أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 28 فبراير 2018

تغييب الهوية..!




في أوائل خمسينات القرن الماضي، ذهب اللاجئ الفلسطيني عبد العزيز العطي، إلى مدينة نابلس، ليلتقي في بيت سري، لاجيء فلسطيني آخر هو فؤاد نصّار، ليطلع على برنامج الحزب الأردني قبل الإعلان عن تأسيسه، فاقترح العطي عضو عصبة التحرر الوطني في فلسطين، على نصار القيادي في العصبة، أن يتم تسمية الحزب الجديد (الجزب الشيوعي الفلسطيني-الأردني)، ولكن الأخير رفض قائلاً بان الحزب الشيوعي يجب أن يحمل اسم الدولة التي يتشكل فيها، وعلى الجانب الآخر في الأراضي المحتلة أصبح أعضاء عصبة التحرر، أعضاءً في الحزب الشيوعي الإسرائيلي.
قد يبدو الأمر لنا الآن غريبا، من التيار الأممي في الحركة الوطنية الفلسطينية، بتغييب اسم فلسطين في مفترق طرق كان لا بد وبشدة إظهار فلسطين التي تُمزق، وتظهر على أنقاضها دولة الاحتلال، ودولة أخرى ضمت ما تبقى منها.
وقد، أيضا، لا يختلف الأمر فيما يتعلق بالفرقاء القوميين من بعثيين وقوميين عرب، والتيار الإسلامي المتمثل بالإخوان المسلمين، وحزب التحرير.
وسيظل الأمر عالقا، حتى يقرر عبد الناصر تأسيس كيان باسم منظمة التحرير الفلسطينية في أواسط الستينات، ثم يتبنى التيار الوطني-اليميني الهوية الفلسطينية وإطلاق حركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة، ولكن لن يمضي وقت طويل، حتى لا يخلص هذا التيار كثيرًا للأهداف والمباديء التي أعلنها.
وعندما شكل الإخوان المسلمون، حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تبنوا لوغو السيفين على العلم الفلسطيني، ولكنهم غيبوا أيضا اسم فلسطين من الاسم، وبعد الهزيمة التي منيت بها حركة المقاومة الفلسطينية، بتشكيلاتها كافة، أصبح لكل تشكيل علمه الخاص به، في معنى رمزي للإخفاقات التي تتوالى.
كتاب مذكرات عبد العزيز العطي الذي صدر تحت عنوان (رحلة العمر: من شاطيء غزة إلى صحراء الجفر)، فيه سجل نادر لفترة فوارة في تاريخ فلسطين والأردن السياسي، وفيه أيضا، ما بدا أنه تصفية حساب مع بعض من رفاق دربه، ومنه ما يصنف في خانة القيل والقال.
يا ليت كتب السيرة، تخضع للتحرير والتحقيق والتحقق من قبل مختصين في دور نشر ذات مصداقية.

الثلاثاء، 27 فبراير 2018

قنوات المياه في بتير

في الطريق إلى بركة بتير

القُبلة الأخيرة لرائد الحردان/رحمة حجة








"كلنا أجيال بلا ذاكرة، نظن أن التاريخ يبدأ من هنا." (ص246)
"وأنا كنتُ بحاجة لأن أستمع، وأستمع، لأن أصدّق أن نصف عمري كان شيئًا حقيقيًا، ارتبطت به هذه المدينة (بيت لحم) وتفاصيلها، درست في جامعتها، وسجلَت جدرانها همسات حبنا أنا وسميرة، وأمضيتُ طفولتي بين أزقتها وسوقها وسينماتها، ونفذت عملًا نضاليًا في شوارعها، وها أنا أعثر على واحد من زمني، أنا شاهد على زمنه، وهو دليل زمني." (ص247)

اتفاقية رودس بخصوص بتير

نقش عين بتير

جٍنان قرية بتير

الاثنين، 26 فبراير 2018

على عين بتير

زخرفة الوسائد في كنيسة القيامة









يعتبر باب مريم، أحد أبواب كنيسة القيامة المتوارية عن الأنظار، بسبب موقعه غرب الكنيسة، ولعدم استخدامه من فترة طويلة.
يعود الباب المغلق والذي لا يظهر غير نصفه، إلى الفترة الصليبية، والتي خضعت فيها كنيسة القيامة إلى تغيرات، وما يظهر من الباب يسمى قوس مريم، تحمله أعمدة من الحجر المحلي وزين المهندسون مقدمة القوس بما يعرف بالوسائد المزخرفة، وهي عبارة عن تشكيلات حجرية على شكل وسائد صغيرة رصت بجانب بعضها البعض، وخلفها حجارة طويلة منحنية مع انحناءات القوس.
الباب الذي استخدم في العصور الوسطى، لا يعرف متى أغلق أو السبب في إغلاقه، وقد يكون حدث ذلك في مرحلة لاحقة، بعد تحرير صلاح الدين الأيوبي للمدينة المقدسة وطرد الصليبيين منها، حيث شهدت المرحلة الجديدة التي دشنها صلاح الدين إحداث إصلاحات واتخاذ إجراءات أمنية شملت إغلاق أبواب في مؤسسات دينية في القدس، كحال الباب الذهبي في سور الحرم القدسي الشرقي.
وفيما يخض كنيسة القيامة، أغلق صلاح الدين أحد أبواب الواجهة الرئيسة الآن للكنيسة والتي يدخل من بابها الواسع الزوار.
تعتبر الوسائد المزخرفة، واحدة من مفردات العمارة الفلسطينية التي استخدمت في تزيين أبواب وأقواس، ضمن رؤى هندسية تتعلق ليس فقط بالتزيين الجمالي ولكن أيضا بالمتانة البنائية المتعلقة بهندسة الأقواس سواء التي استخدمت كأبواب أو شبابيك، ولعل قوس مريم في مدخل كنيسة القيامة الغربي أبرزها.
وتحجب المحلات الملتصقة بجدار كنيسة القيامة الغربي، مشهد الباب كاملا، مما يعيق دراسة الوسائد المزخرفة الحجرية، ووضعها في سياق تاريخ العمارة الفلسطينية.
في شهر كانون الأول 2009م، نفذت حكومة الاحتلال، ما وصفتها عملية تنظيف لباب مريم، وهو ما أثار استنكارا وغضبا باعتبار أن ذلك يشكل تدخلاً من قبل حكومة الاحتلال في ما يسمى الاستتكو، أي الوضع القائم لكنيسة القيامة، واستدعت الحكومة الأردنية حينها السفير الإسرائيلي في عمّان، وأبلغته موقفها الرافض لأي تغيير على الوضع القائم في كنيسة القيامة، ذات الوضع الحساس، إلا أن حكومة الاحتلال تجاهلت ذلك، واعتبرت نفسها المسؤولة عن الباب، لان حكومة الانتداب البريطاني كانت تتولى مسؤولية المكان، وهي تفعل ذلك الآن بصفتها الدولة الوريثة.
وحسب سلطة الآثار الإسرائيلية فان تدخلها لم يقتصر على تنظيف باب مريم، ولكن أيضا تدعيمه بحجة أنه آيل للسقوط، ولكن الأمر تحوّل إلى فضيحة، عندما التقط باحث أجنبي، مهتم بالآثار، يدعى كريغ دانينغ، صورا أثبتت أن حكومة الاحتلال أجرت تغيرات على وضع الباب، وأزالت حجرا أثريا، ونقلته، مسروقا، إلى مكان لم يُعلن عنه.
وأظهر دانينغ الحجر في صورة التقطت قبل بدء الأعمال الاحتلالية في الموقع، وبعد بدء الأعمال الأحادية، أظهر صورة أخرى، تبين أن الإسرائيليين أزالوا الحجر، وفي الصورة الثالثة، يظهر ثلاثة رجال من سلطة الآثار الإسرائيلية وهم يسرقون الحجر وينقلونه إلى مكان غير معلوم.
والآن يبدو باب مريم وقوسه، مهمشا، لا يظهر كاملا، يفصله عن أحد شوارع بلدة القدس القديمة، حاجز من الحديد، وضعت سلطات الاحتلال خلفه قوارير يفترض أنها مخصصة لزراعة الورد، ولكنها ممتلئة بالنفايات، تشير إلى واقع الباب الحالي تحت الاحتلال.

الأحد، 25 فبراير 2018

اعتقال الجريح أكرم الأطرش

غزال منال محاميد الشارد في الذاكرة الفلسطينية









في عام 2015م، شاهدت الفنانة منال محاميد، في حديقة الحيوانات في حيفا، غزالا مبتور الساق، وهو ما يمكن أن يثير المشاعر لدى فنانة مرهفة مثلها، ولكن المفاجأة الأكبر بالنسبة لها، عندما قرأت على اللوحة التعريفية بالغزال، ذكر اسمه العلمي بالعربية والانجليزية باعتباره (الغزال الفلسطيني) أما في اللغة ىالعبرية، فسمي ببساطة (الغزال الإسرائيلي).
وفي معرضها في جاليري بيت لحم بعنوان (أعمال قيد الإنشاء) تقدم تنويعات على ثيمة الغزال، وتقول نهاية سعادة مسؤولة صالة العرض في الجاليري، بأن محاميد ربطت الغزال بالذاكرة الفلسطينية واستهدافها من قبل الاحتلال بالتهميش والتشويه.

الاثنين، 19 فبراير 2018

رمّانة الدار تشهد على أصحابها الغائبين















































رمّانة الدار تشهد على أصحابها الغائبين
تتكىء قرية القبو المهجرة على عدة تلال تطل على وادي الصرار، جنوب غرب القدس، والذي يحمل في تلك المنطقة اسم وادي النسور، وتمر بمحاذاته سكة قطار القدس-يافا، التي أنشئت في أواخر القرن التاسع عشر.
هجّرت قرية القبو في عام 1948م، ودمر المحتلون منازلها، وحولوا منطقة العين والمسجد إلى ما تسمى حديقة قومية تستقطب العديد من المتنزهين الإسرائيليين.
وزرع المحتلون على أنقاض المنازل المدمرة أشجارًا حرجية، لإخفاء معالم الجريمة، إلا أن شجرة رمان تنتصب وسط الأنقاض تؤشر إلى منزل مدمر لم تتمكن إجراءات الاحتلال من إخفاء معالمه.
الخبير في الحجر الفلسطيني والعمارة التقليدي جورج أنسطاس، تمكن من تتبع معالم المنزل المدمر، وقال وهو يتفقد الحجارة المتناثرة: "عملية بناء منزل في القرية الفلسطينية كانت تمر بعدة مراحل، تبدأ بعمل التسوية الأولى، أي يصل إلى مستوى جيد يصلح للبناء، ويضطر البنّاء إلى تكسير الحجارة المتحركة، بواسطة المهدة إلى أشكال عشوائية، واستخدامها في حجارة التأسيس".
وتمكن أنسطاس من الاستدلال على موقع باب المنزل، الذي كان يفتح إلى الشرق، ووضع يده على الحجارة التي بني بها الباب، ومنها ما يسمى حجر الكلب وهو الأكبر والأطول وحجر العرقة الأصغر، الذي يعطي للباب شكله، وفوق الكلب والعرقة يتم وضع حجر الكنط لكي "يكنط" جانبي الحجارة أي تثبيتها وتمكينها من الجانبين، ويسمى الكنط أيضا الساقوف وفي بعض المناطق يطلق عليه العتبة.
وكشف أنسطاس عن حجارة مشغولة بطريقة المطبة استخدمت في بناء باب المنزل: "يمر الحجر بعدة مراحل، وهناك ما يسمى السن الخشن للحجر، الذي يتم تسويته بالمطبة اليدوية، وهو الشكل الذي يظهر للناظر، بعكس الجهات الأخرى التي تكون مخفية بحركة الباب للداخل والخارج".
وما زال حجر المطبة يصنع في محاجر الحجر، وبكن بدلا من استخدام المطبة اليدوية كما في السابق، تستخدم الآن المطبة الهوائية.
وحول تفسيره لكل هذه العناية بحجارة البناء في قرية فلسطينية، يقول أنسطاس: "ما نراه من خلال استنطاق الحجارة، يدل على وجود خبرة وتطور فيما يتعلق بصناعة الحجر، وهي على الأرجح خبرة متوارثة من عدة أجيال، ومن الواضح أن الحجارة اقتلعت من نفس المكان، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة، لم يكونوا يأتون بالحجارة من أماكن أخرى لصعوبة نقل الحجارة، وعدم وجود طرق ممهدة".
ويرى الصحافي مصطفى بدر، بأن صمود شجرة الرمان يؤشر، على التناقض مع الأشجار الحرجية الدخيلة، ويقول: "يمكن أن تشكل الأشجار الحرجية منظرا جميلا، ولكنها بالنسبة لنا أشجار دخيلة على البيئة الفلسطينية، التي دخلت بلادنا خلال الانتداب البريطاني على فلسطين وأكمل المحتلون الإسرائيليون المهمة لتغيير طبيعة البيئة الفلسطينية الاورو-متوسطية إلى شمال أوروبية، وحتى في الزراعة يهودون فلسطين ليثبتوا انها قطة من العالم الغربي، وليست جزءا من العالم العربي، وهذا التشجير يضر بالغطاء النباتي المحلي، والنشاط الحيواني، ولكن التحدي يمكن أن نجده في شجرة الرمان المزروعة بجانب هذا المنزل المهدم، كان من الأجمل لو ظل هنا أحفاد زارع هذه الشجرة ليقطفوا ثمارها، بدلا من تشريدهم في المخيمات، ويمكن أن نرى أنه رغم كل الأشجار الكبيرة إلا أن النباتات والشجيرات العشبية تخرج من تحت الدمار".
في قصة للكاتب الإسرائيلي أ.ب. يوشع بعنوان (بين الغابات) يفضح الغاية من التشجير الحرجي، عندما يحرق الحارس في القصة الغابة، فتظهر أنقاض البيوت الفلسطينية.
وتنتشر في قرية القبو رُجوم الحجارة، التي تحوي حجارة لا تصلح للاستعمال فيتم وضعها في مكان معين حتى لا تعيق المزارعين أو السائرين على الشوارع، ولكن لها أيضا مهمة أخرى، كما يمكن الاستنتاج من وجود (لتون) وهو مصنع بدائي لتحويل الحجارة الكلسية إلى شيد يستخدم في البناء، حيث يتم استخدام الحجارة التي تشكل الرُجم في (اللتون).