المستوطنون هم الذين
أتوا إلى وادي رحّال، وأصبحوا جيران السكان الأصليين، بعد أن استولوا على أرضهم،
وحرموهم من الشارع التاريخي المؤدي إلى قريتهم، وحاصروهم، وصادروا الفضاء الشجري
حولهم، ولم يعد يفصل هؤلاء عن هؤلاء سوى شارع، غير مسموح للسكان الأصليين قطعه إلى
المستوطنين البيض الجدد، ولكن هؤلاء يستطيعون وطبعًا بدون استئذان ليس فقط قطع
الشارع، وإنما قطع الحياة عن الأصليين، واقتحام المدارس، والمنازل، والتنكيل بهم،
وحتى إجراء تدريبات عسكرية، وتصوير الأفلام وسط المنازل بعد طرد سكانها.
ما يزعج المستوطنين أيما
إزعاج هو أولاد وادي رحّال الشياطين، الذين اكتشفوا فجأة أنهم يمكن أن يزعجوا
المستوطنين والجنود المدججين، ووجد جيش الاحتلال نفسه في مواجهة مع هؤلاء الذين
يبتكرون أساليب لتعكير مزاج المستوطنين، وهو آخر شيء يمكن أن تسمح به دولة
الاحتلال.
الأولاد الشياطين،
حصلوا على كلب بلدي (يسمى علميًا الكنعاني)، هناك روايات في كيفية الحصول عليه،
ولكن هذا غير مهم، هنا والآن، وضع الأولاد جهاز ليزر صغير على رأس الكلب، وانتظروا
حتى جن الليل، وضربوا الكلب حتى يهرب ويقطع الشارع بدون استئذان، ليقلق منام
المستوطنين، الذين جاؤوا من بروكلين ومن آخر الدنيا ليسرقوا أرض وهواء ومستقبل
الأولاد.
وصل الكلب الليزري مدينة
أفرات الاستيطانية، ولم يكف عن الهروب والنطنطة، وبعث أضواء الليزر لتتنطنط على
منازل المستوطنين وتقتحم غرف نومهم. فزع المستوطنون من الإرهابي الذي اقتحم أمنهم،
وجرت اتصالات الطواري نحو الجهات الأمنية المستعدة دوما لمطاردة الإرهابيين.
طارد الجيش الذي لا
يقهر الكلب، ولكن لم تكن المهمة سهلة، وعاش المستوطنون على أعصابهم، خصوصًا وان الأجهزة
الأمنية لم تتمتع بشفافية الإفصاح للمستوطنين عن ما يجري والكشف على أن المطارد هو
كلب، وعندما حاصره الجنود أخيرًا في الأحراش، أبلغوا مجموعات الجنود الذين اقتحموا
القرية بحثاً عن أي دليل يقرب طريقهم لإلقاء القبض على الكنعاني، تمكن قنّاص، من
قنص الكلب، ولم ينه ذلك اقتحام جنود الاحتلال لمنازل وادي رحّال بحثا عن الأولاد
الشياطين.
بعد أن قهر الجيش
المقهور الكلب، أراد في محاولة أخيرة لإعادة الاعتبار لجنوده، الإتيان بخطوة ذات
تأثير معنوي، فأمسك الجنود بالكلب، ورموه خلف الجدار الفاصل نحو وادي رحّال، وكأنهم
يريدون أن يقولوا للأولاد الشياطين ها هو كلبكم رُد إليكم مقتولاً..!
لم يتوقف الأولاد الشياطين
عن اجتراح أساليب أخرى وقد نعود لبعضها، لاحقاً..!
**
بانوراما لوادي رحّال،
عدسة: عبد الرحمن يونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق