أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

عندما تأتي الرصاصة من الخلف..!
















































































في أحد شوارع مخيم الدهيشة، في بيت لحم، وضع أهالي الشارع، شجيرة نخيل صغيرة، وأعلام وطنية، بجانب جدار، ما زالت اثار دماء الشهيد مالك أكرم شاهين (19) عاما، تظهر شاهدة على جريمة احتلالية، وقعت قبل ساعات.

كان يمكن لمالك، وهو وحيد والديه، وشقيقاته، ان يستيقظ صباحا، كما يفعل كل يوم، أو أن يطيل النوم في غرفته الصغيرة، المزينة بصور الدكتور جورج حبش، وأبو علي مصطفى، وملصقات مناصرة للأسرى، وجرافيتي على الجدار: قف وفكر أنت لاجيء، ولكن اقتحام قوات الاحتلال للمخيم، غير كل خططه، فخرج مع فتية المخيم، لتطبيق القرار الذي اتخذوه سابقا بحظر دخول المخيم على الجنود، وهو ما نجحوا في تحقيقه الأسبوع الماضي، ولكن جيش الاحتلال دفع بقوات معززة، إلى أرض المعركة، وبعد نحو ساعتين، استشهد مالك، وهو يقاتل.

يقول أحد سكان الشارع، الذي شهد لحظات مالك الأخيرة: "استبسل الفتية في مواجهة قوات الاحتلال، واجههم مالك بصدر مكشوف، تقدم وألقى الحجارة أكثر من مرة، ولكن الرصاصة اتته من الخلف، وهو عائد إلى حيث يقف رفاقه، رصاصة واحدة في رأسه من الخلف، أطلقها جندي جبان، قتلته على الفور".

سال دم مالك غزيرا، وسط رفاقه على الشارع، ولم يحل ذلك دون اكمال المواجهة مع جنود الاحتلال، الذين استخدموا ترسانة عسكرية مكثفة ضد أهالي المخيم، من الرصاص الحي، إلى القنابل الصوتية، وقنابل الغاز المدمع، الذي تسلل إلى الغرف.

حمل الفتية، رفيقهم مالك، إلى مستشفى بيت جالا الحكومي، وتدفق المواطنون إلى المستشفى، وعادوا في مسيرة حاشدة إلى منزل عائلة الشهيد في المخيم.

انتشر المواطنون والمواطنات، على شارع القدس-الخليل، أمام المخيم، رفعوا الأعلام، وصور الشهيد، في انتظار وصول الجثمان، من المستشفى، في مسيرة ثانية. صُلي على الشهيد، في ساحة مدرسة ذكور الدهيشة، لتنطلق جنازة شارك فيها الاف المواطنين، إلى مقبرة الشهداء في قرية ارطاس.

ترجلت والدة الشهيد، وشقيقاته، من مركبة صغيرة اقلتهن، ودخلن إلى المقبرة، بشموخ متسلحات بالصبر، ليشهدن ما يمكن ان تختزنه الذاكرة من صورة الشهيد الأخيرة.

وسط أجواء غاضبة، ألقى المحرر غسان زواهرة، شقيق الشهيد معتز، كلمة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أكد فيها على المثل التي ارتقى من اجلها الشهيد.

انتشر المشاركون في الجنازة المهيبة، على التلال، وعلى أسطح المنازل، وفي الشوارع، في تحية وادع مؤثرة، لفتى المخيم، الذي غادر، فجر يوم ثلاثاء حزين.

علاقة اهالي المخيم بأيام الثلاثاء، مرتبكة، ففي فجر يوم الثلاثاء 24/2/2015، استشهد ابن المخيم جهاد الجعفري، وهو يقاوم قوات الاحتلال، ويوم الثلاثاء 13/10/2015 استشهد معتز زواهرة، اثر اصابة قاتلة خلال المواجهات على قبة راحيل، شمال بيت لحم، وفي يوم الثلاثاء 6/10/2015 استشهد عبد الرحمن عبيد الله، ابن مخيم عايدة، خلال مواجهات شهدها المخيم، ويوم الثلاثاء 1/12/2015 استشهد مأمون الخطيب، من بلدة الدوحة قبالة المخيم، على مفرق مستوطنات عتصيون، جنوب بيت لحم.

كان من المقرر، ان يُحي مالك وفتية المخيم، ذكرى استشهاد، معتز تيلخ، ابن مخيمهم، الذي ارتقى يوم 8/12/2000، في اشهر انتفاضة الاقصى الأولى، بالقرب من قبة راحيل، ولكن رصاصة اتته من الخلف، غيرت خطط فتى لاجيء، كان يحمل بالعودة إلى قريته زكريا، في الهضاب المنخفضة.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق