أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 31 يناير 2020

قدس الفلسطينيين


على الأرجح، فإنَّ الرئيس أبو مازن، لا يدرك تمامًا معنى القُدْس الشريف؛ المصطلح الذي استخدمه في بيانه ردًا على ما أعلنه الرئيس الأميركي، وعرف بصفقة القرن.
مصطلح القُدْس الشريف، يبدو مخاتلاً، لم يقتصر استخدامه على الرئيس الفلسطينيّ، ولكن أيضًا على قناة مشبوهة، تتاجر بالقضية الفلسطينية، تبث برامجها على توقيت القُدْس الشريف، وكأنَّ توقيت القُدْس، هكذا حاف، أو توقيت بيروت، ينقض وضوء المقاومة.
القُدْس الشريف، أو قُدْس شريف، هي القُدْس العثمانية، وتضم ما سيعرف بعد عام 1948م، بالقدسين الشرقية والغربية، وفي الطالبية، التي تعتبر ضمن القُدْس الغربية، ما زال شعار قُدْس شريف، يعلو محطة القطارات، التي نقلت المسافرين من القدس إلى يافا، وما تزال.
من خلال معرفة موقف الرئيس السياسي، يمكن التكهن أنه يقصد القُدْس الشرقية، وبالطبع فإنَّ حدود القُدْس الشرقية المحتلة عام 1967، ليست هي حدود القُدْس الشريف العثمانية.
يحاول البعض باستخدام مصطلح القُدْس الشريف، إضفاء صبغة دينية، تطهرية، ميتفازيقية، على مفهومه للقُدْس، وأيضًا تجنب الإحراج في مصطلح مقيت مثل القُدْس الشرقية، وهو مصطلح سياسي فرضته النكبة، ولم يكن له وجود قبلها.
رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية، حدد المفهوم الفلسطيني الرسمي للقدس، في مقابلة مع السي إن إن، بأنها: "البلدة القديمة وكل المنطقة المحيطة بها"-كما جاء على صفحته الرسمية.
وهو مفهوم، يناقض، مصطلح القُدْس الشرقية، المفترض أنه المعبر رسميًا عن الموقف الفلسطينيّ الرسميّ. مساحة البلدة القديمة في القُدْس هو كلم مربع واحد، ولا نعرف ما هو المقصود بما يحيط بها؟
هل تعلمون كم هي مساحة (القُدْس الإسرائيلية) التي يقترب عدد سكانها من مليون نسمة، من بينهم أكثر من 300 ألف فلسطينيّ؟
من حق الرأي العام الفلسطينيّ، أن يعرف، ما هي القُدْس، التي تطالب بها قيادته؟
لماذا هذا التلعثم الفلسطينيّ غير المفهوم حول القُدْس؟


الأربعاء، 29 يناير 2020

استعادة تروتسكي روائيًا..!


سألني خضر بصوته الذي أراده محايدًا، عن رواية الرجل الذي كان يحب الكلاب.
قلت: فظيعة..فظيعة..فظيعة.
تستعيد الرواية تروتسكي، وقاتله. ما يعرفه القاري عن الثوري الروسي المنشق، من ثلاثية اسحق دوتشير. قبل أسابيع قرأت سيرته من جزئين صدرت مترجمة في القاهرة. دور النشر العربية تبذل جهدًا.
رواية من النوع الذي تشكِّل، بذاتها، ورشة للكتابة، خطها روائي كوبي لم يترك بلاده، رغم النقد الذي تطفح به الرواية ضد التجربة الاشتراكية في البلاد، والتي جعلت حلم معظم النّاس الهرب إلى عالم الرأسمالية. يبدو أن الرأسمالية، لم تكن بحاجة إلى نموذج مثل كوبا، للدعاية لنفسها.
أسمع دائمًا عن انحياز جائزة نوبل، ولكن لا يوجد لدي ما يؤكد أو ينفي، رغم تخبط الجائزة في سنواتها الأخيرة. أعتقد أنها إذا تخطت الجائزة ليوناردو بادورا، فلا شك بأن مصداقيتها مجروحة.
سلام من القدس، ليست القدس الشريف، أو الشرقية، أو الغربية، أو قدس المسلمين أو المسيحيين أو اليهود. إنما قدس الأشجار، والحجارة، والنساء، والأساطير.

الثلاثاء، 28 يناير 2020

‏‏يا زمان الوصل في البَقعة..!






اوتومبيلك، وين صار؟ في البَقعة؟
.........
يبدو الشارع، بأشجار الكينيا الضخمة التي تتوسطه، وكأنّه أُخذ من كتب قصص الغابات، والساحرات، الغامضة، والمثيرة.
كيف تبدو المنازل التي أُخذت من ناسها؟ هل تتذكرهم؟
منزل موسى عرنوس، عُمّر عام 1350ه (1931م) كما تشير اللوحة التذكارية (نقش عليها كلمة عمارة قبل تاريخ البناء)، سكنه أُناس أُخر، يظهر نشاطهم اليومي، بسلم يغطي أعلاه اللوحة التذكارية.
المنزل المبني من حجر إصْلًيّب الأحمر، ومعشق بحجارة بيضاء، يؤرخ لحقبة عصر الحجر الأحمر الذهبية، قبل أن تتحول إصْلًيّب إلى مستوطنة جيلو، وقفت فيها يومًا السناتور هيلاري كلينتون، واستغربت كيف لا ترد إسرائيل على عدوان بيت جالا على عاصمتها.
ليس فقط المهزوم من يقلد المنتصر. ساكنو البيت، بنوا (ولم يعمّروا) غرفًا صغيرة أمامه، قلدوا فيها البناء الأصلي، حجر أبيض معشق بأبيض، تفاهة قلة الذوق. لا تشبه حتّى ذوق محدث نعمة، وإنما تقليد سارق متعجل.
هو الفرق بين البناء والعمارة..!
بجانبه منزل آخر، بني عام 1945م، متعدد الطوابق، منزل أخوة، أو أب وأبنائه، الحجر يختلف، والبناء أكثر عملية.
يا زمان الوصل في بَقعة القدس..!


الاثنين، 20 يناير 2020

دقات أجراس الأرمن..!







عندما وصل بطريرك الأرمن في القدس والأراضي المقدسة نورهان مانوغيان، إلى ساحة المهد في بيت لحم، لترؤس احتفالات أعياد الميلاد وفقا للتقويم الأرمني، سمع دقات جرسية دير الأرمن ترحب به، وعرف بالطبع، بأنها تدق لأوّل مرة، ولعله قدر وقع رنين دقات الأجراس التي تنبئ بأنها جديدة.
في اليوم السابق لوصول مانوغيان، أكمل أبو وديع رفع الأجراس التي انتظرت عدة أيام على بلاط كنيسة المهد، إلى الجرسية أعلى دير الأرمن، ولكنه وضع الجرس الكبير على السطح، لصعوبة وضعه داخل الجرسية، لأن ذلك يستلزم فك أحد الأعمدة الحجرية التي تحمل الجرسية، كي يصل الجرس إلى مكانه، وهو ما يتوقع حدوثه مستقبلا.
أبو وديع هو صاحب أشهر ونش في محافظة بيت لحم، ولديه خبرة طويلة في مجال عمله، تجعل المؤسسات الدينية وغيرها تستعين به.
على السطح وداخل الجرسية، ابتدأ الإعداد لاستقبال الأجراس خلال الأيام الماضية، وفككت الأجراس القديمة التي ظهرت عليها علامات الزمن، بينما بقيت تنتظر على بلاط الكنيسة.
أبدى أبو وديع ومساعده حماسة في ربط ورفع الأجراس، وهو عمل يمكن أن يساهم فيه المرء كل مائة سنة، أو أكثر. وكان لدى أبي وديع إدراك لوقع اللحظة، وقال وهو يعمل تحت زخات المطر: "السماء تبارك ما نفعل".
قال راهب أرمني، بأنه لأول مرة منذ بناء الجرسية الجديدة، تركب هذه الأجراس، أي منذ نحو مائة عام، حيث بنيت الجرسية في العشرينات من القرن الماضي.
وتظهر حجارة الجرسية أكثر بياضًا من حجارة باقي الدير، إشارة إلى أنها بنيت لاحقًا، ولدى محمد مراد أقدم مصور للسياح على بلاط كنيسة المهد حكاية تبدو طريفة لكيفية بناء الجرسية.
يقول مراد، نقلاً عن ما سمعه من رهبان أرمن، أن المسؤولين في دير الأرمن جهزوا حجارة الجرسية مسبقًا بناء على مخطط معد، وانتظروا يوم العطلة الأسبوعية لمركز الشرطة البريطانية القريب، ليشيدوا الجرسية، وعندما لاحظ رهبان الطوائف الأخرى ما يحدث، وأرادوا إيقافه باعتباره خرقًا للاستتيكو (الوضع القائم) لم يكن بالإمكان الاستعانة بالشرطة، وهكذا فرض الأرمن أمرًا واقعًا ببناء الجرسية.
لا يوجد قصة رسمية حول بناء الجرسية، ولم يهتم أحد من دير الأرمن بنقض الرواية الشعبية، التي تناسب الوضع القائم في كنيسة المهد، الذي تتقاسمه ثلاثة طوائف.
حصلت تطورات عديدة على عمل الجرسية التي ترتفع عن سطح الدير، لتوازي جرسية الروم الأرثوذكس، ولكنها أقل فخامة، وفي حين كانت تقرع يدويًا، فإنها في السنوات الأخيرة أصبحت الأجراس تدق بواسطة أزرار، في استفادة من التطورات التكنولوجية.
الأجراس الجديدة، وهي متفاوتة الأحجام، صنعت في روسيا، وعليها نقوش أرمنية، بالإضافة إلى نقش الصليب، وصورة لقديسين أرمن، وسنة الإنتاج 2019م.
والأجراس هي تبرع من روس مؤمنين، أرادوا وهب دير الأرمن تقدمة تستمر لفترة طويلة، وهو ما تحقق أخيرا بوضعها مكان الأجراس القديمة التي أنزلت عن عرشها، المحمول على أربعة أعمدة، ولن تتأرجح بعد الآن في سماء بيت لحم.
عبر بعض المهتمين عن فرحهم بالأجراس الجديدة، وقال يوسف الشرقاوي عاشق ساحة المهد، والذي يجلس معظم الأيام على مقهى في الساحة، بأن بيت لحم تستحق الكثير، وأهلها يرحبون بمثل هذه اللفتات التي يصفها بالثقافية والفنية، معبرا عن إعجابه بالأجراس الجديدة.
بدأت أجراس الأرمن الجديدة تدق، في الشهر الأول من العام الجديد، بينما صمتت الأجراس القديمة التي دقت لنحو قرن من الزمن، ولا أحد يعرف كم من السنوات ستدق.