أدخلوني على العانوتي مرتدياً جلباباً فضفاضاً،
وأجلسوني منفرج الساقين أمامه، والذي كان جالساً مثل بقيّة الحضور على الأرض وتحته
فرشة بسيطة، فاستل أداته الحادة، وسط التطمينات الكلامية من والدي
وأصدقائه، وبسرعة استخدم العانوتي الحيلة التي
نعرفها ولطالما سمعتها من الأولاد الآخرين، قال وقد تجهز تماماً وسيجارته في فمه
مشيراً إلى أعلى السقف:
-انظر..
الحمامة..!
وما أن نظرت
حتّى كان يمسك بحمامة أخرى ويقطع منها جزءاً قربانا للقوة السماوية، فصرخت وصرخت ولكن
الأمر كان قد انتهى وسمعت أصوات الزغاريد تأتي من الغرفة الأخرى، زغاريد أمي
والجارات، على نجاح هذه التقدمة للرب، وهي ربّما نفس الزغاريد التي كانت تطلقها
البيتلحميات، بيتلحميات من نوع اخر، عشن هنا قبل آلاف السنين، لانبعاث أدونيس في
هيكله قبل بناء كنيسة المهد مكانه، وقد تكون نفسها طقوس النواح على موت أدونيس،
وانتظار انبعاثه، والتي تطورت إلى ندّب موت المسيح وانبعاثه، في شهر الفصح. لا
تنجح القوى الجديدة دائماً في قتل القديم، الذي يتسلل من غير توقع، بأشكالٍ جديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق