المكَيِرّ، هو
جبل القدس السحري، لقاء ما ورائي بين توماس مان، وعنترة بن شداد، وشيطنة الملك
داود، وافتتان العرب بأساطير الأوّلين. ما بين تخوم القدس، وبريتها الممتدة حتى
البحر الميت.
مكانته أسيرة
ميثولوجيا الدين الإبراهيمي، بتجلياته. في الميثولوجيا اليهودية، هو المكان الذي
أطل منه أبو الأنبياء، على جبل الموريا لأوّل مرة، وهو يقود ابنه اسحق ليضحي به
حرقا، فيما بعد سيتم الاختلاف على هوية (الذبيح) الذي لم "يُذبح" حرقًا
بفضل رحمة السماء غير النهائية، التي أشفقت على البشر وقلة حيلتهم وخططهم
النهائية، والذين سينتج عن ضعف الرؤية لديهم، وعدم قدرتهم على حفظ الأسماء، الشق
فوق التاريخي، العنصري-الطبقي-الديني بين أبناء الحرّة والجارية، الذين سيعرفون
بالساريين (السراكنة) أي عبيد سارة، أو بالإسماعليتين، أو بالعرب..!
الميثولوجيا
المسيحية، سددت سهما انتقاميا لليهودية، فعُرف الجبل في المخيلة المسيحية، باسم
جبل المؤامرة، أو جبل المشورة الفاسدة، لأنه المكان الذي وجدت فيه دار الكاهن
الأكبر قيافا، و/ أو المكان المفترض الذي كانت فيه (السنهدريم)، مجلس اجتماع فيها
يهوذا الإسخريوطي مع الكهنة والقادة العسكريين، واتفق معهم على تسليم السيد
المسيح.
احتفظ الجبل،
بصفته السيئة الخيانية، رغم تنافس طوائف عدة، للاستحواذ، الذي لا يتوقف، على منزل
قيافا النذل، في أكثر من مكان في المدينة المقدسة.
الميثولوجيا
الإسلامية، تأثرت باليهودية، فأصبح الجبل، المكان الذي أطل منه عمر بن الخطاب، على
مكان المسجد الأقصى الذي لم يُبنى بعد فهلل وكَبّر. لاحقا سيحتاج الفاروق إلى
صفرونيوس، ليدله على المكان، ولكعب الأحبار، المتأسلم، ليبني مسجده.
ملحمة
الاستيطان العربي الجديد، سنجدها في رواية محمود شقير (فرس العائلة). ابن الجبل
الأبر.
في زمن
الاستعمار البريطاني، يصبح قصر المندوب السامي الذي بُني على الجبل، رمزًا
للاحتلال، فينظم أبو سلمى:
جبـــل المكَيِرّ
لن تلينَ قناتُنا
حتــى نحطمَ
فوقك الباستيلا
في عام 1948،
سيبذل المجاهدون على الجبل، بقيادة طارق الأفريقي، الدماء، للمحافظة على ما تبقى
من ماء الوجه. مع انكشاف الخزي العربي.
في حزيران
1967، سيصبح الجبل، رمزًا لهزيمة الجيش الرسمي، وقلة الحيلة، وفلكلور الانتصارات
الغنائية:
"كَبِرّ
كَبِرّ
واحتلينا جبل
المكَيِرّ".
بعد الاحتلال،
سيغير شباب الجبل، صفته الانهزامية، فيصبح رمزا للكُتّاب، والنشطاء، والحزبيين،
والنقابيين، والصحافيين.
في هبة
أكتوبر، أصبح جبل الشهداء..! أخرهم اليوم (17-10-2015) الفتى معتز عويسات..!
هو جبل بهاء،
صاحب الوصايا العشر الأكثر فعالية للشهداء. ولكن يبدو أن تراثا من فشل سيطل. يشكي
والده الكاتب محمد عليان:
"على ضوء
تعدد المنشورات التي تنسب الشهيد بهاء عليان إلى هذا الفصيل أو ذاك ، أكرر التأكيد
تلو التأكيد ان الشهيد ينتمي ألى الوطن فقط وليس له أيّة صلة بأي فصيل، وهذا ما أكده
في البند الأوّل من وصيته لمن يقرأ الوصية، احترموا وصية الشهيد ولا تطلقوا العنان
لخيالكم الجامع واتركوا الشهيد يرتاح في مثواه الأخير وقد أدى الرسالة، ودعوا ذويه
يتألمون بصمت
قال بهاء في ذات حلم
ما أكبر الوطن
ما أصغر الفصيل"
..وأنا أردد
ما أكبر الجبل، وما أوضع السُفليين، الناظرين إليه من حقل الدماء، الذي اشتراه
يهوذا الأسخريوطي بالمال الذي حصل عليه مقابل خيانته للمسيح..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق