قريبًا من المقاطعة
التي كانت سجن نابلس المركزي، ينشغل مجموعة من المثقفين من أجيال ومهن مختلفة،
بمناقشة الكتب في دار الفاروق لصاحبها عبد الله البيتاوي، الذي برز كقاص خلال فورة
القصة القصيرة في الأراضي المحتلة أواسط سبعينات القرن الماضي، وأصدر خلال السنوات
الماضية ثلاثية روائية عن مدينة نابلس كتبها في أواخر الستينات، محاولا استدراك ما
فاته.
يموّل أعضاء الندوة
التي تحمل اسم (اللجنة الثقافية في دار الفاروق) نشاطاتهم بأنفسهم، هذا النوع من النشاط
الأثيري يروق لي كثيرًا، بعد طغيان ثقافة البحث عن ممولين، ولعن الزمن، والشكوى
المزمنة المؤسسات الرسمية الثقافية.
سعدت بمناقشة قصة
(رسول الإله إلى الحبيبة) يوم أمس السبت (21-1-2017)، بمبادرة الناقد رائد
الحواري، وسعدت أكثر بمستوى النقاش والرؤى النقدية.
عندما انتهى النقاش
وأنا أودع البيتاوي على الباب آسر لي، بان دار الفاروق ستنظم مسابقة للرواية، جميل
هذا الشغف الذي يتدفق من هذا المكان البعيد عن الضجيج.
قبالة الدار على
الجانب الآخر من الشارع، ما زالت نفسها الحديقة الظليلة التي عرفتها طفلاً، عندما
كنا نتجمع فيها أهالي الأسرى في سجن
نابلس، انتظارًا لموعد الزيارات المرهقة للأسرى.
كيف كان يشعر الطفل
الذي كنته وهو ينتظر زيارة شقيقه؟ وبماذا كان يفكر؟ هل فكر بأن المسافة ستطول بين
الحديقة والمكتبة؟
عقود من الهزائم
السياسية، وإصرار على الانتصار في الجبهة الثقافية. الثقافة، كما تطرح وسط مجموعة
من القراء والمثقفين في سدة دار الثقافة، هي انتصار للهوية المهددة ليس فقط من
الاحتلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق