أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 25 يناير 2017

عن الدماء الحمراء والسجاد الأحمر..!










يروي صاحب دار العربي للنشر والتوزيع القاهرية، التي أصدرت كتاب (قوة المستضعفين) لفاتسلاف هافل عام 2012م: "عندما عرضنا فكرة ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربية على الرئيس الراحل فاتسلاف هافل قبل وفاته بقليل وهو على فراش المرض عن طريق مترجمه وصديقه الكندي بول ويلسون، أجابه هافل (كما يقول بول) قائلاً: هل تعتقد أن العرب مستعدون للديمقراطية؟ فرد عليه بول قائلاً: وهل كنتم مستعدون لها عندما قمتم بثورتكم عام 1989؟ "فهمت ما تعنيه" هكذا أجابه هافل".
ماذا فهم هافل حقًا؟ وهل يمكن فعلاً مقارنة أوضاع العالم العربي بأوروبا الشرقية السوفيتية؟
لا أعرف..!
قُدر لي رؤية هافل عن قرب في منتصف التسعينات. عندما حل ضيفًا كرئيس لتشيكوسلوفاكيا على الرئيس عرفات في بيت لحم، وأولم له الأخير في فندق البردايس على شارع بيت لحم-القدس، على بعد 200م، عن الجيب العسكري الاحتلالي (قبة راحيل)، وتناول هافل الغداء مع عرفات مع أفراد الجالية التشيكية في فلسطين (عائلات من فلسطينيين درسوا في تشيكوسلوفاكيا وتزوجوا من هناك).
وتولى عرفات، الذي لا يأكل اللحم كثيرًا، تفتيت قطعه بيده على طريقة الكرم العربية، وتقديمه لهافل، الذي بدا متماسكًا محافظًا على صورة أرادها لنفسه، وتولى مساعدوه توزيع دوسيه يتضمن ما يحتاجه الصحافي عنه.
وبعد تناول الطعام، عقد الاثنان مؤتمرًا صحافيًا، كان هافل يستمع للأسئلة بالانجليزية التي يعرفها، ويجيب بالتشيكية، ويتولى مترجمه الترجمة، وأعلن بأنه يقدم 3 ملايين دولار للشعب الفلسطيني (للسلطة الفلسطينية)، وبدا ذلك غريبًا بالنسبة لبلد  يعاني من مشكلات اقتصادية، ولا أعرف جدية الأمر، وإذا كان قدمها فعلاً.
أصر عرفات، على فرش السجادة الحمراء في الشارع أمام الفندق، واستعرض وضيفه حرس الشرف، فيما بدا وكأنه مشهد كاريكاتيري، أو مشهد في كوميديا سوداء، يناسب الوضع الفلسطيني المأساوي. ولكن السجادة وعزف النشيد والاستعراض شكلت بالنسبة لعرفات رموزا للسيادة المفقودة في اتفاق أوسلو..! وغاب هافل في طريقه إلى القدس، حيث الإقامة تختلف لدى الجانب الإسرائيلي...!
هل تذكر هافل، لقائه مع عرفات، وهو يتساءل عن الشعوب العربية والديمقراطية؟ هل تذكر طريقة التعامل المبالغة في تشددها مع الصحافيين الفلسطينيين وكأن الواحد منهم متهم حتى تثبت براءته، مقارنة ما حظي به الوفد الإعلامي المرافق له من حفاوة؟
هل تذكر تجنب طرح الأسئلة المحرجة من قبل الصحافيين الفلسطينيين، مقارنة بما طرحه صحافيوه؟
هل جاءت نتائج الربيع العربي لتؤكد تساؤلات هافل؟
لا أعرف. أتذكر بأنني سعدت برؤية زميل كاتب، والاستماع إليه، دفع خلال تشيكوسلوفاكيا السوفيتية ثمن مبادئه..!
وكنت شاهدًا على ما حدث في نفس المكان الذي ودع فيه عرفات زميله التشيكي، بعد أشهر قليلة، فيما عرف باسم (انتفاضة النفق) حيث دفع مدنيون ورجال أمن دمائهم الحمراء ثمنا للصراع الذي من الصعب تغطيته بالسجاد الأحمر..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق