أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 29 سبتمبر 2019

المجانين في اسطنبول وعمّان..!



*في معرض اسطنبول الدولي للكتاب
جناح أكدم ستور رقم 1
حتى 6 تشرين الأول 2019
*في معرض عمّان الدولي للكتاب
جناح دار الأهلية رقم H20
حتى 5 تشرين الأول 2019

الجمعة، 27 سبتمبر 2019

جمال الزيتونة...!



يظهر في هذه الصورة جمال، والمرحوم حبيب الأرض عبد الفتاح عبد ربه، خلال قياس زيتونة البدوي، في قرية الولجة. كان الأمر بالنسبة لثلاثتنا جديًا. قد تكون الزيتونة، أقدم شجرة زيتون في العالم. عرّفنا عبد الفتاح، على من جمعنا منهم ومنهن شهادات عن الشجرة من الأهالي، وللأسف فان ما جمعناه حينها، ما زال، هو الجهد المعرفي الميداني الوحيد عن الزيتونة، الذي ينقل دائما على الانترنت، أو من سرقه ليضمنه كتبا، دون أية إضافة.
قبل سنوات طويلة، وكان جمال رفيقي في اكتشاف البلاد والعباد، وصلنا إلى زيتونة البدوي، اثر سماعي عنها من المهندس الزراعي نادي فرّاج، وكانت التقديرات أنَّ عمرها خمسة آلاف عام، وتبيّن لاحقًا أن ذلك لم يكن إلّا عواطف زائدة، ولاحقًا تواضع الرقم إلى نحو ثلاثة آلاف عام.
قبل عامين أو ثلاثة استضفت تحت الزيتونة، مجموعة من الأدباء العرب. قالت كاتبة من الكويت، وقد علت دهشة الاكتشاف وجهها:
-يعني أن هذه الشجرة موجودة حتى قبل الأديان..!
أجبتها بنعم، الهوية الفلسطينية، تطورت، وتكيفت، مع تغيير النّاس لأديانهم، نتيجة عوامل عديدة، ولكن دون التخلي عن هويتهم.
جمال هو واحد من ورثة هذه الهوية، التي أضاف إليها، ما يناسب جيله، وظرفه التاريخي، ولهذا السبب، هو الآن يعاني في زنازين التحقيق في معتقل الجلمة، لليوم السادس على التوالي.
اعتقل، للأسف، قبل رؤيته لهذه الصورة، التي اكتشفتها في أرشيفي، وحفظتها لأرسلها له.

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

في انتظار المخابرات...!




والله زمان..!
خير جليس في انتظار، ما لا ينتظر، كتاب، وضعته بإهمال في حقيبتي، عدة اتصالات للاطمئنان على من دخل إلى عرين الشاباك، ولم يعد. يتصل عميد، ليستفسر، عن جهبذ تافه. لسببٍ ما، يستحسن، صاحب مركبة، التقاط صورة.
يتصل الشرقاوي، ليتحدث عن كتاب لمجموعة من كتّاب من العالم عن بلادنا، تشجع له، ويريد أن يحصل على عدد من النسخ ليوزعه، ثم يعرض أن يأتي ليشاركني الانتظار.
يرحب كابتن الشاباك، بالكاتب، يلفظها، وكأنّها رمز لشيء ما، يبدي قلقه من ابنيّ الكاتب، ويريد أن يطمئن إلى أنهما لا يقلقان دولته، حتى يتوقف عن القلق، ويكتب أكثر. يريد أن يرى لي كتابًا جديدًا.
لا يسمح رجل المخابرات، بولدين في المنزل، إن أفرج عن واحد، يعتقل الثاني..!
"المرة المقبلة عندما نقتحم المنزل، سنبحث عن الكتب".
يضحك ويمزح..!
عندما كانوا يفتشون عن الكتب، كان شعبنا يقرأ، وعندما امتنعوا، لم يعد يقرأ..! مباراة في المنع والقراءة..!
هل سننتهي من المخابرات بسرعة تمكنني من حضور حفل حمزة نمرة، رفقة من دعوتهم؟
سيتوفر وقت، للوصول إلى الخليل، من عتصيون، ولكن ليس لحمزة، وإنما للكتب، أحمل وأُحمِل باسل مجلدات العقد الفريد، وكنائس مصر، وعادات المصريين، ومجموعة أخرى من الكتب، وكأنّه رد فعل، على حديث الكتب.
أسمع في ركن القهوة، مع احتساء القهوة، إشادة من العاملين بالفنان "الهادف" حمزة نمرة، الذي يأتي صوته مسجلاً من ملعب الحسين يغني يا زريف الطول؛ مقطع دعائي يخاطب جمهورًا شغوفًا محبًا صامدًا.
بالنسبة للخلايلة تركيز على "هدفية" نمرة، وكأنهم يعتذرون، عما يجب أن لا يعتذر عنه.
عذرًا حمزة، اكتفينا اليوم، من الخليل، بعد ساعات القهر، بالكتب..!
لا اعتذار عن الكتب، ورائحة الأرض، والأغاني..!

الخميس، 19 سبتمبر 2019

الروائي الفلسطيني أسامة العيسة.. صوت المهمشين









أ ب
انفرد الروائي الفلسطيني أسامة العيسة عن أبناء جيله من الروائيين الفلسطينيين بالكتابة عن المكان، وتتبع حكايات المهمشين.
وقال العيسة في لقاء استضافته فيه مكتبة بلدية رام الله الأربعاء، إنه آثر الكتابة عن المهمشين والمهزومين وتوثيق حكاياتهم في مواجهة التاريخ الرسمي الذي يكتبه المنتصرون والزعماء.
وأضاف: “أنا إبن مخيم (مخيم الدهيشة قرب مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية)، المخيم مقام منذ 70 عاما، وأنا اتتبع حكايات أبناء المخيم من مهمشين ومهزومين لم يحققوا أحلامهم في العودة إلى أراضيهم وبيوتهم التي هجروا منها.” “الناس في المخيم مهزومون طبقيا وسياسيا، إنهم ضحايا شعارات لم تتحقق، ضحايا شروطهم الإجتماعية والطبقية.”
وقال إن “رواية الناس العاديين لم تكتب، وأن ما قرأناه هو رواية السلاطين والولاة.”
كاتب مكان
والعيسه من أبرز الروائيين الفلسطينيين الذين التصقوا بالمكان، وكتبوا تفاصيله في رواياتهم، من حجارة وأشجار ونباتات ورياح وسجون وكنائس ومساجد.. وقال: “أنا كاتب مكان”.
وأضاف إنه يعتقد بأن الفلسطينيين غيروا دياناتهم أكثر من مرة إلا أن المكان لم يتغير، وذاكرته لم تتغير”. مؤكدا على أن الشعب الفلسطيني “حافظ على هوية المكان رغم بطش السلطات.”
وصدر للروائي أسامه العيسة عدة روايات لاقت رواجًا وهي: مجانين بيت لحم التي فازت بجائزة الشيخ زايد للكتاب العام 2015، وقط بئر السبع، المسكوبية، جسر على نهر الاردن، وردة أريحا وقبلة بيت لحم الأخيرة، فضلا عن مجموعات قصصية وأبحاث لأفلام تسجيلية عن وطنه.
قبلة بيت لحم الأخيرة
ورصد العيسة في روايته “قبلة بيت لحم الأخيرة” التحولات التي شهدتها هذه المدينة التي ولد فيها السيد المسيح، وأقيمت في المكان الذي ولد فيه كنيسة المهد التي يزورها الحجاح من كافة أصقاع الأرض.
وقال إن بيت لحم كانت مدينة ليبرالية في السبعينات لكنها شهدت في العقود الماضية تحولات نحو التدين والمحافظة. ووصف الناقد حسن قطوسه الذي قدم الكاتب العيسة رواية “قبلة بيت لحم الأخيرة” بأنها محاكمة لليسار الفلسطيني الذي فشل في تحقيق أهدافه.
وقال العيسة إنه يتفق مع هذا التحليل “لأن اليسار بحاجة إلى أكثر من محاكمة” ثقافية.
وقالت رانية حسيني القائم بأعمال مدير مكتبة بلدية رام الله، إن استضافة الروائي أسامة العيسة هي باكورة سلسلة جديدة من النشاطات التي تقوم بها المكتبة.
وقالت إن برنامج المكتبة يشمل استضافة العديد من الروائيين والكتاب والمبدعين الذين أثروا المكتبة الفلسطينية.


الاثنين، 16 سبتمبر 2019

البلوطة الوحيدة..!













نجت بلوطة اليرزة، جنوب القدس، من معاول إبراهيم باشا، والسلاطين العثمانيين، لتعش وترى وتشهد على التطهير العرقي الذي نفذه آخر احتلال لفلسطين، في المناطق المحيطة بها وسط تجمع عتصيون الاستيطاني، بعد حرب 1967م.
‏عندما التقيت الحاج المرحوم إبراهيم عطا الله، الذي قاد الصمود في المنطقة، أخبرني بأن عمر البلوطة 400 سنة، وليس هناك أي طريقة للفحص والتأكد.
تظهر بيت سكاريا، التي تتبع لها البلوطة، في السجل العثماني للواء القدس، منذ القرن السادس عشر.
المستوطنون، اتخذوا البلوطة، التي سموها، الشجرة أو البلوطة الوحيدة، شعارًا لمستوطنتهم، باعتبارها: "الرمز البصري على وجود اليهود في المكان، الذين شردوا منها خلال حرب الاستقلال عام 1948، قبل أن تعود لأصحابها في عام 1967". وأحاطوها بحديقة واستراحة، وجعلوها مقصدًا للسياحة.
الوحيد الذي خاض صراعًا من أجل البلوطة الوحيدة، المرحوم عطا الله، ولجأ إلى المحاكم الاحتلالية، ولكن قوة النار والحديد انتصرت عليه، ورحل وهو يعتقد بان الباطل لن يدوم.
اليوم قصدنا (البلوطة الوحيدة)، بإصرار من المخرج نصري حجاج، ورفقة الشرقاوي، لنؤكد لها بأنها ليست وحيدة، وهناك من يتذكرها، وتذكرنا الحاج عطا الله. ربما في يوم ما، يعود للبلوطة اسمها: اليرزة، وربما تسمى باسم إبراهيم عطا الله رمزًا لصموده.

الأحد، 15 سبتمبر 2019

لمسة المهندس..!



يبدي مهندس منبر برهان الدين، في صحن قبة الصخرة الذهبية المتلألئة، كواحدةٍ من روائع العمارة العالمية، فهمًا لرمز النجمة الثمانية الوثني، فيضع لمسته.
ولم تكن لمسة المهندس، الذي أشرف على بناء المنبر عام 1388م، سوى إضافة رمز جديد؛ الهلال الذي يشير إلى الدين الإسلامي، إلى النجمة الثمانية الرخامية على درج المنبر.
هكذا تتثاقف، الحقب، والحضارات، دون نفي، حتى لو كان الخطاب الرسمي، والشعارات المدغدغة لجمهور معين، تقول عكس ذلك.
يسمى المنبر أيضًا منبر الصيف، لأنه استخدم لصلوات الاستسقاء، وهذا تقليد قديم في فلسطين، سبق الأديان، وكان يمكن اختبار تأثيره في مسيرات الاستسقاء، التي كانت تشهدها البلاد حتى إلى النصف الأوَّل من القرن الماضي، بل إلى الخمسينات والستينات في بعض القرى.

السبت، 14 سبتمبر 2019

عبد الرؤوف..!






أعرف عبد الرؤوف منذ تسعينات القرن الماضي، عندما أجريت معه حوارًا، حول المجزرة التي تعرضت لها عائلة شقيقه في ملجأ العامرية في بغداد، الصواريخ الأميركية الذكية، لم تستطع تمييز العائلات المدنية التي لجأت إلى الملجأ، فارتكبت المذبحة التي ذهب ضحيتها أكثر من 400 مدنيًا عراقيًا وعربيًا، من بينهم أفراد عائلة المحتسب. زرت لاحقا الملجأ، والتقيت إحدى الناجيات التي لقبت بالخنساء أو ما شابه، والتي رهنت عمرها لشرح المأساة للزوار.
وصلت حينها إلى عبد الرؤوف، بجوار الحرم الإبراهيمي، وسط الغيتو الاستيطاني والعسكري الاحتلالي، حيث ما زال صامدًا، يضحك، ويتسلى مع الزوار الاجانب، والمتضامنين مع شعبنا، ويتحمل كل رزالة المستوطنين، وخططهم القادرين على تنفيذها على الأرض، بدعم حكومة الاحتلال.
عبد الرؤوف يدير متجرًا للتذكارات، في واحدة من أصعب مناطق التوتر في العالم، وهو يرى الموت، بعينيه، كل يوم، ولكنه حافظ على حس الفكاهة الخليلي لديه، كواحد من مستلزمات الصمود.
تلقى عبد الرؤوف عرضا، من جهات صهيونية، ببيع متجره ومنزله بمائة مليون دولار، ولم يشكِّل ذلك، مع استمرار الضغوط عليه، إلا مادة للسخرية بالنسبة له. ليس مهمًا ضخامة المبلغ، ولكن المهم هي اللا القوية لدى عبد الرؤوف، والتي لا يمكن المساومة عليها.
التقيت اليوم، عبد الرؤوف، الذي يُجذر عائلته في المكان، ويواصل التجذر، ومن أمامه وخلفه، ينشر واحد من أكبر جيوش الشرق الأوسط وحداته، وينصب حواجزه، ويسيطر مستوطنوه على منازل قريبة منه، ولكنه غير قادر على هزيمة، ضحكة عبد الرؤوف..!
يسحرني، ما يضفره البسطاء، من ملاحم صمود..!

الاثنين، 9 سبتمبر 2019

أبو مكين وغسّان..!



عندما كان عمر أبو مكين 20 عامًا، كان اسمه، أيضًا، أبو مكين، رغم أنه لم يكن متزوجًا، فالكُنَى في بلاد الكُنَى الأبوية، تخلق أحيانًا مع ولادة الشخص، أمَّا بالنسبة لأبو مكين، فإنها كُنية أقرب إلى الهمشرة.
وكان عليه أن يجرّب الاعتقال، ويحقق معه الكابتن أبو موسى، في البصّة في بيت لحم، قبل نقله إلى المسكوبية في القدس.
أعرف أبو موسى هذا، رأيته، صغيرًا، عندما صفع امرأة على وجهها في المخيم، قرب حاووز الماء. حاولت المرأة التي ترتدي الزِيّ الفلّاحي الذي ورثته من قريتها المهجرة، اللحاق بابنها الذي اعتقله أبو موسى، إلى الجيب العسكري، فصفعها.
كان أبو موسى، قصيرًا، مستفزًا، سريع الغضب، ولا يتحكم بعواطفه، بعكس ما يتوجب وجوده في رجال الشاباك.
قال لي أبو مكين: "عندما صعدت طلعة العين، توقعت أن أجدك". كان بحاجة للحديث عن الشهيد غسّان، بينما تهب نسمات خريفية علينا في ساحة المهد، مع تقدم الليل.
روى أبو مكين كيف حقق معه أبو موسى في البصّة، وسأله عن غسّان، فأنكر أنه يعرفه، فنقله إلى مسلخ المسكوبية.
لم أعرف غسّان، الذي شب في بيت لحم القديمة، ابنا للاجئين، من قرية مدمرة غرب القدس، ولكنني سمعت صراخه.
في آذار 1982م، كان صراخ غسّان، يأتينا، نحن نزلاء الزنازين، شاقا الطريق نحو سماء القدس. كان غسّان مريضًا، وبعد أن اعتقله المحتلون، وحكموا عليه بالسجن، أعادوه إلى التحقيق.
لن أنسى أبدًا ذلك الصراخ، وشكواه من معدته، وهو مشبوحًا في البرد، على رأسه كيش خيش أو أكثر، مغموس بالبول.
وصل أبو مكين إلى المسكوبية في نيسان 1982، ولم يقر بمعرفته، بصديق الصبا غسّان. وبعد أن فشل أبو موسى في كل محاولاته، قال له: سأجعلك تواجه شخصًا، وعندما يدخل لا تظهر أي انفعال ولا تتفوه بأية كلمة.
علم أبو مكين، أن أبو موسى، يريد أن يقابله مع غسّان، ليقول للأخير لاحقًا، بأن صديقه أبو مكين عرفه واعترف عليه.
وعندما دخل غسّان الغرفة، كما يتذكر أبو مكين: "كان تعبًا وأثار التعذيب واضحة عليه، فصرخت: لا أعرف هذا الشخص، فابتسم غسّان، ولمعت عيناه، وكأنّه يقدّر ما فعلته، ويشكرني. أخرج أبو موسى غسّان فورًا من الغرفة، لأنال نصيبي من الضرب".
استشهد غسّان اللحام لاحقًا، نتيجة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال، كما حدث مع الشهيد السايح يوم أمس.
في ساحة المهد، لمعت عينا أبو مكين مجددًا، ورأيت دمعة نزلت على خده، وهو يريد أن يتأكد مني، إذا ما كان فعله لغسّان، ساعده على الصمود.
قلت، ولم يكن لدي غير ما أقوله: بلى، بالطبع، أكيد...!
وقف أبو مكين، ومضى راضيًا، ولكنني لاحظت أن كتفيه ، انحنيا، وكأنّه حمل طوال سنوات، ثقل الاحتلال عليهما. وكلماته تخترق أُذني: "الاحتلال سرق طفولتنا، والمناضلون، ذروا أحلامنا..! أين المفرّ؟".

الأحد، 8 سبتمبر 2019

مجرد مقارنات بين احتلالات..!



باستشهاد الأسير الفلسطيني بسّام السايح يرتفع عدد الأسرى الذين استشهدوا في سجون الاحتلال، منذ عام 1967 إلى 221 أسيرا.
في الأسبوع الماضي، ارتفع عدد الأسرى الذين استشهدوا في سجون الأسد إلى 600 شهيدا، منذ الأزمة، وفق منظمة حقوقية فلسطينية-سورية، بعد استشهاد شقيقين فلسطينيين، استشهد شقيقهم الثالث على يد داعش.
في شرقنا، تصبح المسألة مجرد مقارنات، بين مقاوم قاتل، ومحتل قاتل. ما هو أكثر عزاءً لأُمّ الشهيد، أن يموت ابنها بسيوف دمشقية ممانعة طاهرة، أم  بسياط احتلالية غاشمة؟
كإنسان فلسطيني، لا أفرق بين الاحتلال الإسرائيليّ، والأنظمة العربية جميعها، من التقيهم من عرب يزورون فلسطين، من دول أوروبية أو يأتون حاجين، يعتبرون، في معظمهم، أنظمتهم، احتلالات أبشع من الاحتلال الإسرائيليّ.
ما لا يمكن تصوره، أولئك المطبلين..!

السبت، 7 سبتمبر 2019

يا عاقد الحاجبين..!



يحب العرب، عاقدي الحواجب، في قصائد الحب فقط..!
الصور التي يظهر فيها المسئولون الفلسطينيون والعرب، مع المفاوضين الإسرائيليين، وصور استقبال أصحاب مناصب من دولة الاحتلال، في العواصم العربية، لا تعبر أبدًا عن الواقع البائس الذي يعانيه الفلسطينيّ والعربيّ، جراء السياسة الإسرائيلية في الأرض المحتلة والشرق الأوسط.
وليس نادرًا أن تبدي الصحافة ووسائل الإعلام الإسرائيلية دهشتها، من استقبال وزراء من دولة الاحتلال في عواصم عربية، بحفاوة مبالغًا بها كثيرًا، في حين انهم في دولتهم، يخضعون لانتقادات دائمة.
في مذكراتها، تروي هيلاري كلينتون، حكاية زيارة زوجها بيل، إلى كوريا الشمالية عام 2009م، للتوسط لإطلاق سراح صحافيتين أميركيتين.
الكوريون، طلبوا حضور بيل بالاسم، ولم يكن حينها سوى زوجة السيدة وزيرة الخارجية، والرئيس السابق. تذكر كلينتون عن الزيارة: "وعلى الرغم من اتسامها بالمهمة الخاصة، نُبه بيل وأعضاء الفريق المرافق له إلى نقاط أساسية قبل الشروع فيها شمل جزء مضحك وإنما مهم من التحضيرات؛ تدريبهم على عقد الحاجبين، عندما تلتقط الصور الرسمية مع كيم".
نجح بيل، وليس مثل المفاوضين والزعماء العرب، الذي يقدمون ويقدمون فقط، وعاد إلى أميركا مع الصحافيتين، وهو ينفذ مهمته نجح في مسألة عقد الحاجبين: "كانت الصور الرسمية الصادرة عن النظام متكلفة على نحو مناسب ولا بسمة من الفريق الأميركي".
ربما، يعجب المعجبين بأميركا، شيئا من أساليبها الدبلوماسية، فيعقدوا الحواجب قليلاً، ليس في وجه شعوبهم، كما هو الواقع الآن، ولكن وهم يجلسون مع طرف يعتبرهم عدوًا، حتى لو فرشوا له فوق السجاد الأحمر، سجاجيد من الذهب والعقيق.

الجمعة، 6 سبتمبر 2019

اليهوديّ العراقي والعصفورة اليهودية الشقراء..!



‏قبل ذلك بأربع سنوات، عندما كان عمري 13 عامًا، كنت معتقلاً في معسكر الجيش الإسرائيلي في بيت لحم، واسمه (البَصَّة)، ومعي عدد من قادة الطلبة في جامعة بيت لحم. كان أبو الفهد، الضابط العراقي اليهوديّ الضخم، ضخم الجثة والرأس والشارب والأطراف، يحتضن مجنّدة صغيرة تكاد تذوب بين ذراعيه، يَمُرّ مِن أمام غرفتنا وينظر إلينا ويضحك. كنت أدرك أنه يستفزنا، ولكني لم أدرك حجم الاستفزاز الذي يمكن أن يشكله تصرفه لزملائي المعتقلين من الجامعة. وفي أجواء الاستفزاز هذه، وأبو الفهد يمرّ من أمامنا مقبلا ويعود مقبلا، بدت السخرية تسري في أجسادنا، وفوجئنا بوليد يقول بصوت خفيض هامس:
-ادخلها إلينا.. شوية!
ولا نعرف كيف سمع ما قاله. ترك أبو الفهد عصفورته الصغيرة تسرّح شعرها بيديها، ونادى على جنديّ يحمل المفاتيح، وطلب منه فتح الغرفة، وطلب منا الوقوف جميعا ووجوهنا إلى الحائط، وأراد أن يعرف من هو صاحب الجملة. حاول بعضنا أن يقول إنها لم تصدر مِن غرفتنا، ولكن الضابط الذي أمضى سنوات عمره الأولى في موطن أكراد العراق قال وهو يفتل شاربه الضخم:
-عيب على هالشارب إن لم أُلقنكم درسا إذا لم تقولوا من هو قليل الحياء الذي بينكم.
وبالطبع رفضنا جميعا الإشارة إلى وليد، واقتادنا خارج الغرفة، وعندما عدنا لم نستطع النوم لعدة ليال، بسبب ما تعرّضنا له من ضرب.
وعندما أصبح أبو الفهد يمرّ وهو يهصر المجنّدات تحت ذراعيه، يضع أقرب واحد فينا يده على فم وليد، كي لا يتكلم، ولكننا جميعا نطلق النكات التي تطفو على شفاهنا فجأة، ولا نعرف من أين أتت. أما أبو الفهد، فلم يعد يسمعنا، أو لم يرد ذلك، مدفوعا على الأرجح بغرور شرقيّ تدغدغه مراقبتنا لما يفعله مع العصفورة اليهودية الغربية الشقراء.

الخميس، 5 سبتمبر 2019

أهلاً مار شربل..!






في السنوات الأخيرة، زاحمت صور مار شربل، صور أيقونات القديسين الأكثر شعبية في بيت لحم، وحقق دير مار شربل الذي أعيد فتحه نجاحًا، في استقطاب مؤمنين محليين، لأداء الطقوس الدينية، ونشر ثقافة مارونية، وكله بجهد الأب يعقوب، الذي يقطع المسافة بين بيت لحم وحيفا، مرتين في اليوم، وهي مسافة طويلة، لأن أنظمة الدير تمنع راعيه من النوم فيه.
تلقى الدير، دعمًا من السلطة الفلسطينية، والرئيس أبو مازن، الذي سمى وافتتح الشارع الذي يقع عليه الدير، باسم مار شربل.
الشخصيات الأكثر قداسة التي نقشها الأهالي على عتبات منازلهم منذ عام 1838م على الأقل، هما الخضر الأخضر والسيدة العذراء.
ولأوّل مرة تظهر صور مار شربل على واجهة بناية في بيت لحم، قد تكون لا تشبه أيقونات الخضر الأخضر والسيدة مريم، التي تُحفر محليًا، وعلى الحجر المحليّ المتعدد الأنواع العابق بميثولوجية ارتبطت بالدين والقداسة، ليس فقط للمواطنين، ولكن حتى للمستعمرين، كما حدث مع رجال إدارة الاحتلال البريطاني.
ماذا يرى المحليون، الذي اطمئنوا لقرون، للخضر الأخضر والسيدة مريم، ومنحوا مواقع عديدة أساطير تتعلق بهما، في القديس الجديد، الذي لا يعرفون عنه الكثير، ولم يظهر لهم خلال السنوات المفصلية التي عاشوها من الحرب العالمية الأولى، إلى النكبة، والنكسة؟
ربما بعد سنوات سيحقق مار شربل حضوره الديني والاجتماعي، وربما لا، ولكنّها المرة الأولى التي يظهر فيها فسيفسائيًا على واجهة مبنى حديث، متعدد الاستخدامات، في حي حديث، سيحتاج بالتأكيد إلى بركات قديس جديد، آت من بعيد (نسبيًا)، ولكن ذلك لوحده لا يبعث الاطمئنان، ففي مدخل البناية، يظهر الخضر الأخضر فيسفسائيا أيضًا، لا أحد يمكن أن يترك خلجاته للصدف..!
أهلا مار شربل، الأرض المقدسية تتسع لقديس جديد..!

الأربعاء، 4 سبتمبر 2019

توقيت حمص القدس..!



توقف جورج، وخلته لن يتوقف أبدا عن صنع الحمص..!
عندما فتح جورج مطعم الحارة في بيت جالا، قرر أن يتخذ حديث النبي العربي الكريم، حكمة ومنهج عمل كما قال: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" وإتقان صناعة الحمص، يستلزم عصير الليمون، وليس ملح الليمون كما تفعل المطاعم الأخرى. مشهد جورج وهو يعصر الليمون، كان مألوفا، ولم يكن يستطع، مع عماله إلّا انجاز وجبات من الحمص ومشتقاته، تنتهي ظهرًا.
أرهقه عدم تنازله عن عصير الليمون..!
لا أعرف عدد المرات التي أصبت بها بخيبة الأمل، عندما أصل مطعم الحارة، مع أصدقاء أو ضيوف أمنيهم بوجبة حمص معتبرة، لنجد جورج يعتذر عن انتهاء حمصه، وهو يستعد لعصر الليمون لوجبات اليوم التالي.
لحمص جورج طعم مختلف، فنجح وارتفع صيته، ولكنه أخيرًا، استسلم، تعب، لم يعد بإمكانه أن ينجز الحمص، كما يجب أن يُنجز، فتوقف، وأغلق المطعم.
لم يشكّل خبر توقف جورج خبرًا عاجلاً، أو حتى غير عاجل. توقف جورج، وانتهى الأمر، ولا عزاء لمحبي حمصه. لم يفكر أحد اعتبار ذلك، تراجعا، أو هزيمة ما في المعركة المحتدمة مع اليهود الإسرائيليين حول الحمص، وهويته، ومذاقه.
في القدس ثلاثة مطاعم شعبية تقدم الحمص الأفضل بالإضافة إلى الفول وما بينهما أو مزيجهما المسمى قدسية: العكرماي في المصرارة، وأبو شكري في شارع الواد، وادكيدك في سوق الخواجات، وجميعها تنتهي عملها في ساعات غير محددة، عند الظهر.
أسأل صاحب مطعم ادكيدك، لماذا لا يستمرون للمساء؟ فيجيب:
-يمكن للرجل أن يفطر ويتغدى عندنا، ولكنه يجب أن يتعشى عند امرأته..!
يا للمسؤولية الاجتماعية لحمص القدس..!
الخاسرون من لا يبدأون يومهم، بتوقيت حمص القدس..!

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2019

نساء القيامة.. وثلج القدس..!


في السنة الثانية على احتلال القدس وما تبقى من فلسطين الانتدابية، وعليها أراض عربية؛ أردنية، ومصرية، وسورية، استشعرت نسوة من فلسطين، أن الاحتلال، طال، فقررن الاعتصام في كنيسة القيامة، حتى جلاء المحتلين عن أرضنا، وهوائنا، وسمائنا.
يخط المعلم جريس نسطاس، الذي كان يعمل في الكنيسة على رأس فريق الحجارين، في مفكرته، جملة مقتضبة يوم الثلاثاء 28-1-1969م:  "عطل، اعتصام النسوة". عليَّ أن أشكر ابنه جورج الذي أتاح لي فرصة الاطلاع على مفكرات والده.
من اللواتي شاركن في الاعتصام، عصام عبد الهادي، وسميحة خليل، سيبعد الاحتلال، بعد ثلاثة أشهر عبد الهادي مع ابنتها فيحاء، إلى الأردن، بينما ستستمر أم خليل في النضال، على رأس جمعية إنعاش الأسرة في الداخل.
يخط أكرم زغيتر في مذكراته التي صدرت حديثا في قطر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في يومية 29-1-1969م، وكان حينها في عمّان، مقربًا من الملك حسين، عن الاعتصام: "من أنباء الضفة الغربية، أن جمهرة من السيدات، مسلمات ومسيحيات، قد اعتصمن في كنيسة القيامة منذ يوم السبت المنصرم، وآلين على أنفسهن ألا يتناولن طعامًا حتى يتم الجلاء عن الضفة الغربية. هذه روح عالية مثالية لا ريب. إن هذه الحماسة المتأججة في الصدور تدل على أن روح المقاومة ما خمدت، ولن تخمد".
ولكن يبدو أن شخصًا أدمن الكهانة كأكرم زعيتر، وتنقل في الخدمة بين الحركة الوطنية الفلسطينية والحاج أمين، والملك حسين، لن يترك الأمر دون إبداء الملاحظات وتوجيه الأوامر: "ولكن كان من المفروض أن تُعد العُدة، لإحاطة هذا العمل بما يستأهل من اهتمام وضجيج ودعاية كافية قبل البدء به".
من الذي كان منوطًا به "إعداد العُدة"، أكثر من أمثال زعيتر، الذي يفترض وانه في مركز مسؤول في دولة فقدت نصف أراضيها، أن "يعد العُدة" دون انتظار نسوة فلسطين لإعلان صرختهن.
يضيف زعيتر: "ولو كنت موضع المشورة لأشرت أولاً بألا يُجعل فك الإضراب منوطا بالجلاء؛ وإنما يكون منوطا بتحقيق شيء ممكن التحقيق في مدة محدودة، ولأشرت ثانيا بألا يبدأ به قبل تأمين بلوغ الغاية منه، بحيث لا ينتهي إلا بأحداث تقض مضاجع السلطات المحتلة وتوهنها".
من الذي كان عليه أن يؤمّن؟ ماذا كان بمقدور النسوة أن يفعلن وهن تحت الاحتلال؟ ماذا كان دور الخارج؟ ستبقى، في السنوات اللاحقة، ثنائية الخارج والداخل، معضلة في العلاقات الوطنية الفلسطينية.
عمومًا فان زعيتر، كتب ما كتبه متأخرًا، في مفكرة المعلم جريس، نقرأ في يومية التاسع والعشرين، وما بعدها، أن عمله تعطل في كنيسة القيامة، والسبب هطول الثلج.
وبهطول الثلج، انتهت تجربة في العصيان المدني، ربمًا تأخرت، وللأسف انتهت في مهدها، واستمر الاحتلال حتى يوم النّاس هذا.
وما زال العصيان المدني، متأخرًا، ومجهضًا. 

الأحد، 1 سبتمبر 2019

إسراء والجلادون..!




لا تستطيع الصحافة الفلسطينية، إنتاج تحقيق استقصائي عن إسراء غريب، لأسبابٍ بنيوية، وأخرى موضوعية، كعدم إقرار القوانين الخاصة بالحصول على المعلومات، وعدم استعداد بنى السلطة للانفتاح على الصحافة، خصوصًا الفلسطينية.
إضافة إلى المناخ العام، وتعدد السلطات التي تستهدف الصحافة، كالعشائرية، والفصائلية، والطائفية. تخشى الصحف الفلسطينية نشر مواضيع تتعلق بمثل حالة إسراء، خشية من هجوم عشائري مادي على الصحافي، أو الصحيفة التي عادة تخشى إدارتها ردات الفعل، وتتخلى بسهولة عن الصحافي.
حدث معي، أن أوّل وزير أوقاف في السلطة، طالب، بعد نشري لموضوع لا يتجاوز أسطر قليلة عن محاباة الشيوخ للصحافيات، في كتاب رسمي، صادر عن مكتب الوزير، بحق عشائري لكل موظفي وزارة الأوقاف.
المثل الأبرز على تخلي الصحيفة عن الصحافي، ما حدث مع الصحافي الأستاذ العلمي، عندما اعتقل، تخلت صحيفة القدس عنه، ولم ترفع صوتها وهو يقضي أيامه في سجن أريحا.
فيما حدث مع إسراء، أدى تأخر نشر فحوى التقرير الشرعي، إلى تولي المهمة، منصات التواصل الاجتماعي، التي لا تثقلها، ما يثقل الصحف، وجمهورها ليس متطلبًا، فيكفي لأي احد أن يكتب أي شيء، حتى يجد من يؤيده أو يعارضه.
يمكن لصحافي مثلي، أن يغبط نشطاء الفيس بوك، على اندفاعهم، ويمكن أن يلاحظ ردة فعل العائلة، التي كان يمكن في حالات مشابهة لو نشر شيئا عنها في الصحيفة، لاستلت كل العصبيات العشائرية، ولكنها لجأت لمواجهة النشطاء بمنطقهم، حيث عينت ناطقا بلسانها، ولم تكتف بذلك، فنشرت فيديوهات للشقيق والأب ولغيرهما.
ولكن السؤال إلى ماذا يؤدي نشر أنصاف حقائق أو أجزاء منها؟ وهل هو لصالح قضية إسراء؟
الأجهزة التي يجب أن تحق الحق في القضايا الجنائية، ما زالت تحقق، كما أعلن النائب العام اليوم، ولن تعلن النتائج قبل انتهاء التحقيق، وتمكن، خلال لقائه مع ممثلات المنظمات النسوية، ومؤسسات حقوق الإنسان، من احتواء الغضب.
أمّا المسألة الثقافية، والتي قد تكون الأهم، فلا يمكن أن تتغير، بحملات على الفيس بوك.
لم يكن لدى السلطة الفلسطينية، أو أي من فصائل منظمة التحرير، أو حركتي حماس أو الجهاد، أي مشروع ثقافي، لبناء الهوية الجديدة، ولعلَّ المؤسسة الثقافية الرسمية هي الأضعف والأفقر، في الموارد المالية والبشرية ونوعيتها، ووجودها فقط هو نوع من الوجود التقليدي لمسمى وزارة، كما في دول الجوار العربية.
وليس لدى مؤسسات المجتمع المدني أية مشاريع مشابهة، ولم يتمكن الوسط الثقافي المستقل الضعيف، من تقديم طروحات ثقافية فكرية، حول الهوية، والتحرر، والمستقبل.
سيقود المجتمع الفيسبوكي المنفعل، بحكم طبيعيته، المعارك المقبلة، السياسية، والاجتماعية، والتي سرعان ما تخبو، وتكاد لا تترك أثرا.
سينسى الفيسبوكيون، إسراء، سريعًا، وسيعود قسم منهم على الأقل، إلى نشر الثقافة المعادية للمرأة، وإبراز النزعات الطائفية، والجهوية، ونشر ثقافة العنف الببينية، ويتحولون، كما كانوا، إلى جلادين، أمّا الصحافة فليس لديها سياسة تحريرية، تتعلق بالمرأة، فتنتظر الجريمة المقبلة، لتنشر بخفر.
ولا عزاء للقتيلات، والضحايا، والأهم، الوطن القتيل، الذي يتضاءل فيزيائيا يوميًا.