أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

أبو عناتا، الشيخ عبد السلام الرفاعي


قبل اسبوعين وصلت مقام الشيخ عبد السلام الرفاعي، مساءً متعبا، صاعدا من عين فارة، المشهد كله تغير، المقام المشرف، اصبحت المستوطنات اليهودية هي المشرفة عليه، فيما يلي مقاربة كتبتها عن احد رموز الصوفية في فلسطين:
لم يعد مقام الشيخ عبد السلام الرفاعي، الذي يعرف بانه (أبو عناتا)، في اشارة الى ان سكان هذه البلدة المهمة شمال القدس، هم من ذريته، مسيطرا، على الفضاء حوله، بعد التغيير الدراماتيكي الذي احدثته الهجمة الاستيطانية الاسرائيلية، على الاراضي الفلسطينية، والتي لم يوجد لها مثيلا، من حيث حجمها، وقوتها التغييرية، على مدار التاريخ الفلسطيني.
أهالي عناتا، يُعرّفون الشيخ عبد السلام، بانه: "السيد عبد السلام بن السيد الامير محمد قراجا امير الشام من نسل رفاعه الحسن المكي".
وهناك عدة قصص، تناسب ما تركته لنا المدونات التاريخية، عن كرامات الاولياء، تذكر قصة قدوم عائلة عبد السلام الى عناتا، منها مثلا ما يرويه محمد حمدان من ابناء عناتا على موقع فلسطين في الذاكرة الالكتروني: "بدأ الأمر عندما كان لأمير في الشام وهو من عائلة الرفاعي ويمتد نسبه إلى الشيخ أحمد الرفاعي الكبير في العراق، ابنة مقعدة لا تستطيع المشي أو الحركة، وفي يوم من الأيام وبينما هي نائمة رأت الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، فأخبرها بأنها ستشفى على يد درويش من الدراويش، وبعد أسبوع من الزمن كانت مجموعة من الدراويش تمر بجانب القصر، فضيفهم الأمير وأحسن في ضيافتهم، وعندما سمعت ابنة الأمير الرفاعي بوجود الدراويش في القصر، استدعت أباها وأخبرته عن الرؤيا التي رأتها، فذهب الأمير وأخبر الدراويش عن رؤيا ابنته، فقام أخد الدراويش ( وهو رفاعي بالأصل من نسل الشيخ أحمد الرفاعي) وقال للأمير أنه يريد أن يتزوجها، رفض الأمير في البداية ولكن بعد تشجيع باقي الدراويش له على تزويج ابنته من هذا الدرويش وافق، وعقدا القران، بعد ذلك طلب هذا الدرويش الدخول على زوجته المقعدة، فأذن له، وعندما دخل عليها وكانت جالسة على الأرض أمسك بيدها وقال لها: "قومي بإذن الله يا أم الأقطاب"، وفعلاَ قامت على رجليها معافية من كل سوء، وسبب تسميتها بأم الأقطاب أنه سيولد لها ولدان أو أكثر سيكونون أقطاب في العلم والدين، ومنها أنجب ولدين كلاهما تخرجا من الأزهر الشريف وكانا فعلا أقطابًا في العلم الدين، وكان أحدهما يدعى الشيخ عبدالسلام الرفاعي، يدرس في الشام، وبينما كان موجودا عند والي بلاد الشام، قال له الوالي تمنى علي يا شيخ عبد السلام لما لك من علم ودين، فقال له الشيخ: أريد أرضا في بيت المقدس لأعيش ولأموت هناك، فأمر المتصرف بتسجيل إقطاعية عناتا باسم الشيخ، وكانت مساحتها آنذاك تقدر بثلاث وثلاثين ألف دونم، فانتقل الشيخ للعيش بها، وكان يعقد حلقات علم وفقه ودين في المسجد الأقصى المبارك، وخلال فترة حياته أنجب ولدين، الأول لم يذكر أسمه كونه خرج من عناتا وسكن منطقة أخرى، أما الثاني فكان أسمه سليمان، وقد أنجب ولدين أو ثلاثة لا أعلم بالتحديد، الأول كان اسمه علوي، والثاني سمه عليان، والثالث على ما أظن إسمه إبراهيم. علوي أنجب من الأولاد حمدان وسلامة وبنت واحدة اسمها شيحة، وهكذا تكائر نسل هؤلاء الرجال لغاية يومنا هذا".
معظم المقامات في فلسطين، تقع عادة في اماكن مرتفعة، ولكنها لا تكون دائما على قمم الجبال، واختيرت مواقعها، لأسباب كثيرة، لتسيطر على المناطق المحيطة بها كما هو الحال السابق لمقام الشيخ عبد السلام الرفاعي، كما لاحظ الدكتور توفيق كنعان في كتابه عن الاولياء والمزارات الاسلامية الذي كتبه في عشرينات القرن العشرين: "يقع مزار الشيخ عبد السلام الى الشرق من عناتا داخل منطقة خرائب. ويضم المزار غرفة تحوي الضريح المغطى بقماش اخضر. واما حجر الراسية، فعليه لفة خضراء، وهي لباس الراس عند الفلاحين. وقد وجدت في المزار: حصيرا من القش، ومصابيح زيت عديدة، وزجاجات زيت كانت في الغالب خالية، ومكانس من القش، وجرة زيت من الفخار، ونسخة من القران. وهناك عدة كهوف خارج هذه الغرفة، منها الصغير ومنها الكبير الذي لا يحظى باحترام وقداسة الولي. والى الشمال الشرقي نجد ضريح ابنه الشيخ سليمان. وتنمو شجرة تين على الصخرة المجاورة للمزار، وهي متصلة لدى البعض من باب ان الابن هو الذي زرعها، ويقول اخرون ان الله تجعلها تنمو في الصخرة لإثبات صلة الولي".
وقد لا يستطيع احد ان يتوقع ماذا سيكتب كنعان، لو كان يعيش بيننا، عن الوضع الحالي لمقام الشيخ عبد السلام، الذي اصبح معزولا، عن قريته، المقسمة، والمقطعة الاوصال، بالأسيجة، والجدران، والحواجز، وايضا معزولا عن محيطه من جبال ووديان، كوادي السنام، وخلة الراهب، وعين فارة، بالشوارع الالتفافية، والمدن الاستيطانية.
ووضع المقام المنزوي المعزول، لا يلفت حتى انتباه، الاف المسافرين الفلسطينيين، من رام الله الى جنوب الضفة الغربية، عبر الطريق المؤدي الى شارع وادي النار الرهيب، او المنتظرين في (مفرق عناتا).
والتغيير الذي احدثته الهجمة الاستيطانية على المنطقة، لم ينحصر بالتغيير المتسارع والجذري، لمواقع نسجت تاريخها وأساطيرها ببطء وجهد عير قرون طويلة، ولكن الى الحيز المعرفي للمكان، فبجانب مقام الشيخ عبد السلام، تم استحداث مسارات للمشي، تحي بعض المواقع الاثرية الفلسطينية، ولكن برؤية جديدة، وضمن "هويتها" الجديدة، كمناطق تابعة للمدن الاستيطانية اليهودية.
لا احد يستطيع ان يعرف مشاعر الشيخ عبد السلام، في ضريحه داخل المقام، وهو يرى كل ما يحدث، ولم تتطور الطرق الصوفية في فلسطين، التي تعرضت هي الاخرى لضربات بسبب النكبات والحروب التي تعرض لها موطنها، حكايات وكرامات تحاكي الواقع السياسي في هذه البلاد.
ومن الطريف التقسيم الذي اخضع له الفلسطينيون الاولياء الى: دراويش وعجم، وينتمي الاولياء العجم، الى ما يسميهم كنعان الاولياء النزقين، وينقل عن شيخ من قرية دير غسانة، سبب تسمية العجم، والانقسام الذي طال اولياء فلسطين: "احمد البدوي، كانت له امرأة ذكية انها فاطمة ابنة البري. وعندما وصلت فاطمة الى مرتبة ولية، تركها زوجها، وبدا ان احترامها يتصاعد من جانب الناس واصبح العديد من اتباعه المخلصين، ودبت خلافات دينية بينها وبين البدوي منذ البداية، وعلى ذلك اطلق الاقطاب على جماعتها ازدراء لهم اسم الاعاجم، ويشير الغناء التالي الى ذلك:
السّيّد اللي مقامه مجمع الاقطابْ
لولا ما سلبْ بنت البري خاطره ما طاب
روح يا مُريدي وتْقلّب على الاعتاب
وان مسك الظيمْ يبقى علينا حسابْ"
مقام فاطمة بنت البري يقع في قرية زكريا المحتلة منذ عام 1948، وحكايتها ودلالتها الدينية والاسطورية، تحتاج الى بحث مستقل، فهي صنو "ليليث" في الميثولوجيا القديمة، وهو ما يجعلنا نغض الطرف على التعريف الذي اورده كنعان لها، كي لا نتوسع في الموضوع، وما يهمنا هو علاقتها بالأولياء العجم.
المهم ان الوجدان الشعبي، اوجد الاولياء العجم، ووضعهم في تناقض وعداوة مع الاولياء الدراويش، ولأنهم لا يستطيعون ايذاء الاولياء الاموات فانهم يلاحقون ابناءهم واتباعهم، لهذا الموضوع علاقة بمقام الشيخ عبد السلام، ومقام الشيخ منصور في قرية حزما المجاورة، والاخير من فئة الاولياء العجم.
يذكر كنعان الحكاية التالية: "اذا اضطر رجل من عناتا، باعتبار ان كل سكان القرية هم من احفاد الشيخ عبد السلام، ان يبيت في حزْما، فان عليه ان يقضي الليل داخل البيت، لأنه اذا خرج في الليل فان منصور العجمي سيهاجمه، وستلقى الحجارة باستمرار عليه. وسوف يقوم بالدفاع عن نفسه، ولا يمكن لاحد غيره ان يلاحظ العدو، اما هو فيرى عدوه بشكل غامض. واذا ما اضطر الى مغادرة القرية في الليل، فعليه ان يرتدي عباءة رجل من حزما، وهي مقلوبة، حتى لا يتعرف عليه العجمي".
وفي هذه السنوات، يتعرض ابناء عناتا وحزما، للرمي بالحجارة والرصاص، من غلاة المستوطنين الذي يطوقون المنطقة ويسيطرون عليها، في حين يقف الشيخان عبد السلام، ومنصور، بدون حيلة.

هناك 8 تعليقات:

  1. من الذي كتب هذه المقالة ؟

    ردحذف
  2. We're a group of volunteers and opening a new scheme in our community. Your web site provided us with valuable info to work on. You've done a
    formidable job and our entire community will be grateful to you.
    My web page ; transfer news chelsea hulk

    ردحذف
  3. اعتقد ان قصه البنت المعده التي أنجبت الشيخ عبد السلام هي ضرب من الخيال.. فارجو البحث اكثر.. و ذكركم ان الشيخ عبد السلام له اخ غير معروف لانه هاجر أيضا هي انتقاص من القصه الواقعيه.. نسل عبد السلام ليس فقط عليان و اختهم شيحه.. فهناك نسل غير مذكور هنا هم عناتي اللد و عناتي عجور.. لماذا لم يذكروا... ما السبب و هم الأصل و الحسب والنسب و كانوا يملكوا ٧٥ بالمائه من أراضي عناتا قبل أن يغادروا عناتا قصرا

    ردحذف
    الردود
    1. هناك خلط في موضوع شيحه ف شيحه لم تكن ابنة عبد السلام المباشره إنما ال شيحه المكنيين بجدتهم و انا واحد منهم نسبنا يعود إلى علوي وليس شيحه كما يدعي الكاتب ف شيحه ابن عبد السلام سلامه و هو أبو دار سلامه الي بكون سيدهم علوي يعني شيحه حفيدة علوي وليست أخته و اعتقد أن الكاتب قد أخطأ في عليان أيضا ارجو الرجوع الى مصادر موثوقه

      حذف
  4. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  5. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  6. انا من أحفاد الشيخ عبدالسلام في الأردن أبناء عليان موجدين في الأردن وفلسطين إلى الآن الللي عندو معلومات أكثر ممكن يفيدني أكثر انا ابحث عن اسم جدي السادس

    ردحذف
  7. احنا عناتي من اللد كانت والدتنا تحكي انه لما طلعوا اهالينا من اللد اجوا اولاد واحفاد عبد السلام الرفاعي على الخيول وحكولهم لازم تيجوا عنا عند أهلكم

    ردحذف