أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

لا بحرَ في بيت لحم..!

لبيت لحم "التاريخية"، بحران. بحرٌ اسمه البحْرة، وهو الأقرب، وبحرٌ، اسمه بحر يافا، وهو ليس الأبعد..!

البحْرة، هو، بالنسبة لناسنا، اسم البحر الذي لا يموت، كثير الأسماء، الذي يجترح العرب والعجم اسماءًا له، يُسميه اليهود البحر المالح، وهذه ليست إلَّا واحدة مِن تسميات أُطلقت على هذا البحر الفريد، الذي مِن الصعب أن تكون النظرة إليه محايدة، يُسمى أَيضًا بحر الملح، كما جاء في العهد القديم، والذي ورد أَيضًا فيه، بتسميات مختلفة: عُمق السديم، وبحر العَرَبة، والبعض يطلق عليه (بحر الإسفلت)، بسبب قِطع الإسفلت التي تطفو على سطحه ويمكن رؤيتها في بعض أجزائه. ويُسمى أَيضًا (بحيرة زُغَرُ) نسبة إلى واحة نخيل وقعت جنوبه واسمها (زُغَرُ)، وزُغَرُ هي ابنة سيّدنا لوط، ولأهمية الواحات في ثقافة العرب، فإنهم رأوا هذا البحر من خلال تلك الواحة، التي ذُكرت في حديث الجسّاسة التي تتجسس الأخبار للمسيح الدجّال، الذي قابله سيّدنا تميم الداري، وحدثه عنّ اشراط الساعة وسأله عنّ عين زُغَرُ. وما زال هذا الحديث، الذي يتميز بذكر أسماء مواقع فلسطينية عديدة، مثار حديث حتى يوم النّاس هذا.

ومِن العرب والعجم مَن سموّه أَيضًا (بحيرة سدوم وعمورة)، و(البُحيرة المقلوبة)، و(بحر لوط) أو (بُحيرة لوط)، و(بحر الشيطان)، و(البحيرة المنتنة) و(البُحيرة المسخوطة).

ولكن كلها أسماء تتصاغر أمام اللفظة السحرية (البَحْرة) الأكثر تعبيرًا عن بحر قاع العالم. الان لا يظهر اسم الفلسطيني، رسميًا، فيما يتعلق ببحرتنا، إلّا فقط ليكون شاهد زور، مثل مشروع قناة البحرين.

بحر يافا، صخور اندروميدا التي تنتصر على اله البحر الشرير. لا يبعد، حتى في زمن الحروب التي لا تنتهي، سوى ساعة إلّا خمس دقائق، وهي زمن آخر مسافة قطعتها يوم 27-9-2015، من شطّ البحر، إلى الحاجز العسكري بين القدس-بيت لحم.

بدون البِحار، المجانين يزدادون، البِحار خُلقت عندنا، مثل عند غيرنا، لمعالجة الجنون. تنقل أناييس نن عن صديقها الكاتب الكوبي غونزالو: "في بيرو يعالجون الجنون بوضع الشخص المجنون أمام نهر شديد الجريان، والرجل يلقي بالحجارة فيه وبعدها تستفيق مشاعره ويشفى"-(ترجمة لطيفة الدليمي).

في عاصمة مملكة النرويج البعيدة، تقرر، في مفاوضات سرّية، ان بيت لحم، يمكن ان تعيش بدون بحار. حارب المحتلون، الحيز الذهني لأجيال فلسطينية، ازاحوا منه اسم بحر، ومعنى بحر.

يقال بانه كل عشر سنوات، يجن أولاد الفلسطينيين، فيبحثون عن بحرٍ يلقون به حجارتهم، فلا يعثرون عليه، فيتدققون، الى ما أصبحت خطوط التماس، يضربون الحجارة، فيرمونها على جنود كي الوعي، ليشفوا من جنونهم.

بالنسبة للسلطات المحلية، من السهل عزل منطقة الجنون الطاريء، أو الموسمي، تغيير بسيط في حركة السير، مع السماح لمن يريد زيارة منطقة المجانين.

يزور منطقة مجانين الحجارة، مجنونات، لم تفلح جوزات السفر الأجنبية، أو الاسرائيلية، التي تسمح لهن بالتنقل، ولا رؤية بحار كثيرة في العالم، من شفائه، فيأتن للمواجهات، يُراقبن، يُصورن، يَتحدثن، متحمسات. ليس أكثر من جنون الاولاد، اثارة لهن.

لا بحر في بيت لحم، يرمي فيه أولاد الحجارة، الحجارة..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق