أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 31 ديسمبر 2008

ارث غزة الثقافي

218

منذ عام 1967، وربما قبل ذلك، وارث غزة الاثري والثقافي، مهدد من قبل المحتلين، لقد تم سرقة بعض من اهم الاثار الفلسطينية من قبل اسرئيل، او من قبل الجنرال ديان، ومثال ذلك الابرز اكفان دير البلح المثيرة.

وفي كل عدوان جديد، يتم تدمير بعض من هذا الارث، وخلال الحرب المعلنة الان على غزة، تم تدمير بعض المعالم الاثرية وفقا لبيان اصدرته اليوم وزارة السياحة والاثار الفلسطينية، فيما يلي مقتطفات منه:

في الايام الماضية للعدوان والقصف المتواصل فقد تم تدمير العديد من المباني التاريخية والمباني العامة والدينية والتعليمية من قبل القوات العسكرية الاسرائيلية، حيث شملت:


-        تدمير المباني العامة وتشمل مقرات الوزارات ومباني الخدمة العامة والبريد الى جانب مبنى السراي التاريخي.


-        تدمير مبنى الحاكم التاريخي وهو مبنى ضيافة وطني.


-        التدمير الجزئي لموقع البلاخية، الذي يعرف بموقع غزة القديم "انثيدون"


-        تدمير المؤسسات العلمية والتربوية، بما في ذلك بعض مباني الجامعة الاسلامية ومختبراته.


-        تدمير المباني الدينية ومراكز العبادة بما في ذلك خمسة مساجد.


-        تدمير البنى التحتية لمدن القطاع، ومنها الطرق وخطوط الكهرباء والماء والمجاري.



ان التراث الثقافي الغني في غزة يشكل جزءا مهما من الهوية الثقافية الفلسطينية، وهو جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي الإنساني، وتدميره  المتعمد يلحق الضرر البالغ بالكرامة الوطنية وحقوق الإنسان الفلسطيني في تاريخه وتراثه الثقافي. كما يشكل هذا التدمير المتعمد خسارة عظيمة للإنسانية جمعاء.

وجاء في البيان ايضا:
ان الاعتداء الجديد على المدينة التاريخية في غزة يشكل خرقا فظا للإعلان الدولي الصادر عن اليونسكو حول التدمير المتعمد للتراث الثقافي لسنة 2003 ، لذلك تناشد وزارة السياحة والآثار المجتمع الدولي وخصوصا منظمة اليونسكو ولجنة التراث العالمي ومنظمة الايكوموس والمنظمات الدولية لإدانة إسرائيل على خرقها المتواصل للقانون الدولي وعلى استهدافها العسكري لمواقع التراث الثقافي، وانتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني. حيث لا بد من الاشارة الى استمرار القصف يحول دون اجراء تقييم شامل للاضرار.

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008

الاوردي

217

أنهيت قراءة كتاب المناضل المصري سعد زهران (الاوردي) عن التعذيب في سجون نظام وطني وهو نظام عبد الناصر، والكتاب هو جزء من مكتبة كبيرة لنشطاء من الإخوان المسلمين واليساريين المصريين تعرضوا لإرهاب الدولة الوطنية، لأسباب سياسية.

سؤال الاعتقال السياسي ارقني كثيرا منذ سنوات طويلة، وأصبت بصدمة، لم استوعبها حتى الان، عندما مارس نظام عرفات الاعتقال السياسي، وهو ملف يجب ان يفتح كاملا في يوم من الأيام، ولم أكن أتصور أن يصبح معتقلون سابقون سجانين جدد، وفي هذا المجال ثمة حكايات وقصص كنت شاهدا عليها، مثيرة للشجن والبكاء.


وكم يبدو الان الأمر مثيرا للسخرية والاستهجان والاستهبال من وسائل الإعلام العربية التي كانت تستضيف متحدثين من فتح وحماس، ليقول الفتحاويون انه لا يوجد أي معتقل سياسي في سجون حكومة رام الله، بينما يؤكد الحمساويون ذلك، في حين يستطيع كل صحافي فلسطيني أن يذكر على الأقل عشرة أسماء معتقل سياسي من معارفه أو من منطقته.


وفي الضفة لم يقتصر الأمر على الاعتقال السياسي، بل امتد ليشمل ما اسميه "التطهير الوظيفي"، والاستيلاء على البلديات والجمعيات المنتخبة وممارسات أخرى شبيهة، تجرد الانسان من مسببات الحد الادنى للصمود، فهناك مثلا رئيس بلدية منتخب، طرد من منصبه واعتقلته اسرائيل، وطردت السلطة امراته من وظيفتها.


أما في غزة، فقادة من حماس اعترفوا بممارسة الاعتقال السياسي ردا على الاعتقال السياسي في رام الله..!! (مثل الدكتور اسماعيل رضوان مثلا)، ومسؤول في حماس هو الدكتور عمر عبد الرازق، أكد في حديث لي وجود معتقلين سياسيين في غزة.


وما أشبه مأساة اليوم بالبارحة...!


كنا نوجه نداءات للأجهزة الأمنية في الضفة، خلال الانتفاضة، لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين خشية على حياتهم (وفي هذا الأمر حكايات مؤلمة..مؤلمة جدا).


أما اليوم فالنداءات توجه لحركة حماس، حفاظا على حياة المعتقلين السياسيين.


الطائرات الاسرائيلية ترتكب المجازر، وثمة من لا يريد ان يتنازل عن الاعتقال السياسي، وهي سبة في جبين أي نظام..!


وفي خضم كل ذلك، يتم التعامل مع المواطن الفلسطيني كفرد من القطيع، عليه أن يموت، ويقتل، ويسجن، ويضطهد، ويطرد من وظيفته، ثم يطلب منه أن ينتفض.


لا اعرف ما هذا الحب من طرف واحد الذي يجب أن يتحلى به الفلسطيني، الحب لا يكون حبا، إلا إذا كان متبادلا، سواء مع امرأة أو مع وطن.


ولهذا السبب لم تكن الاستجابة الفلسطينية في الضفة الغربية لمجازر القطاع، على مستوى الحدث..وهو أمر مؤلم ومؤشر خطير على قرف الشعب من فصائله وقيادتها.


ولن تكون هناك أي استجابة لنداءات بانتفاضة ثالثة أو رابعة، يخوضها الفلسطينيون، وان عرفوا لماذا، لا يعرفون الهدف منها، وأية مكاسب ستحقق.


لدى كل نظام عربي، معتقلين سياسيين، وكل نظام عربي بغض النظر عن صفته: إسلاميا أو قوميا، أو ماركسيا (كنظام عدن السابق)، مارس ويمارس الاعتقال السياسي.


في إسرائيل الأمر يبدو مختلفا كليا، فهناك قوس قزح سياسي من اقسي اليسار الذي لا يعترف بشرعية إسرائيل، إلى أقسى اليمين، لا يوجد معتقل سياسي واحد، أو منفي سياسي واحد، وعندما يذهبون للحرب، يكونون صفا واحدا.





حتى تتغير الصورة، ستدفع أعدادا كبيرة ولا يمكن حصرها من الفلسطينيين الثمن.


وعودة لكتاب سعد زهران، يمكن الاطلاع على تفاصيل عنه على هذا الرابط


http://www.akhbarelyom.org.eg/adab/issues/568/0600.html



الجمعة، 26 ديسمبر 2008

ليس لدى الاسبانيات أحذية وإنما أغان للحرية

216

لو أراد العرب دليلا حيا على وجودهم لعدة قرون في أسبانيا، غير القصور الحجرية الفخمة، لما وجدوا أفضل من الفنانة (كريستينا دي فالي)، ذات الملامح الشرقية السمراء والتقاطيع الاندلسية.


و(فالي) مغنية معروفة في بلادها وللنطاقين باللغة الأسبانية وفي أنحاء مختلفة من العام، وبسبب مكانتها الفنية وشهرتها اختارتها الأمم المتحدة لتكون سفيرة للنوايا الحسنة لديها.


ولفالي، أيضا نشاط سياسي واجتماعي، فهي رئيسة مؤسسة الفنانات المناهضات للعنف في أسبانيا، وترأس الان وفدا مكون من نحو200 من الفنانين والكتاب والرسامين المعروفين في أسبانيا، وصل إلى فلسطين، في مهمة ثقافية-تضامنية مع الشعب الفلسطيني، بمناسبة عيد الميلاد المجيد وفقا للتقويم الغربي.


وقدمت كريستينا، على مسرح ساحة المهد عددا من أغانيها، التي قوبلت بتشجيع جمهور محلي وأجنبي انتظر وسط البرد القارس، صعودها على المسرح.


وكانت فقرة كريستينا الأبرز من الفقرات التي قدمتها المجموعة الاسبانية لجمهور عيد الميلاد، الذي استقبل المجموعة بحفاوة كبيرة.


وقدمت ممثلات اسبانيات، مقاطع من شعر محمود درويش خصوصا من قصيدته (أرى ما أريد)، مصحوبة بالنص العربي.


وعزفت فتيات من المجموعة على القرب، وهن يرتدن اللباس التقليدي لبلادهن، وكن عزفن ولأول مرة خلف البطريرك فؤاد الطوال، لدى دخوله إلى ساحة المهد، وعزفن يوم الثلاثاء أمام حاجز عسكري في البلدة القديمة بمدينة الخليل، تضامنا مع أهلها الذين يعانون من إجراءات الاحتلال والمستوطنين.


وتخلل العرض، بيان تلي بالعربية، يعبر عن موقف المجموعة من القضية الفلسطينية، ومن معاناة الشعب الفلسطيني خصوصا النساء.


وأعلنت المجموعة وقوفها مع شعبنا ضد الاحتلال، وفي إشارة إلى الحذاء الذي رشقه الصحافي العراقي منتظر الزيدي للرئيس الأميركي جورج بوش، أعلنت المجموعة في بيانها "ليس لدينا قنابل أو أسلحة أو أحذية إنما نملك صوتنا نرفعه عاليا تضامنا مع الشعب الفلسطيني".


وهذه المرة الثانية التي تقدم فيها المجموعة عرضا فنيا كبيرا في ساحة المهد، ففي يوم 24-12-2006، قدمت المجموعة (سيمفونية النساء من اجل السلام في فلسطين)، شاركت فيه مغنيات شهيرات مثل كارمن باريس، وميرسيدس فيرر، ومارينا روسيل، وممثلات مثل بيس كالديرون، وماريا سان، وروت جابريلل وغيرهن، بالإضافة إلى كاتبات ورسامات، ومخرجين وفني إضاءة وآخرين، وتم التحضير لذلك العمل مدة 3 أشهر متواصلة.


ويكاد الوضع الفلسطيني لا يختلف كثيرا بين العرض الذي قدمته المجموعة عام 2006 وهذا العام، ففي المرة الأولى، كانت الأجواء ملبدة باقتتال بين حركتي فتح وحماس، وحينها قالت لي كريستينا "ما حدث في قطاع غزة من اقتتال آلم أعضاء الوفد، لأننا نعتبر أنفسنا جزءا من الشعب الفلسطيني، ولكنه لم يؤثر على قرار القدوم إلى فلسطين وتقديم العمل الفني الثقافي".


 أما الان، فالاقتتال توسع، وأصبح انفصالا وانقطاعا، ولكنه لم يؤثر على بوصلة كريستينا ورفيقاتها ورفاقها الذين هتفوا من اجل "الشعب الفلسطيني ودعما لحقه في العودة إلى دياره التي هجر منها وإقامة دولته المستقلة".


وقبل عامين حملت كريستينا ومجموعتها وثيقة سياسية أسمتها (خارطة الطريق النسائية من اجل السلام)، في مشاكسة لخارطة الطريق الأميركية، فالخارطة "الكريستينية" تدعو لإقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود حزيران (يونيو) 1967، وإزالة المستوطنات وعودة اللاجئين، أما في هذا العام ففضلت المجموعة التعبير عن موقفها من خلال بيان مقتضب مليء بالدلالات ووضوح الموقف.


وكما حدث قبل عامين، اصعدت كريستينا ووفدها، إلى المسرح لترفع صوتها عاليا في سماء بيت لحم، منتصرة للحرية والجمال والعدل، في يوم مولد رسول المحبة والسلام.

ليس لدى الاسبانيات أحذية وإنما أغان للحرية

216

لو أراد العرب دليلا حيا على وجودهم لعدة قرون في أسبانيا، غير القصور الحجرية الفخمة، لما وجدوا أفضل من الفنانة (كريستينا دي فالي)، ذات الملامح الشرقية السمراء والتقاطيع الاندلسية.


و(فالي) مغنية معروفة في بلادها وللنطاقين باللغة الأسبانية وفي أنحاء مختلفة من العام، وبسبب مكانتها الفنية وشهرتها اختارتها الأمم المتحدة لتكون سفيرة للنوايا الحسنة لديها.


ولفالي، أيضا نشاط سياسي واجتماعي، فهي رئيسة مؤسسة الفنانات المناهضات للعنف في أسبانيا، وترأس الان وفدا مكون من نحو200 من الفنانين والكتاب والرسامين المعروفين في أسبانيا، وصل إلى فلسطين، في مهمة ثقافية-تضامنية مع الشعب الفلسطيني، بمناسبة عيد الميلاد المجيد وفقا للتقويم الغربي.


وقدمت كريستينا، على مسرح ساحة المهد عددا من أغانيها، التي قوبلت بتشجيع جمهور محلي وأجنبي انتظر وسط البرد القارس، صعودها على المسرح.


وكانت فقرة كريستينا الأبرز من الفقرات التي قدمتها المجموعة الاسبانية لجمهور عيد الميلاد، الذي استقبل المجموعة بحفاوة كبيرة.


وقدمت ممثلات اسبانيات، مقاطع من شعر محمود درويش خصوصا من قصيدته (أرى ما أريد)، مصحوبة بالنص العربي.


وعزفت فتيات من المجموعة على القرب، وهن يرتدن اللباس التقليدي لبلادهن، وكن عزفن ولأول مرة خلف البطريرك فؤاد الطوال، لدى دخوله إلى ساحة المهد، وعزفن يوم الثلاثاء أمام حاجز عسكري في البلدة القديمة بمدينة الخليل، تضامنا مع أهلها الذين يعانون من إجراءات الاحتلال والمستوطنين.


وتخلل العرض، بيان تلي بالعربية، يعبر عن موقف المجموعة من القضية الفلسطينية، ومن معاناة الشعب الفلسطيني خصوصا النساء.


وأعلنت المجموعة وقوفها مع شعبنا ضد الاحتلال، وفي إشارة إلى الحذاء الذي رشقه الصحافي العراقي منتظر الزيدي للرئيس الأميركي جورج بوش، أعلنت المجموعة في بيانها "ليس لدينا قنابل أو أسلحة أو أحذية إنما نملك صوتنا نرفعه عاليا تضامنا مع الشعب الفلسطيني".


وهذه المرة الثانية التي تقدم فيها المجموعة عرضا فنيا كبيرا في ساحة المهد، ففي يوم 24-12-2006، قدمت المجموعة (سيمفونية النساء من اجل السلام في فلسطين)، شاركت فيه مغنيات شهيرات مثل كارمن باريس، وميرسيدس فيرر، ومارينا روسيل، وممثلات مثل بيس كالديرون، وماريا سان، وروت جابريلل وغيرهن، بالإضافة إلى كاتبات ورسامات، ومخرجين وفني إضاءة وآخرين، وتم التحضير لذلك العمل مدة 3 أشهر متواصلة.


ويكاد الوضع الفلسطيني لا يختلف كثيرا بين العرض الذي قدمته المجموعة عام 2006 وهذا العام، ففي المرة الأولى، كانت الأجواء ملبدة باقتتال بين حركتي فتح وحماس، وحينها قالت لي كريستينا "ما حدث في قطاع غزة من اقتتال آلم أعضاء الوفد، لأننا نعتبر أنفسنا جزءا من الشعب الفلسطيني، ولكنه لم يؤثر على قرار القدوم إلى فلسطين وتقديم العمل الفني الثقافي".


 أما الان، فالاقتتال توسع، وأصبح انفصالا وانقطاعا، ولكنه لم يؤثر على بوصلة كريستينا ورفيقاتها ورفاقها الذين هتفوا من اجل "الشعب الفلسطيني ودعما لحقه في العودة إلى دياره التي هجر منها وإقامة دولته المستقلة".


وقبل عامين حملت كريستينا ومجموعتها وثيقة سياسية أسمتها (خارطة الطريق النسائية من اجل السلام)، في مشاكسة لخارطة الطريق الأميركية، فالخارطة "الكريستينية" تدعو لإقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود حزيران (يونيو) 1967، وإزالة المستوطنات وعودة اللاجئين، أما في هذا العام ففضلت المجموعة التعبير عن موقفها من خلال بيان مقتضب مليء بالدلالات ووضوح الموقف.


وكما حدث قبل عامين، اصعدت كريستينا ووفدها، إلى المسرح لترفع صوتها عاليا في سماء بيت لحم، منتصرة للحرية والجمال والعدل، في يوم مولد رسول المحبة والسلام.

الاثنين، 22 ديسمبر 2008

معتقل "عوفر" .. الداخل مفقود والخارج مولود

15 215 36

كتب حسام عز الدين:
بمحاذاة المدخل الرئيس لمعسكر "عوفر" الاسرائيلي، حيث يقبع المئات من الاسرى الفلسطينيين، جلست خمس نسوة واخذن يراقبن الاحتفالات الصاخبة لاهالي الاسرى الذين تم اطلاق سراحهم أمس.
هؤلاء النسوة وصلن الى مدخل معسكر "عوفر" ليس للاحتفال، بل من أجل حضور جلسات محاكمة ابنائهن القابعين في هذا المعتقل.
وكان العشرات من الشبان اقاموا حلقات من الدبكة واخذوا يرددون الاغاني والاهازيج الوطنية اثناء تجمهرهم امام المعسكر بانتظار اطلاق سراح الاسرى.
ورغم الحسرة التي تسكن قلوب هؤلاء الامهات اللواتي كن ينتظرن السماح لهن بالدخول الى قاعة المحكمة، الا أن ملامح الفرح بدت واضحة على وجوههن عندما شهدن لحظة معانقة بعض الامهات لابنائهن الذين تحرروا من قيد الاعتقال.
وقالت المواطنة حليمة ابو رشوان التي قدمت من بلدة دورا بمحافظة الخليل على امل السماح لها بحضور جلسة محاكمة نجلها خليل "الله يهني كل ام سعدت بخروج ابنها من سجون الاحتلال، وان شاء الله اللي طلّع هؤلاء الاسرى يطلّع ابني".
وحول ان كانت تشعر بالسعادة وهي تنظر الى امهات اخريات وهن يحتضن ابناءهن المحررين، قالت ابو رشوان "طبعاً أنا فرحانة، واتمنى ان اكون أنا في يوم من الايام في انتظار ابني هنا".
ورفع العشرات من أهالي الأسرى المحررين، صور الرئيس الراحل ياسر عرفات، وصور الرئيس محمود عباس، الى جانب الاعلام والكوفية الفلسطينية.
وليس بعيداً عن النسوة الخمس، وقف المواطن عبد الرزاق الهشلمون هو وافراد عائلته في انتظار نجلهم مجدي الذي اطلق سراحه ضمن هذه الدفعة، غير أن القلق كان يسيطر على افراد هذه العائلة بعد سماعهم خبراً يفيد بأن سلطات الاحتلال اعادت اعتقال ثلاثة اسرى ممن كان مقرراً اطلاق سراحهم.
وامضى مجدي الهشلمون عامين ونصف العام في سجون الاحتلال من اصل مدة حكمه البالغة سبع سنوات، وذلك قبل ان يتم اطلاق سراحه امس منهياً بذلك حالة من القلق كانت تنهش اعصاب افراد عائلته.
وقال الهشلمون الاب "هذا اليوم هو اسعد ايام حياتي، واتمنى من الله ان يتم اطلاق سراح جميع الاسرى من سجون الاحتلال".
وجلس الصحافي اسامة العيسة على مسافة ليست بعيدة عن موقع الاحتفالات منتظراً بان يسمح له جنود الاحتلال بالدخول لحضور جلسة محاكمة نجله الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر.
وقال العيسة إنه ممنوع من زيارة نجله "لكني اجد في المحكمة فرصة لرؤيته والاطمئنان عليه".
المواطنة جمعية محمود خليل التي قدمت من بلدة بيت عور لاستقبال نجلها صابر، والذي اعتقلته قوات الاحتلال قبل ثلاث سنوات بعد اسبوع من زواجه، كانت تغمرها سعادة غامرة.
وقالت "انا سعيدة جداً لأن ابني سيعود الى المنزل حراً، لكني اشعر بالاسى والحزن على امهات بقية الاسرى الذين يواصل الاحتلال اعتقالهم".

http://www.al-ayyam.ps/znews/site/template/Doc_View.aspx?did=100095&Date=12/16/2008

الخميس، 18 ديسمبر 2008

فردتان في وجه الامبراطور

214

انتمي لشعب، وطات أقدام الفاتحين والمحتلين رقابه، على الأقل منذ اكثر من سبعة آلاف عام..


قريتي (عزيقة) تغير اسمها مرات لا اعرف عددها، هذه المدينة الحصينة في السهل الساحلي الفلسطيني، أصبحت في فترة ما من العصر البيزنطي بيت زكريا، ولدى العرب، الذين خاضوا بقربها معركة اجنادين الحاسمة، زكريا البطيخ، ثم زكريا، وفي العصر الإسرائيلي الجديد من أسمائها زخاريا.


رمسيس الرابع وقبله وبعده من فراعنة قادوا حملات تأديبية ضدها، وسنحاريب دمر أسوارها وأبراجها "الممتدة نحو السماء"، بشكل لا يمكن تصوره إلا من خلال البقايا الأثرية في الموقع، وسبى ناسها، وتظهر المكتشفات الأثرية (التي كشف عنها أولا عالم الآثار يارد) في العراق، هؤلاء مع أسرى لاخيش (تل الدوير) مدينة السهل الساحلي البهية، يمرون في حالة ذل أمام الإمبراطور العظيم.


في كل هذه الغزوات حاول اليهوذيون سكان عزيقة ومرتفعات السهل الساحلي المقاومة، وليس ابرز من ذلك ما اكتشف في لخيش من إشارة يبدو أنها الأخيرة تم تبادلها بين غرفتي عمليات المقاومة في عزيقة ولاخيش قبل الدمار الأخير.


تشي الرقاقة التي يبدو أنها موجهة لقائد المقاومة في لاخيش من برج مراقبة متقدم، بالإحساس المقبل بالدمار النهائي "قل لسيدي بأننا نترقب إشارات لاخيش، طبقا لكل الإشارات التي أعطاها سيدي، لأننا لا نرى عزيقة"


كانت عزيقة تحرق هذه المرة على يد البابليين، ولتكون مع لاخيش أخر مدينتين في السهل الساحلي تصمدان في وجه الدمار البابلي النهائي.


هؤلاء الذين اكتشفوا التوحيد، ضمن عملية طويلة ومعقدة (ففي عزيقة عثر على أحد النصوص المثيرة التي تربط الإله يهوذا بالآلهة عشتار العارية)، قدر لهم أن يخطوا فيما بعد الكتاب الأكثر تأثيرا في تشكيل وجدان العالم القديم والحديث.


الثورات لم تتوقف في العصر الروماني، وقاد أباطرة روما بأنفسهم عمليات تأديب كبيرة، اشهرها هدم مدينة القدس، وبناء ايليا كابتلوينا، التي وصلها العرب في العصر البيزنطي وهم يسمونها (ايلياء).


وفي العهد الجديد دفعت عزيقة ثمنا لا يمكن أبدا معرفة مدى فداحته، الا من خلال البقايا الفسيفسائية البيزنطية الباقية من كنيسة زكريا، بالغة الاهمية، كما تظهر في خارطة مادبا الفسيفسائية، والتي اقيم عليها مقام ومسجد النبي زكريا.


يمكن تقدير ان التحول الذي حدث، من الديانة المسيحية الى الاسلام القوي الجديد، لم يكن ان يتم بـ "سلاسة"، مع سيطرة الارستقراطية القرشية، و"اختفاء" سكان عزيقة، ليظهر فيها اناس "جدد".


لم يرفع الحذاء ابدا عن رقاب شعبي: الامويون، الذين حولوا القدس غرفة عمليات لمؤامرتهم على الخليفة الشرعي ارتكبوا المجارز، وقمعوا التمردات، والعباسيون ذبحوا الامويين، ولو كانت مياه نهر العوجا تنطق لتحدثت عما جرى، وكرت السبحة، سقطت القدس، في يد الصليبيين، من الحامية الفاطمية المتهالكة، وذبحوا 100 الف فلسطيني (وفقا للمصادر الصليبية)، ولا اعرف اذا مارسوا طقس اكل لحوم البشر، كما فعلوا في المعرة مثلا، او حتى فيما بينهم اما لا.


ولا اعرف كم واحد من عائلتي، حشر مع المحاصرين في القدس، وسالت دمائه، هذه المرة باسم الصليب، واستمرت انهر الدماء مع كل غاز وفاتح ومحتل وعميل اقليمي يحكم من مصر او دمشق لقوى كبرى.


ولا اعرف كم مرة كان على سكان عزيقة ان يغيروا دينهم، وسيكون من الصعب معرفة عدد الالهة التي عبدوها، او فرضت عليهم، ولكن كل ذلك لم يساعد ابدا على نهوضهم وتطورهم، فما ان دخل الجنرال اللنبي القدس قائلا "الان انتهت الان الحروب الصليبية"، حتى كان الناس منهكين مذلين اميين ينوئون بثقل تاريخهم الطويل الدموي: من حصار وغزو وسبي وقتل وحرق وتدمير واغتصاب نساء.


بعد كل ذلك هل تستكثرون علينا ان يرشق واحد منا، من هذا الشعب المذل المهان طول قرون، الامبراطور الاميركي بفرديتي حذائه.


وعندما حملنا السلاح، وصفنا بالارهابيين، وعندما فجرنا انفسنا، اصبحنا انتحاريين..


فردتان  في وجه الوالي، والعشار، والاغا، والباشا، والبيك، والرئيس، ومنظمات "الحرير"، والبصاص، ورئيس البلدية، والناطق الاعلامي، وعضو المكتب السياسي، والامين العام، والزعيم الملهم، والزعيم الرمز..


فردتان في وجه الزمن المائل..

الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

ان تكون (وزيرا) في ارض محتلة

14 213 35

يعيش الفلسطينيون واقعا عجائبيا،غريبا، لا يمكن وصفه، في فلسطين الان: شهداء يسقطون كل يوم، واسرى يدخلون السجون كل يوم، وايضا رئيسا وزراء ودستات من الوزراء وقريبا رئيسين، فيما يلي تقرير كتبته عن لحظة فلسطينية في زمن مجنون.
ربما لا يحدث ذلك إلا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في يوم يمكن أن تكون وزيرا، وفي اليوم التالي أسيرا، فالدكتور عمر عبد الرازق، وزير المالية السابق في الحكومة العاشرة، حمل أغراضه بمساعدة ابن شقيقه ووقف ينتظر، يوم الاثنين على بوابة معتقل عوفر الإسرائيلي، في بلدة بيتونيا، للدخول من اجل قضاء خمسة اشهر في السجن.
كانت سلطات الاحتلال أفرجت عن عبد الرازق، الذي اعتقل ضمن الحملة التي استهدفت نواب ووزراء حركة حماس، يوم 3-8-2008، بعد اسر جلعاد شاليط ثم استأنفت النيابة العسكرية الإسرائيلية، وتمت إضافة خمسة اشهر جديدة وغرامة بقيمة 30 ألف شيقل، ووافق عبد الرازق على تسليم نفسه من جديد لسلطات الاحتلال، لقضاء الحكم التكميلي الجديد.
ارتدى عبد الرازق، لباسا متقشفا، على الاقل بالنسبة لـ (وزير)، وظهر على غير تلك الصورة التي عرفها عنه الإعلام بعد انتخابه عضوا في المجلس التشريعي، ومن ثم وزيرا للمالية في الحكومة التي شكلتها كتلة حركة حماس في التشريعي، وكان في بؤرة الضوء، بسبب الأزمات المالية التي عانت منها تلك الحكومة.
لم يكن الدخول إلى المعتقل، بالنسبة لعبد الرازق، مسألة سهلة، فقوات الاحتلال أغلقت بوابات المعتقل، ولم تسمح لأحد بالمرور، حتى يتم الانتهاء من إطلاق سراح الأسرى الذين تم تجميعهم في المعتقل، وتقرر إطلاق سراحهم، بعد موافقة الحكومة الإسرائيلية على طلب  أبو مازن بهذا الخصوص.
اتصل عبد الرازق بمحاميه، ليخبره بأنه ملتزم بقرار التسليم، ووصل "في الموعد" و"لم يتأخر"، وانه ينتظر، وتلقى ردا إيجابيا، فوقف ينتظر ويراقب احتفالات أهالي الأسرى بخروج أبنائهم، وإجراءات جنود الاحتلال الاستفزازية بحقهم.
أراد عبد الرازق، وهو يرى عملية الإفراج عن الأسرى أن يؤكد على موقف بإلحاح، وكأنه يريد أن يطرح موقفا متمايزا عن تلك الخطابات التي تصدر عن قيادات حركة حماس في قطاع غزة، وقال  "أطالب الرئيس عباس والاخوة في غزة، أن يفرجوا فورا عن جميع المعتقلين السياسيين الفلسطينيين، في السجون الفلسطينية سواء في الضفة أو في غزة، عيب علينا أن يظل لدينا معتقلون في سجوننا، الاعتقال السياسي مرفوض أينما كان سواء في فلسطين، أو في إسرائيل، أو في أوروبا، أو في أي مكان".
واضاف عبد الرازق، وهو يرقب فرح الأهالي بخروج الأبناء الأسرى "هل يعقل أن تفرج سلطات الاحتلال عن معتقلين، ونحن ننفذ اعتقالات؟!".
ورغم أن عبد الرازق، الأسير السابق، الذي يستعد للعودة إلى الأسر من جديد، أبدى فرحا لخروج العشرات من الأسرى، إلا انه تحفظ على مسألة انهم من فئة سياسية معينة، قائلا "هذا من مآسي ما سمي بالعملية السياسية، وخصوصا، فيما يتعلق بالفريق المفاوض"..
وردا على سؤال حول الانتقادات التي يوجهها للفريق المفاوض بشأن عملية إطلاق سراح الأسرى هذه، قال عبد الرازق "انتقد الفريق المفاوض لأنه سلم اختيار أسماء المعتقلين للجهات الإسرائيلية، والتحكم بالمعايير، وهذا شيء مؤلم جدا، ولكن في النهاية نفرح لأي فلسطيني يخرج من السجن، لأنه يخرج من المعاناة".
وحول المناخ الذي يخيم على الوضع الفلسطيني الداخلي، قال عبد الرازق "هذه مأساة العصر، أتمنى أن نتعالى على جراحنا ونتحاور حوار مسؤول، ونتوصل إلى الوحدة الوطنية الشاملة".
وردا على سؤال حول كيف يرى المستقبل المنظور والتعامل مع ما اصبح يوصف بأزمة 9 يناير، حيث تصر حماس على عدم الاعتراف بشرعية الرئيس أبو مازن، قال عبد الرازق "أنا مطمئن انه قبل 9-1، سيكون هناك نوع من الحوار الهادىء، لإنهاء مأزق 9-1".
*هل لديك معلومات بشأن ذلك أم أنها مجرد تمنيات؟
-"نعم توجد لدي معلومات، ولكن ليست تفصيلية كثيرا".
*كيف ترى لاسلوب التهجم غير المسبوق والشتائم في الساحة الفلسطينية؟
-"هذا شيء مؤسف، ويدمي القلب، يجب أن نترفع بكلماتنا، ونتصرف كقادة، وليس كمتناكفين كطلاب في جامعة، أو متناكفين في شارع".
*هل تحمل رسالة للأسرى، من الخارج؟
- سأنقل لهم الوضع كما يعيشه الشعب الفلسطيني بأمانة، واحمل لهم تحيات اخوتهم واقول لهم بأنهم ثابتون بدعمهم، واطمئنهم انه توجد اخبار سارة في المستقبل القريب، سواء في ملف المصالحة، أو ملف الأسرى".
*لماذا أقدمت على تسليم نفسك، هل فكرت بالمطاردة؟
-في الواقع أنا لست جاهزا للمطاردة، ولا أظن أن الأمور تستقيم أن يكون المرء نائبا ومطاردا في الوقت ذاته.
*هل تشعر بصعوبة وأنت تتقدم بنفسك لتدخل المعتقل؟
-السجن ليس مشكلة، ولكنها مسألة البعد عن الأقارب والاخوة والأحباب، إطلاق سراحي كان قدرا من الله، وكذلك اعتقالي من جديد، عندما أطلق سراحي، لم يكن أحد في الدنيا يتوقع ذلك، فأنا ملفي الأصعب من سائر ملفات النواب المعتقلين، فأولا أنا مرشح ضمن قائمة التغيير والإصلاح، وعضو مجلس نواب، ووزير مالية، ويعتبر هذا أهم منصب".
مع اقتراب دخول عبد الرازق عبر بوابة السجن، وفي أجواء التوتر حضرت النكات، ومن بينها ما قاله الوزير السابق، والأسير الحالي:
بالأمس كنا نغير من محطة إلى أخرى لنتابع حكاية الحذاء، ولنرى لعله أصاب بوش، إذا لم يحدث في المحطة التي نراها، فربما يكون الحذاء وصل في المحطة التالية".
ثم دخل عبر البوابة الرئيسة إلى بوابة أخرى، واخضع لفحص دقيق، لن يكون الأخير، لان مشواره عبر بوابات عوفر لم ينته بعد.

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

الحذاء والعملاء

212

المعارضون والمؤيدون لحذاء منتظر الزيدي، يستطيعون كتابة مواضيع ممتازة حوله، وقد فعل بالفعل كثيرون ذلك.


ولا اعتقد أنني أستطيع إضافة أي شيء جديد للموضوع، سوى ملاحظة عامة، وهي أن أي عمل يقدم عليه المحتلون (الواقع عليهم الاحتلال) مهما كان، ضد المحتلين (الذين يمارسون الاحتلال)، هو امر اخلاقي، بما لايقاس بما يفعله الاحتلال.


الاحتلال، أي احتلال، وكل احتلال، هو قمة الارهاب واللاخلاقية، ولم يات بوش لبغداد، كضيف، او مدعو، وانما ممثلا للاحتلال، وكمجرم حرب.


ومناقشة الامر، من قبل بعض المثقفين المقرفين العرب، ضمن مسالة قوانين وتقاليد الصحافة، والمؤتمرات الصحافية، والتصرفات الحضارية، هو امر مخجل.


ولا استطيع ان اصدق حتى الان، كيف يجرؤ مثقفون عرب ومن العراق، على اعلان تاييدهم للاحتلال الاميركي، ويعتبرون ذلك وجهة نظر، ويستمرون في تولي مناصب في وسائل الاعلام العربية، وهو ما يشير الى مدى تردي الواقع لذي وصل اليه العرب، فيرفع الزيدي رؤوسهم بحذائه.


من وجهة نظري ان أي مثقف او كاتب عربي يؤيد الاحتلال، أي احتلال، هو مجرد جاسوس وعميل.


اين هو الكاتب الفرنسي، والبريطاني، والروسي، الذين ايد الالمان مثلا، بل انه الى وقت ليس ببعيد، اصطفت كل الصحف البريطانية، خلف تاتشر في حربها ضد الارجنتين بخصوص جزر الفوكلاند، رغم ان المسالة كان فيها نظر كبير.

نكتة عمر عبد الرازق الاخيرة

13 211

الدكتور عمر عبد الرازق، هو وزير المالية في حكومة حماس، حسب وسائل الاعلام، والحكومة العاشرة حسب تعبيره

يوم امس الاثنين، التقيت عبد الرازق، امام سجن عوفر، جاء حاملا اغراضه ليسلم نفسه، بعد ان تلقى اشعارا بان عليه قضاء خمسة اشهر اضافية في السجن بعد ان خرج بكفالة خلال العيد.

المشهد امام سجن عوفر بالغ العجائبية، حضرت حشود عديدة لاستقبال نحو 200 اسير، وافقت اسرائيل على الافراج عنهم، كبادرة حسن نية تجاه ابو مازن، رغم الاجواء الفرحة الا ان المؤسف ان حفل الاستقبال هذا تحول الى ما يشبه العرس الفئوي، فجميع المفرج عنهم هم من تنظيم معين، اما الاهازيج والاغاني التي رددها الحضور فكانت فئوية، وتحط من قدر حركة حماس، في موقف عادة ما كان يستدعي الشعارات الوحدوية.

انتظر عبد الرازق لساعات حتى تتم ترتيبات الافراج عن الاسرى، ليتمكن من الدخول الى معتقل عوفر، وحرص على الاتصال بمحاميه ليؤكد لادارة السجن انه وصل على الموعد.

في ظروف يعيش فيها المسؤولون الفلسطينيون،وطاة اجراءات الاحتلال، يتحولون الى اشخاص اخرين، غير ما كانوا عليه تحت اضواء السلطة الوهمية، وهذه الصفة الاخيرة من تعبيرهم، دردشت مع عبد الرازق واصر على ان يسجل دعوته لابي مازن ولـ "الاخوة في حماس" على اطلاق جميع المعتقلين السياسيين في سجون الطرفين، وقال "لا يعقل ان يطلق الاحتلال سراح اسرى ونقوم نحن باعتقالات، انه امر مشين".

قبل دخوله الى السجن، وفي لحظات التوتر، تحضر عادة النكات وكان الموضوع هو الحدث الابرز رشق مجرم الحرب بوش بالحذاء، من قبل منتظر الزيدي..
قال عبد الرازق:

بالامس كنا نغير من محطة الى اخرى لنتابع حكاية الحذاء، ولنرى لعله اصاب بوش، اذا لم يحدث في المحطة التي نراها، فربما يكون الحذاء وصل في المحطة التالية.

قبلها كان حسام عز الدين، اراني جملة رسائل على هاتفه الخلوي وجميعها نكات على الحذاء، وقال بانه عمل منها قطعة اخبارية للفرنسية.

دخل عبد الرازق امامي ليخضع للتفتيش، ودخلت بعده، لاحضر جلسة محكمة لابني باسل استغرقت (5) دقائق فقط.

وصلت رام الله وكان الظلام قد حل، ورايت بان الحذاء سبقني اليها، وتم طبعه على التي شيرتات للتسويق، وجدت  علي خلف في رصيف مقهاه المفضل، تناولت القهوة معه، حدثني عن موضوع رياضي كتبته واعجبه كثيرا قال لي:

-احب ان اجلس خارج المقهى، كان عيد عمرو يقول لنجلس خارجا لنرى وجوه الناس..

قلت له:

-ستكون كارثة اذا عاش هؤلاء الناس ليلة اخرى تحت الاحتلال، هذا الاحتلال الذي لا تبدو له نهاية..!

الأحد، 14 ديسمبر 2008

السمك الطائر في وادي القلط

12 34 55

62 71 101

لم يوح وجود جنود دورية عسكرية إسرائيلية في عين الفوّار، في الصباح المبكر، إلى أن التوغل في المسار المؤدي من العين إلى وادي القلط، سيكون طبيعيا.


كان الجنود يتخلصون مما بدا كسلا أصابهم، بعد نوبة حراسة ليلية للمنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتعتبر الأجمل في برية القدس، واخذ بعضهم يستحم في برك العين التي ارتبطت في زمن مضى لدى الفلسطينيين بثنائية الخير والشر، واحيكت حولها الأساطير، قبل أن يتراجع حضورها في الوجدان الفلسطيني، بشكل كبير، مع تدمير المكان الفلسطيني وتقلصه وتضائله، بسبب هجمات الاحتلال الاستيطاني المتوالية.


كان هدفي المبيت في الوادي، متجاهلا اللافتات الموقعة باسم الجيش الاسرائيلي التي تحظر ذلك، وإنجاز مسح شبه نهائي لمواقعه، خصوصا ثلاثة منها، وردت في مسح غرب فلسطين البريطاني، ولم أتمكن من العثور عليها سابقا، وتحديدها بدقة، خصوصا وان الأجيال الجديدة من البدو الذين يسكنون الوادي، لم يعودوا يذكرون الأسماء الفلسطينية القديمة لمعالمه، وهو أيضا شان أثاريين فلسطينيين رسميين، توجهت لهم بأسئلة عديدة، ولكن غياب ما يمكن تسميته ثقافة البحث الميداني، حالت دائما دون تقديم أجوبة.


ورغم أن وادي القلط الأشهر في برية القدس، إلا انه يفتقد لمراجع أجنبية وعربية، كتبت عنه، سوى ما تناثر في بعض الكتب.


تمتد الأكمة وشجر البوص، إلى مسافة طويلة من عين الفوار، باتجاه الوادي، وتشكل مياه هذه العين جداول مائية جميلة، وشلالات، تصب في برك واقنية حفرتها المياه، طوال سنوات لا يعرف عددها في الصخور، وهي بذلك ترسم لوحة غير معتادة عن الطبيعة الفلسطينية، التي توصف بالرائعة، والتي ارتبطت بالأذهان بالصورة النمطية للريف الفلسطيني، التي تحتل فيها العيون مكانة معينة، ولكنها لا تحتل المشهد كله، مثل مياه عين الفوار التي تصبح نهرا في البرية القاحلة، وان كانت تقل عنفوانا عن جارتها إلى الغرب عين فارة، التي حولتها سلطات الاحتلال إلى محمية طبيعية، والتي ينطبق عليها صفة النهر المتدفق لمسافة تمتد لبضعة كيلومترات، الذي تعيش على جوانبه أنواع عديدة من الحيوانات أبرزها الوبر الصخري، والغزلان، وأنواع من الطيور، كالنسور والعقبان، وفي داخل المياه تعيش الأسماك الذهبية، التي تاخذ من الشمس بعض لونها، والخضراء، التي استعارت لون الماء الذي تعيش فيه، لمزيد من التمويه.


المسوح الأثرية التي نفذتها الجامعة العبرية لكهوف الوادي، تشير إلى أنها لم تسكن فقط في العصر البيزنطي، مثلما هي الصورة السائدة، ولكنها سكنت قبل ذلك بكثير.


ومثلما هو الحال في نهر عين فارة، فان الأسماك تعيش بكثرة في نهر عين الفوّار، ولكن أعجبها تلك التي تعيش في جدول صغير يتدفق بكثافة، وتمتاز الأسماك التي تعيش فيه بقدرتها على الطيران، ولا تكف عن القفز من البركة الصخرية إلى الشلال الصغير لتعود وتكرر ذلك باستمرار.


تشكل الأسماك الطائرة هذه ظاهرة لم تكن معروفة من قبل في وادي القلط، وربما تكون محفزا لزيارة الفلسطينيين إلى الوادي، متحدين العقبات الاحتلالية، في محاول لاستعادة صورة المكان في وجدانهم.


اختيار مكان للنوم في الوادي، مسالة محفوفة بالمخاطر، بسبب الوجود الاحتلالي والاستيطاني المكثف، ولكن في تلك الليلة لم يكن ذلك هو العقبة الوحيدة، فالأمطار هطلت بغزارة، مما شكل إنذارا بإمكانية سحب الخيمة إلى الوادي السحيق.


أكملت السير في ساعة مبكرة من الفجر ووصلت دير مار جريس الشهير، المحفور جزء منه في الصخر، بينما كان أحد الرهبان يقف على شرف الدير يعتني بشعره المجدل، ليبدا يوما جديدا في التنسك، ومقابله كانت مجموعة من الليليين، الذين طالما اشتكا منهم الرهبان، يحدثون ضجة ويستعدون لركوب سياراتهم بعد ليلة ماجنة قضوها في جحور صخرية.


في وادي القلط يعيش الزاهدون والليليون، والجنود والمستوطنون، والبدو، ويغيب الباحثون، والرحالة، والمغامرون.


 

السبت، 13 ديسمبر 2008

عطر المسيح

210

في العاشر من الشهر الجاري، بثت رويترز خبرا عن اكتشاف قناني عطر في قرية المجدل الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948، واشارت الى ان المكتشفين ربطوا ذلك بمريم المجدلية التي رشت العطر على قدمي المسيح وفقا للرواية الانجيلية المشهورة.


وهذا الكشف والربط بقصة انجيلية (عن شخصية ملتبسة، حيث اننا بشان "اكثر" من مريم مجدلية واحدة كما قدمتها الاناجيل)،  حتى قبل التاكد من تاريخية القناني المكتشفة يؤشر الى العلاقة المعقدة بين علم الاثار ونصوص الكتاب المقدس وتاريخ فلسطين، الخاسرة دائما من التاويلات الدينية لتاريخها.



الخبر، كما ذكرت كانت نشرته رويترز سابقا، اما الجديد، فهو نشر مجلة ايطالية لصورة لاحدى القناني المكتشفة، وكما ترون كم هي رائعة



الخبر كما جاء في رويترز:


روما (رويترز) - يقول فريق من علماء الاثار الفرنسيسكان يقومون باعمال حفر في قرية المجدل التي اصبحت داخل ما يعرف الان باسرائيل انهم عثروا على قناني بها عطر مشابه للعطر التي غسلت به مريم المجدلية قدمي المسيح.


وقال مدير جماعة الحفر التابعة لمعهد الكتاب المقدس الفرنسيسكاني لموقع تيراسانتا دوت نت الديني على الانترنت ان المراهم المعطرة عثر عليها سليمة دون ان يطرأ عليها تغيير في قاع بركة سباحة مليئة بالطين الى جانب شعر وأدوات تجميل.


وقال الاب ستيفانو دو لوقا عالم الاثار البارز للموقع "اذا اكدتها التحليلات الكيماوية فان هذه قد تكون عطور ومراهم شبيهة بالتي ضمخت بها مريم المجدلية او الخاطئة في الانجيل قدمي المسيح."


وقال دو لوقا "اكتشاف المراهم في المجدل له اهمية كبيرة بحال من الاحوال. حتى لو لم تكن مريم المجدلية هي التي غسلت قدمي المسيح."


والمجدل هو اسم بلدة قديمة بالقرب من شاطيء بحرية طبرية التي تقع الان في شمال اسرائيل. وكانت هناك قرية عربية فلسطينية بالقرب من الموقع حتى اعلان قيام اسرائيل عام 1948 وتحتل بلدة اسرائيلية المنطقة حاليا.


وقال دو لوقا "من المرجح جدا ان المرأة التي ضمخت قدمي المسيح استخدمت هذه المراهم او منتجات مشابهة في التركيب والنوع."


ويدعم معهد الكتاب المقدس الفرنسيسكاني البحث في الدراسات الانجيلية لكنه يركز على عمليات التنقيب الاثرية في مواقع متصلة بالعهد الجديد والمسيحية الاولى في الشرق الاوسط.



الخميس، 11 ديسمبر 2008

لماذا تركت الحصان وحيدا؟

1 29 

32 في بداية الانتفاضة هدم شارون منزل شقيقه..وفي الفترة الاخيرة سرق المستوطنون حصانه، وعندما اشتكى فرضت الشرطة الاسرائيلية عليه غرامة

ابراهيم صلاح ارضه محاصرة بالمستوطنات ومنزله بالجدار والاسلاك الشائكة، ويقاوم بطريقته..

http://www.alhayat-j.com/details.php?opt=3&id=77874&cid=1357

الاثنين، 8 ديسمبر 2008

الكرة "مشروع قومي" لقرية محاصرة

31 4مساء يوم 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، جلس مجموعة من الشبان، يحيط بهم عدد من الأصدقاء واهالي قريتهم، يسهرون في أحد فنادق مدينة البيرة، دون أن يغادرهم القلق.
ولم تكن السهرة مثل أي سهرة، ولكنها، بمثابة "سهرة عمل", و"سهرة حسابات" وتقدير موقف، فالشباب هم أعضاء فريق كرة القدم التابع لنادي الشباب في قرية وادي النيص، الأشهر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهم على وشك خوض التجربة الأهم في حياة الفريق، الذي اصبح، وسط ذهول الرأي العام الفلسطيني، ما يمكن اعتباره الفريق الأول في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كان الشباب ينزلون في الفندق المريح، منذ نحو أسبوع، كجزء من مخيم تدريبي أقاموه، استعدادا لمشاركتهم في دورة بطولة دوري أبطال العرب لكرة القدم، التي ستعقد بعد أيام في الأردن.
والنقاش الذي يدور بينهم، حول إصابات بعض نجوم الفريق، وتأثير ذلك على مشاركتهم في المخيم التدريبي، في ملعب الشهيد فيصل الحسيني ببلدة الرام، الواقعة بين مدينتي القدس ورام الله.
ورغم الحماس، الذي يبديه البعض في مثل هذه الظروف، فان ذلك لا يقلل من التوتر، والخوف، والرغبة في الظهور بأفضل الحالات، في لقاء مهم، مثل الذي سيخوضه الشبان في الاردن.
وكان على سليم أبو حمّاد، رئيس نادي وادي النيص، أن يبث كل ما في جعبته من دعم معنوي، لأعضاء الفريق، الذين يبدون كاسرة واحدة، ليس بالتعبير المجازي، ولكن الفعلي، فجميعهم أقرباء وأشقاء وابناء عمومة، ينتمون لقرية وادي النيص، التي يبلغ عدد سكانها نحو 700 نسمة، تتمحور مشاغلهم، نساء ورجالا وأطفالا، حول فريق القرية، الذي أخرجها من موقعها المنعزل، على التلال الممتدة بين بيت لحم والخليل، ومحاصرتها من جهات ثلاث، بإحدى أهم المدن الاستيطانية اليهودية، التي أقامتها سلطات الاحتلال في الأراضي المحتلة، وضمتها إلى حدود بلدية القدس.
هوية وخريطة
ولكن في اليوم التالي، وفي لقاء جمعني مع سليم، في أحد المطاعم التي يملكها مشجع للفريق، بمدينة بيت لحم، بدا اقل تفاؤلا، بأي نصر يمكن إحرازه في العاصمة الأردنية، وان لم يقلل ذلك من فخره بالمشاركة في البطولة العربية.
خلال اللقاء بدا أبو حمّاد، كنجم، لا يكف رواد المطعم، عن مصافحته، والاستفسار منه عن الفريق واللقاء المرتقب، الذي يكتسب أهمية للفريق الذي يعتبر "ثلثي مشجعيه من خارج قرية وادي النيص" كما قال أبو حمّاد محاولا تفسير الاهتمام الذي يبديه رواد المطعم، اللذين ظهروا وكأنهم يتحدثون في شأن عائلي، يتعلق بمصير فرد ينتمي لكل واحد منهم.
وخلال اللقاء، كان على أبو حمّاد، أن يرد على هاتفه النقال، اكثر من مرة، فهو يتولى الترتيبات الأخيرة لسفر الفريق، والإقامة في عمّان، ومن بين الاتصالات التي رد عليها باهتمام، اتصال من مكتب "الباشا"، وهي الصفة التي اصبح يحملها اللواء جبريل الرجوب، رجل الأمن الفلسطيني السابق المثير للجدل، والذي يحقق الان شعبية متزايدة، من خلال ترؤسه لاتحاد كرة القدم الفلسطيني، وتمكنه من إحداث "نفضة" في الواقع الكروي المحلي.
كان الرجوب يستعد لحضور المباراة في الاردن، وهو ما استقبله أبو حمّاد باهتمام، وببضعة كلمات حماسية لما يفعله "الباشا" في المجال الكروي.
ووسط هذه الأجواء الحماسية القلقة، طرحت السؤال الذي طالما سمعه أبو حمّاد، عن سر نجاح هذا الفريق الخارج من قرية "لم تكن أصلا على الخريطة" كما يقول هو نفسه عن قريته، ليتصدر منذ سنوات عناوين الصفحات الرياضية في الصحف الفلسطينية.
لدى أبو حمّاد إجابة مختصرة عن السؤال، وان كانت لا تشبع الفضول، فهو يقول "سبب نجاحنا هو: الإصرار والعزيمة، والالتزام، والانتماء".
ولكن هل تكفي هذه الصفات، التي يمكن أن يضفيها أي شخص، أو مجموعة على نفسها، لتكون "وصفة نجاح" مثيرة، كما حدث لفريق وادي النيص؟.
قد تبدو الإجابة المختزلة غير كافية، وهو ما جعلني اطلب من أبي حمّاد، التحدث عن البدايات الأولى للفريق، مع تزايد الجالسين حول طاولتنا في المطعم والمشاركين في الحديث، حماسا، وتوضيحا، وحبا.
قال أبو حمّاد "في عام 1984، تأسس نادي وادي النيص، وكان هدفنا، وضع قريتنا على الخريطة، فعندما يعرف الواحد منا نفسه بأنه من وادي النيص، لم يكن الآخر يعرف أين تقع هذه القرية".
وتأسس النادي، في وقت كانت فيه القرية الصغيرة، تزداد عزلة، بسبب تمدد مدينة افرات الاستيطانية، التي أصبحت فيها وادي النيص شبه جزيرة، لا يوجد لديها إلا مدخل واحد، يمر من خلال المدينة الاستيطانية، مع ما يعنيه ذلك، من كل وسائل التضييق والقمع والاعتقال والإذلال التي يمكن أن تخطر على بال، رغم أن أهالي القرية لم يعرف عنهم النشاط السياسي المباشر، ولا وجود فعلي للفصائل السياسية الفلسطينية بينهم، ومع تأسيس النادي، الذي ضم رجالا ونساء، وهو أمر غير مألوف، في الريف الفلسطيني، اصبح مشروعهم الخاص هو فريق كرة القدم الذي أسسه النادي.
وتولى تدريب الفريق الحديث، جميل عيد من مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين في بيت لحم، الذي شارك في تأسيس النادي، مع يوسف أبو حمّاد، وعثمان علي الفواغرة.
وفرض على كل رجل وامرأة في القرية، يحمل وتحمل بطاقة هوية، أي في سن الـ 16 عاما، دفع مبلغ شهري لصالح الفريق، وهو الان عشرة شواقل (نحو 2,5 دولار)، ورغم أن هذه الاشتراكات لا تكفي حاجيات الفريق، إلا انه لم يعاني من أزمات مالية مستفحلة، نظرا للمنح التي يقدمها ممولون من القرية، وضعهم الاقتصادي اكثر استقرارا من بقية رجال القرية الذين يعمل معظمهم في العمل اليومي المأجور، ولا يوجد في القرية سوى محجر لاستخراج الحجارة المشهورة بجودتها للبناء، ولكن التمدد الاستيطاني وواقع العزلة والحصار، يحول دون التطور في اقتصاد صناعة الحجر، كما هو حال قرى وبلدات مجاورة، تقدم الدعم لفريق وادي النيص، معنويا وأحيانا ماديا.
خطوات ومفاجآت
يقول أبو حمّاد "عندما تأسس فريقنا، صنفته رابطة الأندية في الدرجة الرابعة، وهي أخر درجة، وبسبب ظروف الاحتلال وتأثر كرة القدم بذلك، وانعدام البطولات، لم تكن الفرص سانحة للفريق الصغير لأن يثبت وجوده".
ومع كل فرصة متاحة، اخذ فريق وادي النيص، يفصح عن قدراته، ويحدث مفاجآت، وفي عام 1992 اصبح بطلا على مستوى محافظة بيت لحم، وهو ما اشعر أهالي القرية، أن فريقهم اخذ يحقق حلمهم، وجعل كثيرون حتى في محافظة بيت لحم، التي تتبع وادي النيص، إداريا لها، الذين لا يعرفون عن موقع هذه القرية شيئا، يرددون لأول مرة اسم وادي النيص.
واصبح الفريق في الدرجة الثالثة، وهي وان كانت خطوة، إلا أنها لم تكن هي طموح الفريق وأهالي القرية اللذين "يعيشون عرسا عندما يفوز الفريق، وتتحول القرية إلى مأتم عام عندما يخسر مباراة" كما يقول سمير يوسف احد لاعبي الفريق.
وانتظر الفريق ومعه أهالي القرية، والجمهور الذي بدأ يتكون من خارجها، فرصة، تنقل الفريق خطوة تالية، وحدث ذلك في ظروف قد تحمل مفارقات، فعندما تولى الشيخ طلال سدر، وزارة الشباب في السلطة الفلسطينية، منشقا عن حركة حماس، قرر فتح ملف الأندية، وتصنيفها حسب نشاطاتها، وسرت همهمات حينها، بان سدر اتخذ القرار لإنصاف فريق المؤسسة التي كان يترأسها، قبل توليه منصبه الوزاري.
وفي مثل هذه الظروف، قارع فريق وادي النيص، على الملاعب المختلفة، الفرق الفلسطينية العريقة، وشق طريق الانتصارات، وازداد عدد جمهوره، وكثرت المرات التي تستقبل فيها نساء وادي النيص، أبنائهن العائدين بالزغاريد، وأصبحت القرية تغفو، في معظم المرات بعد حفلات الأفراح والليالي الملاح.
وحصل الفريق في عام 1999، على بطولة كاس فلسطين، وبدا ذلك كأنه أعجوبة، مشكلا حرجا لا ينسى للفرق العريقة، وفي عام 2000، اصبح بطلا للدوري الفلسطيني، ومنذ ذلك التاريخ "فاز في نحو 90% من المباريات التي خاضها" كما يقول أبو حمّاد.
ولم يكن الفريق فقط هو ما يثير الإعجاب، ولكن جمهوره، الذي بدا مسيطرا عليه "لا يرد على الاستفزازات" كما يقول أبو حمّاد، ويواصل ردا على سؤال طرحته عليه حول إذا كانت هناك قدرة فعلية حقا للسيطرة على جمهور "في الملعب اقف بنفسي في المدرجات، اضبط الفريق، لذا فإننا نأينا بأنفسنا عن كل حالات الشغب التي تشهدها الملاعب، ولا نرد حتى عندما نظلم، وتتخذ بحقنا قرارات غير عادلة، ونتمسك باللعب النظيف".
وما يسيمها أبو حمّاد "حالات الشغب" أصبحت في الآونة الأخيرة، حوادث عنف، غير مبرر وغير مفهوم، سقط نتيجتها جرحى، ولكن فريق وادي النيص واصل حصد جوائز التقدير التي تمنحها المؤسسات والصحف، كاللاعب المثالي، واللاعب الخلوق.
وقد يستغرب الكثيرون، عندما يعلمون، أن اكبر مشكلة تواجه الفريق، هو عدم وجود مكان ملائم للتدريب في القرية، فالفريق يتدرب في ساحة المدرسة، غير المؤهلة، ووفر أهالي القرية قطعة ارض مساحتها 25 دونما، لتحويلها إلى ملعب، وتم تجهيز المخططات، وقدمت إلى وزارة الشباب والى اتحاد كرة القدم، ولدى أبو حمّاد أملا في أن "يفعل اللواء الرجوب شيئا" خصوصا وانه تمكن من توفير مبلغ 10 الاف دولار للفريق من ميزانية منظمة التحرير بالإضافة إلى 5 آلاف دولار للملابس.
غزوات عربية 
وفي شهر أيلول (سبتمبر) 2008، لم تعد وادي النيص، معروفة في فلسطين، ولكن في العالم العربي، عندما خاض الفريق، مباريات في دولة جيبوتي، لتصفيات بطولة دوري أبطال العرب لكرة القدم، وفاز على فريقين من جزر القمر، وجيبوتي، وتأهل لمرحلة الذهاب، وخاض لاحقا مباراة مع النادي الفيصلي الأردني العريق انتهت بالتعادل السلبي، ليلتقي نفس الفريق في مدينة الزرقاء الاردنية يوم 26 تشرين الثاني، في مرحلة الإياب.
وعندما عاد فريق وادي النيص من جيبوتي، استقبلته الجماهير في استراحة جسر اللنبي، بمدينة أريحا، وزفته، بالأغاني والأهازيج حتى وصل القرية، التي انتصبت فيها حلقات الدبكة والسمر.
ودعت أبو حمّاد الذي سافر مع فريقه إلى الاردن، ليخوض المباراة المنتظرة على ستاد الأمير محمد، التي حضرها الرجوب، ورئيس نادي الفيصلي بكر العدوان.
وفاز الفريق الفيصلي، على ضيفه الفلسطيني، بهدفين مقابل هدف واحد، سجل هدف وادي النيص المدافع سامر حجازي في الدقيقة 83.
ويقول الصحافي ناصر العباسي الذي تابع المباراة "قدم فريق وادي النيص في هذه المباراة عرضا طيبا كان باستطاعته الخروج بنتيجة التعادل على أقل تقدير لكن خبرة لاعبي الفيصلي حسمت الموقف في نهاية المطاف".
في قرية وادي النيص، التي وصلتها، بعد عودة الفريق من الأردن، لا يعتبرون ما حدث في العاصمة الأردنية هزيمة لفريقهم، فهم يعرفون أن المقارنة بينه وبين فريق الفيصلي، من كل النواحي هي مقارنة ظالمة لفريقهم المحبوب.
ويحلو للبعض منهم وصف ما حدث قائلين "هزمنا بشرف" مثل ما يردد وليد المرّ، وهو مشجع متحمس للفريق، من خارج القرية، ولكنه شديد الولاء لفريق وادي النيص.
أما عبد الله يوسف، مدير الهيئة الإدارية للنادي، ونجم الفريق السابق فيقول "لعبنا في الأردن ولدينا خمسة لاعبين مصابين، وتوفرت لدينا خمس فرص سجلنا منها هدف واحد فقط، انه سوء الحظ".
ويضيف واصفا الأجواء التي استقبل فيها الفريق في القرية "عندما عدنا من الاردن، حرص الأهالي على استقبال اللاعبين بالحفاوة اللازمة، وتدليعهم وكأنهم أطفالهم الصغار، عموما نحن نرى بان النتيجة، رغم الهزيمة كانت لصالحنا، لا تنس أننا لعبنا أمام نادي عريق جدا".
ويذكر يوسف، التشجيع الذي لقيه الفريق في الأردن، من المحبين ومريدي الفريق اللذين صافحوا اللاعبين، مشيدين بمستواهم.
ويضيف "بعد المباراة التي خسرنا فيها أمام الفيصلي، وجدنا وفدا إداريا من نادي الوحدة السورية، بانتظارنا على باب الفندق، يطلب إبرام عقد مع اثنين من لاعبينا، ليلعبا في صفوفه، ولكننا طلبنا منهم تأجيل بحث الموضوع".
وردا على السؤال الذي حاولت إيجاد إجابة عليه المتعلق بـ "سر" نجاح الفريق قال يوسف "القرية تسكنها عائلة واحدة هي أبو حمّاد، واللاعب وهو داخل الملعب، يلعب وهو يفكر في كيفية إرضاء الأمهات والآباء، والجدات والأجداد، وكي لا يصيبهم الزعل نتيجة أي هزيمة، واللاعبون يلعبون بشكل جماعي، وبدون أنانية، ولا يهم من منهم يسجل الأهداف".
واضاف "المشاعر التي نوفرها للفريق، أيضا مهمة، فمثلا، منذ أربعة اشهر فرّغنا معظم اللاعبين، أهل القرية يجمعون الأموال لنوفر لهم الرواتب، مواطنون من القرية يدفع الواحد منهم اكثر من نصف راتبه الشهري للفريق، ولدينا نساء يتبرعن بخواتمهن للاعبين".
ورغم ما يظهر انه عصبية عائلية تحكم الفريق، إلا أن الانضمام إليه مفتوحا لآخرين من خارج القرية، ويلعب في الفريق الان ثلاثة من خارج القرية، أحدهما من رفح.
أسطورة الأشقاء الستة
داخل مقر النادي في القرية، تنتشر الصور الكبيرة، في القاعة، تخلد لحظات الانتصارات العديدة التي حققها الفريق مع عبارة (وادي النيص: ملك البطولات)، أما في غرفة الإدارة، فتقع العين، على ما يمكن وصفه بأكبر مجموعة كؤوس يمكن أن تجمع في مكان واحد، فعشرات الكؤوس من مختلف الأحجام، تملأ الرفوف والخزائن، والطاولات، وجميعها حصل عليها الفريق بجده وعرقه.
"هذه ليست جميع الكؤوس التي حصلنا عليها، وكثير غيرها وضعناه في المخزن" قال عبد الله يوسف، الإداري الحالي، وشقيق ستة لاعبين يلعبون الان في الفريق، وعندما كان يلعب، كان أيضا يلعب مع ستة أشقاء، وأحيانا اكثر.
واضاف يوسف "في فترة من الفترات، كنا ثمانية أشقاء في الفريق، وفي إحدى السباعيات لعبنا سبعة أشقاء".
وعبارة "الأشقاء الستة" التي تتردد على السنة المعلقين الرياضيين، وهو يعلقون على المباريات التي يلعب فيها فريق وادي النيص، يكون لها وقع خاص جدا، لدى الحاجة حلوة، والدة اللاعبين الستة الان في الفريق، وأيضا اللاعبين الستة الذين لعبوا في الفريق سابقا وهم الان معتزلين.
وتحتل الحاجة حلوة مكانة مهمة في وجدان الفريق، ومشجعيه، وعندما ينهي الفريق مباراة ويصل القرية، فان الحافلات تتوجه أولا إلى منزل الحاجة، لنقل خبر الانتصار لها، وتقبيل يدها، فأعضاء الفريق يعتبرونها أما للجميع.
وفي مرات ليست قليلة، تحضر الحاجة حلوة، مباريات الفريق، وفي أحيان أخرى تتابع المباريات على شاشة التلفزيون، كما حدث في المباريات التي خاضها الفريق في جيبوتي والأردن.
وفي منزلها، أبلغت الحاجة حلوة مراسلنا، أن قلبها يذهب مع الفريق أينما حل، وقالت أنها تتولى رفع الروح المعنوية لأعضاء الفريق "جميعهم أبنائي، 12 ابن لي لعبوا في الفريق، وبالإضافة إلى الأشقاء الستة الان، انضم أحد أحفادي إلى الفريق".
وأضافت "أظل على أعصابي، حتى اعرف نتيجة المباراة، واصعب موقف بالنسبة لي كان خلال المباراة مع الفيصلي، لعب الأولاد بشكل جميل، وكنت أتمنى أن يحرزوا هدفا إضافيا، وعندما زعلت، قال لي زوجي مواسيا: كان يمكن أن يكون الفوز لنا، ولكنه الحظ، فاقتنعت ورضيت".
ويقول اللاعب محمد يوسف "من اجلها نفوز، أنها أحد أسباب نجاحنا، إن لم يكن اللاعب ابنها، فهو ابن أخيها، أو ابن أختها، أو قريبها، 18 لاعب قبل ما يذهبوا لأمهاتهم يأتون إليها لأخذ رضاها".
وعموما للمرأة في وادي النيص دور مهم في نجاح الفريق، فمنهن من يتبرعن بحليهن للاعبين، وأخريات يرفعن الروح المعنوية، وغيرهن يساهمن بصنع النجاح كإداريات، وفي الهيئة الإدارية الحالية للنادي، توجد امرأة تقود مع زملائها الفريق.
عندما يغادر المرء قرية وادي النيص، متجاوزا بصعوبة، الحواجز العسكرية والأمنية الإسرائيلية، يخطر بباله، انه يمكن إضافة صفات أخرى لكرة القدم، التي شبعت مديحا على مدى تاريخها، مثل أنها، يمكن أن تشكل "مشروعا قوميا" لقرية لا ترى على الخريطة، تخوض صراعا وجوديا منذ اكثر من 120 عاما، عندما وصل مهندس فرنسي صهيوني يدعى جوزفين، عام 1892، ووضع مخططات للمستوطنات اليهودية الكبرى في فلسطين، ومن أهمها افرات، التي يزورها بانتظام كل رئيس وزراء إسرائيلي منتخب ويلقي فيها خطبة يؤكد استحالة انسحاب إسرائيل منها، وصدى صوته يتردد لدى فتية وادي النيص، الذين يزداد شغفهم عام بعد آخر بكرة القدم، للمحافظة على ما أنجزه أشقاؤهم وآباؤهم اللاعبين السابقين.

http://www.alhayat-j.com/details.php?opt=6&id=78953&cid=1361

http://www.alhayat-j.com/pdf/index.html

الأحد، 7 ديسمبر 2008

الفلسطينيون يسرقون ماضيهم

27

احيانا اتساءل كيف يمكن كتابة التاريخ بدون علم الاثار..


العلاقة بين التاريخ وعلم الاثار في الحالة الفلسطينية شديدة الالتباس تماما مثل علاقة تاريخ فلسطين بالسياسة والاديان التوحيدية الثلاثة..


الامر الرئيسي الذي يجري في فلسطين الان، ليس ذلك العداء المستحكم بين رام الله الاوسلوية وغزة المعتقلة بسجنها، ولكنها جملة امور عديدة من بينها عمليات نهب الاثار الفلسطينية التي لا تتوقف.


مئات الخرب الاثرية التي تعود الى العصر البرونزي، وما بعده، تتعرض للنهب، وفي الواقع لا احد في فلسطين، مسؤولين ومواطنين، لديه الشعور بمخاطر ما يحدث، خلال السنوات الماضية، حاولت توثيق الكثير من الاثار، التي يبدو انها لم تعد موجودة الان، ولكن بدون طائل، لا احد مهتم بتاريخ واثار هذه البلاد.


لصوص الاثار بسرقون الماضي الفلسطيني، وهم بذلك يعملون لمصلحة لصوص السياسة الذين سرقوا الحاضر ويعملون لسرقة المستقبل.


ويستفيد من سرقة الماضي، كتائب الباحثين التابعين لفرقاء السياسة، الذين يتبنون رواية معينة للتاريخ الفلسطيني، مريحة للجميع، وتناسب الخطاب السياسي الزاعق، الذي يخفي تحته الانتكاسات والهزائم والكوارث.


مجلة نيوزويك كانت نشرت تحقيقا عن الموضوع قبل سنتين او ثلاث، والان مجلة ناشيونال جيوغرافيك تنشر هذا التحقيق، حيث اصبحت صورة الفلسطيني الملثم حاملا ماكينة الكشف عن المعادن، بدلا من قطعة سلاح، كما روجت في السنوات الماضية، وفي كلا الحالتين، الامر جلل:


http://ngm.nationalgeographic.com/2008/12/palestine-antiquities/lange-text

السبت، 6 ديسمبر 2008

الذئاب ترحل ايضا

25

تصر سنة 2008، وبشكل غريب ان تكون الاسوا والاقسى والافظع..وان تحدث ندوبا دموية


لم يكفيها ان تاخذ معها الاشجع والاشرف والاجمل، تاركة الالم المقيم الذي لا شفاء منه، ولكنها اصرت وهي تلملم اذيالها ان تختطف عايد..


كنت ابحث عن رقم المشفى الذي يرقد فيه عايد عمرو لاتصل مطمئنا، ولكن الخبر جاء سريعا وصاعقا..


رحل الذئب..



اخشى ان تكون هناك مفاجات لا نقوى على تحملها ما زالت في جعبة ‏ابنة الكلب هذه 2008‏‏

الجمعة، 5 ديسمبر 2008

الكسي الثاني

23

هناك نوع من الزعامات التاريخية، يمكن ان يطلق عليها "رجال الاقدار" منهم البطريرك الروسي الكسي الثاني الذي رحل عن عالمنا اليوم.


يمكن اعتبار الكسي الثاني، احد المعبرين الاساسيين عن الهوية الروسية في ظروف الانهيار الذي اصاب الاتحاد السوفييتي، وعمل بدون كلل على اعادة اللحمة للكنيسة الروسية، المنقسمة خلال الحرب الباردة الطويلة.


ووصل الى فلسطين اكثر من مرة، ليستعيد الكنائس التي فقدت خلال الانقسام، مكافحا الغطرسة الصهيونية.


وعندما التقى عرفات اكثر من مرة، كان الاول يهتم بالسجاد الاحمر والبروتوكلات، بينما الثاني يخرج من اللقاء ليتسلم المزيد من الكنائس.


التقيت البطريرك المهيب لدى زياراته لفلسطين، ومنها عندما وقف على راس نحو 12 (او اكثر) بطريرك ارثوذكسي من اوروبا الشرقية وغيرها، ليحيوا فلسطين، وفي الوقت الذي كانت فيه الحركة الوطنية الفلسطينية، تبحث عن مكاسب هزيلة في سلطة اوسلو، كان الكسي يعزز موقع بلده وكنيسته.


زعماء الحركة الوطنية المعاصرة اخر همهم كان الحفاظ على الارض، وهو ما نراه اليوم من تغول المستوطنين في الخليل وغيرها، بينما عمل الكسي الثاني ويتابع دربه اخرون الان لاستعادة كل شبر لهم في فلسطين.


جهود الكسي الثاني تقاطعت مع اخرين من قيادة روسيا اليوم، في استنهاض وبعث الهوية الروسية، ويسجل لالكسي مبدئيته وعدم تقديمه للتنازلات المجانية للفاتيكان، محافظا على كرامة امته ومصلحتها.


ثمة دروس كثيرة في مسيرة الكسي الثاني يمكن ان يستفيد منها العرب، رغم شكي في ذلك..


 

شعر معتق

22 3

يقدم الشاعر عيسى عدوي، في ديوانيه: احلام فراشة، وعلى شاطيء المستحيل، رؤية متجددة للمواضيع التي شغلت القصيدة العربية.


قصائد عدوي في ديوانيه (منشورات مؤسسة فلسطين للثقافة) تسلط الضوء على اتجاه في الشعر، قلما يحظى باهتمام من الصفحات الثقافية في الصحف العربية، التي تسيطر عليها عصابات قصيدة النثر، وهي عصابات فاشستية الى حد بعيد، لا تؤمن بوجود الاخر، ولديها تضخم ذاتي مرضي، و"ثقافة" شفوية متناقلة.


قصائد عدوي هي شعر معتق، تتغنى بكل شيء جميل في هذا الوجود.



تحية لشاعرنا، العاشق المتيم بقريته زكريا، ونحن في انتظار جهوده البحثية، لكي ترى النور، وربما كانت بالنسبة لواحد مثلي، ذات اهمية بالغة.

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

الرفيق عبد الغني

52

التقيت القيادي البعثي عبد الغني عبد الغفور، في العراق، عام 2000.


كنت ضمن وفد فلسطيني، ووفود عربية ذهبت لمراقبة الانتخابات التشريعية في العراق المحاصر.


لم ينقص عبد الغفور، الثقافة والذكاء والالمحية، ولكنه مثل باقي القيادات التي التقيناها، مثل عزت الدوري، كان بين جملة واخرى، يزج باسم الرئيس العراقي صدام حسين.


من الحديث الطويل والحميم، قال عبد الغفور ان جهات غربية، طلبت من صدام الاعتراف باسرائيل، او دعم عملية السلام، مقابل رفع الحصار، ولا اعرف مدى صحة ذلك، لكن مشاعر عبد الغفور تجاه فلسطين لم تكن خافية ابدا.


كانت الغلبة في اللقاءات مع عبد الغفور، وعزة ابراهيم، وطارق عزيز، وغيرهم لتجار الكلام من سياسيين ومثقفين عربا وغير عرب، وبدا لي انه لا احد يريد ان يخوض نضالا حقيقيا من اجل رفع الحصار عن الشعب العراقي انذاك (تاثر القيادات بالحصار بالطبع اقل بما لا يقاس بالمقارنة مع الشعب).


رغم انني كونت فكرة عن طريقة تفكير القيادات العراقية، ولم تكن لدي اية اوهام عن قدرتها في قيادة مواجهة جدية، الا انني احترت في امر عبد الغفور، الذي بدا لي انه على فهم كامل بكل الظروف المحيطة، ولديه تقديرات حقيقية لموازين القوى.


في فترات لاحقة، وقبل الاحتلال الاميركي لبلاد الرافدين، سالت بعض المعارف البعثيين، عن عبد الغفور، فقيل لي بانه لم يعد في صورة المشهد السياسي، وبانه لم يعاد انتخابه لمنصب قيادي، في حزب البعث، ولم ادر مدى صحة ذلك.


اليوم شاهدت عبد الغفور وقد بدت عليه علامات الكبر، وهو يستقبل بشجاعة حكم بالاعدام اصدرته محكمة الاحتلال الاميركي عليه.


ويهتف بسقوط الاحتلال، ومعه اهتف بسقوط كل احتلال، واي احتلال.


رابط لخبر عن الحكم على عبد الغفور


http://www.afp.com/afpcom/ar/news/stories/081202155441.0nm6m4my.html


شرار أبو شرار

2

في مساء يوم الخميس الماضي، وصلت فندق الانتركونتننتال (دار جاسر) لحضور الجلسة الافتتاحية لورشة عن القضاء، ووجدت أمامي من الصحافيين الزميل نجيب فراج، مراسل صحيفة القدس، وطاقم من التلفزيون الفلسطيني.


ورغم ما يمكن أن يكون للصحافي من قناعات على ما يطلق عليها ورش عمل، أو ما شابه، الممولة أجنبيا، وتعقد في الفنادق الفخمة، إلا أن المناخ الصحافي المحلي، يجعل الاقتصار في تغطية هذه الورش، على إيراد مقتطفات من كلام المتحدثين، الذين يمكن أن يقولوا ما يريدون، دون أن يدقق في أقوالهم أي أحد، ويظنون انها ستظل اسيرة الغرف المكيفة.


وبعد حضوري للجلسة الافتتاحية، التي دعوت إليها، حررت خبرا نشر في اليوم التالي (الحياة الجديدة 28-11-2008)، يتضمن جزء من انتقادات حادة وجهها المستشار عيسى أبو شرار، رئيس المحكمة العليا، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، للجهاز القضائي والمحامين، وما نشر على لسان أبو شرار هو في الواقع جزء من نقده الحاد، للعاملين في الجهاز القضائي والمحامين.


وفيما يخص الجهاز القضائي شكا أبو شرور من عدم وجود كفاءات، وقال بأنه ورث الجهاز كما هو، وانه استعان بموظفين وفرتهم اموال الجهات المانحة، من خارج الجهاز القضائي لتنفيذ بعض المشاريع، أما عن المحامين فقد قدم صورة شديدة السوداوية والكاريكاتورية، عندما تحدث مثلا عما يجري في محكمة رام الله، عندما رأى بأم عينه كما قال كيف يحضر المحامون الطعام، ويطلبون من الموظفين الانضمام إليهم، ووصف دور المحامين بكلمة "معيب".


انتقادات أبو شرار للجهاز القضائي، ليست الأولى، بالنسبة لي، ونقلت على لسانه أمرا مشابه، في ورشة عقدت قبل اشهر في نفس الفندق، وبحضور جمهرة كبيرة من القضاء، وحينها لم ينف ابو شرار ما صدر عنه من كلام (الحياة الجديدة 19-7-2008).


وفي اليوم التالي لنشر الخبر ( الحياة الجديدة 29-11-2008) فوجئت بتوضيح من الناطق الإعلامي باسم السلطة القضائية ماجد العاروري، حول الخبر الذي نشر، ووصف مضمونه بأنه غير دقيق، بالإضافة إلى وصف ما نشر حول نقد أبو شرار للعاملين في الجهاز القضائي بأنه غير صحيح وهو يعني بأنني "الفت" ذلك كذبا وبهتانا.


ويمكن للمرء أن يعتب على زميل سابق مثل العاروري، الذي حضر الورشة، ويضطر، بحكم عمله الوظيفي، إلى إصدار توضيح "غير دقيق" أبدا، بل انه اضطر إلى نفي ما ذكر في الخبر من أقوال أبو شرار عن الفساد في الجهاز القضائي.


ويبدو أن المستشار أبو شرار، لم يكتف بتوضيح الناطق الإعلامي باسم السلطة القضائية، فاصدر بيانا عممته وكالة وفا، ونشرته الصحف يوم الثلاثاء (2-12-2008) يؤكد فيه على عدم دقة نقل أقواله في الورشة العتيدة.


لم يفاجئني بيان أبو شرار، الذي أرى انه يأتي في سياق نظر معينة للعمل الصحافي، من قبل المسؤولين المحليين، يرون في الصحافي بأنه مجرد كاتب عرائض، ولا يهمهم من الخبر إلا ذكر أسمائهم.


أما الجهات التي تشرف على ورشات العمل، فما يهمها فقط هو نشر أسماء الجهات المانحة، وللآسف فان الصحف والمواقع الإخبارية، ونحن كصحافيين قدمنا تنازلات للمسؤولين والجهات المحلية، بل اننا تخلينا عن عملنا الصحافي.


من حق المستشار أبو شرار، أن يقول ما قاله في ورشة العمل، ومن حقه أن يغير تلك الآراء، أما أن يتهم الصحافة بأنها لم تكن دقيقة في نقل تلك الآراء، أو أنها أضافت على لسانه أمورا لم يقلها، فان الحسم في ذلك يكون بالعودة إلى تسجيلات الورشة، والى ما سجلته كاميرا تلفزيون فلسطين، والى الاستماع إلى شهادة الحضور، ومن بينهم الزميل العاروري، الذي لا اعرف إذا كان سيغير أقواله التي جاءت في التوضيح إذا اضطر لتقديم شهادة تحت القسم، أم لا؟


قال لي الزميل نجيب فراج غاضبا متسائلا "هل سنبقى كصحافيين الحائط المائل؟"، واضيف سؤالا من عندي: لماذا لا نكون أيضا سلطة رابعة؟، خصوصا وأننا نعلم حال السلطات الثلاث في هذا البلد، والتي لا يسر حالها أحد؟، أو لنترك الصحافة ونذهب للعمل ككتبة عرائض على أبواب المحاكم الفلسطينية، رغم أننا نعلم حالها، ولم نكن بحاجة الى أقوال المستشار أبو شرار بحقها، والتي سمعتها مثل غيري من حضور الورشة،...اعتقد أن الإجابة هذه المرة عند جمهرة الصحافيين.  

الخميس، 27 نوفمبر 2008

ثقافة السجن

37

بعد 60 عاما و"نيف" (تدبو نيف هذه في غير محلها) تمكن الاسرائيليون، من سجن عرب فلسطين، وتطويقهم، وعزلهم في الجبال الوسطى.


كانت سياسات المحتلين سابقا، تقضي دائما، باحتلال السواحل، وترك سكان الجبال لتناقضاتهم، لتتكفل بهم، وتفرق شملهم.


اما الان فان تحالف صفوة العقول الاوروبية، والانلجو سكسونية، تمكن من تحقيق مخطط سنسميه جهنميا، ونقر بعبقريته ولم يتم حبس ما تبقى من عرب فلسطين في معازل الجبال الوسطى، ولكن تم الاستيطان اليهودي المباشر في اغلبية هذه الجبال، وابقاء العرب في الوديان المنخفضة، بحيث يسهل مراقبتهم، وقصفهم وقتلهم وهو ما يحدث.


ولم يقتصر الامر على حبس الناس، ووضع بوابات، بل تم تنصيب بعضا منهم، ليراقبوا سلوكهم، وطلب من المراقبين (الذين لهم مسميات غريبة مثل رئيس ووزراء، تبنتها وسائل الاعلام في العالم، بغباء قل نظيره، بالنسبة للعرب وحلفاؤهم، وذكاء مقصود من قبل محطات الاعلام الغربية)، ان يمارسوا عمليات قمع ضد المحبوسين، ولكن عمليات القمع الرئيسة تنفذها سلطات الاحتلال يوميا، التي تقتحم مهاجع الشعب السجين وتعتقل وتقتل وتدمر.


اما بالنسبة لغزة، فتم التعامل مع هذا القطاع الساحلي، بشكل مشابه (سترن في اذني دائما نبرة الاب بطرس معلم التي لا يمكن وصفها على الورق وهو يقول: قطاع..يسمونه قطاعا انظر لهذه الكلمة).


والنتيجة اننا امام شعب مسجون، وانتشار ثقافة وسيكولوجيا السجن بين افراده، في السجن لا يفكر السجين مثل الانسان الحر، ولا يكون تصورات، كالاخر خارج السجن، ان تصرفات قادة فلسطين الان، محكومة بثقافة السجن، وسيكولوجيا السجين، والامثلة كثيرة، وتحتاج لدراسة، والنتيجة، ما نراه من عروض العهر السياسي على الفضائيات، حيث يجلس اثنان، واحد يمثل حماس، والاخر فتح، يشتمان بعضهما البعض، ويظلان في مكانهما، ليظهرا بعد قليل في محطة اخرى يقولان نفس الكلام، وهو ما يشبه ما يحدث في السجن.


في السجن الشعارت كثيرة وكبيرة، كان عرفات يخرج من بيروت، مهزوما، واتباعه في السجن يتهمون كل ما يقول انه خرج بانه خائنا، والجبهة الشعبية كانت تخلت عن خطف الطائرات ووديع حداد منذ سنوات، وفي السجن من يجرؤ على نقد ذلك، كان يتعرض لما يسمونه (ردعا) ومن يدري ما هو الردع في السجن؟؟


في السجن، تكون التدخلات الامنية من ادارة السجن كبيرة، ومحاولة تحقيق النفس باللغة البذيئة، قد تسود للتغطية على الواقع الماساوي، وكذلك فان انتشار الالقاب، والمسميات، هو من ملامح ثقافة السجن، كم سيادة رئيس للفلسطينيين؟وكم دولة رئيس وزراء؟ وكم عضو مكتب سياسي؟ وعضو لجنة مركزية؟ ومدير عام؟ وووووو..!


ثقافة السجن لا تؤدي الا للدمار، حتى لزعماء السجن، وان كانوا يتمتعون بمكاسب مثل، وفرة في السجائر، والتحكم بالتموين، وادوات القمع..فان ذلك لا يغطي على كونهم محبوسين.


ثقافة السجن لن تنتج الا مزيدا من السجن..


لا اعرف فترة في تاريخ فلسطين، منذ العصر الحجري، مرورا باليونان، الرومان، والفرس، والبيزنطيين، والفترات الاسلامية المختلفة، ان عاش فيها شعب هذه البلاد في هذا الوضع.


واقصد شعب البلاد الاصلي، اما الاسرائيليون، فانهم يعيشون حياة مدينية كاملة، لديهم شواطئهم، ومؤسساتهم المنتخبة، وصحفهم الحرة، وجامعاتهم المصنفة ضمن قوائم الجامعات الاولى، لديهم يسارهم، ويمينهم، لديهم شيوخهم، وملحديهم، لديهم فاسديهم ومخلصيهم، لديهم جيشهم، لديهم كل ما ليس لدينا..


ليس لدينا الا شاويشات السجون (شاويش تطلق على ممثل غرفة السجن امام ادارته).


فيا جبال يهودا، وسهول فلستيا، وسامرة ايزابل، وجليل المجدلية، وبيسان الفراعنة، واورشليم كنعان، وقدس العرب البائدة، وصحراء التيه، وغزة ميماس، وعزيقة جليات، كوني بركانا..!

الأربعاء، 26 نوفمبر 2008

رحيل شيوعي محترم

210

عرفت يونس تيم (ابو الويد)، نقابيا، عندما كانت النقابات الفلسطينية، احد اذرعة المقاومة الفلسطينية في داخل الارض المحتلة، وقبل ان تتحول الى دكاكين حزبية وانجوازية امبريالية.


وعرفت ابوالوليد، مناضلا، ومقاوما، له الصورة المثالية الكلاسيكية للمقاوم، المتقدم دائما، الذي يجوع، لياكل غيره، ويضحي، بدون حدود، وبدون الم، او شكوى.


التقيت ابو الوليد، قبل نحو عام ونصف، على هامش فعالية، بمناسبة النكبة، لم اكن رايته منذ سنوات طويلة، ولكن بدونا وكاننا نستانف حديثا قطعناه بالامس فقط.


مسيرة يونس تيم، تمثل سيرة شيوعي فلسطيني نموذجي (وربما عربي)، رفع شعارات العدالة الاجتماعية والتحرر من الاحتلال ودفع ثمنا باهظا، ثم نراه يظل حزبيا مخلصا، رغم تغير السياسات والاهداف والافكار وامور كثيرة عديدة، وهو ما اراه امرا غريبا.


في اللقاء الاخير اخبرته بانني زرت الظاهرية، وسالت عنه، واعطاني عنوانه في الخليل، لنلتقي ونتابع نقاشا لم ينقطع، ولكنني لم اف بوعدي، وكنت اريد ان احتفظ دائما في ذهني بصورة المناضل المخلص المكافح، الاكبر والاقوى من الاحتلال، كما كنت رايتها في سن مبكرة في شخصية ابو الوليد.


في كل الفصائل الفلسطينية، مر مناضلون، لم يهزمهم الاحتلال، ورغم شجاعتهم التي اسميها اسطورية وقدرتهم على المحتلين، الا انهم لم يتمكنوا من ان يشكلوا اكثرية في فصائلهم، التي ستظل تقودها العناصر الجبانة والانتهازية.



لدى موعد مهم مؤجل في الظاهرية، سازورها هذه المرة، وسالقي التحية على روح مناضل عنيد.

الجمعة، 21 نوفمبر 2008

هل بني الأقصى على كنيسة بيزنطية؟

43

أثار عالم آثار إسرائيلي، مسالة بناء المسجد الأقصى على كنيسة بيزنطية، بعد أن استل من أرشيف دائرة الآثار البريطانية الانتدابية صورة لأرضية فسيفسائية بيزنطية، وغيرها تثبت وجود مطهرة، مثل تلك التي عثر على عشرات مثلها في فلسطين.


الرواية الإسلامية الكلاسيكية، التي لا أحد يريد أن يعود إليها، حول بناء المسجد الأقصى، على يد الفاتح العربي الكبير عمر بن الخطاب، فيها كثير من السذاجة في جانب منها، ويتردد فيها صدى لرواية بناء الملكة هيلانة (القديسة فيما بعد) لكنيسة القيامة، وجانبها الآخر، الذي يتم تجاهله عن عمد، لم تعد مقبولة فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، لأسباب وطنية إن جاز التعبير تتعلق بالصراع مع الإسرائيليين، ولأنها تتحدث باختصار عن استعانة ابن الخطاب بمسلم من أصول يهودية، هو كعب الأحبار (لم يحسن اسلامه فيما يبدو)، لتحديد مكان الهيكل اليهودي، ليتم بناء المسجد الأقصى مكانه.


وفي الواقع، أن الدراسات الفلسطينية والعربية حول الحرم القدسي الشريف، وهي تسمية استخدمها للإشارة لكل ما يضمه المسجد الأقصى، فقيرة إلى حد كبير، ومتحيزة بشكل مخل، وبدون داع، ومثقلة بكل ما يناقض المنهج العلمي، وأيضا ما يمكن أن اسميه أس الإيمان الإسلامي، المتصالح إلى حد بعيد مع الديانتين اليهودية والمسيحية.


ليس هناك شك، بان الحرم القدسي، بني على أنقاض هيكل هيرودس (الهيكل الثاني في الاشارات اليهودية والاسلامية المبكرة)، وإذا كانت كلمة هيكل مزعجة، فيمكن استبدالها، بمصطلح دار الحكومة الدينية، والآثار في الموقع، تتحدث عن ذلك بشكل لا مواربة فيه، أما وجود بقايا بيزنطية، فهي مسالة قد تبدو محيرة من ناحية منطقية، خصوصا وان مسيحي القدس، أهملوا المعبد الذي هدمه الرومان، احتراما لما اعتقدوا انه أحد نبؤات المسيح، وقادوا ابن الخطاب إلى المكان الذي حول إلى مزبلة (ربما مغالاة في تجسيد لنبؤة المسيح)، وفقا للرواية الكلاسيكية.


ولكن..؟، هناك في الواقع اكثر من لكن، برسم تلك البقايا البيزنطية، في ثنايا الحرم القدسي، مثل الأقواس البيزنطية، في المسجد المرواني مثلا، والتي تعلو بقايا هيرودية مثيرة.


ما يمكن تسميتها بالبقايا البيزنطية، تشمل أيضا الفسيفساء الإسلامية، والتي تشبه الفسيفساء في مواقع مسيحية أخرى في القدس وبيت لحم، وفلسطين.


هل هناك حلقة بيزنطية مفقودة في تاريخ الموقع المقدس؟ أم أن جزء كبير منها على الأقل هو نتيجة تأثر الفن الإسلامي المبكر بمثيله البيزنطي، والاستعادة بمهندسين وفنيين بيزنطيين، في تشييد بعض من أهم المساجد الإسلامية، ليس في القدس فقط، والمسجد الأموي في دمشق، أحد الأدلة.


إلى أي مدى يمكن أن نناقش قضايانا وتاريخنا وتراثنا وآثارنا؟



سؤال..؟؟

الخميس، 20 نوفمبر 2008

مروان العلان على دراجة هوائية

36

يقدم التشكيلي الفلسطيني-الأردني، انطباعاته، عن رحلة له، على الدراجة الهوائية، نفذها عام 1994، وشملت مناطق في تركيا واليونان، ولم يقدر لها أن تصدر إلا العام الماضي (2007)، عن دار الرائد للنشر والتوزيع في العاصمة الاردنية عمان، وبدعم من أمانة عمان.


وحمل الكتاب عنوان (من استانبول إلى أثينا: مشاهدات رحالة على دراجة هوائية)، ويبدا الكتاب، بالمؤلف، وهو في الأراضي السورية، بعد أن غادر مخيما لراكبي الدراجات الهوائية وجلهم من السوريين، بعد أن شعر بغربته بينهم، وتزعزع المقولات عن العروبة والوحدة، لديه، بعد أن خبرها على ارض الواقع.


ويقدم العلان، بشكل غير مباشر، ما يمكن تسميتها أوراق اعتماده للقاريء، ومسوغات رحلته، فنعرف، بأنه وعلى أعتاب الأربعين، يقرر تنفيذ رحلته، بحثا عن ذاته، التي فقدها نتيجة ظروف أسرية قاهرة، وخوضه معارك قضائية مع زوجته، وأبنائه المناصرين لها، وظروف سياسية، حيث أمضى نحو عشرين عاما ناشطا سياسيا، متنقلا بين الاسلام السياسي الى اليسار، منها سبعة أعوام في المعتقلات الأردنية.


ويبدو أن هذه الخلفية ألقت بظلالها على الرحلة، التي تبدو كئيبة بالنسبة له، ويستبق المؤلف المشاهدات والأحداث ليخبر القاريء عن الانطباعات السلبية عن المدن التي مر بها، وكذلك ناسها، دون ان يترك للقاريء حرية اتخاذ موقف.


يصل المؤلف تركيا، ولديه غصة من إقامته في سوريا، وسرعان ما تنتابه المشاعر السلبية في البلد الجديد، وكل تفكيره ينصب على الخروج منه بأسرع ما يمكن إلى اليونان.


وما يخطه العلان، عن مشاهداته في المدن التركية، ليست مشجعة على الإطلاق، ولا تحمل أي إقناعا للقاريء، الذي يريد أن يقرا عن مشاهدات وتفاصيل ومغامرات، لا شك أنها مهمة بالنسبة لرحالة على دراجة هوائية، ولكن العلان، يكتفي في معظم الحالات، بالحديث النظري ويغرق في التحليل.


ويأمل العلان، أن يؤدي خروجه من تركيا التي لم يشعر بها بأي أمان، إلى اليونان، أن تكون هذه الأخيرة افضل، ولكن لأسباب غير مقنعة أبدا للقاريء، لا تظهر اليونان، بشكل افضل كثيرا من تركيا بعيني العلان، الذي يقدم صورة شديدة الضبابية لمدينة مثل أثينا، ولمعالمها.


ويتغير الأمر بشكل افضل قليلا، مع وصوله إلى جزيرة كريت، حيث تنتهي الرحلة، التي خطها العلان، كما يفهم بعد عودته إلى الأردن، وحينها تلقى وعدا، كما يذكر بنشرها لدى رابطة الكتاب الأردنيين التي ينتمي لها، ولكن هذا لا يحصل، لأسباب غير مقنعة للعلان، الذي يوجه خلال كتابه نقدا لرابطة الكتاب هذه ورابطة التشكيليين، مشيرا إلى أن السفريات بهما مقتصرة على قيادتهما، ولا تشمل باقي الأعضاء.


ورغم السوداوية التي غلفت العمل، والتي لم يحسن المؤلف تجييرها لمصلحته، فان العلان قدم كتابا مشوقا ومفيدا ومهما للمكتبة العربية، وفي مجال عادة ما تفتقده هذه المكتبة، خصوصا المكتبة الفلسطينية-الأردنية، رغم وجود تراث مهم، يتمثل بأسماء رحالة كثر أبرزهم، المقدسي، الذي بز ابن بطوطة.


وربما يشجع صدور كتابه بعد هذه السنوات من خطه، العلان، على إصدار كتب أخرى شبيهة، في مجال الرحلة، رغم شعوره بالإحباط كما يظهر مما كتبه في صفحة الكتاب الأخيرة "ان خمسة عشر عاما، ليس وقتا قصيرا لنشر كتاب يتحدث عن رحلة، فقد اعتاد الرحالة إعطاء مخطوطات رحلاتهم إلى الوراقين، ان ينتهون من رحلتهم، ولكن ما يحدث الان، ليس هو ما كان يحدث بالأمس".


وربما يقلل من الاحباط ان الكتاب نشر فعلا بعد 13 عاما، وليس 15 عاما كما يذكر العلان خطأ..!