في الصراع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ، يبرز العامل الديموغرافي، لدى أوساط واسعة في طرفي الصراع كعامل حاسم، وربما مقرر وحاسم، وبالتالي فان رحم المرأة يعتبر ثروة قومية.
لدى المجتمع الحريدي في دولة الاحتلال نسبة خصوبة مرتفعة، أعلى من المجتمع الفلسطينيّ، ويعود ذلك لأسباب دينية، ولمعدل الإنجاب المرتفع في الأوساط الأكثر فقرًا، ويحوز ذلك على رضى النُخب العَلمانية التي يتناقض أسلوب حياتها تمامًا مع مسألة تكاثر الأولاد، ويقلقها أصلاً زيادة عدد الحريديم.
في الجانب الفلسطيني، ليس من النادر الحديث مِن قبل النخب العَلمانية بابتهاج، يعكس الهزائم غير المعترف بها، عن (القنبلة الديمغرافية) ودعوة النساء الفلسطينيات للإنجاب، وحظي ذلك بتبني رسمي أو شبه رسمي من خلال خطب الرئيس الراحل عرفات الذي كان يردد الجمهور معه أو خلفه العبارات التي ميزت خطبه، التي كان يدعو فيها الفلسطينيات لانجاب عشرة أو ١٢ ولدًا. بالطبع قد يبدو ذلك غريبًا أن يصدر هذه الدعوة من زعيم الحركة القومية الذي "تزوج" القضية سنوات طويلة وكان ذلك مثار فخر محبيه، ثم عندما تزوج امرأة أنجب فتاة واحدة فقط.
ولا يمكن تصور أن تستجب الناشطات الفتحاويات أو الحزبيات تلك الدعوة التي يبدو انها كانت موجهة للفئات النسائية الدنيا، ولم تتبناها منظمات المجتمع المدني النسوية ذات التمويل الأجنبي، أو قيادتها من برجوازيات الفصائل اليسارية، والتي لا تخلو من شبهات الفساد (القطب الشيوعي الأردني الراحل يعقوب زيادين اتهم المنظمات الشبيهة في الأردن التابعة للحزب الشيوعي الأردني بالعمالة لأميركا-يمكن التفكر في سرعة تغيير تقديم الخدمات للاتحاد السوفيتي (ديكتاتورية البروليتاريا) إلى أميركا (ديمقراطية الجندر)).
أحد طلائعي الاستيطان اليهودي في فلسطين، اقترح أن يتزوج أعضاء منظمته (هشومير) من أربع نساء بدويات، لانجاب الأولاد بكثرة وبسرعة، معتبرًا ذلك أفضل بما لا يقاس من الاقتران بالمهاجرات اليهوديات الأوربيات السياسيات محبات القراءة. لم ينجح الأمر. في تلك الفترات كان يُنظر لبدو فلسطين بانهم يمثلون أكثر من غيرهم التقاليد القديمة لبني إسرائيل.
أمر مشابه يحدث في المجتمع الفلسطينيّ التقليدي، فالثوريات اللواتي يصلحن للنقاش والنضال قد لا يكن هن الأفضل للزواج، فالثوري يفضل نوعًا اخر من النساء، يمكن أن ينجبن ويطبخن ويبدعن في أعمال أخرى لا تجيدها المحترفات الثوريات.
هناك وعي لدى طرفي الصراع في مسألة دور الرحم في الصراع، فمثلا خلال فترات حظر التجول الطويل على مخيم الدهيشة كان هناك في الكنيست مَن يصرخ مشيرًا إلى ان مثل هذا العقاب يساعد في عمليات انجاب اكثر.
قد يكون من أسوأ مظاهر الصراع الفلسطينيّ-الاسرائيليّ الدور الوظيفي لرحم المرأة، يتساوى في ذلك المحتل والمحتل، والمجتمع الرأسمالي الأكثر تطورًا، والمجتمع الذي يتقهقر بسرعة إلى ما قبل مفهوم الدولة.
ويتم ذلك، رغم رسوخ أسطورة (القلة التي هزمت الكثرة) لدى الطرفين. الجانب الإسرائيلي مثاله حرب ١٩٤٨، والفلسطيني لديه التراث الإسلامي.
الأم الحريدية اليهودية، والعربية حاملة الجنسية الإسرائيلية، والعربية حاملة الاقامة (القدس)، تتمتع بشبكة الأمان الاجتماعية الإسرائيلية الأكثر تطورا في العالم، أما الأم الفلسطينية الولود تصبح مشكلة اجتماعية.
لا عزاء للنساء القامعات-المقموعات في الجانب الإسرائيليّ، والمقموعات في الجانب الفلسطينيّ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق