أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 30 أبريل 2019

مدينة الحجارة..!



عندما تنبأ السيّد المسيح، بتدمير هيكل اليهود في القدس، وبأنه "لا يترك ههنا حجر على حجر"، كان، في الواقع، يؤكد واحدة من نواميس الأرض المقدسة.
تبدو الأرض المقدسة، وكأنها خلال ثمانية آلاف عام، لم تكن إلا ورشة كبيرة لإعادة التدوير، ليس فقط الثقافي، ولكن المادي، فالمعابد اليهودية، ستقام على أنقاض الهياكل الوثنية، والكنائس ستحذو حذوها، ولاحقا المساجد، وثمة نقاش نجده لدى الإخباريين القدامى، حول أخذ هذه الأعمدة أو تلك من دور عبادة سابقة لتبنى في دور عبادة لاحقة.
لو نظرنا إلى أي جانب من سور القدس، سنقرأ تاريخ المدينة من اختلاف أنواع الحجارة المبنية، تُدمر المدينة من الاحتلالات التي لا تتوقف، وتبنى من جديد بحجارة الأمم المهزومة والمنتصرة.
سيجد الباحث حجارة كثيرة في جدران المباني، في غير مواقعها الصحيحة، وإنما تم التعامل معها كمجرد حجارة في ورشة التدوير وإعادة التدوير التي لا تنتهي.
هذه الصورة لحجر في سور القدس، من الواضح انه في غير مكانه، وكان ضحية لإعادة التدوير، فتم التعامل معه كحجر فقط، دون الاعتبار لما أراده الحجّار في النقش الذي قد لا يكون مكملا بسبب عوامل الزمن، أو ما أراده من دفع له لانجاز تشكيل أو حفر أو رمز ما.
هذا الحجر الغامض، المنسي، المتاوري، بين آلاف من حجارة السور، يحافظ على نفسه، حتّى يرد اعتباره في يومٍ ما.
القدس، مدينة الحجارة، وتدويرها، ما تهدمه الاحتلالات، تبنيه احتلالات أخرى، وتواصل المدينة القدرية رحلتها.

كنوز قصر هشام في متحف روكفلر في القدس

الاثنين، 29 أبريل 2019

تنهيدة حزينة على حرب هزم جنودها دون أن يحاربوا /سارة زكريا



شخصية الفلسطيني المقهور المرسومة بفرشاة يملؤها دم جرح لم يفتأ يلتئم حتى يعاد فتحه مرة أخرى بطريقة أكثر بشاعة من التي سبقتها .
أحداث النكسة التي جاءت كحالة ثأر للجرح الأول "النكبة" كانت الفترة الزمنية التي تروى بها أحداث الرواية.
جندي جندته قيادات لا يعرف عن خطتها شيئا، ولا عن حربها مغزى ولا يمتلك حتى حق التفكير في معنى التحركات و التوجيهات على أرض معركتها، حالة من العمى والطرش والانقياد العاطفي وراء فكرة (لا يحرث الأرض إلا عجولها) ، صنعت في نهاية النهايات جنديا مهزوما يبكي على الضفة الشرقية لنهر طالما وجب عدم المزاح معه و هو نهر الأردن، الذي بعبوره إنهارت سلسلة الصمود و العزيمة و التشبت والآمال الوردية بتحرير البلاد و أضحي سلسلة مسامات وهزائم و هروب لم تنته حتى اليوم.
تمنيت خلال قرائتي لو أن الكاتب أرفق خريطة توضيحية لأسماء العيون و الأنهار والجسور والقرى التي ذكرها على ضفتي النهر، فالكاتب باتساع إطلاعه الجغرافي و معرفته بقرية إرطاس التي هي محور الحديث الأساسي و ما يجاورها من القرى والجسور والبرك، كأنه دليل سياحي حذق يربط أسماء المظاهر الجغرافية بتاريخ مر أو بإشارة تحاول معالم الأرض المقدسة و آثارها و ثمارها و مجاري مياهها أن تهمسه في آذان من يردد اسمها، يشدك لتتعرف على تلك البقعة من العالم التي تركت في روح هؤلاء الجنود هذا الجرح الدامي الباعث على العويل كالنساء، وفي أعماق روحه فجوة مليئة بالتساؤل والخيرة والعار بمجرد عبور جسر !
سماها أسامة العيسة تباريح جندي لم يحارب ليترك في روح قراء روايته تنهيدة حزينة على حرب هزم جنودها دون أن يحاربوا، وأعلنوا الإنسحاب دونما بنادق توجه إلى رؤوسهم وصدورهم.
فعل الفرار و الإنسحاب والعار في أرواح الجنود ما لم يفعله الرصاص والحرب، هنا فقط يصبح الرصاص أرفق بقلب الجندي من أي سلاح آخر، وتصبح تباريح الألم أقل وطئا من تباريح الخيبة!

يزن خلف عن رواية جسر على نهر الأردن

حمزة ناجي عن رواية جسر على نهر الأردن

الدكتور خيري عوض يتحدث عن رواية جسر على نهر الأردن

الجمعة، 26 أبريل 2019

رأي الناقد عزيز العصا في رواية جسر على نهر الأردن

أنا هي طفلة البلاد/عطاف هادية




هذه الرواية وفقرتها الأخيرة: " أنا طفل البلاد التي ضاعت، وضاع على ضفاف الأنهر، ولم تبحث عني أمي، وها أنا أمشي عليه، وسأمشي، وسأمشي، وأنا أغني أغنيتي"
كلما شعرت كلمة: "أنا طفل البلاد التي ضاعت" في داخلي، يتوقف قلبي للحظات وأتذكر أنني ابنة القدس وطفلتها التي ضعت عنها وضاعت عني بجدار إسمنتيّ كبير والكثير من الحنين والقهر، طفولتي هناك، وقلبي يعود لجسدي أحياناً ليرحل إليها مرة أخرى!
هذه مرتي الأولى التي أكون فيها بمناقشة كتاب بحضرة صانع كلماته وحروفه وكل أبعاده. تذوقت لذة كيف يمكن أن يستشعر كل شخص طعم الكلمات والأحداث بطريقته، بأفكاره، ماضيه، تجاربه، وحتى مستقبله!
رواية "جسر على نهر الأردن"، أعادت لي شعور التقصير تجاه قضيتي والملحمة الفلسطينية، شعرت بغربتي عن وطني، بتصادم التاريخ بالجغرافيا، هذه التفاصيل التي لم أكن أعرفها وأنا "طفل البلاد التي ضاعت" أعادت لي شعور بالمرارة ممزوجٌ بفكرة مقاومة الانهزام.
شكرًا للسيدة نيفلين على فكرة الصالون الأدبي، وعلى أن تجرب شعور أن تناقش رواية حملتها معك أينما ذهبت، ركنتها بجانب سريرك مرات عديدة، نامت بين بيدك ورافقتك لأيام لتعتصرك شعورًا لذيذًا وغريبًا ليالٍ طويلة.
من اقتباسات الرواية التي شعرت أن الكاتب أسامة العيسة يوجهها للقارىء كِ لكمة في منتصف وجهه وأنها ليست ضمن أحداث الرواية بل لكل قارىء ولكل شخص منا:
 ". . يحدثنا عن تاريخ قريتنا، الذي يعرفه الأجانب الذين سكنوا فيها أكثر منا، وهذا ما لا يجب، كما يرى الأستاذ، وأنه علينا نحن أن نعرف على الأقل ما يعرفونه".
كان محتوى الرواية يقودك لهذا العصف الذهني لتعرف أبعاد هذا الوطن وقصته الحزينة أكثر!
شكرًا أستاذ أسامة العيسة على كل هذه التفاصيل التي جملتها حين جعلتها تتلخص في عمل روائي مختلف!

الخميس، 25 أبريل 2019

الروائي اياد شماسنة عن رواية جسر على نهر الأردن

قصر الست..!








يعتبر البعض، أن قصر الست طنشق من أجمل عمارات بلدة القدس القديمة، وهو قريب من تكية خاصكي سلطان، مما يجعل المرء بتأمل، في هذا البذخ الأنثوي، في بلدةٍ حشرتها الأسوار، وجعلتها تنام في معظم لياليها خائفة؛ من غزو البدو، ومن الغزو الخارجي، ومن تناقضات ارستقراطيتها الدينية، والانقلابات والتبدلات السياسية الإقليمية التي لم تتوقف، وكان لها أبلغ الأثر على المدينة وتنوع سكانها.
يتميز قصر الست، بتفاصيل العمارة المملوكية. كانت القدس منفى للأمراء المماليك المغضوب عليهم، وإذا كان... البعض، يرى في حكمهم الطويل، عصرًا أسودا، إلا أنه فيما يتعلق بما بنوه في القدس، فكان عصرًا أبيض.
يعلمنا الحنبلي، بان الست طنشق بنت عبد الله المظفرية، هي التي بنت هذه البناية، وعاشت ودفنت في القدس.
هذه الدار الفخمة الكبيرة، التي تحوّلت، في يوم إلى مقر للحكام العثماني، فعرفت بدار السرايا، ولاحثا الى دار الأيتام الإسلامية، تحتاج واجهتها الفريدة، اهتمامًا بسيطًا، محليًا، فعلى الأقل ليس هكذا يمكن أن تظهر، كما تظهر في هذه الصورة، حيث تحول أحد مداخلها الثلاثة، إلى مكب نفايات صغير.
كيف يمكن أن نصدق أنفسنا ويصدق العالم شعاراتنا، كدعوات النفير، وعلى القدس رايحين شهداء بالملايين، فضلا عن قصصنا التي لا نعرف كيف تبدأ ولا كيف تنتهي، كباب الرحمة مثلاً.
يمكن فقط أن نرسل بطاقة حب للست، الذي استفادت القدس من قصرها.
لا تشتموا الاحتلال فقط..! وقللوا الغناء للقدس، ربما تحتاج شيئًا غير الغناء، والشعارات، وتوقيت (القدس الشريف) بالنسبة لبعض الفضائيات..!
ربما يخبروننا ذات يوم ماذا يعنون بالقدس الشريف..!

الأربعاء، 24 أبريل 2019

من بيروت إلى حيفا..!


في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب
جسر على نهر الأردن ووردة أريحا:
جناح مكتبة كل شيء الحيفاوية، صالة8 c35.
مجانين بيت لحم:
جناح دار نوفل البيروتية

الأحد، 21 أبريل 2019

قيامة..!



"يجب أن يقوم من بين الأموات"
ماذا لو لم يقم أدونيس، والسيد، والمسيح، من بين الأموات؟
القيامة ضرورة تاريخية، ولكن هل الوحدانية كذلك..!
**
عدسة الياس حلبي

السبت، 20 أبريل 2019

السوسن الملكي يخرج فقوعة من عزلتها








يعتقد مفيد جلغوم، بأن السوسن الملكي، الذي ينبت في أراضي قرية فقوعة، قرب جنين، نقل القرية، من قرية مهمشة، إلى أخرى، يتزايد الاهتمام الرسمي والشعبي بها باستمرار.
ولدى جلغوم، وهو مربي، وكاتب، وناشط في مجال الترويج لسوسنة فقوعة، أمثلة عديدة على ما يقوله، وأشار وهو يتنقل مع مراسلنا في السيارة، إلى الحفريات في الشوارع من اجل مدّ شبكة مياه، قائلا، بان للسوسن الملكي فضل في ذلك.
يفخر جلغوم، بأن أهالي القرية مع شركاء آخرين، تمكنوا من إثارة الاهتمام بهذا النوع من السوسن، ونشر الوعي المحلي للحفاظ عليه، وللعام الثالث على التوالي أقاموا مهرجانا للاحتفاء بها، وإصدار كتاب ونشرات عنها.
وتم تخصيص حديقة صغيرة للسوسن، على أرض مقبرة مندرسة، قريبة من الجدار الفاصل، بين القرية وجزء من أراضيها ومدينة بيسان المحتلة، وهو عبارة عن سياج تحرسه قوات الاحتلال باستمرار.
وقال جلغوم، بأنه تم جلب بصيلات السوسن من أراضي القرية، وزرعها في الحديقة، كي توفر رؤية سريعة، لمن يرغب من زوار القرية، مشيرا إلى أن هذه التجربة تحتاج إلى دراسة، ومعرفة أكثر بطبيعة السوسن وطرق إنمائه.
وبدا جلغوم فرحا وهو يرى أن زهر السوسن، لم ينطفئ، كما هو المعتاد في الثلث الأول من شهر نيسان، وأشار إلى ظهور حواصل على السوسن، تحتضن داخلها حبوب إكثارها.
وتحدث جلغوم، عن الدراسات المخبرية التي تجرى، لكي يتم تسهيل التعامل مع هذه الحبوب، وقال: "نحافظ على السوسن الملكي، ونواصل البحث عن كل ما يتعلق به".
قبالة الجديقة، وعلى الجبال المحيطة بالقرية، تظهر المستوطنات، التي تروج للسوسن الملكي، باعتباره سوسن جلبوع، وتقديمه ضمن القصص التوراتية.
والصراع بين المستعمرين، وأهالي القرية ليس جديدا، ففي عام 1948م، تمكنت العصابات الصهيونية من احتلال القرية، ولكنه احتلال لم يدم.
في منزل جلغوم، علقت على الجدار، صورة الشهيد محمد إبراهيم جلغوم (أبو الطاهر) وهو واحد من أربعة شهداء، ارتقوا خلال عملية تحرير قرية فقوعة في شهر تموز 1948م.
يقول جلغوم: "بعد احتلال العصابات الصهيونية للقرية، تشتت أهلنا، وأصبحوا لاجئين في القرى المجاورة لمدة أربعين يوما، ولكنهم قرروا اتخاذ خطوة جريئة، بالتعاون مع الجيش العراقي، الذي وضع خطة لتحرير القرية، على أن ينفذها مجاهدي القرية، وانتشر الجيش في الجبال حول فقوعة، بينما اقتحم الفدائيون من شباب القرية، قريتهم، وتمكنوا من تحريرها، ونجم عن معركة التحرير، مقتل عشرة من جنود العصابات الصهيونية، وارتقاء أربعة شهداء من بينهم جدي محمد".
ويضيف جلغوم: "اعتقد بان عملية تحرير فقوعة، بعد سقوطها، هو حدث فريد في عام النكبة".
ولم يكن الاحتلال، بدون ثمن، حيث دمرت العصابات الصهيونية المنازل القديمة الكبيرة، ومن بينها منزل عائلة جغلوم، الذي يمكن رؤية السقف الجديد له، الذي شيد بعد التحرير.
وهدمت العصابات الصهيونية، أيضا مسجد القرية وكنيستها الملاصقة له، وتم لاحقا بناء المسجد الذي يعرف الآن باسم المسجد الشرقي، بينما لم يعاد بناء الكنيسة حتى الآن، واحد أسباب ذلك خلو القرية من المسيحيين.
لدى مغادرة قرية فقوعة التي ترتاح على واحدة من قمم سلسلة جبال فقوعة، كانت الشمس، وهي تغيب، ترسم لوحة مستطيلة، بألوان ذهبية، وسط الغيوم البيضاء الممتدة على الجبال الغربية المقابلة للقرية، ترمز لحكايات صمود، وتجذر للناس والنبات والحجارة لم ترو بعد.

الجمعة، 19 أبريل 2019

عن الزاوية الهندية في القدس


‏القدس تعيد الحياة لقصر هشام














بنى الخليفة الأموي الوليد الثاني بن يزيد (743م - 744م)، قصره الشتوي، في خربة المفجر في مدينة أريحا، ولكنَّ، سوء الحظ كان من طالعه، فتهدم القصر، بفعل زلزال، قبل أن يشغله، ولازمه سوء الحظ هذا، لقرون، فعندما أُعيد اكتشاف القصر، نُسب، خطأ، كما يرى الآثاريون، إلى الخليفة هشام بن عبد الملك.
نقلت اللقى الأثرية التي وجدت في خرائب القصر، بما فيها تماثيل الراقصات، وتمثال يعتقد انه للخليفة نفسه، إلى المتحف الفلسطيني في القدس، الذي سيطرت عليه سلطات الاحتلال بعد حرب حزيران 1967م.
ولكنَّ سوء الحظ لا يستمر إلى الأبد، فإذا كان المحتلون ما زالوا يعتقلون الراقصات الأمويات، فان رجع صدى حركاتهن وأرواحهن، سمع وشوهد في خرائب القصر، في احتفالية بعنوان (القدس مدينة الأنبياء)، بتنظيم من مؤسسة الكمنجاتي، ودعم جهات عديدة رسمية وأهلية، فلسطينية، ودولية.
باستخدام مبدع للإضاءة، افتتحت الاحتفالية، بتذكر قصيد محمود درويش عن القدس، بظهور ملفت للخطاط جوليان بروطن من فرنسا، وبمصاحبة اوركسترا الكمنجاتي بقيادة رمزي أبو رضوان، وليشهد المسرح الصغير الذي أُقيم حول نجمة القصر الثمانية، ظهور أكثر من 60 فنان وموسيقي، خلال نحو ساعة ونصف، أخذوا فيها الحضور إلى أجواء مقدسية، وصوفية، بلغات متعددة.
وأعاد، كما نوهت مؤسسة الكمنجاتي فخورة، رواة القصص، والموسيقيون، وصانعو الدمى والمسرح، وحتى الخطّاط بروطن، الاستمتاع بالروحانية والقدسية، والثقافات المتعددة للقدس على مر العصور.
وسافر الحضور، وهم في مقاعدهم، بين خرائب الآثار الأموية، كحجاج وزوّار للمدينة المقدسة، من محاكم المغول الأميرية، والجبال الأفغانية، وسهوب طريق الحرير، قبل الوصول إلى قصور الأندلس بغرناطة، وشواطئ البحر المتوسط الدافئة".
"كل هذا سيشكل إمبراطورية من الشعر والجمال السماوي الروحاني"-كما رأت الكمنجاتي في عرضها، الذي تولى دور الراوي فيه الممثل عامر حليحل، الذي يتقمص شخصية الرحالة العربية ابن بطوطة، فيمزج بين ما شاهده الرحالة العربي الأسطوري، وواقع القدس الحالي.
وتظهر الفنانة التونسية غالية بن علي، بردائها الأبيض، أمام النجمة الثمانية، على خلفية من ألوان متعددة، وهي تعبر حركيا، وغنائيا، عن روح صوفية محلقة عاليا في سماء أريحا الصافية، الذي بدا قمرها مشعا في ليلة صفاء ربيعية.
وقدمت فرقة الفردوس من غرناطة في اسبانيا، بالموسيقى، والمدائح النبوية، لقاء بين عالمين؛ شعر الصوفيين العظماء من الأندلس والعالم العربي.
وصدحت موسيقى الصحراءـ بأنامل، فرقة ديفانة من اراجستان-الهند، مثل الصخور في الرمال، حيث جوهر الموسيقى الشعبية والدمج بين الطبيعة والثقافة.
ومن منغوليا، بدا ايبي، متفردا، بآلته الموسيقية وصوته، الذي أخذ الحضور إلى سهول منغوليا البرية، وأبهجت فتيات فرقة انجي من أذربيجان الحضور، وتعني كلمة انجي، الثمينة، وتتكون الفرقة من فتيات يعزفن على القانون، ويظهرن حيوية التقاليد الأذربيجانية في العاصمة باكو، وثراء هذا التراث، حيث تخالط العناصر التركية والفارسية والقوقازية فيما يقدمن من موسيقى.
وألقى ثلاثة موسيقيين إيرانيين، يقيمون في المنفى، نظرة فارسية على خرائب القصر الأموي وجمهوره، وبعثوا روحا جديدة في الموسيقى الفارسية.
وأظهرت مجموعة ارحوم البقالي من المغرب، التقاليد الصوفية، للحضرة الشفشاونية، وأطلقت المؤسسة البقالي على مجموعتها من الفنانات اسم (أخوات الفن الأصيل)، اللواتي أخذن على عاتقهن، الحفاظ على الموروث الثقافي الفني الذي تزخر به مدينة شفشاون، بالإنشاد، والإيقاع، والحركة، إضافة إلى الشكل، بإبراز لباس المرأة الشفشاونية.
وصدح الصوت الأسطوري، للشيخ يحي حسين من تنزانيا، في سماء خرائب القصر الأموي، وأنشد قصائدا صوفية باللغة العربية، بأسلوبه الخاص، بلمسة افريقية.
وحوَّل دراويش اسطنبول، المسرح، إلى زمن متحرك، بطقوسهم المولوية، والرقص الكوني الذي ولد في خيال جلال الدين الرومي، ودار الدراويش دورانهم الروحي، حيث امتدت اليد اليمنى نحو السماء، واليسرى باتجاه الأرض طريقا للنعمة الإلهية.
أما سيد آلة الرباب، أستاذ داود خان من أفغانستان، فقدم برفقة عازف الطبلة الايطالي سيرو مونتاناري، موسيقى آلة الرباب النادرة، والتي يسعى خان للحفاظ عليها.
وأظهر أربعة موسيقيين فلسطينيين، من فرقة السامر، التقاليد البدوية الفلكلورية، المتعلقة بالطبيعة، بمزيج من السامر، والحدابة، والدحية.
القدس التي وحدت الفنانين، من مختلف العالم، فانشدوا وعزفوا ورقصوا لها، أعادت الحياة للقصر الأموي، بعد قرون من بنائه.

الأربعاء، 17 أبريل 2019

فرقة ديفانا الهندية في القدس

ثمار الحنظل..!



لا أفهم، حقيقة، لماذا كل هذا الاهتمام بانتخابات مجالس اتحاد الطلبة، التي تُصرف عليها كل هذه الأموال؟
أعرف بعض قادة الحركة الطلابية في ثمانينات القرن الماضي، وما أعرفه منهم الآن، قد يكونوا أحقر شخصيات أظن أنني عرفتهم في حياتي، في مناصبهم الحزبية والرسمية والمنظمات غير الحكومية، وكانوا في ذلك الزمن مثل هؤلاء الطلبة المتحمسين الآن، يزايدون على حجارة الأرض.
إنهم ثمرة غسيل الدماغ، والكذب، والخداع، التي يمارسها زعماء الفصائل، وبعضهم ما زالوا في مناصبهم أكثر من خمسين عامًا، فيصبحون فاسدين نموذجين، في تشكيلة النخب الفلسطينية، تحت الاحتلال.
بماذا يختلف من يتابعون هذا الهراء، عن الهرائيين، المرشحين ليكونوا فاسدي المستقبل؟ هذا إذا ظل في الأفق مستقبل لشعبنا الجميل.
محتقر، في ضميري، من يؤيد، أو يشجع، هذا الهراء أو ذاك، ومن يقدم نفسه مثقفًا أو أديبًا أو كاتبًا أو صحافيًا أو مفكرًا، وفي غمرة المزايدة، يعلن، بدلا من هوية وطنية، ولاءً حزبيا.
شعبنا أفضل بدون الأحزاب والفصائل، واستمرار وجودها، ليس فقط عبئا ماليا ومعنويا وسلطويا على شعبنا، وإنما تقييدا، لأية حركة انعتاق، يمكن أن تنبعث لتجدد دماء الشعب المقهور.
لقد خربتم كل شيء، فانصرفوا..!
**
الصورة: نقش في بلدة القدس القديمة

الاثنين، 15 أبريل 2019

لفتة العدو..!



للمنتصر لفتته، للمهزوم، الذي عندما يصبح منتصرًا، يقدم لفتته هو الآخر..!
أبدى الكاتب الدرامي ايسخسيليوس، تعاطفًا مع الفرس المهزومين، في حربٍ، كان هو مشاركًا فيها.
وربّ العهد القديم، أشفق، على نينوى الكافرة، وعطف على شعبها وبهائمها.
الصليبيون، الذين ارتكبوا، إذا ما صدقنا ما كتبه، وليم الصوري، واحدة من أبشع الجرائم، في القُدْس، حوّلوا قبة الصخرة إلى كنيسة، ولكنّهم أبقوا على ما تركه من سبقهم من الحكام المسلمين، من أسماء تخلد أعمالهم، بأكثر أساليب الخط العربي، والزخرفة، براعة.
وعندما انتصر صلاح الدين، ترك لفتته، أخرج صليبًا كبيرا من قبة الصخرة، ووضعه في ساحتها، ولكنّه، أو غيره لاحقًا، قص الصليب الحجري الذي ما زال موجودًا حتى الآن، وقريبا منه أكثر من جرن عمّاد.
وقبل أسابيع، طلب مسلم تونسي، مقيم في فرنسا، زار الحرم القدسي، وعندما شرح مرافق محلي له عن الصليب، طلب إزالته، وعندما سألته لماذا؟ قال: "نحن مش ناقصين، ربما يظهر من يدعي حقا في المكان، بسبب وجوده".
في الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، أبقى المسلمون، على النقش اللاتيني، الذي يشير إلى تأسيس كنيسة في الحرم.
وفي المسجد الأموي في دمشق، أبقى المسلمون، على جرن العمّاد، الذي يشير الى طبيعة المكان السابقة ككنيسة بيزنطية، وقبل ذلك كمعبد روماني.
قتل العباسيون، الأمويين في فلسطين، ونصبوا أَسمِطَة الطعام، بجانب نهر العوجا، على جرحى الأمويين، وتلذذوا بالطعام وهم يسمعون أنات أبناء عمومتهم، ولكنّهم بدلاً من تقديم لفتة رمزية، أبدى أحد موظفيهم غباءً، يلازم عادة، المقربين، والموظفين، وماسحي الجوخ، فأبقى على الرقم التأسيسي الذي يؤرح لبناء عبد الملك بن مروان لقبة الصخرة، ولكنّه، وضع مكان اسم الخليفة الأموي، اسم الخليفة العباسيّ المأمون، ولكن بخطٍ مختلف، مبقيًا على التاريخ كما هو، وعندما جاء ماكس فان برشم، ووثق الرقوم، اكتشف التزييف، وظهرت الفضيحة التي لازمت العباسيين، على الأقل في المجتمع الأكاديمي الأثري حتى يوم النّاس هذا.
كل هذا بفضل مسّاح جوخ غبي..!
ولكن هل يتحمل هو فقط مسؤولية الفضيحة؟
في بلدة الخضر ثمة مثل متداول سمعته قبل أيّام: "الثلم (التلم) العوج (الأعوج) من الثور الكبير".
ليرحم الله المأمون، محب المثقفين والمترجمين، وأيضا المنافقين..!

محمود درويش عن القدس

قبة الصخرة بعيني ابن بطوطة

غالية بن علي في أريحا

الأربعاء، 10 أبريل 2019

شموس مجدل شمس..!







عندما التقيت أم محمد في مجدل شمس، في طريقي إلى جبل الشيخ، في العاشر من شهر آذار المنصرم، لم يكن ترامب قد أعلن ما أعلنه بخصوص الجولان، ويمكن للسياسيين والقانونيين والصحافيين وغيرهم، أن يقدروا ويشرحوا عن خطورة إعلانه، ولكنّ الأمر، أظنه لم يهم أم محمد، التي تقدم الخبز التقليدي الساخن، واللبنة، والزعتر، وزيت الزيتون، والعسل، والشاي المعتق على صوبة الحطب، في فرنها الرحب بالمحبة، والابتسامات، وروح البلاد الشاميّة المعتقة.
تلاعب أناملها، العجينة، وتفردها، وبحركةٍ ترفعها إلى الأعلى، فتكبر في الهواء، وتسقطها على الصاج، لتستقبل حشوتها، وتنفث عليها، من روحها.
لا تلقي أم محمد بالاً للممانعين، ولا تتابع أخبار غير الممانعين، تفعل، شمس مجدل شمس، ما عليها فعله، وما فعله أسلافها على مدى قرون، تنغرس بالأرض، ببساطة لأنها أرضها، بدون إعلانات وطنية. تستيقظ مبكرًا، وتقدم أفضل ما لديها؛ فطائرها الساخنة، للصاعدين إلى الجولان، وتصمد، وتصمد، وتصمد.
هكذا فعل سوريو بلاد الشام، طوال قرون، أمَّا قادتهم، ففعلوا كما يفعلون اليوم؛ يبربرون كثيرًا، ويخونون أكثر فأكثر..!

الثلاثاء، 9 أبريل 2019

على مفرق المدرسة..!



بدون إشعار مسبق أو توقع، ينحرف سائق الحافلة، بحافلته نحو اليمين، بجانب مدرسة زكريا، التي ما زالت صامدة بحجارتها المصفرة، منذ غادرها طلبتها، إلى الشتات دون رجعة.
إلى أين سيتجه سائق الحافلة؟ وتأتي الإجابة بعد لحظات، عندما ينحرف إلى اليسار، ويصبح في محطة الوقود، وأجد نفسي أنظر إلى المدرسة التي درس فيها أسلافي، ولو لم يحدث ما حدث، فربما درست بها أنا أيضًا، بعد تطويرها بالطبع، وإضافة صفوف إليها، ستشوه مبناها القديم، ولكن هذا ما يحدث في ظل الإدارات النفعية، وكنّا سنعترض ونرفع الصوت عاليًا.
مدرسة زكريا الأميرية؛ هي ثمرة الاحتلال البريطاني، جاء الاحتلال وارثًا احتلالاً؛ الاحتلال العثماني الذي غادر لم يبني مدرسة في برّ القدس، والاحتلال الذي خلفه شق شوارع، وبنى مدارس، لتسهِّل على دبابته، وليرفد مؤسساته بكوادرٍ تعليمية.
لو لم يحدث ما حدث، وأنا أُحدّث المدرسة، بينما الحافلة تُعبأ بالوقود، ببنزين المحتلين الجدد الذي ورثوا احتلالاً عن احتلال، بأنني عندما أتخرج منها أو فيها، لن أنساها عندما سأكمل تعليمي وأعمل في القدس، وعلى الأرجح كنت سأظل مقيمًا في القرية قريبًا منها، في بيت ريفي، وسأذهب إلى القدس وأعود منها يوميّاً، وربما أفعل ذلك أكثر من مرة، ولن يستغرق ذلك إلّا خمسة عشرة دقيقة.
ما الذي تغير في حجارتك أيتها المدرسة، هل نفضت عنها ذكريات الطلبة وشيطنتهم؟ وإذا فعلت ذلك ماذا راكمت من ذكريات جديدة؟
هل ما زلت تذكرين، شعراء القرية الذين تخرجوا من بين جدرانك التي علاها السواد؟ وأكثرهم شهرة خليل زقطان الذي ذاع صيته في خمسينات القرن العشرين الفوّارة بعد نشره لديوانه (صوت الجياع)، وسيقول لي الدكتور زياد أبو لبن، قبل أسابيع، بأنه بصدد إصدار جديد للديوان مع تحقيق وتصويب ودراسة.
هل تذكرين يا حجارة، الشاعر فتحي الكواملة؟ الذي أصدر ديوانين؛ الأوَّل (يا رسول السلام)، وهو مدح للرسول العربي الكريم، والثاني بعنوان (البركان)، يدعو فيه للثورة والتمرد والعمل من أجل الخلاص من الأنظمة العربية، وصودر هذا الديوان من قبل السلطات الأردنية فور صدوره في القدس.
وهل ما زلت تذكرين الشاعر الذي لم يكن أقل مشاغبة من سابقه، واسمه عبد الفتاح الكواملة؟ والذي أصبح طريًدا لمعظم الأنظمة العربية بعد أن هاجم سياساتها وتآمرها على قضية فلسطين.
هل تعرفين بأن تلميذك عبد الفتاح الكواملة، عاش محرومًا تعيسًا، وأقدم على إنهاء حياته بيده عندما أطلق الرصاص على نفسه عام 1987 في مدينة إربد الأردنية؟
يا مدرستي المفترضة، ما زلت تنتظرين، وأنا مازلت أيضًا..!

مدرسة قرية زكريا الفلسطينية

الأحد، 7 أبريل 2019

وداعا أبو العزّ..!



ماذا يعني أن يموت والد أسير، وابنه في السجن، تنتظره سنوات طويلة؟ كيف عاش أبو العزّ، خلال السنوات الخامسة عشرة الماضية، التي أمضاها ابنه عزّ الدين حمامرة في السجون، والمحكوم بالسجن المؤبد؟
أنا مطلع على جزء مما عاناه أبو العز، الذي غادرنا اليوم، بشكل مفاجيء، وتزاملنا، كوالدي أسيرين، في زيارة الأسرى في سجن ايشل، واختبرنا المعاناة التي يتحملها أهل الأسرى في مسيرهم نحو الزيارة.
عانى ابو العز، من هدم سلطات الاحتلال لمنزله، ومن عزل ابنه في السجن لفترات طويلة، وربما مستمرة حتى الآن، ومن أمور صعبةٍ كثيرة، استضافني وأصدقائي من المشائين في منزله الذي انتقل إليه بالقرب من ركام منزله السابق، وكان دليلاً لنا إلى المواقع القديمة في قريته حوسان، ورسم، بالكلمات، الطريق التي قطعها المجاهد السوري سعيد العاص (أبو سعاد) قبل استشهاده في وادي الغويط.
يرجل أبو العزّ، وفي حلقه غصص، ما يمكن أن يشكّل عزاءً، أنه يرحل إلى مكانٍ ليس فيه احتلالات، ولا دكتاتوريات، ولا دول خائنة، أو ممانعة، ولا محاور للمقاومة (خصوصًا محاور القهر والمقاومة)، تقدم رفات جندي إسرائيلي، هديةً، لدولة الاحتلال، كان يمكن أن تستبدل بعددٍ من الأسرى، ويكون بينهم ابنه عزّ الدين.

الاثنين، 1 أبريل 2019

أعلن نصره الأخلاقي ومضى..!



لم يكن أمام الشاب ساجد عبد الحكيم مزهر (18) عامًا، عندما علم باقتحام قوات الاحتلال لمخيم الدهيشة، قرب بيت لحم، صباح اليوم، إلا تلبية نداء الواجب، كما هي عادته كمسعف متطوع في الإغاثة الطبية الفلسطينية، فخرج من منزله إلى شوارع المخيم، التي شهدت مواجهات بين قوات الاحتلال وفتية الحجارة، الذي كان ساجد قبل سنوات واحدا منهم.
اقتحمت قوات الاحتلال حارة الولجية في مخيم الدهيشة، بمركبة مدنية، نزل منها الجنود أمام منزل عائلة عيسى معالي، واقتحموا المنزل، لاعتقال الشاب جهاد معالي، المطارد لقوات الاحتلال منذ عامين، والذي فشلت قوات الاحتلال باعتقاله أكثر من مرة، وأصيب العام الماضي، برصاص قوات الاحتلال الخاصة.
وفي هذه المرة، فشلوا أيضا باعتقال جهاد، فاعتقلوا شقيقه معاب معالي، كرهينة حتى يسلم معالي نفسه، وهددوا باتخاذ المزيد من الإجراءات إذا لم يسلم جهاد نفسه.