أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 8 يناير 2017

جبل العُرْمَة: قلاع وآبار وخبطات الأنبياء..!






























































يرتفع جبل العُرْمَة، أعلى بلدة بيتا، بنحو 850 مترًا عن سطح البحر، ويكتسب أهمية إستراتيجية للقرى المطل عليها، وهكذا كان في حقب مختلفة، ولكته الآن شاهد على العصف الاستيطاني الاحتلالي بالطبيعة الفلسطينية.
تقع بلدة بيتا إلى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس وتبعد عنها 13 كم، وعلى قمة جبل العُرْمَة، الذي يقع شرق بيتا بقايا قلعة قديمة. المدهش في الموقع، هو خزانات المياه الضخمة المحيطة بالقاعدة الدائرية للقلعة التي يمكن تصور، من خلال بقاياها، كم كانت مهيبة.
ذكرها الدباغ: "خربة العُرْمَة في الشمال الشرقي من عقرباء. تقع على جبل العُرْمَة، وترتفع 843م عن سطح البحر، والعرمة، هي الكومة من القمح المدروس الذي لم يُذرَ، جمعها عُرَم".
وذكرت في الوقائع الفلسطينية، بانها تحتوي: "على قمة محصنة وعليها برج في الطرف الجنوبي، ومغر وصهاريج منقورة في منحدر صخري وحجارة مزمولة، وشقف فخار".

صهاريج وسجون
حسب الشاب إبراهيم داود، الذي تطوع لتعريفنا بالموقع، فان خزانات المياه (الصهاريج) الضخمة المكتشفة حتى الآن هي تسعة، وقد يكون هناك غيرها.
يمكن أن يستنتج المرء، في غياب تنقيب أثرية في الموقع، ان هذه الخزانات المائية، التي على الأرجح اعتمدت على نظام تجميع لمياه الأمطار، خدمت منطقة عامرة بالسكان، ومن الصعب ان تكون فقط من اجل تلبية احتياجات القلعة، التي قد تكون بينت لحماية هذه الخزانات أو الآبار.
يقول داود: "سمعنا من المسنين في قريتنا، بان العثمانيين استخدموا هذه الخزانات كسجون لاحتجاز من يعتبرونهم خارجين عن القانون، وهناك دلائل على ان البريطانيين أيضا استخدموها لنفس الغرض، وتم اكتشاف أسماء لمساجين على جدران بعض هذه الخزانات".
وإعادة استخدام مآثر عمرانية قديمة لأغراض قمعية كالسجون، من قبل سلطات محتلة لاحقة، ليس غريبا على فلسطين.
تكتنف محاولة الدخول إلى خزانات المياه صعوبة، ويمكن الدخول إلى بعضها، لكن معظمها من الصعب الدخول إليها.
يمكن ملاحظة الهندسة العمرانية للصهاريج التي يمكن الدخول إليها، والتي تمتد تحت باطن الجبل، وما زالت بقايا القصارة القديمة على الجدران، ولكن الخزانات تحتاج إلى تنظيف لمعرفة معالمها بشكل أكبر.
سياحة بيئية
منطقة جبل العُرْمَة مهددة من قبل المستوطنين، وحدثنا إبراهيم داود عن المعمر رزق عديلة، الذي عاش نحو ثمانين عاماً، صامدًا في المنطقة يزرع البرقوق والعنب والتين ويرعى الغنم، متحدياً مستوطني مستوطنة ايتمار التي تتمدد على حساب أراض عدة قرى في المنطقة.
ويعتبر جبل العُرْمَة، من المواقع المفضلة لعشاق السياحة البيئية والبديلة، التي شهدت انتعاشاً خلال السنوات الماضية.
وتدرج مؤسسة مسار إبراهيم، ومقرها في مدينة بيت ساحور، مسار عورتا-جبل العُرْمَة، ضمن برامجها، والتي تمكن المشاركين ليس فقط من التعرف على معالم جديدة، ولكن الاطلاع على مفردات أخرى في الطبيعة الفلسطينية، كالنباتات والحيوانات، وغيرها.
العنزة الشرعوبة
ويحتفظ الباحث حمزة أسامة العقرباوي، بحكايات شعبية مرتبطة بجبل العُرْمَة، ومنها ما يطلق عليها العقرباوي وهو أيضا حكواتي (العنزة الشرعوبة)، وحكايتها: "دخلت عنزة لراعي من  قرية بيتا منطقة العُرْمَة في غفلة من الراعي فقام رُعاة الأغنام من قرية عقربا المجاورة بأخذها معهم عقوبة للراعي وضمن قانون الرعي "شاة المرعى".. وقد صدف بأن كانت هذه العنزة لعجوز من بيتا يُسرحها مع رعاة بلده وليس له غيرها، فلما علم بضياع شاته هبّ مسرعاً إلى الشيخ صالح خريوش مختار بيتا شاكياً ما حل به من مُصيبة رافضاً أي تعويض عنها.. فارتجل الشيخ صالح قصيدة طويلة بعث بها مع شاب من بلدته إلى مختار عقربا فايز المالك، يذكر العنزة بشيء من الطرافة  ومن القصيدة:
يا راكـب بنت لعبية على عقـربا درجها
تلفي على ابن مالك دلال القهوة منصبها
قله العنزة الحوى شرعوبة صاحبها بيندبها
اسـمعنا يا ابن مالك تحت التوتة مقصبها
شـــــاة المرعى ما بنحط لو بيتا بنخربها
والملتقى عين عوليم جيب ارجالك جربها
ولما وصلت القصيدة للشيخ فايز المالك، أمر بردّ الشاة للعجوز ومعها شاة من غنمه هدية للعجوز.
خبطة إبراهيم- خبطة فاطمة
ويطلعنا العقرباوي، على موقع مرتبط بالعرمة: "إلى الشرق من العُرْمَة وعلى الطريق بين قرية عقربا والعرمة توجد صخرة عليها خبطة قدم، كانت مقصداً للبركات والنذور وممارسة بعض طقوس التدين الشعبي وأهالي عقربا ينسبون هذه الخبطة لسيدنا إبراهيم (خبطة إبراهيم) ويعتقدون بأن إبراهيم عليه السلام جلس هناك وهذه علامة خبطة قدمه، وبعض الروايات تنسبها لفاطمة بنت الحسين بن علي رضي الله عنها"
وفي عام 2008م، اطلع العقرباوي، على لقى أثرية في خربة العُرْمَة: "في الجهة الشمالية من الخربة حيث الدرج المنحوت والمقبرة والغرف التي في الصخر (وسط الجبل من الشمال) وجدت في أحد القبور جاروشة قمح وفخار وزجاج ومدق حجر".
ويتذكر العقرباوي، طريقاً كانت بين العُرْمَة وعقربا، وجزء منها كان مرصوف بالحجارة بالطريقة القديمة، ويقابل العُرْمَة، خربة قرقفة (جنوب-غرب)، والى الشرق الشمالي يقابلها، خربة أبو الريسا، والى الجنوب الشرقي خربة الخرب، وجميعها، كما يقول العقرباوي، خرب رومانية وقلاع متهدمة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق