أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 31 مايو 2018

القدس 1990..!




"..ففي الخامس عشر من ديسمبر 1990، نشرت جريدة النهار المقدسية التي توصف بأنها واسعة الانتشار حديثا للنبي يقول فيه إن: اليونانيين والفرنجة سوف يتحدون مع مصر في الصحراء ضد رجل يدعى صادم، وأن أحدا منهم لن يعود".
هذا ما كتبه برنارد لويس في كتاب (من بابل إلى التراجمة).
يبدو ما ذكره لويس، معقولاً إلى حد كبير في أجواء القدس عام 1990..!
مع اقتراب الحرب الأميركية على عراق صدام حسين بعد احتلال الكويت، تزايدت في مدينة القدس مظاهر الهوس الجماعي، وبعد احتلال الكويت مباشرة، كان يمكن سماع الأغاني الحماسية من مقاهي المصرارة، التي تبشر النّاس بتحرير صدام لفلسطين بعد أن ينهي مسألة الكويت.
وشملت المظاهر الجنونية، الصحف والكُتّاب، وكتب مفكر يساري مقالاً اعتبر فيه صدام حسين بسمارك، وعندما ذكرته قبل سنة أو أكثر بالمقال، عبر عن فخره به، رغم أنه الآن من مشايعي حزب الله وإيران، وقال انه يلفت انتباه حزب الله، بالكف عن شتم صدام.
ومن بين الصحف التي ارتفعت لديها وتيرة الهوس صحيفة النهار التي صدرت في القدس بدعم من الأردن، بعد أن غيرت صحيفة القدس ولاءها، واقتربت من منظمة التحرير الفلسطينية.
راجعت أرشيف جريدة النهار في شهر ديسمبر الذي يشير إليه لويس، ولكنني لم أقع على الحديث النبوي المشار إليه.
والانتفاضة الأولى تنهي عامها الثالث، وتواصل إجراءات الاحتلال في العقاب الجماعي، وارتقاء الشهداء، كان الموضوع العراقي طاغيا، والنشر عن ذلك خرج عن كل الأطوار، ومن بينها مقال طويل غريب عجيب، أشد الغرابة، وأشد العجب، لمهندس اسمه إبراهيم الرواشدة، نشر يوم 5-10-1990م، رسم فيه سيناريوهات المنطقة المقبلة، اعتمادًا على ما وصفها أحاديث منسوبة للنبي، منن بينها:
"..وانه سيخرج رجل من بين النهرين على مقدمته رجل يقال له "المنصور" تجتمع معه أصحاب "الرايات السوداء" فيطلبون حقًا لهم من فئة أو حكام مغتصبين لهذا الحق، فيمنعون من أخذه بل ويقاتلون دونه فينصرهم الله على مغتصبي هذا الحق وتحت تأثير الهزيمة يرضى المغتصبون بمنحهم هذا الحق ولكنهم يرفضونه ويستمرون في الجهاد حتى يساعدوا ويمكنوا لتأثر مسلم في الحجاز".
و"المنصور" أحد ألقاب صدام حسين في عراق تلك الأيام..!
قد يكون هذا الحديث هو ما أشار إليه برنارد لويس ولكن بطريقة أخرى، ولكنه لم يأخذ بالنصائح المحقة التي يقدمها للباحثين بالعودة إلى المصادر الأصلية، ولم يكلف باحثا بالنبش في جريدة النهار للوقوف على الحقيقة.
في كتابه يشير إلى المصدر الذي أخذ عنه الحديث (Michael Cook)
تصبح تلك الأيام التي شهدتها القدس، ذكرى بعيدة، وثقت بعضها في دفتر صغير، تحت عنوان (يوميات الكيماوي) ويرحل لويس وأنا أقرأ كتابه، ورغم الملاحظات على ما كتبه، إلّا أنني صُدمت عندما قرأت في وسائل إعلام الكترونية تشفيا بموته بعناوين مثل: "إلى جهنم وبئيس المصير".
لم يتغير الشرق منذ الهوس الذي ضربه وظهرت فيه آنذاك صور صدام على القمر، وفي الأحاديث النبوية التي تؤلف تحت الطلب..!

سرّ النبالة في كنيسة البشارة..!






يورد جيمس فن، القنصل البريطاني في القدس، طرفة كانت متداولة في قدس منتصف القرن التاسع عشر عن قرية بيت جالا:
"كثيرا ما استمعت للطرفة التي يرددها الرحالة الذين يسافرون من بيت المقدس إلى بيت لحم، بقيادة مرشد من الرهبان الفرنسيسكان، والذين كانوا عندما يسألون مرشدهم وهم يشيرون للقرية الرابضة بين كروم الزيتون، عما إذا كان سكانها من المسيحيين، يرد عليهم بالايطالية: ليسوا مسيحيين إنهم أرثوذكس".
عندما عُين البطريرك فاليرجا، بطريركا للاتين في الأرض المقدسة، كأوّل بطريرك منذ الحروب الصليبية "وضع عينه على بيت جالا" كما يقول فن، وساعد فاليرجا في اقتحام الحصن الأرثوذكسي،  تراجع نفوذ الأرثوذكس في اسطنبول عشية دنو حرب القرم (1853-1856م)، وتزايد النفوذ الكاثوليكي المعادي، ودعم السفارة الفرنسية والباب العالي.
تمكن فاليرجا من تجاوز الصعوبات العديدة، وبنى المعهد الاكليركي وكنيسة سيدة البشارة، ويروي فن: "لم يكتمل بناء المباني الخاصة للبطريرك، من دون توجيه اهانة للسلطات الفرنسية، إذ تبين ذات يوم أن صاحب النيافة قد حفر شعار النبالة الخاص بعائلته، فوق البوابة الرئيسية، عوضا عن أن يقوم بوضع الشعار الخاص بالمنصب البطريركي، أو ما كان مرجحا جدا، ألا وهو وضع شعار فرنسا، والتي بفضل جهودها المنفردة، تم الشروع بالبناء والعمل حتى اكتماله. ونظرًا لأن شعار البطريرك كان قد حفر على الحجر الرئيسي في قنطرة المدخل، فقد استعصى على الإزالة، وكانوا مكرهين على إبقائه كما هو".
في شهر نيسان 2016م، دخلت إلى كنيسة سيدة البشارة في بيت جالا من المدخل الذي يحمل شعار النبالة لعائلة بطريرك إيطالي جاء لبلادنا، وفعل مثل كثيرين من أصحاب السلطات بترك أثرا له على جدران الوطن، لأحضر توقيع كتيب عن تاريخ رعية اللاتين في القرية التي أصبحت مدينة فُصلت عن القدس، ومحاصرة بالمستوطنات الاحتلالية، وسمعت من مترجم الكتيب الأب مارون لحام، عرضا لملحمة دخول اللاتين إلى بيت جالا، ومواجهتهم للصعوبات العديدة، وكأن ما حدث ملحمة فروسية تعود للقرون الوسطى، وبينما كان منهمكا في عرضه، دخل خوري الأرثوذكس متأخرًا ليحضر الحفل، فهب لحام من مقعده، وتناوله بالأحضان، وانتقل الحديث عن الأخوّة المسيحية-المسيحية، تحت ظلال رمز عائلة نبيلة إيطالية.
مشهد فلكلوري سائد بين عرب فلسطين..!

الثلاثاء، 29 مايو 2018

هكذا يصبح وادي الصوّانة.."وادي تسوريم"..!



تمثل الإجراءات الاحتلالية في وادي الصوّانة، في القدس المحتلة، نموذجًا للممارسات الاستعمارية المغلفة بأيديولوجيا تحاول تقديم التاريخ لإطالة أمد الاحتلال، من خلال تقنيات التطوير الحضري-المديني.
يقع وادي الصوّانة في سفح جبل الزيتون الشمالي، ويمر فيه قسم من حوض تصريف مياه وادي النار الذي يبدأ في أحياء القدس ويجري على طول 34 كم حتى البحر الميت.
تنتشر في الوادي وعلى امتداد سفح جبل الزيتون في المنطقة، أشجار الزيتون المعمرة، التي تعرف بالزيتون الروماني، وأشجار زيتون أخرى أقل عمرًا، بالإضافة إلى أشجار أصيلة في الطبيعة الفلسطينية كأشجار البطم المعمرة، التي تسمى البطم الأطلسي، وأشجار الخروب والرمان وغيرها، وتمتاز المنطقة بتنوع نباتي، كأزهار الزعفران الخريفية زهرية اللون، وفي الموقع مغر أثرية، وقبور قديمة.
ومن أعلى الوادي، تظهر بلدة القدس القديمة بمشهد بانورامي فاتن، بالإضافة إلى مشاهد أخرى لأحياء مقدسية كوادي الجوز، وجبل المشارف وغيرهما.
وادي الصوّانة، سيتم تغيير اسمه، من وجهة نظر الاحتلال ليصبح (وادي تسوريم)، وسيتم تحويله إلى حديقة استيطانية، تقدمها سلطات الاحتلال بأنها: "قسم من حلقة مساحات مفتوحة تحيط البلدة القديمة وتحافظ على المنظر القديم لمدينة القدس"، والمقصود الرؤية الاستعمارية للاودية المحيطة بالبلدة القديمة، التي عمل الاحتلال على تهويدها.
ورغم أن إعلان المنطقة كحديقة ، يفترض أنها منطقة محمية من النشاط البشري، إلا أن ذلك لم يمنع من تقديم جزء من المحمية لمشروع أثري-سياسي، مثير للجدل يقوده علماء آثار إسرائيليون منحازون للرواية التوراتية.
في عام 1999م، جرت عمليات إعمار في المسجد الأقصى المبارك شملت تنظيفا واسعا للمسجد المرواني، وقسم من المخلفات ألقيت في مساحات مفتوحة، في حين القي بالباقي داخل الحرم، قريبًا من السور الشرقي.
وأصبحت المخلفات، هدفا لعلماء آثار إسرائيليين، الذين أطلقوا حملات دعائية تحريضية ضد عمليات اعمار في المسجد الأقصى خصوصا فيما يتعلق بالمسجد المرواني.
وتطورت البروباغندا الإسرائيلية، لتتحول في عام 2014م، إلى مشروع لتنخيل المخلفات التي نقلت إلى وادي الصوّانة، ويحظى المشروع بدعم مالي وإعلامي من مؤسسات احتلالية عديدة على رأسها حكومة الاحتلال.
ويتم بين الفينة والأخرى، الإعلان عن اكتشافات توصف بأنها تتميز: "بقيمة تاريخية كبيرة"، وجدت بين المخلفات.
ولا يوجد بالنسبة لمخططي سياسات الاحتلال، أنسب من هذا المشروع الدعائي، لوضعه في ما تسمى حديقة وطنية، صممت لتلبي مخططات الاحتلال في مدينة القدس
http://www.alhaya.ps/ar_page.php?id=3d27fa1y64126881Y3d27fa1.

الاثنين، 28 مايو 2018

"شمعون الصديق"

ننؤر..!




لا يظهر واقع عين ننقر، التي تقع على الحد الفاصل بين مدينتي دورا والخليل، بما كانت عليه سابقًا، حسب الروايات التي سمعتها من بعض سكان المنطقة، عندما مشيت من عين كنار، إلى عين ننقر أو ننؤر كما يلفظ الخلايلة الاسم.
لا اريد ان أذكر واقع العين الآن، أرغب بالعودة إلى ما كانت عليه، وكما يذكرها الشاب سامي عمرو في يومية كتبها بتاريخ 10 آب 1942م، عندما دعا زميلات العمل اليهوديات والعربيات، في منشأة مدنية للجيش البريطاني في القدس، لرحلة الى المنطقة، إنها صورة لمشهد خيالي:
"وأخيراً وصلنا إلى وجهتنا فأنزلنا المتاع ويممنا شطر وادي ننقر الجميل الذي، إذا وقفت فيه، أطربتك أصوات الجداول وخريرها المختلط بألحان الطيور وشجرها، ويسر خاطرك الخضار الممتد من أول الوادي إلى آخره، والمياه التي تعترضك أينما ذهبت، والبرك الزرقاء الجميلة المتبعثرة هنا وهناك بين مسافة وأخرى، وأشجار الجوز الباسقة بأوراقها العريضة ورائحتها المسكية النفاذة. وكذلك أشجار التفاح والبرقوق والمشمش التي أخذت على عاتقها إتحاف الوادي بتلك الألوان التي تخترق وترش حلته الخضراء السندسية بأجمل الحمرة والزرقة والبنفسجية.
نعم نزلنا في ذلك الوادي الذي وصفته لوبا (بالجنة الصغيرة)، ووقع اختيار الجميع على بقعة عالية من الوادي تشرف على بقية أنحاءه (أنحائه)، ويواجهها صخرة عالية تتكسر عليها المياه وتنحدر إلى أسفل فتملأ البرك الغفيرة وتتجاوزها لإرواء تلك الأشجار والبقول المتناثرة بينها. تفرقنا في أنحاء الوادي، فذهب أسعد مع ماري وبربرا، وأنا ذهبت مع لوبا، وقد ذهب حافظ مع هند. وكانت كلما تعترض لوبا سلسلة من الأشجار المتشابكة أو الحيطان العالية، أحملها وأنزلها دون أن أتكلم. وقد جبنا أنحاء الوادي وأخيراً رجعنا والكل يفتش عنا!! آن وقت الطعام، فجلسنا لتناوله، وكان لذيذاً مع بساطته، وقد أحبته الفتيات. وقد كان مع الطعام زجاجة من النبيذ".
"واقترب المساء، وسرنا كالأشباح، وقلبنا لا يزال عالقاً ومرتبطاً بهذه الجنة الصغيرة كما وصفتها لوبا. وبدأنا بالرجوع وفي عيننا عبرة، وفي قلبنا حسرة. أما العبرة فهي دمعة السرور التي سكبتها أعيننا ونحن في تلك الجنة، وأما الحسرة فما هي إلا لخروجنا من ذلك الفردوس الأرضي الذي أحبته وأسمته لوبا بلطفها وخفتها. ورجعنا دون أن ننبس ببنت شفة، ساكتون خاشعون كأن على رؤوسنا الطير. ورجع الأهل إلى البيت بينما سافرنا إلى القدس. وكم تركت هذه النزهة تأثيراً في قلبي".
من الصدف الحسنة، أن يوميات عمرو، وقعت في يد الباحثة والاكاديمية الاميركية
كيمبرلي كاتز، التي أعلت من شأنها، ونشرتها بالانجليزية ثم بالعربية.

القدس من جبل الزيتون

باب العمود جمعة رمضان الثانية

بوابة القدس

الأحد، 27 مايو 2018

انتصار أخلاقي..!






يمكن للمخيم، أو أناس في مخيم الدهيشة، ومع مرور 70 عاما على وجودهم المؤقت فيه، أن يحزنوا على رحيل رجل يهودي منهم قطع المسافة بينهم وبيننا.
لم يكن خياره سياسيًا أو أيديولوجيًا أو إنحيازًا ضميريًا، وإنما ببساطة كان خيارًا إنسانيًا بشريًا.
في زقاق في مخيم الدهيشة وعلى أنقاض منزل الشهيد‏ رائد الصالحي، أُقيم عزاء داني ليفي، الذي توفي في مستشفى في القدس ودفن عندهم.
سكن داني في مخيم الدهيشة في بيت متواضع جدًا، بعد زواجه من إحدى سيدات المخيم الذي قبله، وأنجب ابن وابنة.
انتصر الموقف الأخلاقي للمحتلين المقتلعين من ديارهم، على آلة القتل الاحتلالية للمحتلين الذين اغتالوا ابن زوجة داني، بطريقة بشعة.
قبل أقل من عام جلس داني في عزاء ابن زوجته الشهيد رائد في المخيم، ويوم أوّل أمس الخميس جلس أصدقاء لرائد يتلقون أو يؤدون العزاء في داني.
انتصار أخلاقي في ليل المهزومين الطويل..!

الخميس، 24 مايو 2018

الشاهد والشهيد..!



يُصغِّر أدونيس، في إحدى حلقات وثائقي الميادين عنه، من سِفر الشهيد حسين مروة: النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية، إلى درجة التحقير، لصالح كتابه: الثابت والمتحول، الذي يضفي عليه صفات حريّ بالآخرين أن يفعلوه.
ويتساءل عن جدوى المنهج الذي استخدمه مروة، ويخلص إلى انه كتاب غير مهم ولا فائدة له.
في المرحلة الثانوية، اعتزلت فترة، للغوص في سفر مروة، وتلخيصه في دفاتر مدرسية، وهو من الكتب القادرة على إحداث تحوّل في حياة إنسان. لا شك أن طروحات مروة مشرعة على السجال، وإعادة النظر، والنقد، والاختلاف، والإضافة، أمَّا أن يتعامل معها أدونيس وكأنها روايات عبير، فهذا أمر بشع جدًا.
لا أريد أن أصدق بأن أسبابًا ذاتية، يمكن أن تتحكم في رؤى مفكر مثل أدونيس.
ما زال مروة شاهدًا، وشهيدًا..!