أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 22 ديسمبر 2016

باقة ورد لمعاليه..!




في بلاد المركيز البعيدة، عبرت ناظرة مدرسة، عن فرحها بانتخاب الوزير المختص، عضوًا في المكتب السياسي للحزب الحاكم، بإرسال باقة ورد له.

ولم يكن سكان البلاد ليعلموا بفرح الناظرة، لو أن الوزير الشاب عضو المكتب السياسي، لم يكلف نفسه، ويوجه لها كتاب شكر عنونه: "شكر وتقدير وامتنان"، ووصف فيه ما فعلته الناظرة بالمشاعر الأخوية والموقف النبيل، داعيا الله أن يلهمه الصواب في العمل والإخلاص في النية، ليكون على قدر الأمانة.
الناظرة تحمست كثيرًا، لرد الوزير، ونشرت، على الفيس بوك، كتاب الشكر المكتوب على ورق مروس باسم وشعار الحزب الحاكم، وممهور بتوقيع الوزير، وختم وزارة التلقين والإرشاد، الأمر الذي سيثير لاحقًا أسئلة حول التداخل بين الحزب والوزارة.
ولأنه في بلاد المركيز، يدفع الناس للنواب، كي يطرحوا الأسئلة، وليس مثل حال بلاد أخرى، حيث يعاني النواب من البطالة، وعندما يُسمع صوتهم، يتعلق الأمر بتحديد ولاءات، وجد الوزير نفسه في مهب عاصفة، وكان عليه أن يجيب على عدة أسئلة، تعلقت في البداية حول الورق.
-من دفع ثمن الورقة التي كتب عليها الشكر: الحزب الحاكم، أم وزارة التلقين والإرشاد؟
-هل الورقة المستخدمة تدخل تحت بند الدعم الخارجي المقدم من الدول المانحة لبلاد المركيز النامية؟
-أين كتب عضو المكتب السياسي وزير الإرشاد الشكر، في مقر الحزب الحاكم، أم في مكتبه في الوزارة؟
-هل الوقت الذي صرف من معاليه في كتاب الشكر، مستقطع من دوامه الرسمي في الوزارة، أو عمله غير الطوعي في الحزب الحاكم؟
وأسئلة أخرى كثيرة، لا يتسع المقام، لعرضها، ولكن يمكن للمهتمين تخمينها.
ولأنه في بلاد المركيز، يدفع الناس للصحافة، لكي تثير الأسئلة، فان الصحافيين، ركزوا على مصير باقة الورد:
*وهل اعتبرها الوزير عضو المكتب السياسي هدية شخصية أم عامة للحزب؟
*وإذا كانت شخصية، فلماذا استخدم ورق الحزب وحبر الوزارة لتوجيه كتبا الشكر؟
*وأين باقة الورد الآن، هل تجلس في زاوية في مكتبه الرسمي، أم في مدخل منزله الشخصي؟
*وإذا كانت في مكتبه، فكم تكلف الخزينة العامة، ثمن ماء، وعناية، وإشغال مكان؟
*وطالبه رئيس تحرير، في افتتاحية نارية، أن يكشف عن عدد باقات الورود التي وصلته، وعدد كتب الشكر التي أرسلها؟ وكم كلفت خزينة الدولة، وكم بذل فيها من وقت؟
استمر النواب، والصحافة، عدة أشهر، في الحديث عن الباقة والكتاب، حتى بعد أن اضطر عضو المكتب السياسي الوزير الشاب الذي عُول عليه إجراء إصلاحات في نظام التلقين والإرشاد، إلى تقديم استقالته، من المكتب والوزارة معا، وقيل بأنه قامر بمستقبله السياسي.
كل هذا حدث، هناك في بلاد الماركيز البعيدة، لأنه لو حدث عندنا، ونحن شعب في مرحلة تحرر وطني يواجه الاحتلال، فانه يعني انه لم يعد هناك أحد يمكن أن تتناول القهوة معه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق