أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 28 يناير 2015

البومة النسارية في انتظار القتل الرحيم..!!






يحرص محمد راضي، حارس مبنى متحف التاريخ الطبيعي التابع لجامعة بيت لحم، على تحضير الوجبات لضيف جديد، على حديقة المتحف الذي ما زال في طور التأسيس. وهذا الضيف هو (البومة النسارية)، التي تعاني من إعاقة في رجليها، تجعلها غير قادرة على تناول الأكل لوحدها، فيقوم بالمهمة راضي، راضيا، منتشيا بالتجربة الجديدة التي يخوضها، مع البومة، التي تعتبر في الوجدان الشعبي، فآل شؤم، ولكنها بالنسبة للمتطوعين في المتحف أبعد ما تكون عن ذلك.
يقول الدكتور مازن قمصية مدير المتحف، بان إحدى المتطوعات السابقات في المتحف، اتصلت لتقول بان بعض الفتية في احدى بلدات جنوب الضفة الغربية، صادوا البومة، وتسأل إذا كان المتحف معنيا باستقبالها.
يضيف قمصية: "ذهب متطوعون من عندنا إلى القرية المذكورة، وجلبوا البومة، التي لم نحدد حتى الان جنسها إذا كانت ذكرا أم انثى، وكانت في حالة يرثى لها، نتيجة قلة الطعام، أو حتى انعدامه، اضافة إلى الكسر في رجلها".
تم الاهتمام بالبومة النسارية، ووضعها في مكان مناسب، وغيرت ريشها، واستعادت صحتها، وأصبح لها شهية على الأكل، كما يقول راضي: "أي كمية من الطعام نضعها تأكلها، لقد أضحت شرهة".
البومة النسارية، طير جميل، وتعتبر من أكبر انواع البوم في فلسطين، يتراوح طولها ما بين 59-73سم، وعندما تبسط الجناحين، فنجد انهما يتراوحان ما بين 138-170سم.
وهي قوية الجسم، رأسها كبيرة، ووجهها مستدير تقريبا، ولها زوائد ريشية على جانبي الراس، تضفي عليها جمالا اضافيا، ولعلها طورتها، على مدى حقب طويلة، لكي تقول للناس بانها رغم سمعتها السيئة بينهم، إلا انها تهتم بجمالها، بإضافة زوائد ريشية، للمباهاة، يصل طولها أحيانا 70 سم.
لون الجسم من أعلى بني غامق مخطط يتموج باللون الأسود، وزورها لونه أبيض، وعند الطيران يظهر اللون البني المصفر على ريشها. لون الجسم من أسفل بني مائل إلى الأصفر ومخطط بالأسود وخاصة في منطقة الصدر، ريشات الساق والقدم صفراء صدئة. الذنب مقلم بريشات بنية داكنة، القزحية ذهبية صفراء. وهو ما يجعل النظر إلى عينيها متعة حقيقية، البعض يعتبر عينيها، من أجمل عيون الطيور في فلسطين.
البومة النسارية، غير القادرة على الحركة بسبب الكسر في رجليها، والمعتقلة فيما يمكن تسميته سجن خمس نجوم، في متحف التاريخ الطبيعي، ليست الأمور جميعها بالنسبة لها سلبية، ففي نفس المكان، تقطن معها بطة روسية، وكراون جبلي/صحراوي، الذي يصيح، مع حلول الظلام بصوت قوي وواضح، وتبدو الأمور في غاية الانسجام بين الطيور الثلاثة، يمكن تلمس لغة تخاطب بينهما، تساعد، بلا شك، على تمضية أوقات السجن، بأقل قدر من الضيق بسبب البعد عن البراري، التي تطير وتركض وتنام فيها باقي الطيور.
تعتبر البومة النسرية، من الطيور المقيمة والمفرخة في معظم المناطق في فلسطين وضمن جميع النظم المناخية، ولكنها تفضل السكن في المناطق الجبلية، والسفوح الصخرية المرتفعة، ويمكن رؤيتها في كثير من المناطق الفلسطينية، من سفوح الأغوار، إلى الوديان، والمناطق الشجرية المفتوحة.
فصل التكاثر لديها، يمتد ما بين شباط وتموز. تضع الأنثى ما بين 2-5 بيضات، فترة الحضانة تستمر ما بين 34-35 يوما، وفترة الرعاية تمتد ما بين 50-55 يوما.
تتغذى على سلسلة من الكائنات تشمل الثدييات، والطيور الصغيرة، والزواحف. وتنتمي لعائلة الطيور الجارحة، التي تعتبر من أكبر واهم عائلات الطيور في فلسطين، وفوائدها كبيرة للمزارعين الفلسطينيين.
يبدو قمصية، محتارا، وهو يرى الوضع الصعب للبومة النسارية، غير القادرة على الحركة، وانعدام امكانيات العلاج، واطلاق سراحها في البرية، ويقول بانه يفكر بتخليصها من وضعها، وذلك بتحنيطها، أي انه يريد ان يمارس عليها سياسة (القتل الرحيم)، مشيرا إلى ذلك بألم.
ووضع قمصية على احد رفوف مكتبه، نماذج دمى من البومة، وقال وهو يبتسم: "هي محاولة لإثارة الاهتمام بالبوم لدى المجتمع المحلي، والتأكيد على انها طير غير مؤذ، ومفيد، وأي حديث عن ارتباطها بالشؤم، لا أساس علمي له".
لا خوف الان على طير البومة النسارية في فلسطين، ولكن هذا لا يعني التذكير، بان بعض الطيور انقرضت من فلسطين، بعد ان كانت شائعة، مثل بومة السمك البنية، التي كان اخر تسجيل لها، في بداية القرن العشرين، في منطقة بحيرة طبريا وامتداد نهر الأردن.
حسب تقارير حديثة، فانه يوجد في فلسطين نحو 540 نوع من الطيور تنتمي لنحو 206 جنسا وما يزيد عن 65 عائلة ونحو 21 رتبة.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق