خلال الأسابيع الماضية، على حجارة كنيسة المهد، أفضى إليّ، بشذرات من حياته. معاناة عائلته من المجازر التركية، عمل والده في بيع البطيخ في بيروت، أمه الحموّية، استقرارهم بالقدس، ثم في بيت لحم.
أحد هامشيي
بيت لحم، الذي يمشي متخذا هيئة حنظلة ناجي العلي. هذا العازب يقضي أيّاما، في رام
الله، في منازل أبناء شقيقته، ويزجي الوقت، نهارا في مقهى البابا. ليعود مسرعا إلى
بيت لحم.
يرتدي نفس
الجاكيت تقريبا، في معظم مواسم العام، لا يكف عن التدخين وشرب القهوة. وجه بارز في
ساحة المهد.
حدست بانه
سيرحل قريبا، محاطا بالوحدة، والشجن، وأكوام من سجائر اللف، لذا كنت أذهب اليه
يوميا، في ركنه مع هامشيين آخرين خلف جدار دير الأرمن. ولكنني لم أتوقع ما حدث.
بالأمس، جلست
في ساحة مستشفى بيت جالا الحكومي، كما هو الحال منذ عدة أيّام، غائبا عن ساحة
المهد، مضطرا، عندما راقبت ثم عرفت ما حدث. غاب الذي يجهل معظم البيتلحميين اسمه،
ويعرفونه من هيئته، وعمله في تنظيف مجاري المدينة على مدى عقود، عن عاداته
اليومية، ولم يجلس عند خضر على بسطته. شكى خضر هذا الغياب، لخوري السريان، الذي
تحرك مع آخرين، ليعثروا عليه وقد فارق الحياة، في غرفته في حارة السريان، منذ
يومين..! وأوصلوه المستشفى ليقضي ليلة قبل غيابه الأخير.
لم يدرِ بغياب
دائم الحضور في شوارع المدينة، أحد..! ولم يتفقده سوى خضر..!
على الأرجح،
لن ينعي المجلس البلدي، العامل المخضرم، ولا أي من مؤسسات المدينة..!
ما حدث في ما تبقى من الليل، مجرد تفاصيل، في ليلة
أخرى من ليالي المدينة تحت احتلال لا ينتهي..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق