تعيش
ماري يوسف أنسطاس، في منزلها القديم في شارع النجمة، بمدينة بيت لحم، المدرج على
قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو.
وتحافظ،
على أسلوب حياة حديث، ينتمي إلى حداثة ستينات وسبعينات القرن الماضي، عندما كانت
الملامح المدينية هي الأبرز في حياة الناس في فلسطين، وفي الوقت ذاته لديها شغف
غير محدود بالهوية والجذور.
جمعت
أنسطاس، بالتعاون مع الدكتور شوقي إبراهيم قسيس، وكمال انطون عيسى حزيون، ألف مثل
ومثل، في كتاب صدر مؤخرا في بيت لحم بعنوان (أمثالنا الشعبية في فلسطين).
يكشف
الكتاب عن الجهد الكبير الذي بذلته أنسطاس، وقسيس، وحزبون، في جمع الأمثال، وليس
فقط دراستها، ووضعها في سياقها، ولكن أيضا إعداد فهرس أبجدي لها في نهاية الكتاب،
لتسهيل الوصول إلى أي مثل من قبل الباحث أو القاريء.
يشير
المؤلفون، ان كتابهم، يحوي أكثر من ألف مثل: "من أمثالنا الشعبية التي رددها
آباؤنا وأجدادنا في فلسطين وبلاد الشام عامة، وبعضها يردد في جميع أنحاء الوطن
العربي".
وقسموا
الأمثال إلى تسع مجموعات رئيسة، حسب الموضوع: أمثال قالتها العامة باللغة الفصحى، وحكم
وأفكار، ونصائح، وعلاقات اجتماعية، وأمثال عن المرأة، وأمثال في النقد، والمواسم
والشهور والأعياد، وأمثال في اسماء حيوانات، وأقوال شعبية مختلفة".
وهناك
تقسيمات في داخل المجموعات، فمثلا، فيما يخص أمثال العلاقات الاجتماعية، نجد ان
المؤلفين قسموها إلى مجموعات فرعية مثل: الجيرة، وصلة الرحم، والصداقة، وعلاقات
اجتماعية مختلفة. ونجد بعض الأمثال، قد تصنف في أكثر من مجموعة.
ويبدي
المؤلفون تواضعا، عندما يشددون في المقدمة، بان كتابهم، لا يشكل دراسة علمية أو أكاديمية
تخضع لقوانين وأسس البحث العلمي: "بل انه تجميع لكل الأمثال والأقوال الشعبية
التي سمعناها تتردد على ألسنة الناس في فلسطين وفي اقطار بلاد الشام عامة، وكلما
امكن أوردنا معلومات عن المثل تشمل: كيف يقولونه في الأقطار والمناطق المختلفة،
المناسبة أو الحالة التي يضرب فيها المثل، القصة من وراء المثل إن وجدت، وما يقابل
المثل في أشعار العرب، وفي الأمثال والحكم العربية على مر العصور، وفي لغات أخرى".
الجهد
الاكاديمي، يظهر في فصول الكتاب المختلفة، ومنها الفصل الأول (في الأمثال
ومدلولاتها وقيمها)، وهو عبارة عن دراسة علمية، تتبع فيها المؤلفون مدلولات المثل،
اللغوية، وجذوره الشعرية، والقولية، والأدبية، ولدى شعوب الشرق القديم.
ومن
الدراسات الهامة في الكتاب، ما يتعلق بالمواسم والشهور والأعياد، ويتوقف المؤلفون
عند المواسم الزراعية وعلاقتها بالأعياد في فلسطين، وتتبعوا علاقتها بحياة الناس
اليومية في المشرق العربي بشكل عام، وفي فلسطين على وجه الخصوص.
ورحب
مثقفون بصدور الكتاب، وقال المربي جورج ليل حرب: "ما يقدمه لنا مؤلفو هذا
الكتاب يدل على جهد واع وعمل دؤوب سواء في جمع الأمثال الكثيرة التي تضمنها، أو
تبويبها، أو التعليق عليها، أو اسلوب مقارنة بعض الأمثال بما يشبهها في الشعر أو
النثر أو الخطابة. هذا العمل البحثي الأدبي دليل أيضا على سهر الغيورين ممن يشعرون
ان امتنا المرتبكة اليوم تحتاج إلى المزيد من الأنشطة الفكرية والأدبية التي تعيد إليها
ثقتها بنفسها وبقدرتها على ان تستعيد دورها في مضمار الحضارة الانسانية".
وأضاف:
"لا يسعني أنا كمدرس للغة العربية وآدابها مدة خمسين عاما في العديد من
المدارس، وبعد ان انتهيت من قراءة هذا الكتاب للمرة الثالثة، إلا ان اثمنه عاليا وأعرب
عن تقديري العميق للذين قاموا بجمعه".
ورأى
المربي مرزوق مرزوقة، بان الجهد الذي بذله المؤلفون: "هو من باب المحافظة على
عنصر هام من عناصر تراثنا الثقافي الذي يدل على مخزون تراثي في تاريخ امتنا التي
تنصب جهود أعدائها على زعزعة جذورها واقتلاع وجودها".
واعتبر
المؤرخ خليل شوكة، الكتاب، اغناءا للمكتبة الفلسطينية بتراثنا العريق: "لأنه
يعبر ويذكر عن حوادث متعددة قيلت فيها الأمثال وهي من تجارب شعبنا في حياته الطويلة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق