بعد ذلك الحزيران
اللعين، كان الشاعر وليد سيف يتمشى في الجامعة الأردنية مع أحد أعضاء المكتب
السياسي للجبهة الديمقراطية التي انشقت عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكان في
زيارة للجامعة، فبدا لسيف أن يسأله:
-الجبهة الشعبية تتبنى
الفكر الماركسي، وأنتم كذلك، فما الذي دعاكم إلى الانشقاق عنها وتشكيل فصيل مستقل،
وكلاكما ماركسي هدفه تحرير فلسطين؟
فما زاد الرفيق على
أن قال:
-الجبهة الشعبية وإن
كانت تقدم نفسها بوصفها حركة ماركسية، لم تتمكن من التحرر تمامًا من فكر
البرجوازية الصغيرة.
عاد سيف، الذي أصبح
دكتورًا، وكاتب مسلسلات تاريخية ناجحة، إلى قرون عديدة إلى الخلف، مستنطقًا طرفة
بن العبد، وكشف عن مذهبه الوجودي، وحلل نفسية عبد الرحمن الداخل، وتوقف عند شخصية صلاح الدين وعمه، وبكى مع الخنساء،
واستحضر شجرة الدر، وملوك الطوائف، وتعقيدات الحب والسياسة في قرطبة، ولكنه لم
يتمكن من فهم تصريحات الرفيق الذي قابله ذات يوم في الجامعة الأردنية.
في عام 1993م، انشغل
حيز من الرأي العام الفلسطيني بمبادرة لتوحيد الجبهتين، وحُبرت مقالات، وتقارير
صحافية، وأذكر ان أحد المستطلعين تساءل:
-لماذا انشقتا أصلا؟
"وأشهد أني ما
زلت حتى الآن اقلّب هذا الجواب في ذهني كلما ذكرته فلا أفهم له معنى. ولعلّ
المشكلة في فهمي لا في الجواب!" يكتب سيف في سيرته (الشاهد المشهود)-2016م.
**
الصورة: نابلس
19-10-2016م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق