أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 31 أكتوبر 2015

فلسطين الجزائرية..!





في خمسينات القرن العشرين، كان يُمكن رؤية لاجيء فلسطيني، يبيع إسواره زوجته، التي نجت من البيع، لصالح مجهود اللجوء الطويل، تبرعا لثورة المليون شهيد. والاستماع إلى التلاميذ الفلسطينيين، ينشدون، أناشيد الثورة الجزائرية.

بسبب حَبل السرة الغامض، بين فلسطين المنكوبة، والجزائر المستعمرة، كان يُمكن لأحمد بن بيلا، أن يصبح رمزًا فلسطينيًا، يُسمي النَّاس هنا، أبناءهم، باسمه، وكان يُمكن لتلميذ ابتدائي سبعينات القرن العشرين (أيضا) مثلي، مثل أترابه، يستغربون الاسم الغريب، يتردد على لسان معلم الرياضيات أبو عصام، الذي سمّى ابنه بن بيلا، ولم يجد اسلوبا أفضل، لإدخال المعلومات لعقول أبناء اللاجئين الغبية، إلّا بزج اسم بن بيلا الابن، في المسائل الرياضية المعقدة.
وفي وقت لاحق لم يفهم مفتونو بن بيلا،  كيف يمكن أن ينقلب عليه أحد ويظل ثوريًا، ولكن عسر الفهم، لم يطل، سيقال بان الثورة حين تأكل أبناءها، فذلك لحكمة تُفهم بعد حين، وديمومة الثورة تحتاج لقرابين، وإن منطق الثورة غير منطق بناء الدولة، لذا سيصبح هوّاري بومدين محبوبًا، واسمه الوهر، يُقلد لدى مقاتلي المقاومة الفلسطينية، فيمكن ان نجد، في صفوف الفدائيين العديد من: الأخ هوّاري، أو الرفيق هوّاري.
في سبعينات القرن العشرين (أيضا، وأيضا)، كان يمكن لجيل فلسطيني، وجد نفسه، مُحاصرًا ثقافيًا، ومنقطعا عن محيطه، المساهمة في نقاش بحث يقارن بين الثورة الجزائرية والثورة الفلسطينية، في مكتبة بلدية نابلس، أو مكتبة بلدية رام الله، أو جامعة بير زيت.
وبالنسبة لمنظّري حركة فتح، فستلاحقهم الغبطة، وهم يقارنون حركتهم غير الأيديولوجية، في عصر الأيديولوجيات، بجبهة التجرير الجزائرية التي حققت النصر.
في السجون وخارجها قرأت أجيال النار الفلسطيني، في داخل الأراضي المحتلة، لاز الطاهر وطار، ووجدوا فيها ما يحذر منه الأيديولوجيون، فالثورات صراع، وأضداد، وليست أوهاما رومانسية، وسيفرحون بتبشيريتها "ما يبقى في الوادي غير حجارة". وعندما وصلت المجموعة القصصية (الشهداء يعودون هذا الاسبوع) للواقعين تحت الاحتلال، انتهبوا لمقارنة مستقبلية لا تسر أبدا، بين فلسطين المستقلة مستقبلا، والجزائر المستقلة حاليًا. ستظهر طحالب الوادي، في فلسطين الأسلوية، وليس حجارته،  كما بشّر اللاز.
 عندما وصل مناضل، حُرر في صفقة التبادل أواسط ثمانينات القرن العشرين (أيضا، وأيضا، وأيضا)، مطار العاصمة الجزائر، عبر عن فرحه: "نحن في وطن اللاز".
ولكن هل كان فعلا وطن اللاز؟ فساد الجنرالات والانقلاب على ديمقراطية صندوق الانتخابات ربما كان مؤشرا لما سيحصل لاحقا، في مجتمع فلسطيني تحت الاحتلال. ولن يكون مجديا، لوّم المتسبب. خلط الأوراق سيورط الجميع.
قبل يومين، في أبو ظبي، صافحت لاعبة الجودو الجزائرية جازية حداد، منافستها الإسرائيلية جيلي كوهن، بعد انتصار الأخيرة في مباراة حاسمة ضمن بطولة (آيبيك) غراند سلام للجودو 2015.
لم يحتج أحد من الفلسطينيين، ولوّ فعلتها لاعبة، من جنسية أخرى، خليجية مثلا، لأشعل الفلسطينيون شاشات الحواسيب، في شتم كل ما هو خليجي. انه مكيال الفلسطينيين الأعوج.
حبل سرة سري يسري بين أجيال فلسطينية-جزائرية يجعل فتيان لا يعرفون بن بيلا، ولا هوّاري ومأثوره: "نحن مع الثورة الفلسطينية ظالمة أو مظلومة" يرفعون علم الجزائر...!
أيّة فلسطين أحبُ؟ أيّة جزائر أُحبُ؟
الحبُ، مُتَطَلِب، وليس مجانيًا..!
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق