوجيه رسالة قوية للإسرائيليين، بأنه لا يخاف منهم".

9 أيام في عنابة

في وقت ما قبل التدريب أو في أثنائه، وبينما كان الشرقاوي وفريقه يجابهون البحر، لمدة 14 شهرا في تدريب قاس منقطعين عن العالم، فان أبا جهاد ابتاع سفينتين واطلق عليهما اسمي (ايتبريوس) و(مون لايت)، وكانت تجوبان البحر، ما بين الجزائر، ومصر، ولبنان، وقبرص، لتعويد سلاح البحرية الإسرائيلية على الأمر. وبعد أن تم انتهاء التدريب، انتقل الشرقاوي وفريقه إلى عنابة إلى ظهر السفينة، ومكثوا هناك في عمليات استعدادية نحو 9 أيام، لتجهيز الطاقم والسلاح، بوجود أبو جهاد، الذي اشرف على الخطوط الأخيرة للعملية، وبقي معهم طوال تلك الفترة.

واعطى أبو جهاد، المجموعة الأوامر الأخيرة، وتدارس معهم كيفية اقتحام وزارة الدفاع الاسرائيلية، من خلال الشرح على مجسم لها تم إعداده، من خلال صور جوية، والطلب منهم العمل على اسر اكبر عدد من الضباط. يقول الشرقاوي "كان أبو جهاد واثقا من نجاح العملية بنسبة 90%، وبالنسبة إلينا فإن أهم مسالة هي النزول إلى الشاطئ، والباقي تفاصيل، حتى لو اشتبكوا مع العدو بعد نزولهم".

وحدد أبو جهاد للمجموعة التي عين الشيخ نبيل الهرش (30 عامًا) قائدًا لها، مكان النزول في جنوب يافا، في مكان كان يسبح فيه وهو صغير، كما اخبرهم، ويتميز بالهدوء، وهو المكان نفسه الذي تسللت منه مجموعة دلال. وكان أبو جهاد يريد استخلاص العبر من عملية دلال، فالمشاركون فيها، نزلوا من الباخرة على بعد 80 ميلاً عن الشاطئ الفلسطيني، ومكثوا في البحر ثلاثة أيام، قبل أن يصلوا إلى الشاطئ أخيرًا، وناموا من التعب لمدة سبع ساعات دون أن يكتشف أمرهم.

وتحركت السفينة في منتصف شهر نيسان (أبريل) عام 1985، بقيادة القبطان واسمه الأول عبد الناصر وهو من القدس، ونادر شديد الذي يصفه الشرقاوي بـ "خيرة ضباط البحرية الفلسطينية"، وكانت الباخرة على اتصال قليل مع ابي جهاد فقط، وحسب تقديرات الشرقاوي واستخلاصاته فيما بعد، فإنها وصلت على بعد 30 ميلاً من الشواطئ الفلسطينية، عندما تنبه سلاح البحرية الإسرائيلية، وطلب التعريف بها وبطاقمها، فرد هؤلاء بإطلاق النار، فما كان من الإسرائيليين إلا إطلاق 42 قذيفة أدت إلى إغراقها، ونجاة خمسة وقعوا أسرى هم: أبو العبد عفانة الذي مات مؤخرًا في ظروف يصفها الشرقاوي بالغامضة في الأردن في حادث سير، وضرار، وحسام، وأبو حفيظ، وضياء.

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2008/4/324285.htm

الأربعاء، 23 أبريل 2008

ميشيل صباح..بطريرك الفلسطينيين



عندما أصبح ميشال صباح، بطريرك الكنيسة اللاتينية في الأراضي المقدسة، وكأول عربي يتبوأ هذا المنصب الرفيع، قبل نحو عشرين عاما، وعاد إلى منزله العائلة في مدينة الناصرة، أطلقت والدته، مثل أية ام فلسطينية فرحة بابنها، زغرودة مجلجة، والان يحظى صباح الذي يودع منصبه، بزغاريد عديدة في الاحتفالات التكريمية، التي تنظم له، بعد أن اصبح رجل الدين الفلسطيني، الأكثر احتراما، من بين عدد لا يمكن إحصاءه من رجال الدين المسلمين والمسيحيين، في بلاد يصطبغ تاريخها، باختلاط الدين بالسياسة، بشكل لا يمكن العثور عليه في أي مكان آخر، حتى أن بعض الكتب المقدسة ما زالت معتمدة كتاريخ لها.

ووصل صباح كأول عربي فلسطيني إلى منصبه الحساس، في ظروف حساسة أيضا ليس فقط في تاريخ فلسطين، ولكن في تاريخ البطريركية اللاتينية، التي تتبع بابا الفاتيكان، الذي يقف على راس مؤسسة، كان لها مع الشرق حسابا عسيرا لم يغلق حتى الان، رغم أنها أغلقت حسابات أخرى، مثلما فعلت بتقديمها الاعتذارات للكنيسة اليونانية الأرثوذكسية، على ما اقترفه الصليبيون من مجازر مروعة. وارتبط تاريخ الكنيسة اللاتينية، في فلسطين، بالنصر الذي أحرزه الصليبيون، على الحامية الفاطمية في القدس عام 1099م، في مشهد تاريخي، ما زالت أصداؤه تتردد حتى الان في جنبات المدينة المقدسة، ويظهر في التنوع الفريد خصوصا في أوساط الطوائف المسيحية.

في تلك الأيام، كان مسيحيو فلسطين من الأرثوذكس، ومثل مسلمي المدينة، كانوا ضحية لإحدى المجازر الشهيرة في التاريخ، عندما استباح الفرسان الإقطاعيون الغربيون الذي يحملون شارات الصليب، مدينة القدس، وقتلوا اكثر من 100 ألف من سكانها، ومعلنين تأسيس مملكة القدس اللاتينية، مسيطرين على الحرم القدسي الشريف، وكنيسة القيامة، التي كان حماية القبر المقدس فيها، عنوانا لذاك اللقاء الدامي بين الشرق والغرب، والذي دام نحو 200 عام، ظهر خلالها على مسرح الأحداث شخصيات قدر لها أن تلعب ادورا تاريخيا مهمة، وكذلك ظهر مؤمنون وأفاقون ورجال دين ومجرمو حرب، وقوى عديدة ومثيرة، ومع تمكن عناصر محلية، كانت في تلك المرة المماليك، من طرد آخر الصليبيين، زال الوجود المادي للكنيسة اللاتينية ليس من فلسطين فقط، ولكن من جمع بلاد الشام.

ولكن الجانب المعنوي في المسالة ظل مستمرا، وبقي البابا يعين بطريركيا للقدس، كمنصب فخري مقره في بازيليك سان لورينزو فوري لومورا في مدينة روما. وفي ظروف مختلفة تماما، وبعد أن ساد اعتقاد واسع لدى أصحاب القرار في الغرب، بان أحلام الحروب الصليبية الحربية ولى زمنها، وانه يمكن استبدالها بحروب صليبية سلمية، وصل إلى فلسطين في عام 1847م، رجل الدين الإيطالي جوزيف فاليرجا، ليكون أول بطريرك للكنيسة اللاتينية في القدس والأرض المقدسة، وتم ذلك في ظروف دولية مواتية آنذاك، وبموافقة الباب العالي العثماني، الذي كانت تخلخله الرباح بقوة، حتى سقط نهائيا بعد ذلك.

وقدر لفاليرجا أن يلعب دورا مهما، من خلال منصبه الجديد، وسط أبناء طائفته التي كانت تكبر، ومعظمهم من العرب. وما بين عامي 1847-1987، توالى على منصب البطريرك 7 من رجال الدين الأجانب، في حين أن الطائفة العربية اللاتينية، لم تكف عن التعبير عن عروبتها ومواقفها الوطنية، وبرزت منها شخصيات قيادية عديدة في مسيرة العمل الوطني الفلسطيني الناهض في ظل الانتداب البريطاني، ولاحقا في حركة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وامتد ذلك حتى إلى رجال الدين العرب منهم، مثل الأب إبراهيم عياد، الذي ارتبطت حياته بتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، وتم اعتقاله في الأردن، على خلفية اتهامه بالتورط في عملية اغتيال الملك عبد الله الأول، وفي فترة المنفى كان يحلو للصحافة الغربية أن تصفه بالراهب الأحمر، لمواقفه المناهضة للاستعمار، ولتأييده لثورة الخميني، ومن خلال موقعه وسط الجاليات الفلسطينية في الخارج، أسس عدة مساجد في دول أوروبية مستغلا مكانته كرجل دين مسيحي.

واستمر الغربيون يقودون الكنيسة اللاتينية، حتى حدث ما اعتبر انقلابا، لم يكن متوقعا، وان كان أتى في وقته تماما، عندما عين البابا رجل الدين الفلسطيني ميشيل صباح، ليجلس على كرسي بطريركية القدس التي يمتد نفوذها إلى الأراضي الفلسطينية، وإسرائيل، والأردن، وقبرص. ولم يكن افضل من صباح (ولد في الناصرة في 19 آذار (مارس) 1933)، الأكاديمي والباحث والمترجم والمجاز في الثقافة الإسلامية واللغة العربية، ليكون أول عربي يجلس على كرسي بطريركية القدس، منذ اكثر من ألف عام.

وبدا كأن وصول صباح، إلى كرسي البطريركية، كأنه موعدا مع القدر، ففلسطين كانت تغلي على وقع الانتفاضة الأولى، وسط حلم فلسطيني متنام، بأنها ستكون انتفاضة الاستقلال والدولة التي طال انتظارها. وتوفرت للبطريرك الجديد، فرصة ليعبر عن توجهاته، فاعد خطابا ليلقيه، في أول قداس سيترأسه، في كنيسة المهد بمناسبة أعياد الميلاد، وهو أمر لم يكن معتادا من قبل البطاركة الذين سبقوه، وبطريقة ما وصل الخبر إلى الإسرائيليين، الذين اتصلوا بالفاتيكان، غاضبين، واصر صباح على موقفه، ردا على استفسارات الفاتيكان، ووقف على مذبح الكنيسة، ليعلن لرعيته وللفلسطينيين موقفه الرافض للاحتلال، وليتحول بعد ذلك إلى وجه معروف على الساحتين العربية والعالمية، مدافعا عن حقوق شعبه، وعاملا بدون كلل لتقصير عمر الاحتلال.

وبدا صباح كنوع جديد من رجال الدين العرب، مازجا بين خلفيته اللاتينية الغربية، وفلسطينيته العربية، فظهر منظما، وازنا لكلامه، لا يحب الصراخ، ومبتعدا عن الشعارات، مثلما يفعل الآخرون من رجل الدين الأرثوذكس وعلماء الدين المسلمين، منكبا على العمل، ومتعدد النشاطات، وشغوفا بالقراءة والبحث، مجيدا لعدة لغات.

وخطا صباح خطوة متقدمة بشان كنيسته، فهي وان كانت تتبع الفاتيكان، إلا أنها أصبحت عضوا في مجلس كنائس الشرق الأوسط، وتعرف من قبله الان بأنها كنيسة وطنية من كنائس العالم العربي تلعب دورا هاما بنقل وجهات النظر بين العالمين الإسلامي والغربي. وقاد صباح المسيرات السلمية المنددة بالاحتلال، وفي كل عام، وبمناسبة عيد الميلاد، يلتقي الصحافيين، في مقر البطريركية بالقدس، قبل توجهه إلى بيت لحم لترؤس الاحتفالات، ليقرا عليهم رسالة الميلاد، التي تؤكد على حقوق شعبه الفلسطيني.

وبعد تأسيس السلطة الفلسطينية، ارتبط بعلاقات وثيقة مع ياسر عرفات، أول رئيس لها، رغم التباين الواضح في شخصيتي الاثنين، واصبح عرفات يحضر قداس منتصف الليل، الذي يترأسه صباح، وعندما منعت إسرائيل عرفات من الوصول إلى بيت لحم، احتفظ صباح بكرسي له واضعا عليه كوفية عرفات الشهيرة، وقبل بذلك بأيام كان يزور عرفات في مقره، ليدعوه رسميا لحضور الاحتفالات.

وتمكن صباح من نسج علاقات واسعة مع مواطنيه المسلمين، وحظي بشعبية وسطهم، وزار عدة مواقع، من بينها مخيمات اللاجئين، واعلن في خطاب ألقاه في مخيم الدهيشة، قرب بيت لحم، بأنه هو أيضا أحد اللاجئين، وبفضله تم إدراج المخيم على قائمة الأماكن التي زارها البابا يوحنا الثاني، في زيارته التاريخية للأراضي المقدسة في عام 2000.

ولم تكن مسيرة صباح في كرسي بطريركية القدس، تخلو من منغصات أثرت على الوضع الداخلي الفلسطيني، مثلما حدث من حرق كنائس بعد تصريحات البابا الحالي بنديكتوس السادس عشر، التي فهم منها الإساءة للإسلام. وتعامل صباح مع موجة الغضب التي اجتاحت العالم العربي، والأراضي الفلسطينية، بتعقل ولكن بحزن، فهو كليبرالي، دافع عن حق البابا في قول ما يريد في محاضرته، معتبرا أن بنديكتوس السادس عشر، اقتبس كلاما من أحد الكتب، وانه تم إخراج الكلام عن سياقه، وفي الوقت ذاته نجح في تطويق أحداث حرق الكنائس في شمال الضفة الغربية، باعتبارها حوادث فردية، ولم يسمح لأية قوى باستغلالها للطعن في علاقات المسلمين والمسيحيين في فلسطين.

واعلن صباح، استغرابه، من موقف رجال الدين الأرثوذكس، الذين وجهوا انتقادات حادة للبابا، مؤكدا على أهمية تجاوز ما حدث. وخلال مسيرته الطويلة، تولى صباح مسؤوليات عديدة رفيعة محليا وعربيا وعالميا، ووضع عدة كتب، وساهم في ترجمة أعمال تاريخية واثرية، وله جهد أكاديمي من خلال ترؤسه لجامعة بيت لحم. وبمناسبة بلوغه الخامسة والسبعين، وهي سن التقاعد الكنسي، غادر صباح الكرسي الاورشليمي، الذي جلس عليه، بطريركا لطائفة واحدة، وتركه "بطركا" لجميع الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، كما يسمونه، وليتفرغ لاعماله البحثية والفكرية، تاركا خلفه على الكرسي الأب فريد الطوال وهو ابن لعائلة أردنية لاتينية، ليصبح ثاني عربي يجلس على الكرسي.

وقبل مغادرته كرسي البطريركية وجه صباح رسالة للفلسطينيين، مؤكدا على الأسلوب النضالي الذي آمن به "مثل كل الفلسطينيين علينا أن ندفع الثمن لاسترجاع حريتنا السياسية والاقتصادية والدينية وذلك من خلال مقاومة تدخل في منطق المحبة، مقاومة غير عنيفة". وردا على سؤال لايلاف حول جدوى هذه المقاومة السلمية، في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية الطاغية، قال صباح بان الطرق السلمية في مواجهة الاحتلال لم تجرب بشكل واسع حتى يتم الحكم عليها بأنها فشلت.
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2008/4/324006.htm

الثلاثاء، 22 أبريل 2008

اعياد الربيع الفلسطينية



تكتسي أعياد الربيع في فلسطين، طابعا دينيا، رغم انها تعود إلى زمن اقدم بكثير من ظهور الأديان التوحيدية الثلاثة، واستمرت، بتأويلات مختلفة، معها.
ويواصل المواطنون، بشكل غير مخطط أو واع، طقوس الاحتفالات بقدوم الربيع، كما مارسها أسلافهم منذ آلاف السنين، ولكن هذه المرة تتخذ طابعا دينيا.
وما زال الفلسطينيون يستخدمون عبارات تعود للآلهة القديمة الكنعانية والفنيقية، فيما يخص التقويم الزراعي الفلسطيني، الذي يكاد يكون مجهولا، حتى في أوساط المثقفين، ومفردات أخرى في الاستخدام اليومي، فمثلا اكثر ما يتردد الان على السنة الفلاحين الفلسطينيين الان، هو خشيتهم من خسارة محققة في الزراعة البعلية، التي تعتمد على الأمطار، والإشارة هنا واضحة إلى (بعل) اله الأمطار والرعود، الذي مضى عهده منذ زمن ولكنه بقي حيا في مصطلح يتداول بشكل دائم، والأمر أيضا ينطبق على لفظة (معشرة) للإشارة إلى حمل إناث الأغنام والبقر والدواب، والإشارة إلى (عشتار) آلهة الخصب، وتوجد بعض الألفاظ التي أصبحت جزءا من اللغة الفصيحة، منذ زمن غير معروف، مثل (عانة) للإشارة إلى شعر اسفل البطن، ويعتقد انها اشتقت من اسم الآلهة (عناة) الكنعانية.
ورغم ان العالم اجمع، يرنو إلى فلسطين، في نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، وهو موعد بدء فصل الشتاء، والأمطار والخير، بسبب أعياد الميلاد، التي تحظى بتغطية إعلامية كبيرة، إلا ان الأهم بالنسبة للسكان المحليين، والحجاج هو أعياد الفصح، التي تنطلق منذ بداية الربيع، وتتواصل طوال شهر نيسان (أبريل).
وتمكن الغربيون، من جعل عيد الميلاد الشتائي، هو الأكثر صخبا في العالم، والذي يعرف بالكريسماس، وعلى هامشه أقيمت صناعة خاصة به، واجترحت رموز له اتخذت طابعا عالميا، مثل (البابا نويل)، إلا ان الغربيين انفسهم، الذين نجحوا في تسويق ثقافة الكريسماس عالميا، وفي الشرق الأوسط، يقصدون الأراضي المقدسة، في أعياد الفصح الربيعي، وفي الظروف المواتية سياسيا، تكون حجوزات الفنادق الفلسطينية والإسرائيلية كاملة، بعكس الأمر في أعياد الميلاد، حيث تكون الأرض المقدسة تستعد لدخول ما يسمى محليا (الأربعينية) وهي أقسى أربعين يوما في فصل الشتاء.
ويشارك الفلسطينيون، والإسرائيليون، بمختلف أديانهم وطوائفهم بأعياد الربيع، والتي تبدأ مع عيد الفصح وفقا لتقويم الطوائف التي تسير على الحساب الغربي، واكثر مظاهر هذه الاحتفالات شعبية، هو ما يطلق عليه اسم (خميس البيض)، في ثاني يوم خميس من شهر نيسان (أبريل)، حيث تعمد الفلسطينيات المسلمات والمسيحيات، بصبغ بيض الدجاج، وبطرق بدائية، ومن مواد متوفرة في الطبيعية، مثل قشر البصل والأعشاب الخضراء، ويتم تبادل هذا البيض بين العائلات، والجيران.
والأكثر فرحا بهذا البيض الملون هم الأطفال، الذين ينتظرون خميس البيض بشوق، ليتبارزوا في عمليات كسر البيض، الذي يبدأ يتوفر بكميات اكثر من شهر الشتاء المنصرف، مع ازدياد خصوبة الدجاج في الربيع.
وفي زمن مضى، كان صبغ البيض يتم، ضمن طقوس، حيث يعمد الأطفال إلى المنازل، فيما يشبه الكرنفال الاحتفالي، لجمع البيض، وهم يغنون ويهزجون، ثم صبغه بشكل جماعي.
ولا يقتصر شهر نيسان، على خميس واحد، هو خميس البيض، ولكن لكل يوم خميس منه اسم مقرون باحتفال، وكان يطلق عليه اسم شهر الخميس أو (شهر الخمسيات) وجميعها، على الأغلب مقرونة بعبادات وتقاليد قديمة، تعود لزمن تعدد الآلهة الوثنية، ومن بين هذه الخمسيات مثلا، خميس مخصص للحيوانات، تحية للأبقار والأغنام وحليبهن، وخميس الفتيات، أو عيد النيروز، ولا تغيب دلالة الاسم وعلاقتها بمناسبات في دول وحضارات مجاورة (الفارسية والكردية والمصرية).
وكانت الفتيات يذهبن في الليل، أو عند الفجر إلى حقول الحنطة النامية، والى الجبال لجمع الورود، ووضعها في الماء، لغسل شعورهن وأجسادهن، ولكي "يستحممن بالندى"، وهو تعبير مجازي، حين تذهب النساء مبكرا في هذا الشهر الربيعي وتكون رطوبة الندى عابقة في الأجواء تلصق بالأجسام فيقال للتي تحظى بذلك "كأنك استحممت بالندى".
وفي بعض القرى الفلسطينية، كان يطلق على هذا الاحتفال، جمعة البنات، أو الجمعة الطويلة، وفيه يخرجن زرافات إلى مكان محدد خارج القرية، وهن يجمعن النباتات ومعهن البيض الملون، للاحتفال، ويكون ذلك مناسبة لاعلان انثوي صاخب عن وجودهن، بعد البيات الشتوي الذكوري.
ويطلق أيضا على شهر نيسان، شهر الجمعات، لان لكل جمعة فيه مناسبة، واسم، ومنها مثلا (جمعة الحزانى) الخاصة بالنساء الوحيدات كالأرامل والعجائز واليتيمات والعزباوات اللواتي فاتهن سن الزواج، وكذلك (جمعة الأموات) التي يمكن ان تذكر بالجمعة العظيمة في الطقوس المسيحية الحالية.
ويتمنى الفلاح الفلسطيني في هذا الشهر المعتدل الحرارة مزيدا من الأمطار، وتلاقي شمسه استحسانا ويقول الفلاح "شمس شباط لكنتي، وشمس آذار لبنتي، وشمس نيسان لستي" إشارة إلى ان المسنين يستطيعون الجلوس في الخارج مستندين على الجدران، ويقال في هذا الشهر أيضا "في شهر الخميس الصبية بتمللي القميص" إشارة إلى انه شهر صحي تنمو فيها الأشياء، والأحياء، وتعلن فيه الصبايا عن انوثتهن، واللواتي كن يجدن فرصة للاختلاط والتعرف على الجنس الآخر، خلال خميسهن النيساني، أو جمعتهن الطويلة.
وفي هذا الشهر، يوجد خميس مخصص للأموات، وكذلك جمعة لهم، لتذكرهم، واحتفالات الفصح هي أصلا، إحياء لذكرى تضحية المسيح وخلاصه، صلبه وموته، وفقا للعقيدة المسيحية، ثم قيامته، ورفعه إلى السماء، وهو ما يعني ان الله قبل التضحية، ويمكن تلخيص فلسفة الموت والاحتفال الربيعي هذا بجملة (وطأ الموت بالموت) التي تتكرر في الصلوات الكنسية.
ومن المفارقات، ان شهر نيسان، بالإضافة إلى كونه شهر الاحتفالات والتفتح، هو أيضا الشهر الذي يرتبط بأذهان الفلسطينيين، بأكثر الحوادث دموية، على الأقل في تاريخهم المعاصر، ومنذ بدء الغزوة الصهيونية لبلادهم، مرورا بالانتفاضات، والثورات، والاعدامات، في زمن الانتداب البريطاني، حتى حرب 1948، التي أفضت إلى نكبة ما زالت مستمرة، والاغتيالات الشهيرة التي نفذتها إسرائيل ضد قيادتهم، ومشاركتهم في الحرب الأهلية اللبنانية، وحتى ما يجري الان في غزة.
والالتفات إلى أهمية احتفالات الربيع، ليست جديدة، على الهوية الثقافية العربية الإسلامية في فلسطين، وتعود إلى القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي خلد اسمه، بنصره على الصليبيين، في القدس، مقوضا مملكة القدس اللاتينية، وان كان سوء تخطيطه الاستراتيجي، أمد في عمر الاستيطان الفرنجي، في المشرق العربي، نحو مائة عام إضافية.
ويعود لصلاح الدين الفضل، في اجتراح احتفالات إسلامية-مسيحية ذات طابع وطني محلي، تتزامن مع احتفالات عيد الفصح، واطلق عليها اسم مواسم، مثل مواسم: النبي موسى في برية القدس، وموسم النبي روبين قرب يافا، وموسم النبي صالح قرب الرملة، وموسم المنطار في غزة، وغيرها.
ولم يكن الهدف السياسي متواريا لدى صلاح الدين، حيث كانت هذه المواسم بمثابة، استنفار شعبي، للرجال والنساء، في المناطق الفلسطينية الرئيسية، تحسبا لأي غزو فرنجي محتمل في أعياد الفصح الربيعية.
واستغل مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، تلك المواسم، خاصة موسم النبي موسى، لتعزيز زعامته، وكان يقود المحتفلين المتجمعين من مختلف انحاء فلسطين، ممتطيا حصانه، من القدس نحو موقع الاحتفال، قرب أريحا.
وما زالت السياسة تظلل احتفالات الربيع في فلسطين، فمركز احتفالات الفصح هي القدس، طريق الآلام وكنيسة القيامة، ولكن الإجراءات الإسرائيلية قتلت الكرنفال الفلسطيني ابتهاجا بقدوم الربيع، ومنذ سنوات طويلة تعمد على إغلاق المدينة المقدسة في وجه الفلسطينيين، بحجج أمنية، ولمناسبة حلول عيد الفصح اليهودي، وهو ما يمثل استئثارا من قبل اتباع ديانة واحدة بالاحتفالات داخل القدس، وتحجيما للآخرين، لا يرونه مقبولا أبدا.
ويحاول الفلسطينيون، دائما، إيجاد طرقا لمواجهة هذا الموقف الإسرائيلي، وفي حين ان احتفالات كنيسة القيامة أخذت تكتسب طابعا غربيا لوجود الحجاج الأجانب المكثف، وتراجع الوجود الفلسطيني، ما زال للكرنفال الربيعي نكهته في مدن مثل بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور، ورام الله، التي تستقبل النور المقدس ألآتي من القدس، يوم سبت النور، وعشية العيد، باستعراضات الكشافة، والأغاني، والرقص، والأهازيج الشعبية الفلسطينية عن الوحدة المسيحية-الإسلامية، والوحدة المسيحية-المسيحية، ولا تخلو هذه الأهازيج من رسائل بالغة الدلالة ردا على المنع الإسرائيلي، كما يظهر في ما يردده الشبان الذين يقودون زفة النور وهم يلوحون بالسيوف غير عابئين بان يتهمهم أحد بمعاداة السامية.
 وفي منتصف شهر نيسان يكون جبل جرزيم في نابلس، حيث تعيش اصغر طائفة في العالم وهي (السامريون) مركزا لاحتفالات عيد الفصح الخاص بها، وفيه تنحر الخراف، ويركز السامريون على اختلافهم عن اليهود، وبالنسبة لمتابعين وباحثين، فانه يمكن إيجاد ملامح ليست قليلة بين الطقوس والعادات السامرية وبين الدين الإسلامي، والثقافة العربية.
وعلى الجانب الآخر، فان الربيع يكاد يكون موسما للأعياد اليهودية، ففي شهر آذار (مارس) يتم الاحتفال بعيد المساخر (البوريم)، ورغم انه مرتبط بحوادث يفترض انها مأساوية، تتعلق بما يقول اليهود انه خطر الإبادة على يد الإمبراطورية الفارسية القديمة، وهو ما يعيد إلى الأذهان الخطاب الإسرائيلي حول إيران حاليا، إلا ان هذا العيد يتميز بالمرح واللعب، وارتداء الأزياء التنكرية.
واكثر من هذا، فان المتدينين اليهود، يتناولون المشروبات المسكرة، ويشاركون في احتفالات تنكرية صاخبة.
وترتبط احتفالات عيد الفصح اليهودي، التي تحل في نيسان، بمظهرين هامين من أشكال الحياة في فلسطين، وهي الزراعة والبداوة، أي موسم الحصاد، وولادة النعاج، ومن المثير، ان رواد الحركة الصهيونية، رأوا في بدو فلسطين، امتدادا لما يقولون انه وجودا يهوديا قديما، قبل ان يتراجعوا، ويصبح البدو مثل باقي الفلسطينيين، ضحية لطموحات الدولة العبرية الدموية.
ولذا فانه يتم الان التغاضي عن ذلك، والتركيز على ارتباط العيد بما يطلق عليه اليهود الانعتاق من العبودية المصرية، والخروج من مصر إلى فلسطين.
ويحلو لأوساط يهودية ان تطلق على عيد الفصح، عيد الحرية والخلاص، ولكنهم يصطدمون بالتفسيرات المتزمنتة للحاخامات، الذين يرون فيه عيدا للعبودية الإلهية، لان الرب هو من حررهم مما يسمونه العبودية المصرية، وان ذلك لم يتم بفعل مقاومة بشرية.
ويستمر عيد الفصح أسبوعا، حافلا بالطقوس، خصوصا في وسطه، ويتم التخلص من أية أطعمة تدخل الخميرة فيها، وتم خلاله تناول خبز الفطر المسمى (متساة).
ويتم استخدام أواني خاصة خلال هذا العيد، وتخبأ لتستخدم في العام المقبل، حرصا على ان لا تتلوث بأي عنصر فيها نوع من الخميرة.
ويجسد مفهوم العبودية الإلهية، لدى اليهود، في تجنب الخميرة، لانهم لا يعرفون سبب ذلك، ولكن يفعلون ذلك، كما يرون استجابة لأوامر ربانية.
وخلال قرون، طور الحاخامات فقها، يشير إلى ان الهدف الإلهي من تحريم الخميرة، لاعطاء عظة، كي لا ينتفخ الانسان تائها بكبريائه، مثلما تنفخ الخميرة الخبز.
وترتبط أعياد الربيع، لدى جمع قاطني الأرض المقدسة الان، بالأكل، فلدى المسيحيين مثلا، ينتهي الصوم الأربعيني عن اللحوم والبيض التي كان الفلاحون يفتقدونها في الشتاء، ويتم إباحة تناول جميع المأكولات في عيد الفصح الذي يطلق عليه في فلسطين اسم (العيد الكبير)، أما بالنسبة لليهود، فانهم يتناولون الوجبة الرئيسية يطلق عليها اسم (سدر) باعتبارها الطقس الأبرز، لانه يصاحبها سرد قصة الخروج المفترضة من مصر، بطريقة مسلية تتضمن ألغازا وغناء وبعض الألعاب، وتوجد في ذلك تفاصيل كثيرة.
ومثل المسلمين والمسيحيين، في خميس البيض، يحضر البيض على مائدة (السدر) اليهودية، المفعمة بالرموز، وتكون رمزا للربيع، وفي هذا العام، سمح شالوم سمحون، وزير الزراعة الاسرائيلي باستيراد نحو 80 مليون بيضة لاستخدامها في عيد الفصح.
والى جانب البيض، تحضر على المائدة، أشياء أخرى ترمز إلى القربان المقدس، ودموع العبيد، والعبودية، وما زال اليهود يحرصون على ان تتضمن هذه الوجبة خليطا اسمر يطلق عليه اسم (حاروست)، ويرمز إلى شيء قد يبدو غريبا ومفاجئا، وهو الهاون، الذي يعتبر بالنسبة لهم الأداة التي يقولون انهم اجبروا على استخدامها وهم عبيد، لتشييد المدن المصرية القديمة.
وهكذا هي الأمور في الأرض المقدسة، احتفالات بالربيع والموت والحرية والعبودية، تحت وطأة الطقوس، وأزيز الرصاص، وما أشبه اليوم بالبارحة.

الاثنين، 21 أبريل 2008

شهادة رئيس الموساد حول اغتيال مشعل



يقدم، افراهام هليفي، رئيس الموساد السابق، أخيرا روايته حول عملية اغتيال خالد مشعل، رئيس مكتب حركة حماس، في الأردن عام 1997م، والتي باءت بالفشل، وكانت حدثا هاما، في تفصيلات الصراع الطويل الذي يظلل الشرق الأوسط. ودور هاليفي، في إيجاد حل للازمة التي برزت بعد محاولة الاغتيال الفاشلة، معروف على نطاق واسع، ولكنه يتحدث لأول مرة عن ذلك في كتابه (رجل في الظلال) الذي صدرت ترجمته العربية عن الدار العربية للعلوم في بيروت، هذا العام.

وأمضى هاليفي، اكثر من خمسين عاما في خدمة الموساد، مما مكنه الاطلاع على أسرار كثيرة، وتولى رئاسة الموساد لفترتين، إحداها بعد عملية مشعل. وعندما اعترض عدد من عملاء الموساد، مشعل، وهو يهم بدخول مكتبه في العاصمة الأردنية عمان، وحقنوه المادة السامة، كان هاليفي سفرا لإسرائيل لدى الاتحاد الأوروبي، حيث تلقى طلبا من حكومته بالعودة، لحل المشكلة بعد القبض على اثنين من عملاء الموساد، واختباء أربعة آخرين في السفارة الإسرائيلية بعمان.


وتم اختيار هاليفي، من قبل حكومته، لارتباطه بعلاقات خاصة ووثيقة، مع الملك الأردني الراحل: حسين بن طلال، ولان الأخير لم يكن يرغب برؤية أي إسرائيلي بعد عملية الاغتيال الفاشلة لأنه، كما يقول هاليفي كان يشعر بالخيانة "من أشخاص تصادق وتعامل معهم، في جو من الثقة والأمانة.


كان رئيس الموساد، وهو سكرتير عسكري سابق لرئيس الوزراء الراحل رابين، قد أمضى عطلة الأسبوع مع عائلته في مدينة العقبة قبل أيام من ترؤسه العملية الفاشلة على الأراضي الأردنية. بالنسبة إلى الملك، تجاوز الوضع القدرة على الفهم".


ولم يكن الأمر بالنسبة للعاهل الأردني الراحل، يتعلق فقط برئيس الموساد الذي حل ضيفا عليه، وكان يضمر ما يضمر، ولكن أيضا، وكما يكشف هاليفي، أن الملك حسين، كان مرر اقتراحا إلى إسرائيل عبر أحد ضباط الموساد، يتعلق بالتوصل إلى هدنة لمدة 30 عاما بين إسرائيل والفلسطينيين بما فيهم حركة حماس، وبقي الملك ينتظر ردا إسرائيليا، دون إجابة، حتى وقعت عملية الاغتيال الفاشلة، وكانها هي الرد على الاقتراح السلمي.


وعندما وصل هاليفي إلى تل أبيب، نقل بسرعة إلى مقر الموساد وعن ذلك يقول "ساورني إحساس غريب، فقد كان الأمر أشبه بالعودة إلى ساحة الجريمة، فأنا لم اعد عضوا في هذه المجموعة المشهورة من المحاربين، ولكن بدا أن مصير رفاقهم والمستقبل السياسي للمسؤولين في كلا الجانبين بات معلق بي".


ورغم مشاعر هاليفي الغريبة، إلا أن رئيس الموساد ورفاقه استقبلوه بترحاب شديد، باعتبار انه من سيتمكن من حل المشكلة مع العاهل الأردني الغاضب، وإعادة فريق الموساد الفاشل من عمان.


ولم يطلب هاليفي سماع أي شيء عن مجريات العملية، وسط مفاجأة زملاءه السابقين الذين شرح لهم الأمر قائلا "كلما كانت معرفتي بتفاصيل العملية اقل، كلما كان افضل، لأنني رغبت عندما التقي بأصدقائي الأردنيين بان أكون غير ملم بالتفاصيل بقدر الإمكان، فأنا لم اعد عضوا في الموساد. وإذا كانت ثمة فرصة للنجاح، فستتوفر فقط في حال اقتنعوا بأنه لا علاقة لي بما حدث".


وقبل وصول هاليفي، كان الاتجاه السائد في الموساد، بأنه لا يمكن حل الأزمة، دون إرضاء الأردن، وتم طرح عدة مقترحات مثل إمداد الجيش الأردني بكميات من أجهزة الرؤية الليلية تعمل بالأشعة الحمراء خاصة بالدبابات، ولكن هاليفي لم ير في ذلك جدوى، ورأى انه لا بد من تقديم عرض يساعد العاهل الأردني "الدفاع عن قراره بإطلاق سراح المحتجزين الستة إذا تطلب الأمر" كما يقول هاليفي، الذي قدم اقتراحا بإطلاق سراح الشيخ احمد ياسين مؤسس حركة حماس من السجون الإسرائيلية، وتسليمه إلى الملك حسين، باعتباره سيكون العرض المقبول الذي يف بالغرض.


ولم يجد الاقتراح قبولا من قبل قادة الموساد، بل انهم هاجموا هاليفي بشدة، مبررين ذلك، بأنه لا يمكن يتفهم الشعب الإسرائيلي خطوة مثل هذه، ولم يكن قد نسى الشارع الإسرائيلي، رفض الحكومة الإسرائيلية إطلاق سراح ياسين، استجابة لمطلب من خلية تابعة لحركة حماس خطفت جنديا إسرائيليا، وبدلا من ذلك اقتحم الجيش الإسرائيلي مكان احتجاز الجندي وقتله مع خاطفيه، بالإضافة إلى مقتل جندي من المهاجمين للمكان.


واصر هاليفي على اقتراحه، باعتباره الثمن الذي يمكن أن يقبله الملك الأردني، وقال هاليفي لزملائه السابقين في الموساد بأنه في حالة عمد الملك حسين إلى إطلاق سراح عملاء الموساد الستة بدون مقابل فانه "لن يكون بمقدوره النظر مجددا في وجه رجال جهازه الأمني الشخصي، لأنه لن يعود في نظرهم اكثر من متعاون مع جهاز الموساد وما يمثله"، وحذر هاليفي من أن تفاقم الأمور ربما ستدفع الملك إلى تعليق العمل باتفاقية السلام بين بلاده وإسرائيل.


واستمر رفض الموساديين للاقتراح، وبدا انهم يريدون حلا للازمة بدون دفع أي ثمن، ونقل هاليفي اقتراحه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو، الذي رد برفض شديد.


وفي اليوم التالي، كان نتنياهو هو من اتصل بهاليفي، وكلفه بالتحرك ضمن الاقتراح الذي قدمه دون ذكر الأسماء، ولكن هاليفي طلب من رئيس وزرائه أن يكون محددا في كلامه، وان يذكر اسم ياسين، وهو ما حدث، كي يتمكن هاليفي من التحرك وفق أوامر محددة، وليعرف ما هي حدود صلاحياته.


وقدم هاليفي عدة شروط، وبعد أن تلقى الموافقة عليها من نتنياهو تحرك صوب صديقه الملك حسين، الذي كان طلب عدم الزج به في المسألة. ولكن هاليفي تشجع، خصوصا، وان نتنياهو، كان تحرك سريعا بعد رش السم في أذن مشعل، وارسل طبيبا إسرائيليا حمل الترياق إلى المشفى، لانقاذ الرجل الاول في حماس.


وفي هذه الأثناء، لم يكن الملك الأردني شديد الثقة بالخطوة الإسرائيلية، فاتصل مع الرئيس الأميركي، وتم استدعاء طبيب أميركي، لمعاينة مشعل، وطمأنة الملك.قبل توجهه إلى الأردن، اجتمع هاليفي واخرون في مكتب نتنياهو، وكانت تصلهم اتصالات من اميركا تحثهم على طمأنة الملك وتلبية مطالبه والتخفيف من هواجسه وقلقه.


ووردت معلومات من عمان إلى هاليفي، بان الملك يخطط لعقد مؤتمر صحافي للكشف عن العملية الفاشلة، ويعلق العمل باتفاقية السلام، ويغلق السفارة الإسرائيلية، بعد تسلم المختبئين فيها، حتى لو اضطرت القوات الأردنية إلى اقتحامها.


ووصل هاليفي إلى عمان لوحده، والتقى بولي العهد آنذاك الأمير حسن، ونائب رئيس المخابرات الأردنية، الذي اتهم الإسرائيليين بالخيانة، لكن هاليفي اخبره بأنه لا يمثل الموساد، وانما شخصه.


واستفسر هاليفي عن عميلي الموساد المحتجزين في السجن الأردني، فرد الأمير الحسن على الفور بأنهما بصحة جيدة، وهو "ما اغضب نائب رئيس جهاز المخابرات الذي كان يرغب في إبقائنا على جهل تام بأوضاعهما لاطول فترة ممكنة"- كما يروي هاليفي.وتم تحديد موعدا لهاليفي ليقابل الملك ظهرا، فهرع إلى السفارة الإسرائيلية، ورفع تقريرا إلى نتنياهو، والتقى عملاء الموساد الأربعة ليطمئن عليهم، بعد أن اطمئن على زميليهم، وطلب منهم الاستعداد لتلقي أية إشارة منه لإخراجهم من الأردن.


وعندما قابل هاليفي الملك، المح الأخير بقبوله الاقتراح بإطلاق سراح الشيخ ياسين، فاقترح هاليفي عقد اجتماع على مستوى عال بين الطرفين الإسرائيلي والأردني لتثبيت الاقتراح، وهو ما وافق عليه الملك، والذي وافق أيضا على حضور نتنياهو إلى الأردن للإشراف على حل المشكلة.


وتحرك هاليفي بسرعة، لتنفيذ الاقتراحات، وذهب إلى السفارة وتلقى موافقة نتنياهو على الحضور إلى الأردن، وعاد إلى الملك من جديد بعد أن اصبح إطار الحل واضحا، وقدم له طلبا وصفه بالشخصي وبـ "الرحيم"، وعندما سأله الملك عن هذا الطلب أجابه هاليفي "بما أنني انشد عطفا ملكيا، فأنا لا اشعر بالارتياح لذكر ما يمكن أو ينبغي على جلالته أن يفعله"، فقال الملك الذي فهم ما يطلبه هاليفي "اذهب واصطحب الرجال الأربعة الذين في السفارة على الفور".


ويروي هاليفي "حاول نائب رئيس المخابرات منع جلالته من التأكيد على قراره، ولكن بدون جدوى، فقد تم إلقاء حجر النرد، بعد ذلك التفت إلى جلالته وطلبت منه أن يتم إبلاغ العميلين المحتجزين بطريقة معينة، بأننا على علم بأوضاعهما، وأننا نعمل على إعادتهما إلى وطنهما. وافق الملك دون تردد بالرغم من الانزعاج الذي بدا واضحا على نائب رئيس المخابرات".


وخرج هاليفي من عند الملك، واتصل فورا ليطلب إرسال طوافة عسكرية إسرائيلية دون تأخير لنقل العملاء الأربعة وهو معهم إلى إسرائيل، وفي اقل من ثلاثين دقيقة كان الجميع على متن الطوافة التي وصلت من عمان إلى القدس في غضون عشرين دقيقة.


وتوجه هاليفي الى مكتب نتنياهو، للتحضير للقاء الليلي في عمان، وكان الجدال ما زال مستمرا في القيادة الإسرائيلية حول صفقة إطلاق سراح الشيخ ياسين، ولكنه حسم لصالحها، مع وقوف أشخاص مثل ارئيل شارون خلف نتنياهو، وكذلك وزير الدفاع آنذاك اسحق موردخاي.


ومن الأمور التي يكشف عنها هاليفي، ما حدث للطوافة الإسرائيلية التي أقلعت من القدس، وعلى متنها نتنياهو، ووزير دفاعه، وهاليفي، وضباط آخرون، لتحط في عمان، ويقول بأنه لدى الاقتراب من عمان "لم نتبلغ أية إشارة إلى أن الأردنيين سيكونون حاضرين لاستقبالنا على الأرض، فقد وقع خطا في تنسيق الإجراءات، وظلت الطائرة تحلق حوالي نصف ساعة فوق المدينة على غير هدى. أحسست بخطر متنام مع انخفاض مستوى التحليق بين الحين والآخر بحثا عن مكان مناسب للهبوط".


ويصف هاليفي تلك التجربة بأنها كانت "محطمة للأعصاب، اقترحت خلالها اكثر من مرة على رئيس الوزراء إلغاء المهمة والعودة إلى إسرائيل وإعادة الأمور إلى نصابها، ولكنه لم يكن ليرضى بمثل هذا الاقتراح وامر الطيارين بمتابعة بحثهم عن مكان للهبوط، وفي الدقيقة الأخيرة، أقلعت طوافة أردنية، وأجرت معنا اتصالا، وأرشدتنا إلى موقع الهبوط".


ويقول هاليفي "كان من شان الوقوع في خطا واحد أن يحول المهمة إلى مأساة وطنية" هذا بالنسبة لإسرائيل، ولكن بالنسبة للرأي العام العربي لكان الأمر مختلفا، ولربما وصفت بالمعجزة التي اودت بحياة نتنياهو ورفاقه.


وبدأت المفاوضات في العاصمة الأردنية عمان، ولم تكن مفاوضات سهلة كما يذكر هاليفي، ولكنها انتهت إلى حل للازمة، كما هو معروف، وتم إطلاق سراح الشيخ ياسين، الذي جال في دول عربية وإسلامية، قبل عودته إلى غزة، وسعت إسرائيل فيما بعد إلى تصفية الحساب معه، واغتالته في 22 آذار (مارس) 2004.


ويبدو أن هاليفي لم ينس مشعل أبدا، طوال السنوات الماضية، ونشر في جريدة يديعوت احرنوت بتاريخ 7 نيسان (أبريل) الجاري مقالا، دعا فيه إلى النظر بجدية لتصريحات مشعل الأخيرة بان حركة حماس مستعدة للاعتراف بحدود حزيران (يونيو) 1967 للدولة الفلسطينية وان التسوية يجب أن تشمل قضيتي القدس واللاجئين.


وكتب هاليفي "مشعل غير مستعد للتصريح مسبقًا بأنه يعترف بحق إسرائيل في الوجود كما تطالبه الاسرة الدولية. وفي نفس الوقت يصر أبو مازن على عدم التصريح المسبق باعترافه بإسرائيل كدولة يهودية. هل يوجد فرق حقيقي بين هذين الموقفين المتقابلين؟".


ويقول "حماس تلقت ضربات قاسية جدًا من إسرائيل في الأشهر الأخيرة وهي تتعطش لوقف إطلاق النار. من يسعى لوقف إطلاق النار يدلل على انه الطرف الأضعف في المعادلة. هذه هي اللحظة الصحيحة والمواتية لتحقيق تسوية مؤقتة صادقة".


ويضيف "إن لم تتدارس إسرائيل بجدية تغيير السياسة في ظل الأصوات المنبعثة من قادة حماس في غزة ودمشق وفي الظرف الملائم لها في هذه المرحلة، فسرعان ما سنجد أنفسنا في منحدر شديد".


ويكتب وكأنه يتذكر حادثة الطوافة التي كانت ستسقط في الأجواء الأردنية "من يحتاج لدليل على الوضع الهش الذي شهده توازن إسرائيل - حماس فقد حصل عليه في الأسبوع الماضي عندما كانت إصابة وزير الجيش ورئيس الشاباك السابق آفي ديختر قريبة جدًا. مصير هذا التوازن مودع بيد الصدف في اكثر من مرة".


وينهي مقاله بدعوة صريحة للتجاوب مع اقتراحات مشعل "في الأسابيع الأخيرة دعا ايمن الظواهري عدة مرات لضرب اليهود وإسرائيل في إسرائيل وفي كل مكان آخر. اتباع حماس يعتبرون كفرة في نظر القاعدة بسبب رغبتهم المعلنة بالتوصل إلى تفاهمات أو اتفاقيات ما مع إسرائيل ولو بصورة غير مباشرة. تصريح مشعل يتناقض قطبيًا مع نهج القاعدة وهو دعوة لإسرائيل لاغتنام الفرصة التاريخية ربما لدفع العملية للجانب الإيجابي، فهل عجزت عيوننا عن الرؤية؟ وهل سدت آذاننا عن السمع؟".


وما يفعله هاليفي في مقاله، هو اجتراح الحكمة بعد فوات الأوان، وبعد أن أمضى اكثر من خمسين عاما في الموساد، الذي ترتكز عقيدته، مثل باقي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، على الانتقام، وتنفيذ عمليات ردع مسبقة، وممارسة الاغتيالات، دون التوقف لأية مراجعة سياسية، وهو ما يفعله هاليفي الان، مثلما فعله غيره، بعد الخروج من الخدمة.


http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2008/4/323386.htm

الأحد، 20 أبريل 2008

خربة عليا


فيما يشبه الوداع الجنائزي..صعدنا، ليلة امس (19-4-2008)، انا ويوسف ورنا، تسللا الى خربة عليا، لالقاء نظرة على المستوطنة الرومانية التي اكل منها الاستيطان الكثير، ويستعد الجدار للنيل منها..


التغيرات والتدمير في المكان وما يحيط به مفزع..


الفنانة الجليلية تمكنت من التعرف على نبتة دم الغزال، ووضعت نقاط من سائلها الاحمر على يدها..


المشهد الحضاري في فلسطين يتبخر..وسط لا مبالاة غير عادية ليست فقط من العصابات الثقافية والسياسية، وغفلة وتامر عرب ليفني، ولكن ايضا من الجمهور العام..

انهيارات في حائط البراق



ترتفع هذه المرة، أصوات إسرائيلية  تشتكي من احتمال حدوث انهيارات في حائط البراق (المبكى) وهو الحائط الغربي للحرم القدسي، بعد أن كانت الشكوى سابقا مقتصرة على المسلمين، الذين كانوا حذروا من انهيار أجزاء من سور القدس، بل والمسجد الاقصى نفسه، بسبب استمرار الحفريات الإسرائيلية بجانبه.

وكانت سلطات اسرائيل، هدمت حارة المغاربة، بعد أيام من احتلال القسم الشرقي من القدس في حزيران (يونيو) 1967، لتوسيع الساحة أمام حائط البراق، وطوال أربعين عاما لم تتوقف الحفريات في المكان، وقبل نحو عام استثار الرأي العام العربي والإسلامي، لأعمال حفريات إسرائيلية تمهيدا لبناء جسر يفضي من ساحة البراق الى الحرم القدسي عبر باب المغاربة، الذي يطلق عليه ايضا اسم باب النبي، نسبة للنبي محمد، اعتقادا من البعض بانه دلف الى المسجد الاقصى من هذا الباب، في رحلة الاسراء، من مكة الى القدس.

ووفقا لمصادر إسرائيلية، فان حجارة صغيرة من أعلى حائط البراق، سقطت مؤخرا، مما يشير إلى أن الحفريات الإسرائيلية، غير الشرعية وفقا للقوانين الدولية التي تحظر اجراء حفريات اثرية في الاراضي المحتلة، تؤثر أيضا على ما يعتبره اليهود مكانا مقدسا لهم، ولا يقتصر ذلك على الأماكن المقدسة الإسلامية، خصوصا الحرم القدسي، المهدد بالانهيار، نتيجة هذه الحفريات، وفقا لنشطاء إسلاميين، مثل الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الاسلامية في اسرائيل، الذي كشف بان الحفريات الاسرائيلية وصلت الى تحت المسجد الاقصى مباشرة.

ويعتبر اليهود، بان حائط البراق، هو الجدار الوحيد المتبقي، من الهيكل الثاني الذي بناه حاكم مقاطعة فلسطين الرومانية هيرودس، لليهود، ودمر لاحقا على يد الرومان.

 

ووفقا لعلماء الآثار فانه يمكن تحديد ثلاثة أنواع من الحجارة المبني منها الحائط، ففي الأسفل، توجد طبقة تعود لعصر هيرودس، ويقدر تاريخها إلى عام 19 قبل الميلاد، وتتميز هذه الطبقة بحجارتها الضخمة.

وفوقها، توجد أربع طبقات من الحجارة، تعود للعصر الأموي، أي نحو عام 700 ميلادي، اما الطبقات العليا الأخيرة من الجدار، فمبنية من حجارة اصغر، وهي التي تساقط بعضها.

ومن الصعب تحديد الفترة التي تعود لها هذه الحجارة الصغيرة نسبيا، والتي يمكن أن تكون بنيت، اثر الزلازل التي ضربت القدس، وربما تعود لحقب متنوعة، فاطمية، وصليبية، ومملوكية، وعثمانية، ولكن الصفوف الثلاثة العليا من الجدار، بناها المجلس الإسلامي الأعلى، اثر الانهيار الذي حدث بعد زلزال عام 1927.

وتزعم بعض الأوساط اليهودية، أن الذي بنى الصفوف العليا من الحائط هو الثري اليهودي موسى مونفتري، الذي حاول شراء الحائط، في القرن التاسع عشر ليصبح ملكا لليهود، الذين كان يسمح لهم بالصلاة بجانبه، ولكن المختصين الإسرائيليين أنفسهم، ينفون هذا الزعم.

واطلق الحاخام شموئيل رابينوفتش، ما وصفها بصرخة إنذار، من احتمال انهيار الحائط، وهو ما يذكر، بتحذيرات مماثلة تطلق باستمرار، من قبل علماء الدين المسلمين، ودائرة الأوقاف الإسلامية التي تشرف على الحرم القدسي الشريف، والتي تركزت أخيرا على نفس المكان الذي يتحدث عنه الحاخام رابينوفيتش.

وقال رابينوفيتش "الحجارة التي تنهار، هي الجديدة والصغيرة، وليست تلك الكبيرة التي تعود لعصر الهيكل الثاني، وهي قوية ومستقرة" في إشارة إلى الحجارة الهيرودية.

وحث رابينوفيتش، الحكومة الإسرائيلية، بإجراء صيانة شاملة وجذرية للحائط، خلال فصل الصيف المقبل، وقبل قدوم الشتاء، تحسبا لحدوث انهيار كبير في الحائط.

وقال "إذا حل الشتاء، فان الحجارة ستبدا بالتساقط على رؤوس المصلين، لذا يجب التحرك بسرعة وبدون إبطاء".

ويتوقع أن تتم الاستجابة لاستغاثة الحاخام، رغم أن الحكومة الإسرائيلية لم تستجب لاستغاثات دائرة الأوقاف، ومطالب علماء آثار، وأعضاء من الكنيست الإسرائيلي، بمنح التصريح اللازم للأوقاف، لإجراء ترميمات خاصة في السور الجنوبي، المعرض للانهيار.

وحاولت الجهات الإسرائيلية الرسمية المختصة أن تقلل من الأنباء التي تتحدث عن احتمال حدوث انهيارات في الحائط، خشية تأثير ذلك على السياح وعلى اليهود المتدينين، ووفقا لهذه الجهات فانه خلال العام الماضي، زار الحائط الغربي اكثر من خمسة ملايين شخص.

ويذكر أن كبار ضيوف الدولة العبرية، يحرصون على زيارة الحائط، ويضعون أمنياتهم، التي خطوها على ورق في شقوق الجدار، وهم يرتدون القبعات اليهودية، وخلال السنوات الماضية زار الحائط الكثير من الشخصيات الشهيرة، مثل نجم الكرة مارادونا، والممثلة شارون ستون، والمغنية مادونا.

وفي صباح كل يوم، يصل إلى الحائط موظف من شركة الاتصالات الإسرائيلية، وبحوزته ما وصل إلى الشركة عبر خط الفاكس الذي خصصته ليهود العام، الذين يبعثون برسائل تتضمن أمنيات ودعوات ومطالب، لوضعها في شقوق الجدار، باعتبار ذلك، اقرب طريقة لتصل إلى الله، وفقا لاعتقادهم.

وقال رعنان كيسليف،  مدير دائرة حفظ الآثار في سلطة الآثار الإسرائيلية "لا يوجد خطر فوري من سقوط حجارة الحائط، وعلى الجميع أن يطمئن".

واضاف "نحن نتابع باستمرار ما يجري في هذا المكان المقدس، وفي محيطه"، معترفا، بوجود مصاعب لإجراء ترميمات، بسبب ما وصفه باختلاط الأمور الهندسية بالدين، مشيرا إلى ما وصفه بالتحريم التوراتي، لإزالة أي من حجارة الجدار، باعتباره جزء من الهيكل الثاني، حتى لو كان الغرض من ذلك الترميم أو الإصلاح.

وقال إنه توجد مشاورات مكثفة بين دائرة الآثار، والمهندسين، والهيئات الدينية اليهودية، من اجل إيجاد حل، وحماية المصلين والزوار.
وقبل سنوات كان الحاخام شلومو عمار، حاخام اليهود الشرقيين، صرح بانه من المحرم اصلاح او ترميم الحائط بايدي غير يهودية. 
وتخشى الأوساط الفلسطينية، من أية أعمال ترميم قد تجرى على الجدار الغربي للحرم القدسي، لانه قد يكون مقدمة لتغيير الوضع القائم، ويكون حجة لدخول الإسرائيليين إلى الحرم نفسه.

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2008/4/323032.htm

الجمعة، 18 أبريل 2008

ترميم اقدم بوابة مقوسة تعود للفلسطينيين القدماء

البوابة بعد ترميمهاالعصفور الناظر الى الخلف رمز للفلسطيينيين القدماء

اكتسبت فلسطين اسمها، من الفلسطينيين القدماء الذين عرفوا باسم (الفلست)، والذين لم تحظ حضارتهم بالاهتمام اللازم من علماء الآثار الذين نقبوا في فلسطين، وخلال الأعوام العشرة الأخيرة، بدا اهتماما متزايدا بهم، بعد اكتشاف عدد من مستوطناتهم، وما عرف بنقش عقرون، في قرية عقرون الفلسطينية المدمرة القريبة من القدس، حيث عثر على أنقاض معبد فلسطيني قديم.
وتجري الان تنقيبات في بعض مواقع حضارة الفلسطينيين القدماء، من قبل علماء آثار إسرائيليين، واجانب، مثل موقع تل الصافي، ومدينة عسقلان الساحلية، التي عثر فيها سابقا على فخاريات وتماثيل لآلهة فلسطينية.
واعلن مؤخرا عن اكتشاف، بوابة في عسقلان، اعتبرت أنها اقدم بوابة مقوسة، تكتشف في العالم، ويعود عمرها إلى اكثر من أربعة آلاف عام.

وقدر تاريخ بناء البوابة المكتشفة انه يعود إلى عام 1850 سنة قبل الميلاد، والتقديرات أنها شيدت كجزء من تحصينات ميناء المدينة.

والبوابة مبنية من الطوب والحجر الجيري، طولها نحو 15 مترا، وعرضها اكثر من مترين، وارتفاعها نحو 4 أمتار.



وتم في عام 1992، الكشف عن قاعدة البوابة، في أثناء حفريات أجرتها جامعة هارفرد، برئاسة البروفيسور لورنس ستيجير، وتواصل العمل لاحقا للكشف عن كامل البوابة.
وأكملت السلطات الإسرائيلية المختصة، بناء ثلاثة أقواس خشبية، من اجل استعادة الشكل الكامل المقوس للبوابة وتدعيم بنيانها.
وقال أحد الاثاريين الإسرائيليين "أردنا أن نمنح الزوار الشعور نفسه الذي كان يشعره من كان يدلف عبر البوابة إلى داخل المدينة".



وبلغت كلفة المشروع نحو 700 ألف دولار، وهو جزء من مشروع اكبر، تعمل عليه السلطات الإسرائيلية، فيما يخص التاريخ والآثار والمتنزهات.
وحظيت مدينة عسقلان، على ساحل البحر المتوسط، باهتمام كبير، طوال قرون، وكانت مركزا تجاريا وحربيا، لوقوعها على الطريق الساحلي، والطريق الرئيس بين مصر وسوريا.
ومما اكتشف أخيرا في عسقلان، مستوطنة بشرية صغيرة، خارج البوابة المقوسة، على المنحدر المؤدي إلى البحر، تضم مزارا عثر داخله، على تمثال من البرونز لعجل، يعتقد انه كان رمزا للإله الكنعاني بعل.
واعرب عدد من علماء الآثار عن اعتقادهم، بان موقع المعبد أو المزار، على الطريق المؤدي إلى ميناء عسقلان، اقيم خصيصا لراكبي البحر، أو العائدين من الرحلات البحرية، ليصلوا، أو يقدمون العطايا للآلهة، امتنانا لنجاح رحلاتهم.
وخلال السنوات الماضية، عثر في عسقلان على كثير من التماثيل التي تخص الآلهة القديمة، ومنها آلهة أطلق عليها اسم (اشدودة).



والمدينة غنية بمكتشفات تعود لعصور مختلفة مثل العصر الروماني، والبيزنطي، والاسلامي، وكان الجيش الإسرائيلي، خلال السنوات الأولى لإنشاء إسرائيل، وبأوامر من موسى ديان، هدم أحد أهم المساجد التاريخية المعروف باسم (مشهد الحسين).
وحسب بعض المصادر فانه خلال السنوات الماضية، بدأت المدينة، التي تم طرد سكانها العرب منها عام 1948، تشهدة زيارة أفواج من طائفة البهرة الإسلامية الهندية، الذين يزورون أنقاض مشهد الحسين، ولديهم طموح باعادة بناءه.
ويأتي الكشف الكامل عن البوابة الفلسطينية المقوسة في عسقلان، وتأهيلها، مع اكتشاف أخر يخض حضارة الفلسطينيين القدماء، في تل قديم في النقب، يقع إلى الشمال الغربي من مدينة بئر السبع. عثر عليه صدفة، وخلال حفريات إنقاذ تجريها سلطة الآثار الإسرائيلية، قبل البدء بتشييد خط سكة حديد في المنطقة.
وتم تعريف الموقع، باعتباره أحد المستوطنات الريفية الصغيرة التي أنشأها الفلسطينيون القدماء، وتعود إلى أواخر العصر الحديدي الأول.



وعثر في المعبد، على أدوات كانت تستخدم في طقوس الاستحمام، مثل الكؤوس، بالإضافة إلى العناصر المعمارية الدائمة في المعابد، مثل المقاعد الحجرية.
وأؤرخ لهذا المعبد، إلى العصر الحديدي المتأخر، أي نحو عام 1000 قبل الميلاد، ويأمل علماء الآثار، أن تؤدي الحفريات المستمرة في موقع المعبد، إلى إعطاء صورة أوضح عن عبادات الفلسطينيين القدماء.
ومن المعروف، أن التباسات عديدة، تحيط بتاريخ الفلسطينيين القدماء، الذين يقدمون في الثقافة العربية والإسلامية على انهم "القوم الجبارون" الذي تحدث عنهم القران الكريم، أو شعوب البحر بالنسبة للفراعنة، ويتم نسبهم إلى اصل يوناني، قبل استيطانهم لفلسطين، التي ارتبطت بهم اكثر من أية شعوب أو









 

حضارات أخرى.وفي عام 1996، عثر علماء مدرسة الآثار الأميركية بالقدس، على نقش فلسطيني، في قرية عقرون، والذي جدد الاهتمام العلمي بالفلسطينيين القدماء.

وقدم الشاعر الفلسطيني زكريا محمد، نظرية، استنادا لتأويله سطور النقش، تشير إلى أن الفلسطينيين القدماء ما هم إلا قبيلة طيء العربية.


واعتمد محمد، على سلسلة فرضيات وتأويلات لإثبات نظريته، التي وان وجدت هوى لدى بعض المثقفين الفلسطينيين، لأسباب قد يكون لها علاقة بالصراع العربي- الإسرائيلي، وبإثبات الحق العربي في فلسطين، إلا أنها بقيت غير محصنة تجاه النقد، ولمنهج محمد البحثي، الذي لم يعاين النقش، واكتفى بالترجمة الإنجليزية له، وتقديم افتراضات حول حروفه، بعيدا عن أي عمل بحثي ميداني يشمل المكان الذي عثر فيه على النقش، أو مواطن قبيلة طيء في الجزيرة العربية، يحدوه إصرار لإثبات فرضية أن الفلسطينيين القدماء ما هم إلا جزء من قبيلة طيء، قدموا من الحجاز إلى فلسطين.


http://www.elaph.com/ElaphWeb/Reports/2008/4/322626.htm

الزوزو تتحدى اسرائيل العظمى


تظهر إسرائيل، التي تقدم نفسها كأقوى دولة في الشرق الأوسط، عسكريا وأمنيا وفي أمور أخرى، عاجزة أمام زهرة فلسطينية، سبق وان اختارتها لتمثلها في فعالية ستنظم في الصين، على هامش الألعاب الأولمبية.


وحسب مصادر إسرائيلية، فان السلطات المختصة في الدولة العبرية، تجد صعوبة بالغة في ايجاد طريقة لاستنبات زهرة (قرن الغزال) التي تم اختيارها لتمثل إسرائيل، في فصل الصيف، حيث ستعقد الألعاب الأولمبية، لان هذه الزهرة تنبت عادة في البراري الفلسطينية خلال شهري آذار (مارس)، ونيسان (أبريل) فقط.


 وتم اختيار هذه الزهرة لتمثل إسرائيل في أولمبياد الصين، بعد أن تم ترشيح عدة نباتات وزهور أخرى. وتنافست كل من زهرتي قرن الغزال وشقائق النعمان بعد أن وصلتا إلى التصفيات النهائية، في مسابقة شهدت إقبالا من جمهور المصوتين، لاختيار إحداهما.


 وتم في النهاية اختيار قرن الغزال مع شجرة الزيتون التي فازت بدورها، من بين عدة أشجار، لتمثيل إسرائيل في حديقة الورود التي ستفتتحها الصين بمناسبة استضافتها للألعاب الأولمبية وبالتزامن معها.


وستنظم فعالية حديقة الزهور، تحت عنوان "نحن في عالم واحد"، حيث ستعرض قرن الغزال، بجانب شجرة الزيتون، باعتبارهما رمزين اسرائيليين.


وتعتبر قرن الغزال من اجمل الأزهار البرية التي تنبت في فلسطين التاريخية، بين البحر الأبيض المتوسط، ونهر الأردن، وتتخذ أوراقها شكل القلب، وألوانها بيضاء مزهرة، وفي بعض المناطق تضاف الزهرة وأوراقها إلى أطباق محلية فلسطينية.


ولجمال هذه الزهرة الأخاذ، أطلقت عليها أسماء كثيرة، وتكاد كل منطقة في فلسطين تعرفها باسم معين، فبالإضافة إلى اسم الزوزو الذي يطلق عليها في ريف القدس، فإن لها أسماء متعددة مثل: الزعمطوط، وعصا الراعي، وسيدو دويك الجبل، ومن أسمائها بخور مريم، نسبة إلى السيدة مريم العذراء.


وتزهر النباتات البرية الفلسطينية بداية من شهر فبراير (شباط)، وكأنها تمهد لقدوم الربيع، وتستمر مزهرة طوال الربيع. وبسبب موعد تفتحها هذا، فان إسرائيل تواجه مشكلة، لانه سيتعين عليها عرض زهرة قرن الغزال في شهر آب (أغسطس) المقبل، تزامنا مع موعد الألعاب الأولمبية.


وحسب المصادر الإسرائيلية، فان سلطة الطبيعة في الدولة العبرية، تعيش فيما يشبه التحدي، بحثا عن طريقة لجعل قرن الغزال تزهر في الصيف، كي تتمكن من عرضها في أولمبياد الصين.


ورغم أن جهات فلسطينية، رأت في اختيار إسرائيل، لزهرة قرن الغزال، لتمثلها بمثابة اغتصاب، لزهرة فلسطينية، فإنها لم تسع من اجل حشد حملة منظمة ضد هذه الخطوة.


وفي حين حملت بعض الأوساط المهتمة، الصين، المسؤولية عن قبول ترشيح إسرائيل لزهرة فلسطينية معروفة، فان مصادر صينية، رفضت مثل هذه الاتهامات.


وحسب أحد المهتمين الفلسطينيين، فانه كان وجه لوما خلال لقاءه، عرضا، مسؤولا صينيا في العاصمة الأردنية عمان، بسبب موافقتها على اختيار اسرائيل لزهرة قرن الغزال ولشجرة الزيتون، إلا أن المسؤول الصيني قال له بشكل غير رسمي وودي، بان المشكلة هي في الموقف الرسمي الفلسطيني والعربي، الذي لم يبد أي احتجاج، وان الصين المعروفة بتعاطفها مع الشعب الفلسطيني كانت تنتظر مثل هذا الموقف، لتواجه إسرائيل، ولكنها الان لا تستطيع أن تكون عربية وفلسطينية اكثر من العرب والفلسطينيين أنفسهم، مطلقا بعض النكات على العرب وعجزهم.


وفي حين أن الخلافات بين حركتي فتح وحماس، تطغى على اهتمامات النشطاء في فلسطين، وتظهر على شبكة الإنترنت مدونات النشطاء المتخصصة في كشف ما تسميه "فضائح فتح" أو "فضائح حماس" حسب الموقف السياسي لأصحابها، فان الجميع تغافلوا عن الإمكانيات الهائلة التي توفرها الشبكة العنكبوتية لإثارة قضية قرن الغزال، ومقابل ذلك فانه توجد عشرات من المدونات الإسرائيلية، التي يحررها شبان وشابات، تعلن احتفاءها بالحضور المتوقع الذي تراه مبهرا لقرن الغزال في أولمبياد الصين، ولا يتوقف الاهتمام على هذا الأمر فقط، ولكنه يمتد ليشمل مكونات ورموز الثقافة الفلسطينية.


ولم يضع أي مسؤول فلسطيني من السلطة الفلسطينية، او من ممثلي الاحزاب، على اجندة اللقاءات التي تعقد مع ممثل الصين في رام الله، موضوع قرن الغزال او شجرة الزيتون على جدل الابحاث.


وقال خالد العزة، مسؤول العلاقات الدولية في جبهة النضال الشعبي، الذي التقى ممثل الصين لدى السلطة الفلسطينية بانه ناقش مع المسؤول الصيني ما اسماها "العلاقات الثنائية".


واضاف لمراسلنا "ابلغنا ممثل الصين، تضامنا مع بلاده، في وجه الحملة الاميركية ضد بلاده، مستغلة ورقة التبت، وقلنا له اننا مع الصين".


ولم يعلن أي مسؤول فلسطيني، انه جرى طرح الموضوع، خلال اللقاءات التي عقدت بين محمود عباس (ابو مازن) رئيس السلطة الفلسطينية، وايهود اولمرت، رئيس الوزراء الاسرائيلي، او في اية لجان تنسيق شكلت بين الجانبين، والمخصصة للتنسيق الامني.


وفي هذه الحالة، تجد قرن الغزال، نفسها وحيدة، في ظل وضع معقد، تتداخل فيه العوامل المحلية مع الدولية، والسياسة مع الثقافة.


ويأمل بعض المهتمين، بان تتمكن زهرة قرن الغزال، التي تنبت في اغلب الأحيان في شقوق الصخور، لحماية نفسها، أن تتمكن هذه المرة أيضا من حماية نفسها، مما يراه هؤلاء عملية تزييف لهويتها، وذلك بان تفشل جهود علماء الطبيعة في إسرائيل، ولا تستجيب لعملية استنباتها في فصل الصيف.