أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 6 فبراير 2016

عرفته عاقلا..بلوثة جنون قليلة/سامي الكيلاني


*كلمة العزيز المبدع سامي الكيلاني، احد روّاد السرد في الاراضي المحتلة عام 1967، في أمسية مناقشة رواية (مجانين بيت لحم) في عنبتا 15-8-2015م.
عرفت أسامة العيسة القاص الشاب والصحفي الواعد قبل عشرين عاماً ونيف، كان عاقلاً والحق يقال يزين عقله الراجع بلوثة قليلة ربما لننتبه لعقله الإبداعي الآخذ بالتفتح، إذ لا بد لشيء ولو قليل من الأسود حتى نرى تميز الأبيض. نشر قصة أو مجموعة قصصية بعنوان الحنون الجبلي، لفتت نظري فكتبت عنها، وحين أشرت إلى ذلك في حديثي معه لقطع عناء السفر بين عمان والدار البيضاء عبر اسطنبول قال أنه لا يذكر ذلك. وعدته أن أفتش في أوراقي عنها وأزوده بنسخة منها، ولكنني تراجعت فقد يكون فيها ما يعكر فرحته وفرحتنا بالجائزة التي حصل عليها على المستوى العربي.
قرأت مجانين بيت لحم بنسخة بعثها لي أسامة مشكوراً بالبريد، في وطن يعتبر السفر من بيت لحم إلى نابلس مشروعاً يحتاج إلى التخطيط، فحملتها معي من ضمن كتب معدودة لأقرأها في كندا، وأرسلت لأسامة صورة كتابه على شاطئ بحيرة من بحيرات الشمال الكندي. لا أريد أن أتحدث عن الرواية – العمل الأدبي هنا، فهذه المساحة متروكة لكم ولأسامة، ولكن من حقي أن أضع في جمل قصيرة ما علق في ذهني كقارئ عن هذا العمل الإبداعي: إنه مقطع عرضي من الزمن الفلسطيني، زمن طويل جداً بما حمله من تفاصيل، لكن عندما سينظر إليه بعد عقود سيتعجب الناظرون إليه كيف كان ممكناً له أن يعج بهذه التفاصيل العجائبية: ما بين تاريخ يشكله المستعمرون لأرض وشعب، فعندما ينظرون إلى الأرض يتناسون أن فيها شعباً، وعندما ينظرون إلى الشعب يتناسون أن له أرضاً تنغرس فيها جذوره، سيتعجب الناظرون إليه عندما يرون السياسة فيه خالية من الدسم السياسي اللازم لسياسة تتحول إلى قيادة قادرة على التصدي لجسامة المهمة وسيطير صواب الناظرين وهم يرون مراسيم وبروتوكولات أعظم الدول دون دولة وصراعات على كرسي ولا وجود لكرسي، وسيعجبون كيف نجا البعض (رغم أنهم الكثرة عدداً إلا أنهم يستحقون التبعيض) من الاحتفاظ بعقله أو أقل نجا من الدخول إلى عالم المجانين وهو مؤهل لذلك، سيعجبون عندما يرون شعباً عاش كل أفراده على خيط رفيع فاصل بين الحياة أو مغادرة هذه الحياة برصاصة طائشة أطلقت عمداً من أجل القتل، كما سيعجبون حين يرون خيطاً فاصلاً بين الجنون العاقل والعقل المجنون لا يمحى ويندثر رغم توفر كل العوامل الكفيلة بمحوه. أسف للإطالة فالوقت الأساسي لك يا أسامة ولكم أيها الحضور الأعزاء، وأنا هنا لأدير هذا اللقاء دون أن دير ظهري لما سيقال، مما يعطيني الحق بالقول إن احتجت.

أهلاً وسهلاً بكم، وشكراً لنادي عنبتا الثقافي الرياضي، شكراً سوسن، وتفضل أسامة، عسى أن تعلمنا بداية ما هو الجنون بالنسبة لك ولماذا مجانين بيت لحم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق