أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 30 أبريل 2021

لكُلٍّ منّا قُدْسه، وهذه قُدْسي..! (1-5)

شهادة روائية قدمت لمؤتمر القدس في الرواية العربية، جامعة البتراء-عمّان، خريف 2019

أوّل

عندما أقف قُبالَة باب العمود، باب بلدة القُدْس القديمة المفضي نحو الشمال، أتخيّل السُّلْطَان سليمان، ومعماره سِنان، يقرعان الكؤوس، وهم يخططان لإعادة بناء السور المهدم حول القُدْس، على أنقاض، الباب الروماني، ويبدو السُّلْطَان، مستعجلاً، بعد أن حلم، بأنّه إذا لم يبن السور، فان الأسود يمكن أن تلتهمه، على ما تقول الأسطورة المحلية.

وأتخيَّل كيف تتغير المدينة بسرعة، منذ ذلك الزمن البعيد، والزمن الأقرب، ففي مكان إبراهيم شبانة، بائع المجلات والكتب، بجانب الباب، ينتصب برج عسكريّ احتلاليّ، وهو يشوه المدينة، يؤكد على واقعها المغاير، لما أرادها الاحتلال؛ قُدْس موحدة تحت حرابه، وعاصمته إلى الأبد.

في رد فعل، على ذلك، يرفع الفلسطينيون، شعارًا مشابهًا؛ قُدْس عاصمة فلسطين إلى الأبد. ماذا عن الرملة مثلاً، التي اضطلعت بدور العاصمة لقرون؟ هل أتحدث عن حُفر ردات الفعل؟

عشق إبراهيم، عبد الحليم حافظ، وأصدر كتيبات ملونة، تحوي كلمات أغاني العندليب الأسمر، الذي يزعم إبراهيم أنه استقبله، شخصيًا، مندوبًا عن إحدى الصحف، في مطار قلنديا، قبل الاحتلال، عندما كانت القُدْس، قُدْسًا، ولها مطار، وعندما رحل مغنيه المحبوب، فتح بيت عزاء له، وفي كل سنوية، كان يوزع، بيانًا، على المارين، مذكرا بمنشد الحب والقومية العربية، وكأنّه يقترف فعلاً ثوريًا، وهو يمد المنشور، بثقة للمارين، غير آبه بعيون جنود الاحتلال، المنتشرين في المكان، والتي تجوس، على قامات النَّاس، وتحصي الحركات.

في عام 1982، عندما خرجت من معتقل المسكوبية، وسرت من القُدْس الجديدة، إلى القُدْس المسورة، كان بائع الصحف البسيط، من الذين التقيتهم، كي أُأَكد لنفسي، بأنني فعلاً، أصبحت حرًا (الحرية النسبية طبعًا). أعطاني إبراهيم مخطوطة منقورة على الحاسب، وممنتجة، عن قصة عشقه الأبدي، للمغني المصري، لأنقحها، مستبشرًا بي خيرًا، وسيظهر إبراهيم في روايتي المسكوبية (رام الله، 2010م) كواحدٍ من شخوصها، وباسمه الصريح.

عندما أمضيت تلك الأيام العصيبة، في المسكوبية، كنت أرى في نفسي كاتبًا، نشر قصصًا في الصحافةِ المحلية، وشارك في الأنشطة الأدبية، التي كانت تعقد في القُدْس، أيقنت بأنني سأكتب عن الشخوص التي قابلتها في المعتقل، ولكن، في تلك الأجواء المجتمعية، التي سادت الأرض المحتلة، لم يمكن ممكنًا، أن أكتب بحرية، وهي الحرية النسبية التي يحتاجها الكاتب، ليكتب، فانتظرت سنوات طويلة، حتى خرجت الرواية، من ظلمة الأدراج، إلى نور القراء.

سأعود في رواية المسكوبية، سنوات إلى الخلف، لمحاولة قول أشياء كثيرة، عن قُدْسي الخاصة، قُدْس الثمانينات، بعوالمها التحتية، والخلايا الطلابية، والتنوع الاثني والطائفي، الذي طالما شكّل غنى للمدينة، التي رأيتها دومًا، مدينة فوق قومية، وما زلت أستغرب، كيف تقدم، من خلال الشعارات، والخطب السياسية، كمدينة أحادية، وأدرك أنهم يتحدثون عن قُدْس أخرى، غير قُدْسي.

كتبت المسكوبية، بوعي بأنني أريد أن أقدم شكلاً جديدًا، على الأقل ضمن المدونة السردية للمدينة، ولإيماني أن أيّة رواية هي مغامرة في الشكل والأسلوب، وتحتاج أساسًا، إلى عملٍ ميداني، فحضر في الرواية العمل البحثي، والتقنيات الصحافية في بعض الفصول، والواقعية، في ذكر أسماء شخوص حقيقية كالشاعر توفيق زيّاد مثلاً.

خضت غمار هذه التجربة، وأنا أدرك، أنها مثل كل التجارب، ليس هناك شيئًا مضمونًا، ولكن لم يكن، لدي أي خيار، لكتابة أي شيء عن القُدْس، ضمن المحددات الشعاراتية، والتعامل مع المدينة، كمعطى سهل التناول.

#رواية_المسكوبية

#باب_العامود


 

الأربعاء، 28 أبريل 2021

كل خاطب كذّاب..!


هناك من يخطب ود الجماهير (يا للجماهير المدغدغ ودها)، وهناك من يخطب ود النساء (يا للنساء المتعتعات بكلام الخُطاب) ولكن لا فرق في الحالتين، من ناحية تقنية نسبيًا، على الأقل هذا ما أدركه العرب القدماء.

في بلاد تنضح شعارات، يبدو من الصعب تتبعها ودراستها، يمعن الشعارايون في شعاراتهم. من الشعارات التي ترددت في المسجد الأقصى مؤخرًا، التي تُلوح لليهود، وتنذرهم بتكرار ما حدث لهم ذات مرّة، في مكان اسمه خيبر، لا يعلم عنه الإسرائيليون المستعمرون شيئًا، إلى مهازل الخطوط الحمر.

يبدو التلويح بحرب دينية إسلامية، من رمز فلسطيني ومكان مقدس، إحدى المهازل المأساوية،  كاعتبار القدس خط أحمر، ولا سلام بدونها، وكأنَّ الخليل، وقلقيلية، ويافا، ورأس الناقورة، مثلاً خطوط ملونة، وليست خطوط حمراء، وأن السلام، الذي لا أفقدته الشعارات أي معنى، يمكن أن يكون بدونها.

الشعار يتجاور مع كذب خُطّاب الود وخطبائه. سنتذكر مجموعة من الرفاق القدامى، كالبيهقي الذي نقل عن ابن عساكر، بسندهما إلى أبي مالك، قال: مرّ سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام بعصفور يدور حول عصفورة، فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟ قالوا: وما يقول يا نبي الله؟ قال: يخطبها لنفسه، ويقول: تزوجيني أسكنك أي قصور دمشق شئت. قال سليمان (ولا شك أنه كان يضحك): وإنه عرف أن قصور دمشق مبنية بالصخر، لا يقدر أن يسكنها، لكن كل خاطب كذاب.

لا نعرف، منطق الطير، كما عرفه الملك أو النبيّ سليمان، ولكننا نعرف، بأن كل خاطب، وخطيب، في بلاد الخطباء والخطاب، كذّاب..!

#باب_العامود

**الصورة: قبة الصخرة 13-3-2021م

 

الأحد، 25 أبريل 2021

حكايات أم نبيل..!



قبل أشهر غابت أم نبيل، ولكنّها، بالنسبة لنبيل لم تغب، ما زالت تعيش معه في المنزل في شارع اسطيح في بيت ساحور، وفي نزل دار ستي عزيزة في بيت لحم العتيقة.

أم نبيل مخزون حكايات عن بيت لحم، وبيت ساحور، والقدس، وغزة، حيث عاشت في منزل حموها الايكونومس الياس رشماوي، الذي نشط أيضًا وطنيًا وقوميًا.

كانت ناشطة مستقلة، ابتعدت عن انقسامات الأحزاب والتنظيمات التي لا تنتهي، ولم تصبها عدوى شيوعية آل رشماوي في شارع اسطيح، ومنهم عميد الشيوعية المرحوم البروليتاري عطا الله رشماوي (أبو جميل). سألتها، في منزل العائلة، يوم 10-6-2020م، عن مصدر ثقافتها، أجابت مبتسمة، بأن الفضل يعود للرقابة. عمل زوجها في دائرة الرقابة في القدس الأردنية، وكان يعود للمنزل بالكتب الممنوعة التي لم تجزها رقابة النظام، فتلتهمها.

واحدة من لحظات مكر التاريخ. لن تفهم الأنظمة، حتّى في عصر تحطيم مفهوم الرقابة، أن الحروف تطير، وأن الكلمات لا يمكن حبسها في الزنازين.

عمل باحث أجنبي، على كتاب عن حياتها، لم يصدر حتّى الآن، كما أخبرني نبيل، آمل أن يصدر قريبًا، وسيمدنا بالكثير من حكاياتها.

بمناسبة #اليوم_العالمي_للكتاب

 

السبت، 24 أبريل 2021

ميثولوجيا فلسطينية/إياد شماسن


أعتقد أن مطالعات أسامة العيسة العميقة للعهدين القديم والجديد سابقًا، واعتكافه على مطالعة النص القراني حاليًا، وتجواله بين خرائب كنعان وما تلاها من تجارب بشرية ساهمت في تكوين الهوية الفلسطينية؛ ستمنحنا تجربة هامة في تقديم الميثولوجيا الفلسطينية، روائيًا، باعتبار العهدين القديم والجديد ميثولوجيا فلسطينية أساسًا، وبالتالي فإن أي عمل يعاد تخليقه برواية فلسطينية سيكون له آثاره الأدبية على الأقل، وركيزة مهمة في الرواية الفلسطينية عمومًا، وهي خطوة في مشوار الألف ميل لتقديم الرواية الفلسطينية بعيدًا عن السياق الكولونيالي وبعيدًا عن البكائيات.

#الإنجيل_المنحول_لزانية_المعبد

**

المقال كاملاً:

https://www.bokra.net/Article-1461690

 

الجمعة، 23 أبريل 2021

أنا نخلة الكنعانية

تعرفونني باسم أثمار، أو تمَار، ويمكن أن يكون أسهل عليكم، أن تنادونني تمارا، فهو اسم شائع لديكم، دون أن يعرف كثيرون معناه، ولكنّني أحب أن تتخطوا ذلك كله، وتسموني نخلة، وهو معنى اسمي الّذي تلفظونه بتلك الصيغ الثلاث، على الأقل، وأحب، أيضًا، أن يكون لي فعلاً، من اسمي ثمرًا، ولا يجب أن يغيب عنكم، بأن النخلة في شرقي الّذي عشته، هي رمز للألوهة المؤنثة؛ الأُمْ الكبرى، الفرج، الممر الإجباري لمرور البشر منه، ولكن منهم من يتنكر، وينكر، وأدى تضافر المتنكرين والمنكرين، إلى انقلاب على الأم الكبرى، ليتسلم الرجال مقام الألوهة، والنبوة. لم يختر والدي الكاهن اسمي، لسبب ديني فقط، وإنما أيضا ممنيًا النفس أن تكون ابنته جميلة تقطر منها الحلاوة، كالتمرة، ومنتصبة القوام، شامخة كالنخلة، الّتي لا نعرف غيرها من أشجار قادرة، وهي تعلو على تصحيح مسارها، فلا تنمو مائلة، وإنما مستقيمة، وهكذا أراد والديّ أن يكون سلوكي، فلا أجلب لهما كلام النّاس، ورغبوا أن أكون مفيدة لهم ولناسي، فلم تكف والدتي، وهي تهز مهدي، عن الإنشاد معددة فوائد النخلة أل 360، على عدد أيّام السنة، فأنام قبل أن تكمل أنشودتها، وربّما كنت أصحو، كما أكدت لي مرارًا لاحقًا، فأجدها تكمل التعداد، وكأنّها بإكمالها، وتكرارها، تريد التأكد من أنني سأكون كما ترغب هي ووالدي. أحب، أيضًا، أن تضيفوا لاسمي، نسبي العِرقي، ليس فقط تعبيرًا عن فخري، ولكنّ لأنَّه مهم لفهم قصتي، فأصبح نخلة الكنعانيّة. وكما يجب أن تعلمون، فإنَّ في تغيير الاسم في شرقنا القديم -وهو في حالتي، ليس تغييرًا بالمعنى الحرفي، وإنّما ترجمة- يحمل معه تغيير المكانة، والدور، والمصير، والأمثلة شائعة، ليس أقلها، تغيير أسماء بطاركة أجداد قبيلة زوجي، كإبراهيم، وسارة، وكذلك اسم جَدّ زوجي يعقوب، ليصبح إسرائيل، بأمرٍ من ربه، والاسم ليس له علاقة، أو يجب أن يكون كذلك، بدولة إسرائيل الّتي ولدت في شرقكم الحديث. أقول ذلك منعًا لأي لبس وإسقاط حاضر متفجّر، على ماضٍ، تفجّر، وتناثرت شراراته، وتوالدت، حتّى وصلتكم شظاياها.

كنت أحد ضحايا شرقي المتفجّر، فارتبط اسمي، بشتى الصفات الّتي تنتقص من المرأة، وكأنّه لا يوجد غيري زانية، أو أنّه لا زانيات في هذا الشرق، إلّا أنا، وأنتم تَلُوكون سيرتي، تتجاهلون سجل طويل من الزناة الرجال، الّذين تعلوهم، كأنبياء، وأجداد، وقديسين، ومِن بينهم شريكي، مَن ارتبط بما حدث معي به.

أعرف أن قصتي تقلقكم، وأقرّ بأنهن قلة، تلك النسوة المهذبات اللواتي دخلن التاريخ، ليرضن غروركم الذكوريّ. من الواضح أن لا أحد تجذبه قصص المهذبات. ما العمل في دناءة أخلاقكم المتجذرة؟ وبعضكم، وهم قلة، يحاولون، سبر تاريخي، غير مكتفين بالأفكار المسبقة النمطية، ومن بينهم هذا المؤلف، المولع بقصص المجانين، والمرضى النفسيين، الّذي قرّر البدء بكتابة قصصنا نحن نساء هذا الشرق. أعتقد أنّه يمكن فهم ما حدث معنا، من زوايا علومكم النفسيّة، ولكنّني، عندما بدأ بحفرياته عنّي، استأذنته في أن يترك لي، رواية حكايتي بنفسي، خشية من تحيزات، قد تسيء للقصة، حتّى لو كتبها مؤلف، يحاول أن يكون موضوعيًا، كما يزعم. لا أعرف إذا يتعيّن عليّ شكره على موافقته، أم أنّه حقًا لي، بعد قرون طويلة، من لَوك سيرتي؟ من لم يلوكني منكم، بلسانه، لاكني بفكره، ووضعني في الموقع، الّذي تتقبله تحيزاته العقليّة.

نادوني نخلة، ربّما تتغير وجهة النظر نحوي، حتّى بعد كلّ هذه القرون الطويلة، وأنتم تقرؤون، رجالاً ونساءً، إنجيلي هذا، الّذي، أعلم، بأنه ليس له أيّة فرصة لأن يحظى باعترافكم، فأنتم حددتم، منذ زمن بعيد أناجيلكم المعتمدة، ونبذتم العشرات من أمثال إنجيلي هذا، الّتي اعتبرتموها منحولة، واخترعتم مصطلحا يؤشر إليها، كشيفرة محلولة تتداول، فأي واحد منكم يقول أبوكريفة، فهذا يعني محاولات آخرين، وأخريات، التعبير عن مكنونات سير حيوات شهدها الشرق المضطرب، ولكن السلطات المتعددة لم تعترف بها

#الإنجيل_المنحول_لزانية_المعبد
 

الخميس، 22 أبريل 2021

شهيد في بركة الصقيع..!


أمّا الثاني، فكان يذكره كثيرًا صالح أبو لبن، أحد المعتقلين الذين أمضوا سنوات طويلة في السجون، قبل أن يفرج عنه.

كان يذكر بكثير من الأسى زميله العجوز محيي الدين علان العوري، الذي التقاه في زنازين التحقيق في سجن رام الله، وكان شاهدًا على تعذيبه بوضعه في بركة ماء أيام الصقيع، فترات متقطعة، وفي إحدى المرات لم يحتمل الجسد المنهك الماء المثلج فتوقف القلب عن الخفقان، وبرّر المحققون وفاته، بأن الشرطي المناوب نسيه أكثر من اللازم في بركة الصقيع.

كثيرًا ما وضعت تصورات حول لحظات العوري الأخيرة، الرجل الذي تجاوز السبعين، وشارك في ثورة 1936م، واعتقل لأوَّل مرة عام 1968م، وأمضى في زنازين التحقيق فترة طويلة، دون أن يتمكنوا من أخذ كلمة واحدة منه، ودون أن يعرف أهله في بيت عور شيئًا عنه، ثمّ اعتقل مرة ثانية، واعترف عليه، هذه المرة، اثنان من زملائه، وبقي متماسكًا، حتّى أسلم الروح في بركة الصقيع، وكان ذلك في آذار أيضا، يوم 2-3-1971م: ما هي المشاهد الأخيرة التي مرّت في ذهن ثوريّ عجوز، وهو ينسلّ من الدنيا، وينخر البرد جسده؟ هل تمكّن من الإمساك بلحظات سلام أخيرة، وشريط حياته يمرّ سريعًا؟ هل توقّف عند مشاركته في مقاومة البريطانيين، الذين طاردوه ولم يتمكنوا منه، وعاش حتى يشهد على احتلال جديد، يقرّر محققوه قتله بطريقة غير مسبوقة.

#رواية_المسكوبية

**

صورة الشهيد العوري، بلطف عن صفحة صديقنا المنقب بلال شلش.


 

الأربعاء، 21 أبريل 2021

هوية المكان ووعي الهزيمة/أحمد زكارنة


 

 

العيسة الذي وقف أمامنا في روايته جسر على نهر الأردن؛ ليحدّق طويلاً في وجه المكان، وهو يعي تماماً أن العلاقة ما بين حركة الإبداع والوطن، علاقة طرديّة لا تنمو إلا بالحركة، راح يلعب دور البصير في حضرة الضّرير، لكل من فاته الاطّلاع بعمق على هويته المكانية وتعبيراتها السياسية من جهة تحديد الشخصية السكانية للمكان، لا ليمارس الأستاذية فيعطينا درساً آخر في تاريخ الجغرافيا، وإنما ليأخذ بيدنا إلى ما تبقى من مخزونِ تاريخٍ يُمثل بشكل أو بآخر، أداة أخرى من أدوات النضال. وكأنه يقول: أنْ تعرف تاريخك وهويتك وهوية مكانك، يعني أنك تمتلك قوة من نوع آخر، ويعني أيضاً أنّ الأرض بجبالها ووديانها، يمكن أن تغيّر جلدها خضوعاً للطبيعة أو بفعل فاعل، ولكن الإنسان لا يجب أن يغيّر جلده، وإن حدث وغيّره، فعليه أن يغيّر لما هو أفضل وليس العكس، وهو اقتراح لإجابة قد تكون كافية، لسؤال الراوي على لسان أحد أبطال الرواية وهو يقول: "إنها تغيّر جلدها، هل غيّرنا نحن جلودنا؟ ص126.

#جسر_على_نهر_الأردن

**

صدور كتاب نقدي مساحة فرح-مبروك لأحمد زكارنة

الاثنين، 19 أبريل 2021

سردي وشيق وأخّاذ/محمود موسى


يحتوي مضمون هذه الرواية على حقائق وتفاصيل وحكايات عن مدينة بيت لحم الفلسطينية العريقة، منذ حقبة الحكم العثماني حتّى اليوم، تحمل في جعبتها الكثير من الأمور التي ما زلنا نجهلها ولم نفهمها في صراع البقاء والقدسية المكانية لمدينة بيت لحم، رواية تأخدنا للقريب لا البعيد وتحمل روايات وحكايات بداخل هذه الرواية بتشخيص الأحداث والشخصيات التلحمية وفي محور الأزمنة المنصرمة خاصه في عهد الانتفاضات الفلسطينية.

وهي تعري وتفضح الكثير من الحقائق والرموز المخفية، التي لم كن نعلمها إلى يومنا هذا، في محور المكانية والقدسية والتاريخ المسلوب والسياسات المتعاقبة على المدينة.

 هي رواية بأسلوب سردي شيق أخّاذ يحملنا لمحمل الجد لا للمزاح، في مقتبل العمر الضائع وفي جوف السنين الماضية والمنتظرة.

 

السبت، 17 أبريل 2021

والحب العابر للجماعات

يذهب أسامة العيسة، في روايته الجديدة "الإنجيل المنحول لزانية المعبد" (المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، إلى أساطير الشرق القديم، ليتمحك بواقع الشرق الحالي، وتحديدًا من خلال قصة يهوذا وتمار التوراتية، حيث يعطي الفرصة لبطلة الحكاية لتقدم روايتها عمّا حدث قبل نحو ثلاثة آلاف عام، وهو الذي ما زال يحدث حتّى الآن، وكأنه شرق لا يتزعزع، ولا يتحرك، مكبل بمحددات طائفية، وقومية، ودينية، يبدو أنه لا فكاك منها.

يقول العيسة، إن روايته، هي محاولة لفهم الانحيازات، والتحيزات المسبقة، والصراع المتعدد الأوجه، الذي ما زال يحدد حاضر الشرق، وربما أيضًا مستقبله، لكنّها أيضًا رواية عن الحب العابر للجماعات، والتعصب الديني والقبلي، وتدخّل السماء في شؤون الأرض، والسيوف المسلولة، المشهرة في وجوه نساء الشرق.

يضيف العيسة، إنه لا يكتب الرواية مرتين، ويقصد، إنه في كل تجربة روائية يخوض مغامرة في الشكل والمضمون، وهو ما حاول فعله في هذه الرواية أيضًا.

#الإنجيل_المنحول_لزانية_المعبد

https://www.almodon.com/culture/2021/4/16/%D9%86%D8%B5-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AC%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%AD%D9%88%D9%84-%D9%84%D8%B2%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D8%A9

 

الجمعة، 16 أبريل 2021

الأكاديمي عاشق الأرض وشهيدها



خيم الحزن على بلدة الخضر، غرب بيت لحم، التي فجعت خلال الأسابيع الماضية، بفقدان عددا من أبنائها، بسبب الكورونا، ولكن هذه المرة، فجعت بفقدانها الدكتور علي عبد السلام صلاح (57) عاما، أحد أبرز أكاديمييها، الذي أمن أن الحياة ليست سوى: "رمشة عين" تمضي سريعا.

يشغل الدكتور صلاح، منصب مدير فرع جامعة القدس المفتوحة في بيت لحم، الذي شغله متدرجا، كمحاضر في الجامعة، منذ سنتها الأولى.

ولم يشغل منصب صلاح، الذي عرف بدماثة أخلاقه، عن ارتباطه في الأرض، فظل على مدى سنوات طويلة، صامدا في أرضه المجاورة لمستوطنة نفي دانئيل، التي أقيمت على أراضي المواطنين في جبل النبي دانيال، وهو واحد من أعلى الجبال جنوب القدس، يطل على مشاهد لمدن وقرى في محافظتي بيت لحم والقدس.

وطالما اعتبر عمله في الأرض وفلاحته لها، واجبا، وجعله التحدي مع المستوطنين، يظل دائما متحفزا، لا ينقطع عن أرضه ليلا أو نهارا، ولم يكن الأمر سهلا، فسجل مواجهته مع المستوطنين حافلا، الذين طالما قطعوا أشجاره، وخربوا أرضه، وصادروا مزيدا منها، مثلما فعلوا، عندما أنشأوا دوارا قريبا من مدخل مستوطنة النفي دانيئيل.

يشيد مهند صلاح، الذي تقع أرضه قريبا من أرض الدكتور صلاح، بصمود الأخير.

يقول صلاح المعروف باسم أبو سيدرا: "لم ينقطع الدكتور علي عن أرضه، وعشية شهر رمضان، وصل الأرض ليتفقدها، لأنه كان يقدر بأنه قد لا يكون لديه الوقت، بسبب التزامات الشهر الفضيل، من الوصول الى الأرض، كما السابق، وتأخر مساء، ولقي حتفه خلال سياقته لجرار زراعي في أرضه".

يضيف صلاح: "كنت أول الواصلين إلى مكان الحادث، ولكن قدر الله سبق، رأيته وقد انقلب الجرار عليه، في أرضه التي أحبها، وليصبح شهيد الأرض والواجب".

نقل جثمان صلاح، وقد هبط الليل، من أرضه التي لفظ أنفاسه الأخيرة عليها، إلى بلدته، ليواري الثرى في مقبرة البلدة.

وقال الشاب محمد صبيح: "فاجعة تهز بلدتنا، برحيل الأكاديمي الخلوق الطيب، دفاعا عن كرامته وأرضه، التي ستفتقده".

ونعت حركة فتح-إقليم بيت لحم/ منطقة الخضر التنظيمية، الدكتور صلاح: "الذي استشهد مرابطا على أرضه في وجه الاستيطان".

وأخر نشاطات الدكتور صلاح، قبل وفاته مشاركته في الجولة التي نظمتها جامعة القدس المفتوحة/فرع بيت لحم، في أراضي قرية بتير، التي لا تبعد كثيرا عن أرضه، ووادي الصرار وقرية القبو المهجرة، ورعايته لخريجي الجامعة، رغم الظروف الاستثنائية بسبب دائحة كورونا.

وقال حاثا المشاركين في الجولة على الاهتمام بالأرض والتجوال فيها: "قبل الكورونا كنا هنا، وكأنه الأمس، العمر يمضي برمشة عين، إن شاء الله يجمعنا في المسجد الأقصى، قريبا وهو محرر".

وهنأ يوم الحادي عشر من الشهر الجاري على صفحته على الفيس بوك خريجي الجامعة: "كل التهاني والتبريكات للخريجين بمناسبة التخرج رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن، كما أبارك للطالبة المتميزة جوان أحمد أبو سرور التخرج بامتياز والأولى على الدفعة تخصص تربية خاصة، والتي تهدي نجاحها الى عمها الأسير البطل والمحكوم مدى الحياة محمود أبو سرور فك الله أسره وكل الأسرى".

وإلى الشرق من بيت لحم، فجعت بلدة العبيدية، بوفاة أربعة من شبابها وشيوخها في أول ليلة من ليال شهر رمضان المبارك، وهم الشيخ يونس محمد عيسى العصا (أبو معاذ)، وهو داعية وإمام مسجد الغفار، والحاج محمد عواد خليفة العصا (أبو ابراهيم)، وخالد حسين جدوع العصا (أبو مهند)، والشاب داود محمد داود العيساوي.

 

الإنجيل المنحول لزانية المعبد


 

الثلاثاء، 13 أبريل 2021

الأكاديمي الفلّاح..!

عرفت الدكتور علي صلاح زميلاً في نفس الصف في مدرسة الخضر الثانوية، ثم استاذي في جامعة القدس المفتوحة في بداياتها، وعرفته أكثر صامدًا في أرضه في جبل النبي دانيال، أحد أعلى جبال القدس ارتفاعًا، الّذي أقيمت عليه مستوطنة نفي دانئيل، وسرقت الكثير من أرضه، ولأن أطماعها ما زالت مشرعة، فإن وجوده، فلاحًا في أرضه أصبح تحديًا، يواجه خلع أشجاره والاعتداء على أرضه بمزيد من الحب لها.

علي شخص دمث، وتسكنه حكمة الفلاح الفلسطيني الفطرية، الذي أمن بأن أي احتلال وغزو لفلسطين، منذ الاف السنوات، لم يكن سوى قدر محتم، الثورة عليه، تزيد وضع الفلاح تقهقرًا. فيحترف الصبر، حتى يفعل القدر مفاعيله، ولكن محتلاً أسوأ يستلم الأرض من محتل.

لفظ علي، الذي يؤمن بأن الحياة ليست سوى رمشة عينن تمضي سريعًا، ليلة أمس، أنفاسه الأخيرة في أرضه، أراد أن يمضي فيها أكير وقت، قبل التزامات شهر رمضان.

علي شهيد الأرض التي عشقها، وهو ثالث شهيد من صفنا من بلدة الخضر، سبقه الشهيد فايز إسماعيل، ابن الشهيد أبو الراتب من الكتيبة الطلابية في جنوب لبنان، والدكتور أحمد نعمان، الذي قُتل خلال عمله الصحي.

كم أصبح عدد الزملاء والأصدقاء الشهداء؟

قبل أربعة أيام قاد عاشق الأرض، زملاءه في جامعة القدس المفتوحة، في جولة على أراضي بتير، وحثهم على توثيق العلاقة بالأرض بالمشي فيها، مؤكدًا أن الحياة رمشة عين، قد تنتهي بسرعة، وكأنه كان يتحدث عن نفسه.

**

الصورة للدكتور علي خلال جولة بتير.


 

الاثنين، 12 أبريل 2021

مجانين بلا خرائط..!



"وهل يوجد أكثر جنونًا من انتظار مواطن العودة إلى بيته الذي اقتلع منه عام 1948".

*قراءة مجموعة عالم بلا خرائط، على الانستغرام، لطف يارا رمضان وصحبها.

https://www.instagram.com/p/CNiN0BBhgGS/?fbclid=IwAR3VpWWseu9JCEIX3IgRR7R5yV4G17XPcyhM65YD-Rf-FrCdGB4811badF0

الجمعة، 9 أبريل 2021

العاقل والمجنون/نزار عودة


 


ما فتني في مجانين أسامة العيسة، قدرته على رصد التغيرات البشرية. كيف يمكن لإنسان عاقل، أن يصبح، فجأة، وبغتة، وفي غفلة، من المجانين؟

يا رب الكون..!!

يا لها من دراما إنسانية مؤثرة.

كيف للعاقل أن يكون عاقلاً، والمجنون مجنونًا؟ ما الفرق بين العاقل والمجنون؟ هل يصبح الشخص، شخصًا آخر جديدًا، في تحولاته من العقلانية إلى الجنون؟

أحب ما يكتبه أسامة. إنه كاتب مفضّل ومختلف.

في انتظار رواية قط بئر السبع.

الأربعاء، 7 أبريل 2021

عن رواية جسر على نهر الأردن/ردينة ياسين.



"بحث يوسف الرطاسي، عن عدو يحاربه، فوجد نفسه مهزومًا، على الضفة الشرقية لنهر الأردن، قرر أن يخوض حربه الخاصة، فانضم للفدائيين، وعاد ليمضي في السجن 15 عامًا

سرت ويوسف، الاف الخطوات في ساحة المهد، وما زلنا، ومرّة واحدة، قرّر أن يروي حكايته. وعندما صدرت الرواية، كاد أن لا يعرف نفسه فيها."

أسامة العيسة

كاتب وصحافي فلسطيني، مواليد بيت لحم عام 1963. صدرت له عدة كتب أدبية وبحثية، في القصّة والرواية والآثار وطبيعة فلسطين. أعدّ أبحاثًا لأفلام تسجيلية عن الثقافة والسياسة في فلسطين. حصل على المركز الأوّل في جائزة فلسطين للصحافة والإعلام، فئة القصة الصحافية عام 2011، له العديد من المؤلفات التي تتحدث عن الشعب الفلسطيني.

 

تباريح جندي ماذا تعني (وصف الرواية):

 

ما معنى كلمة تباريح. تعرف تباريح في معاجم اللغة بانها الشوق والالم او الشدائد فبارح بعني اشتد ونزل به هم كبير فربما اراد الكاتب ان يعبر بلسان يوسف عن مدى الالم التي اصابه فلقد بحث يوسف هنا عن نفسه المهزومة لأنه جندي عادي مواطن بسيط دعي للنضال ومقاومة المحتل لكنه لم يحارب حمل السلاح وذهب كالأسد لكنه لم يحارب لبس بدلة عسكرية لكنه لم يحارب فهل حارب كفدائي او كسجين وهل كانت حربه في سجون الاحتلال وما هو دور فأره الشوكي كما قال الكاتب عنه ليكون وسيلة الاتصالية واستمرارا لحربه الخاصة بالسجن تلك الحرب التي انتصر بها بالصمود اذا جسر على نهر الاردن تباريح جندي لم يحارب بعد صفحات 288 واصدار عام 2018.

 

أحداث الرواية:

 

١. قرية ارطاس وبيت لحم الجغرافيا والتاريخ إرطاس - الجنة المقفلة هي قرية كنعانية عربية فلسطينية من قرى بيت لحم، عُرفت على مر العصور بمكانها الاستراتيجي بالغ الأهمية نظراً لما تتمتع به من خصوبة ووفرة في مصادر المياه فهي جمعت التاريخ والجغرافيا لتلتقي مع قرى بيت لحم في مراحل تطورها منذ الكنعانيون الى الرومان فالفتح الاسلامي بكافة عصوره الى عهد الظلام بعد حرب 1967 والاحتلال الإسرائيلي للقرية التي تمت مصادرة معظم اراضيها لصالح مستوطنة افرتا وغوش عكسيون التي اخذت معظم اراضي القرية والقرى المجاورة لقد اعطانا الكاتب من التاريخ والجغرافيا هنا الشيء الكثير . وكأنه يقول: أنْ تعرف تاريخك وهويتك وهوية مكانك، يعني أنك تمتلك قوة من نوع آخر، ويعني أيضاً أنّ الأرض بجبالها ووديانها، يمكن أن تغيّر جلدها خضوعاً للطبيعة أو بفعل فاعل، ولكن الإنسان لا يجب أن يغيّر جلده، وإن حدث وغيّره، فعليه أن يغيّر لما هو أفضل وليس العكس، وهو اقتراح لإجابة قد تكون كافية، لسؤال الراوي على لسان أحد أبطال الرواية وهو يقول: "إنها تغيّر جلدها، هل غيّرنا نحن جلودنا؟

 

٢. تباريح انسان

 

والتباريح لغة إن أجاد الكاتب صياغتها، عبّرت عن الإنسان بوصفه الشاهد والشهيد في آن.

فأما المكان، فيلحظ القارئ محاولات الكاتب إعادة بنائه ذهنياً، إلى حد يصعب معه فصله عن الزمان، فيحدث أن يتناول الرّاوي الشأن السياسي، بلغة مكانية، تؤكد لنا وللآخر أن التاريخ ومهما حاول المحتل تشويهه أو تزييفه، يبقى تاريخاً شاهداً علينا وعليه، "كنّا صغاراً نسمع أخبار عمليات القتل في قرانا التي أصبحت بسبب النكبة، قرىً حدودية بين وطننا ووطننا".

وأما الإنسان، وهو في الحالة الفلسطينية، ذلك المحارب الذي عليه "محاربة العوج، عوجنا، وعوج أنظمتنا، بسيوفٍ صحيحة" فكان حضوره، حضوراً حسّيَا بصرياً قادراً على التقاط التحوّلات الكبرى والصغرى، باتجاه إخضاعها لمشرط التاريخ على مشرح التدوين، لنسمع الرّاوي يقول: " سارت بنا الترّكات، وهي تُطوّح الجنود المتعلقين على الجوانب وفي المؤخرة (...) لقد أصبحنا في أمان، أمان مِمنَ؟ لا أحد يعرف ولا أحد يجيب، كلّ واحد من الجيش، عليه أن يعيش هروبه لنفسه ووحده، ويجيب عن أسئلته الآنيّة وتلك التي سترافقه إلى آخر العمر" ص167.

 

٣. الفرق بين حرب وحرب:

 

ولعل في العنوان الفرعي الذي حمله الغلاف تباريح جندي نستطيع الفهم، إنها حرب لم تنجز ولم تحصل كانت حربا وفقط دون مقومات وجنود لم يعرفوا ولن يعرفوا كيف حصلت الحرب لكنهم عاشوا الهزيمة لكن لم يفهموا كيف هزموا تلك الهزيمة التي دفع الشعب الفلسطيني ثمنها في نكسة 1967 مرورا الى حرب الكرامة 1968 التي لم يكن فيها رابح ولم يخسرها احد لكن لها بعض المميزات انها اعادت واظهرت بعض القوة، واظهرت قوة العمل الفدائي الفلسطيني وكانت بداية انطلاقة حركة فتح فيوسف الرطاسي هنا تحدث عن عذابات وحسرات لم تنتهي لتبدأ أحد ينبئ هي سرديّة تؤرخ لحرب لم تتم؛

 

ا٤. ابعاد الرواية

 

للرواية حدثين مهمين قبل وبعد وبعدين مهمين وزمنين مختلفين وتاريخين مختلفين نكسة ونكبة نازح ولاجئ لكن المكان واحد هو فلسطين فما حصل في عام 1948 هو الضياع والنكبة، ذهب النصف ليصبح الفلسطيني لاجئ، وفي عام 1967حصلت النكسة فذهب الجزء الثاني من فلسطين ليصبح الفلسطيني نازح فما هو الفرق تغيير المسمى فقط

 

وهذا يقودنا الى مفهوميْ الجسر وقطع النهر، فالأول يرمز إلى الأمل والصمود والثاني، يربط بين واقع مؤلم وحلم مُرتبط بشرط الفعل الإنساني، سنجد الثاني بما يعنيه من تحوّل مستمر في صيرورة الحياة، ماثلاً أمامنا، كما مَثَلَ الجسر أمام أحد شعراء الصين وهو يقول: "أحياناً يغفو الجسر على الماء وينظر للآفاقْ"، وهو كذلك لدى الراوي الذي عبّر عن ذات المعنى قائلا: "الجسر؛ هزيمة أو نصر، الجسر لقاء أو فراق، موت أو حياة هروب أو إقدام، خوف أو شجاعة،، إقدام أو إدبار، شجاعة أو جبن، مغامرة أو مؤامرة، اندفاع أو تقهقر، كرامة أو انخساف الذات".

 

٥. الهوية والقومية العربية

 

ما الذي دفع شاب وحيد لوالديه الى ان يرشى شيخ الجامع ليذهب الى الحرب ويحمل السلاح، اهو رمزية الثورة او رمزية الحب ام رمزية المكان؟ يوسف وبدلا من الوصول إلى الحرية المشتهاة، وجد نفسه يبحث عن "كلمة أخيرة لمحارب تائه، ضائع" مهزوم الفرق بين ضفّتيْ الجسر؛ هنا الحرب الصمود، والعزيمة، أو قطع الصلة، والهزيمة، والهروب"، لتصبح الاسئلة اقوى ما عاش أسلافي على قلق وكأن الرياح لا تهدأ، وهم يبحثون عن هوية، وهنا أنا الآن أيضا أعيش قلقي" او سؤال اخر "ما الذي تحاول أسماء المواقع أن تخبرنا به؟، لكنه لم بجب على السؤال المهم أية حرب هذه التي تُحسم قبل حتى أن تبدأ اي حرب تلك التي لم تطلق رصاصة قوة "دموع العالم كله لن تتمكن من تطهيرنا من نجس الهزيمة "ما بين النكبة والنكسة اللاجئ الذي تحول الى نازح ، "من ليس له خيار، فليتخذ خياره، يختاره، ولا ينتظره من أرض أو سماء".

 

٦. مسار الحرب

 

1) النكسة ورغم اتفاقيات الهدنة، لم تتوقف اعتداءات دَوْلَة إسرائيل الفتية عن اقتحام ما تبقى من فلسطين تقتل وتهدم المنازل، وتشكلت فرقة 101 بقيادة شارون، اقتحمت قبية، وشرفات، وحوسان، ونحالين، وخربة أُمْ الريحان في جنين وغيرها، وخلفت القتل والدمار واليأس والغضب. وعندما يتظاهر للاحتجاج، يواجَهُ بقوى أمنية تحاربه بشراسة(). 2) يوم الاثنين في 5 حزيران 1967م على السَّاعَة التاسعة والنِّصْف تمامًا، أُطلقت أوَّل قذيفة على العدو، وبعد فترة وجيزة غادر الجيش أماكنه فقط قذيفة واحدة 3) اكتشف الجميع أنهم لم يكونوا جاهزين لتلك الحرب، ولعل في السخرية المرّة التالية ما يلخّص لموقف: ماكو طائرات في الأُرْدُن..!!؟ ماكو دبابات في الأُرْدُن.. !!؟ ماكو ماكو..كلّ شيء ماكو وبماذا كنتم ستحاربون...!!؟ وتأتي الإجابة على تلك الأسئلة-التساؤلات من الملك حسين: الحرب جاءت مبكرة، لم نكن في جاهزية كاملة، كنّا نحتاج إلى عامين كي نحدث توازن مع قُوّات العَدُوّ. 4) نتيجة الحرب التي انتهت قبل أن تبدأ: تدمير 800 منزل، وتشريد لا يقل عددهم عن 12 ألفًا من أبناء الشعب الفلسطيني أصبحوا لاجئين-نازحين في تلك الأجواء من الهزيمة والإحباط للجيوش العربية وللنظام العربي الرسمي، ووفق الرواية، انطلق العمل الفدائي، وانضم بطل الرواية لحركة فتح التي كانت قد انطلقت رصاصتها الأولى وسقط شهيدها الأول في 01/01/1965م( ). لينتهي أمره إلى غربيّ النهر، ثم السجن، ثم الاستقرار في قريته إرطاس.

 

7. دور المرأة في النضال ورواية التباريح

 

الفلاحة الفلسطينية، في رواية العيسة تنوعت صور المرأة في الرواية ما بين: جدة وأم ومهزومة، وابنة مستسلمة لقدرها، ولاجئة متكيفة مع حياتها القاسية، ونازحة هي مشروع مقاومة. وتوزَّعت الشخصيات النسائية في الرواية ما بين عادية وغير عادية التي تمثلها شخصية مروراً بما حلَّ بها بعد النكبة والنكسة، وتصوير حالها وما آلت إليه في مخيمات اللجوء والنزوح، ومحاولاتها التأقلم مع الوضع الراهن، والاندماج في الحياة المجتمعية الجديدة، التي فرضت عليها دون اظهار عالم المرأة الخفي. كما قدَّمت الرواية صورة للمرأة المستشرقة الأوروبية (حليمة، والست لويزة)، المتقدمة، المتعلمة، التي جاءت لإنجاز دراسة عن عادات المجتمع الفلسطيني

 

٨. رأي قارئ

 

البطل والكاتب واحد يوسف بطل الرواية وكاتبها، فهو "طفل البلاد التي ضاعت، وضاع على ضفاف الأنهر" ص285. والمؤلف هنا الطفل الكبير الذي صاغ الاسطر فكتب في التاريخ كتاب، هو "تباريح الجندي الذي لم يحارب.

 

هذا هو الكتاب الثاني لأسامة العيسة بعد قبلة بيت لحم الاخيرة لاحظت من خلاله ارتباط الكاتب بارضه ووطنه واهمية التعايش او بالعلاقة الاسلامية المسيحية التي يلتحم فيها يوسف السّرياني الشجاع مع جاره يوسف المسلم. لا سيما عندما التحم الوسفين معًا في الدفاع عن شرف "الفلسطينيّات" أمام صلف أحد الجهلة.

 

إبراز الكاتب للتاريخ وان فلسطين حق لنا وليس لليهود لان الله قد حرمهم الارض نتيجة طغيانهم وعصيانهم فلقد تحدث عن الجذور الكنعانية لارطاس بلد يوسف كعادة اسامة العيسة في روايته تمكن من المزج بين الواقع والخيال بين الحقيقة والصدمة.


الثلاثاء، 6 أبريل 2021

كن كالحيوان..!


التشبيهات التحقيرية التي يستخدمها الآدميون، معكوسة على الحيوانات، مستفزة، كأن تسمع أحدهم يقول لآخر: أنت حمار، أو أسكت يا كلب، أو أنت مثل الخنزير، وغير ذلك. والمؤلم ما يجري من تطهير عرقي ضد بعض الحيوانات، كالخنازير البرية مثلا، بكثير من التشجيع والغباء، وكذب وسائل الاعلام، التي تتهم سلطات الاحتلال، بأنها ترمي الخنازير في مناطق كثافة سكانية فلسطينية.

ما الذي تعلمته الحيوانات من الإنسان؟ وما الذي تعلمه الانسان من الحيوانات؟ في الإجابة على السؤال الأخير صعب تعداد ما تعلمه الإنسان من الحيوان، من حفر الأنفاق، إلى خراطيم رافعات الباطون.

يذكر الدميري، في حياة الحيوان الكبرى، ما ينبغي، مثلاً لمقدم العسكر أن يتعلمه من الحيوان:

"نبغي لمقدم العسكر أن يتشبه بصفات من صفات الحيوان فيكون في قوة القلب كالأسد لا يجبن ولا يفر، وفي الكبر كالنمر لا يتواضع للعدو، وفي الشجاعة كالدب يقاتل بجميع جوارحه، وفي الحملة كالخنزير لا يولي دبره إذا حمل، وفي الغارة كالذئب إذا يئس من وجه أغار من وجه، وفي حمل السلاح كالنملة تحمل أضعاف وزن بدنها، وفي الثبات كالحجر لا يزول عن مكانه، وفي الوفاء كالكلب لو دخل سيده النار يتبعه، وفي الصبر كالحمار، وفي التماس الفرصة كالديك، وفي الحراسة كالكركي وفي التعب كاليعر، وهي دويبة تكون بخراسان تسمن على التعب والمشقة".

لو كان مقدمو عسكرنا، مثل ما آمل الدميري..! لسعدنا فعلاً، بأننا نعيش على كوكب واحد مع هذه الحيوانات، ونبدي قليلاً من الاحترام، عندما نتخاطب حولها.

ما الذي تقوله عنّا، عندما تتخاطب فيما بينها؟


 

الاثنين، 5 أبريل 2021

حتّى يوم النَّاس هذا..

!

في سرده لأحداث سنة خمس وأربعين وخمسمائة هجرية، وهي السنة الأولى لخلافة الظافر بالله أبي منصور إسماعيل على مصر، يفتتحها بن تغري بَردي، بما حدث بعيدًا عن مصر.

يذكر بَردي في النجوم الزاهرة: "فيها مُطرت اليمن مطرًا دمًا، وبقي أثره في الأرض وفي ثياب النَّاس".

والغريب أنه ما زال مستمرا حتّى يوم النَّاس هذا..!

وما زالت شقائق النعمان، تنمو في أرضنا بتدرجات ألوان دماء الأبرياء..!


الخميس، 1 أبريل 2021

مساخر الأمم..!

يكتسب البعض، مكانة فوق وطنية، وفوق قومية، مثل نوال السعداوي، وسيّد قطب، وطه حسين، ونجيب محفوظ، وعبد الرحمن بدوي، وزكي نجيب محمود. ليس المهم الاتفاق أو الاختلاف، ما يهم الإثراء المحليّ، والقوميّ، والعالميّ، الذي يمنح الوطن دفقة.

الدولة التي لا تنعي السعداوي، ليست دولة، ولن تنتصر وستتقزم، والمعارضة التي لا ترى في رحيل مفكرة تختلف معها، خسارة، هي خاسرة بالتأكيد. سلطة ومعارضة عملة بوجهين.

كيف للمفكرة، أن تكون كذلك، إن لم تكن مختلفة، ومستفزة، ومثيرة للجدل، وخادشة للمسلمات.

الدولة التي أعدمت سيّد قطب، وقتلت شهدي عطية الشافعي، واعتقلت المثقفين، تبين أنها، عندما حاربت الاحتلال، جعلتنا مسخرة الأمم.

مسخرة مستمرة، في الحرب، والسلم، ورحيل المفكرين.