لم تترسخ في
مجتمعاتنا فكرة المثقف، باعتباره سلطة، وضمير، ومرجعية، وأخر ما يفكر فيه مثقف في
بلادنا، التي تعصفها الانقسامات وتتحكم فيها القبائل والفصائل والاحتلالات، أن
يبني صورته ضمن هذا الوعي، الصعب، والشاق.
وإذا كان
الاعتراض مشروعا على محاكمة النصوص الابداعية أخلاقيا، فان من الواجب ان يكون
المثقف أخلاقيا، صادقا، مبدئيا، غير فاسد، اثاريا، ولائه لقارئه.
ماذا عن الفرد
والجماعة؟، نقاش مع صديقين مازن قمصية (عالم البيئة) مؤسس متحف التاريخ الطبيعي،
وخضر سلامة (الباحث في شؤون القدس)، تبرع مازن المثقف الأخلاقي، صاحب تجربة
أكاديمية يعتد بها في أميركا، بـ 250 ألف دولار للمتحف التابع لجامعة بيت لحم، وهو
مَثل وحيد في جمهرة المثقفين الفلسطينيين الحالية، الموزعة على منظمات الانجي اوز
ذات التمويل الأجنبي السخي، والأحزاب، ولم يعد منذ زمن بعيد ايثار التبرع،
والتطوع، من شيمها.
خضر سلامة، أدار
مكتبة المسجد الأقصى، وأنقذ أعدادا كبيرة من المخطوطات بجهد فردي، وأدار ايضا
المتحف الاسلامي، ويكتسب عمله أهمية لانه عمل في ظروف غير مواتية أبدا، ضمن مؤسسة
الاوقاف التي شاخت ونخر فيها السوس. ماذا عن المتحف بعد مغادرة سلامة؟ أين هي
المكتبة؟
يقول مازن
بانه في مجتمعنا يمكن ان تبرز الابداعات الفردية، كمهندس بارع، وطبيب مبرز، ما
يشغل سلامة الذي تستفيد الان الجامعة العبرية من خبرته، كيفية تأمين الاستمرارية،
لمؤسسات رائدة يمكن أن تُبنى على مثقفين اخلاقيين مثل مازن..!
ما زالت نظرة المجتمع
ومؤسساته للمبدع قاصرة، ولا تقاس بتلك النظرة لرجل الأمن، أو السياسي. مكانة علبة
السجائر، أهم من المنتج الثقافي، علبة السجائر لها سوق، تُسوق، وتُهرب، وتُشترى، أمّا
الكتاب مثلا، فيفضل حتى القراء من المثقفين الحصول عليه، مجانا..!
عصف ذهني، مع
اثنين من أكثر الاصدقاء الذين أعتز بهم، يجمعنا أخلاقية المبدع، والمفكر،
والانسان..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق