أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 30 سبتمبر 2021

بين جبرا وأسامة وكتاب العهدين المقدس/خالد أبو عجمية


-يواصل الصديق العزيز، المخرج والكاتب خالد أبو عجمية، من ايرلندا، اشتباكه مع رواية الإنجيل المنحول لزانية المعبد، آملاً أن يسفر هذا الجهد الجاد الذي افتقدناه منذ زمن، في إثارة النقاش، ليس فقط حول الرواية، وتناول المقدس، ولكن ليتسع ليشمل الحالة الثقافية، بعيدًا عن سفاهة بعض المترخصين المؤمنين، إيمانًا أطرشًا وأعمى، وسفالتهم وبذاءتهم-.

تقديم ضروري

لقد أصبت بالدهشة والاستغراب عندما سمعت منع رواية الإنجيل المنحول لزانية المعبد، في معرض الكتاب في عمان، لأنها قصة موجودة في الكتاب المقدس العهد القديم (سفر التكوين الإصحاح 38) لماذا تم منعها؟؟ ما هو مسوغ هذا المنع؟؟ ليس إلا أن من أصدر القرار جاهل بالمطلق وربما لم يسمع بالعهد القديم في الكتاب المقدس، وهذا أمر محزن جدًا.

يحدث أن يرى غير المسيحيين أن المسيحية هي الإنجيل فقط (العهد الجديد)، وهنا يحصل الالتباس في كثير من الأحيان، فالكتاب المقدس هو العهدين القديم والجديد معًا، والمسيحية تؤمن بما جاء بهما كاملاً، هل زال الالتباس؟؟

شاءت الأقدار أن أحصل على كتابين كنت أنتظر الحصول عليهما رواية الصديق المبدع أسامة العيسة الأخيرة، وكتاب الدكتور العزيز جبرا الشوملي المسيحية من الداخل، وقد يتساءل البعض ما علاقة هذا بذاك؟ وهذا سؤال منطقي ظاهريًا، باعتبار أن الأوَّل رواية أدبية والثاني دراسة متخصصة، ولكن حين نعود للنصوص المقدسة التي هي منهل هذين العملين نجد هناك علاقة وثيقة، أو على الأقل هذا ما أدعيه وأريد أن أكتب فيه لأني أرى أن رواية الصديق أسامة لا تبدأ ولا تنتهي بين دفتي الكتاب، ويجب العودة لأصل النص لتفكيكها، أو إعادة تركيبها بعدما فككها أسامة وبنى منها رواية رائعة بكل المقاييس، فهي عمل متكامل امتلك الكاتب دقيق التفاصيل فيه ونسج حكايته هو من حكايات أخرى.

استعرض في هذا القسم رواية أسامة كما جاءت.

لقد أعطى أسامة بطلة الرواية، أن تقص حكايتها علينا بطريقتها رغم أنه لم يكن بعيدًا عنها، بل بقي ملازمًا لها يقدم لها الكلام والقصص ويشجعها على قول ما تريد دون تأتأة أو تواني عن قول كل شيء، لا بد من الإشارة أن الرواية وردت في ((سفر التكوين الإصحاح 38 )) يمكن الرجوع إليها.

ما يلي هو ما قاله أسامة وليس النص الأصلي:

تمارا (ثمار-بمعنى النخلة) بنت وحيدة لكاهن كنعاني (شوا) كبير في قومه، ترعى غنم والدها (باعتبار أن الكنعانيين رعاه وصناع) تلتقي مع عير الإسرائيلي وهو الابن البكر ليهوذا المنحدر من يعقوب نسل إبراهيم النبي، أحد أبناءه الاثنى عشر والذي تكون مهمته حفظ السلالة التي أمر الرب أن تستمر، وله ثلاثة أبناء هم عير البكر، وأونان، والصغير شيلة، من زوجته الكنعانية التي خالف في الزواج منها أوامر الرب، وكان لا يجب أن تختلط الأنساب بين الكنعانيين والإسرائيليين، لكنه مع ذلك بقي من الأراخنة في قومه.

يلتقي عير وتمارا معًا على عين ماء (ويقعان في الحب) كما قال أسامة، ويجري حوار بينهما عن الشرائع وموقف الأهل من زواجهما، وفي النهاية يوافق يهوذا على زواج عير من تمارا الكنعانية، أما هو فقد غفر له الرب زواجه من كنعانية، (هذا الرب الحقود الغيور) لكن عير يصيبه مرض ولم يفلح بإنجاب ابن يواصل السلالة ويموت، وكانت الشرائع تقضي بأن يتزوج الأخ زوجة أخيه الأرمله ليواصل محاولة بعث السلالة (("زواج زوجي"، كما هو موضح في سفر التثنية 25: 5-10)) لكنه أيضًا يموت وتصبح تمارا، أرملة تلبس ملابس خشنه لسنوات في انتظار أن يكبر شيلة لينجب فاتح رحمها لينسب إلى عير والثاني لأونان وهكذا.

تنتظر تمارا سنوات حتى يكبر شيلة ويوفي يهوذا بوعده لكنه يماطل، وشيلة يشتهي تمارا بالحرام وليس الزواج فتصده، ومع الوقت تدرك تمارا أن العجوز قد نكث بوعده لأنه يخشى موت ابنه الثالث إذا ما دخل بالكنعانية، مما دفعها لأن تذهب لشيوخ قومه وتعرض حكايتها أمامهم وتطلب منهم إقامة العدل، لكن شيلة في المحاكمة يرفض الزواج منها ويصبح بعد ذلك مجنون وهذا سنأتي على تفسيره،

أصبحت تمارا لا تطيق الانتظار وقررت الانتقام من يهوذا.

تعترض طريقه وهو ذاهب لجز الغنم وتعرض نفسها كإحدى زانيات المعبد المقدس ((ما يسمى "الدعارة المقدسة" سفر التكوين 38 "دعارة هيكلية)) وتطلب منه مقابل ذلك جدي لكنه يعد أن يحضره بعد أن يعود من جز الغنم، فتطلب منه رهن حتى يعود، فتأخذ إكليله وحزامه وخاتمه وتعود دون أن يدرك العجوز أنها كنته تمارا.

حين يعود يبحث عن الزانية ليعطيها الجدي ويأخذ الرهن لكنه لا يجدها، فيرسل صديقه حيرة للبحث عنها، فلا يجدها ويشارك يهوذا هواجسه التي هي جزء هام في العمل، ويخفي الأمر عن قومه رغم حيرته في كيفية تصريف أعماله والحفاظ على مكانته بين قومه دون خاتمه وختمه.

بعد أشهر يظهر الحمل على تمارا، تجلب العار لوالدها أمام قومه، وعندما يسمع يهوذا أن كنته حامل من الزنى يحرض الرعاع أن يجلبوها للحرق لأنها اخترقت الشرائع وعندما يهمون باقتحام بيتها لجرها أمامه لتحرق، تطلب أحدهم وتفشي له السر أنها حامل من يهوذا وتقدم البراهين، هنا يقف يهوذا أمام قومه ويعترف بأنه الزاني وإن تمارا ليست زانية ولا حاجة لحرقها، تمارا تطلب من القارئ أن يعمل الفكر ويعطي رأيه فيما حصل، وكيف يكون حكمه عليها.

هذا ملخص الرواية بشكل إجمالي

الرواية محبوكة على ثلاثة أعمدة رئيسية، هي:

أولاً: المكان والوقت.

ثانيا: الشرائع والقوانين (النصوص).

ثالثا: الشخوص وما يمثلون.

مد أسامة هذه الخيوط بدقة متناهية وأخذ ينسج ما بينها بخيوط من العادات والتقاليد والقصص والحكايات التي تتعلق بالطقوس والمواسم التي أدخلها بحنكة ودراية من مواقع أخرى من خلال اطلاعه وسعة معرفته وبحثه الطويل في النصوص القديمة، وأدب الرحالة ومشاهداته في بعض الأحيان للأماكن وقراءته الخاصة للموروث وبهذا لم يكن بعيدًا، بل كان متواجدًا على الصفحات مختفيًا خلف تمارا ولكن ظهر ظله في مواقع متعددة بوضوح، وأرى أنه قال رأيه أيضًا.

لم يترك أسامة الرواية تدور في مسرحها، بل جرها إلى الزمن الحالي ومنطقها على أحداث حالية بذكاء وحنكة.

عود على بدء، ما علاقة هذا بذاك؟ تتأتى العلاقة من خلال مرتكز الرواية الأهم على النصوص المكتوبة وفي جزئها الأكبر في روايات العهد القديم من الكتاب المقدس وهذا ما حاول الدكتور جبرا أن يعرج عليه في كتابه (المسيحية من الداخل) وبينهما كان الكتاب المقدس نفسه حرفيًا.

#خالد_أبو_عجمية

#الإنجيل_المنحول_لزانية_المعبد

#المؤسسة_العربية_للدراسات_والنشر

#جبرا_الشوملي

#المسيحية_من_الداخل

 

الأربعاء، 29 سبتمبر 2021

إدوارد سعيد في الدهيشة..!


 


كان المشهد فاتنًا ومفاجئًا، ومثيرًا للاستغراب، امتلأت قاعة جامعة بيت لحم، لا كراسي فارغة، واحتل الشبان والشابات والكهول، الأدراج بين الكراسي، وخارج القاعة، انتشر جمهور كبير متنوع من اليسار واليمين والمحافظين والبرجوازيين ورجال الدين، من طلبة إلى المرشحة للرئاسة آنذاك سميحة خليل، ليتابع ما يجري من خلال شاشات نُصبت لهذا الغرض.

النجم الذي جاء الناس، مبكرًا لحجز مقاعدهم من أجله، هو الدكتور إدوارد سعيد. دقائق قليلة قبل الموعد دخل سعيد رفقة الدكتور إبراهيم أبو لغد، الذي قدمه بكلمات قليلة منتقاة، وعلى الموعد بالضبط كان سعيد يقف ليلقي محاضرته بدعوة من مركز السبيل. بترجمة فورية من خليل توما.

لم يستعن سعيد بنبرة خطابية، ليحوز التصفيق، أو لينشد الاحترام. تحدث بصوت هادئ، وواثق عن السياسة والتاريخ، وقال إنّ النجاح يمكن صناعته، كما الفشل، وهو الدرس الذي يُمكن تعلمه من المؤرخ ابن خلدون. (يكاد سعيد أن يكون مولعًا بابن خلدون، ربّما بشكل غير مبرر كثيرًا).

هذا يعني، كما يمكن أن نستنتج مما قاله سعيد، أنه يمكن صناعة التقدم، كما التخلف، والعلم مقابل الجهل، والثقافة مقابل نصف الثقافة، والمدنية، مقابل الترييف والتزييف..الخ.

خلال السنوات التالية، تُقت لحضور محاضرة، أو ندوة، أو اجتماع، يمكن أن يبدأ على الموعد المحدد، وكنت مثل الجمهور نسمع، الاعتذار السمج "كما تعلمون نحن العرب..هذه مواعيدنا" أي أن أحد تعريفات العرب، عدم احترام وقت الناس.

في اليوم التالي، جاء إدوارد سعيد إلى مخيم الدهيشة، بدون جمهور يتحلق، أو زحمة، كان يصوَر فلمًا لصالح البي بي سي، عن عودته إلى وطنه. رأيته في مدخل المخيم، مشغولاً متواضعًا، مع مخرجته الشابة، من أصول هندية وظهر فيما بعد في الفلم، شارحًا عن المخيم، وهو يقف أمام البوابة التي وضعها المحتلون، ليدخل منها الناس إلى المخيم المسيّج، وأبقاها الأهالي ذكرى..!

تعرّف على النشاط الاستيطاني، من خلال مدينة أفرات الاستيطانية القريبة، وحزن للعمّال العرب، وعبّر عن سخطه على الأموال العربية الخليجية، التي تودع في بنوك أميركا، بدون فوائد، معتقدًا أنها يمكن أن تنقذ العمال الفلسطينيين، من العمل في المشاريع الاحتلالية.

لن يكون حظ سعيد مع فلسطين المختزلة الرسمية، جيدًا بعد سنوات قليلة من محاضرته، ستمنع كتبه، وإن كان منعًا رمزيًا، وسيصرّ، في مقابلته الأخيرة، أن ياسر عبد ربه، هو المسؤول عن ذلك.

الخلاف السياسي بين عرفات وسعيد، يفترض أنه غير واسع، فهو لا يتعلق بالتسوية، ولكن الأمر يخص اتفاقية أوسلو بالنسبة لسعيد، أمّا بالنسبة لعرفات، فلم يكن ليحتمل مثقف من نوع آخر غير نموذج مثقف الفكهاني، مثقف منظمة التحرير، الذي يقف على الأبواب مطولاً.

بسبب الخلاف السياسي، تحمّس مذيع رسمي، ووصف سعيد بأنّه "كاتب الراقصات" في إشارة إلى مقالته عن تحية كاريوكا..! خلال وصلة ردح..!

تواضع سعيد، آسر، ولغته سلسلة سهلة، ليس لها علاقة بلغة كتبه. قرأت كتاب الاستشراق بترجمة كمال أبو ديب، ولا أظنني فهمت الكثير، وعندما قرأت لاحقًا، وصف سعيد لترجمة أبو ديب بأنها إشكالية، كان في ذلك بعض العزاء لي ومشجعًا لقراءة أعمال أخرى، يمكن فهمها أو محاولة فهمها، ربّما أهمها (تأملات في المنفى)، بترجمة ثائر ديب.

سيقول لي عبد القادر ذويب، ونحن في غرفة مكتبته الحجرية، على حواف البرية الممتدة إلى البحر الميت، التي نامت، للتو، تحت سماء مظلمة، أن ثائر ديب اعتبر ترجمة محمد عفيفي للاستشراق أفضل. فوجئت بينما يستعرض عبد القادر نسخ الاستشراق المختلفة، ومؤلفات أخرى لسعيد، يخرجها من فجوات الغرفة القديمة التقليدية.

لدى عبد القادر: "خبر سعيد وسط غثاثة عالم الترجمة؛ إعادة ترجمة كتاب سعيد الأهم والأكثر ظلمًا". صدور ترجمة جديدة للاستشراق، من ترجمة محمد عصفور ومراجعة محمد شاهين. قرأ للاثنين، المترجم، والمراجع، كتاب سعيد: العالم والنص والناقد، وكانت الترجمة، برأيه: "ممتازة جدًا ورائقة، اللغة والمعجم والأسلوب والدقة النظرية، وبالتالي أعتقد أن كتاب سعيد الذي تعثر كثيرًا بين ترجمات متشنجة وأخرى مائعة سيحظى بما يستحقه أخيرًا، وسنحظى نحن بقراءة جديدة ماتعة للاستشراق".

في ذكرى إدوارد سعيد، وبعد كل هذه السنوات، لم يتلقَ سعيد ولا جمهوره اعتذارًا..!

أصبح وعرفات والمذيع الرسمي، في دار البقاء، منذ سنوات..!

*الصورة إدوارد سعيد في مدخل مخيم الدهيشة.

#إدوارد_سعيد

#ياسر_عرفات

#الاستشراف

#ثائر_ديب

#عبد_القادر_ذويب

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

فلسطين من الداخل/عزيزة علي


أتمنى أن يطلع من يرغب في معرفة الحالة الفلسطينية من الداخل أن يقرأ هذا الكتاب الموجود الآن في معرض عمان الدولي للكتاب للباحث والروائي الفلسطيني أسامة العيسة. العيسة دائما يدهشنا بمؤلفاته المهتمة بالقضية الفلسطينية والشأن الفلسطيني.

 كتاب "شهداء الربّ"، هو عن الشهداء والشهيدات من أطفال فلسطين في الانتفاضتين، من إصدارات دار "العائدون للنشر" ويتوفر الآن في معرض عمان في جناح "العائدون للنشر ( جناح دار فضاءات D13).

#عزيزة_علي

#شهداء_الرب

#العائدون_للنشر

#معرذ_عمان_للكتاب

 

الاثنين، 27 سبتمبر 2021

تمارا الرواية ورواية تمارا/خالد أبو عجمية


 


"أين هي الروايات غير المتحيزة في زماننا أو في أزمنتكم؟"

لا أعتقد أن صديقي أسامة ينتظر التهاني والتبريكات على صدور عمله الأخير، الإنجيل المنحول لزانية المعبد وأظنه فرح بما خلقته هذه الرواية حولها منذ صدورها، فمنذ أن صدرت وهي تجذب تفاعلات عديدة في أوساط مختلفة، وهذا دوما من مواصفات أعمال العيسة الإبداعية، وهي بالمناسبة صفة يحلم بها أي كاتب في أن تثير أعماله حالات جدل ونقاش ومواقف، وما هي في الأساس فائدة الأدب إن لم يخلق حالة تفاعل وجدل.

أخر هذه المواقف كان منع وجودها في معرض عمان الدولي للكتاب بقرار رسمي، وهذا أمر يثير الاشمئزاز والتقزز من استمرار هذه الحالة في معارض الكتب في الدول العربية، وقد قلنا لهذه الدول مرارا وتكرارا، لا تختلف مع صاحب إبداع، فقط اشتريه، وإن لم تستطع اقطع رأسه، وحتى بذلك لن تنتصر عليه، فهنيئا للصديق أسامة وعمله الإبداعي بهذا المنع.

تقع هذه الرواية ضحية لنفس المصير التي تواجهه صاحبة الرواية تمارا، التي تعيش غضب الأرباب من جهة وغضب القبيلة وأقاويل لا يملك أصاحبها دليل عليها كما لم يملكوا ضد الرواية نفسها، ومحاكمة الرواية من اسمها يدل بلا شك على أن من قرر منعها أو الاعتراض عليها لم يقرأها، ولو كان قرأها لربما كان له رأي آخر، وقد أشار العيسة في تعليق له أنها لا علاقة لها بالإنجيل الذي يعرفه الناس، كنا نعتقد أن الكنيسة قد تجاوزت هذه الحالة (السلفية) منذ زمن بعيد، ولكن مؤسف أن نكتشف أنها لا زالت تعود إلى سنوات الظلام ولم يصلها عصر التنوير.

قرر العيسة أن يترك تمارا تروي حكايتها وبقي يقف جانبا لكنه لم يكن محايدا على أي حال، (كنت اعرف بأنه إسرائيلي وكان يعرف بأني كنعانية) في اعتقادي أنه كان على علم دقيق بما ستفضي إليه الرواية من جدال وآراء حولها ولهذا أعطى صاحبة الرواية حق قولها كما تريد، في قضية كبيرة وخطيرة تتعلق بالتاريخ والجغرافيا والحكاية وتفاصيلها، أعطاها أن تقدم المقدس بطريقتها بعد أن دلها على خباياه وتفسيراته كما يراها هو، ((وبالمناسبة الكاتب له رؤية خاصة ومميزة   بهذا الشأن قد لا يتفق معها العاديون (الكلاسيكيو النظرة للنص الديني)))، فهي الكنعانية التي تدخل إلى عالم مكثف في نصوص وتقاليد دينية تعتبر مقدسة، وكانت متسلحة بمعرفة أسامة ودراساته ونتاج نبشه في المخطوطات والنصوص القديمة حتى جلبت (الأسطورة) من أنفها وأناختها في واقع قريب وحالي، وحاضر الآن (تخيلي كيف أرخن الأراخنه في قومه يتقدم ليضع يده في يد الأدون الكاهن المحبوب في قومه، تخيلي أية معجزة سنجترحها معا ونقرب الكبار ونجمعهما سويا).

لا بد من القول إن أسامة لعب لعبة المقتدر بطريقة ذكية وحاذقة في تطويع الحكايات بمخزون هائل من اللغة المتأثرة برصانة (اللغة الأصلية) وبعيدا عن اللغة الدارجة الآن المسطحة التي تعاني من تشققات المعرب ولغة التكنولوجيا الحديثة وحافظ على رصانتها بحيث تمكن من لي ثناياها لتخدم نسق الحديث الذي يحمل هالة قدسية ما، وكان قريبا جدا من تمارا وتماهى مع لغتها بحذق لكي لا يظهر حضوره على حافة الصفحات ويضع في فمها الكلام لتقوله، إلا إنه في بعض الجمل قد أعلن عن حضوره ولا أعرف إن كان يقصد ذلك أم إنها مرت عفو الخاطر، ولم ينتبه لها (قد تكون الانتماءات الدينية هي أخر العوامل المهمة...الخ) (أما الادونات يلتمسون الحكمة هربا من تكاليف المقاومة) (علينا أن نؤنسن العدو حتى نفهمه) (القوميون لا يؤمنون بالحب)  وغيرها الكثير.

وكي لا نكون مثل أولئك الذين منعوا الكتاب في معرض الكتب في عمان، وعلى قاعدة ما قدمه أسامة نفتح باب الحوار والنقاش والاختلاف مع ما قدمه من مواقف وآراء فهل هي آراءه أم أراء تمارا؟؟ سأناقش تمارا في آراءها لاحقا بشكل أوسع.

كعادته أسامة في أعماله يقف أمام الموروث بكل عناوينه ويتناقش معه وجها لوجه غير هياب، ويبقى على مسافة من الاحترام لهذا الموروث، يفككه ويعيد تركيب أجزاءه باقتدار المثقف العارف الذي يمتلك ناصية الوعي بمكنوناته، يختار أسامة زاوية الرؤيا الخاصة به التي ربما تبدو غريبة للآخرين لهذا ربما ينفرون مما يصوره بجرأته الكبيرة، ينطبق عليه قول العظيم ديستويفسكي (أنا أقول ما لاتجرؤ أنت على التفكير فيه)، وجرأته بدأت في اختيار العنوان المستفز لمن يعتبرون أنفسهم مدافعين عن تعاليم الأرباب، كما حصل مع تمارا أيضا التي عانت من تدخل الأرباب ونصوصهم في خياراتها وصاغت جزء كبير من حياتها، وأقر مع أسامة أنه لا محرمات أيا كانت أمام قلم وفكر، ومن يعتبرون أنفسهم حراس النصوص المقدسة إنما هم أعداء لحرية التفكير والرأي وقد فشلوا في العهود الغابرة وسيفشلون لا محالة، تعالوا للحجة والبرهان والعقل، أما منع أو حتى حرق كتاب لن يجدي نفعا، وهذا ما يكبر العمل الذي قام به أسامة وقدمه للقارئ العربي باقتدار وإبداع وجمال، أستنكر منع هذا الكتاب وأدعو كل مؤسساتنا وأطرنا الثقافية رفض واستنكار هذا المنع لأن صمتها يعني شراكتها المطلقة لهذا المنع.

سأكتب لاحقا عن الرواية للمساهمة في نقاشها وتفكيكها بشكل موسع.

#خالد_أبو_عجمية

#الإنجيل_المنحول_لزانية_المعبد

#المؤسسة_العربية_للدراسات_والنشر

الأحد، 26 سبتمبر 2021

من صنع البشر، يا بشر/محمد أبو حسين


عمل محمد أبو حسين، أكثر من أربعين عامًا، في العمل المصرفي، ولدى تقاعده، كان لديه ما يفعله. أصبح قارئًا منهجيًا محترفًا، بخطةٍ ثقافيةٍ، ومنهجيةٍ مقدرة. أسس مكتبة، وتعرّف على الكتّاب، ويساهم بالأنشطة الثقافية بانتظام. قرأ بعض أعمالي، ولم تعجبه كلها. فيما يلي رأيه في منع رواية الإنجيل المنحول، في الأردن:

"قرأت الرواية .. ودون أدنى مجاملة هي رواية أسطورية رائعة .. سافرت بنا إلى غابر الأزمنة .. ولا يوجد فيها ما يسيء للمسيحية بشيء.. فكما ذكر كلمة الإنجيل المنحول .. هو ذاك الإنجيل أو الكتاب الذي هو من صنع البشر .. نعم المشكلة أنهم اتخذوا قرارات متسرعة قبل قراءة الرواية".

 #محمد_أبو_حسين

#الإنجيل_المنحول_لزانية_المعبد

#المؤسسة_العربية_للدراسات_والنشر

 

السبت، 25 سبتمبر 2021

شُهَداءُ الرّبّ، شُهَداءُ العيَسَة/عمر شبانة


 


أن تقرأ عن الأطفال الشُّهَداءُ.. فــ"تَراهُم" و"تلمَسَهُم"

نعم، هذا ما تفعله كتابة المبدع أسامة العيَسَة بقارئه/قارئها، فهي تجعله يرى ما يقرأ ويلمسه ويشمّ رائحته ويتذوّقه. لذلك فإنّهم، بالنسبة إلى هذا القارئ، شهداء يتمنّى القارئ أن يكون معهم. فهُم شُهَداءُ "حُب الحياة"، شُهَداءُ "الحريّة" و"الكرامة"!

فأطفالُ/ شُهَداءُ العيَسَة ليسوا أسماء فقط، إنّهم مشاعرُ وأحاسيس وحكايات وبيوتٌ وآباء وأمّهاتٌ وجيران وأصدقاء ومدارس و.. انتفاضات لا تتوقّف.

دَمُهم شِريانٌ لحيواتٍ جديدة، وأرواحُهم طُيورٌ لا تكلّ من التّحليق، وقلوبهم عامرةٌ بحُبٍّ عظيم وشوقٍ هائل لمُلاقاة أحلامهم الذّاهبة في وطنٍ يعيشون لأجله فلا يموتون، وأمّا عقولهم، فقد تجاوزت الزّمن "العاديَّ"، وباتت أكبر من الأسطورة "المحلومَة"،وخارجَ الأطُر المألوفة. فمن هُم هؤلاء "الشُّهَداء" الذين لا تكاد تعرفهم حتى تنخرطَ في "شهاداتهم"؟!

لعلّ الغالبية العظمىممّن عرفوا انتفاضات الفلسطينيّين ضدّ الكيان الصهيونيّ العنصريّ، عرفوها عبر الصورة، وعن بُعد، ويأتي كتابُ العيَسَة هذا ليغوصَ فيها، في روحها وأعماقها، من خلال "أبطالها/ ضحاياها" الأوائل، خصوصًا الانتفاضة الأولى (1987)، وانتفاضة الأقصى (2000). فهو يخصّص كتابَه لأرواح شُهَداء الانتفاضَتَين من الأطفال، فيسمّيهم "شُهَداء الربّ"، و"ضحايا يَهوه"، لأنّهم ضحيّة قوّة خرافيّة- أسطوريّة ترتبط بالدّين وتتستّر خلفَ مقولاته، فيما هي تمارس أبشعَ جريمةٍ على وجه الأرض. 

ولقارئ هذا الكتاب أن يتوقّع الفصل بين زمن ما قبل قراءته وزمن ما بعد القراءة، فهو إذ ينتهي من قراءته سيكون شخصًا آخر يختلف عمّا كان عليه قبل ذلك. ستعرّف على عوالمَ وأسرار وخبايا الجريمة الصهيونية من جهة، وعلى عوالم الشُّهَداء ودوافعهم، في ضَعفهم كما في مواجهتهم وبطولاتهم، من جهة مقابلة!

أسامة العيَسَة: عرفناروائيًّا مبدعًا ومحلِّلًا بارعًا يتنقّل بين الميثولوجيا والواقع بقَدْر كبير من الرشاقة والعمق. ونتعرّف عليه، في كتابه هذا، خائضًا في الدّم "من الوريد إلى الوريد"!

#عمر_شبانة

#العائدون_للنشر

#معرض_عمان_الدولي_للكتاب

الجمعة، 24 سبتمبر 2021

مساء حزين..!


 


لا أعتقد أن استشهاد شخص، أمر يدعو للاحتفاء، لا زفاف بجريمة جديدة يرتكبها الاحتلال. كل قطرة دم يجب أن تعتبر خسارة.

فوجئت بخبر عاجل، على مجموعة واتس أب، تابعة لوسيلة إعلامية بعنوان صارخ فاقع غير إنساني، كما في الصورة. عن أي زفاف يتحدثون.

حسب الأنباء فإن "محمد خبيصة أصيب قبل أسبوعين بالرصاص المطاطي بالرأس في بلدة بيتا جنوب نابلس، واليوم أصيب بالرصاص الحي برأسه فاستشهد، الشهيد أب لطفلة تبلغ من العمر ٨ أشهر".

يمكن للسياسيين، أو الفصائل أن "تزف" شهداءً، لأسبابها الآنية، والترويجية، لقد تعودنا على ذلك، لكن أن تفعل ذلك وسيلة إعلام، فالأمر محزن (لا نريد التعود على ذلك).

جرائم الاحتلال، ليست مدعاة للفرح، من يشارك في "زفاف" الشهيد على الفيس، سينشغل سريعًا بأموره. بالتأكيد الأمر مختلف بالنسبة لعائلته وطفلته التي عليها أن تعش بدون أب.

الاحتفاء بالشهادة لاحظته، أيضًا، لدى مثقفين وكتّاب. في فلسطين دماء تنزف، ولا طريق تعبدها إلى هدف معين. القادة يمكن، ليكونوا قادة فعلاً، ومخلصين، أن يقللوا، نزف الدماء، والخسائر.

يمكن للنصر أن يتحقق، عندما تقل خسائر صاحب الحق، وتزيد خسائر المغتصب، وغير ذلك، ليس إلا مزايدة، أربأ بالصحافة، والثقافة، الاستبحار فيها.

أطول ثورة، وأكبر عدد شهداء، وأطول أعمار قادة، والعديد من "أطول" هذه..!

مساء حزين آخر..!

#بيتا

#الشهيد_محمد_خبيصة

حفريات تل زكريا موسم 2021