أظهر
ترميم حوش السِرّيان في بيت لحم، نقشا حجريا خُط عليه سنة 1739م، باللغتين العربية
والإنجليزية، وهو أقدم نقش مكتشف في مدينة بيت لحم، ومحافظتها حتى الان، يؤرخ
لبناء منزل.
ويؤرخ
النقش الذي يظهر بجانب نقش لبتلات وردية، لبناء أحد المنازل في الحوش، الذي يبدو
كقلعة صغيرة، خُطط وبني، على نسق الأحواش والحارات القديمة في بيت لحم، حيث كانت
متطلبات الأمن، من أولويات البناء.
يقع
حوش السِرّيان على بعد 250 متراً شمال غرب كنيسة المهد، وملاصق لقوس الزرارة،
المدخل القديم والتاريخي لمدينة بيت لحم، وقريبا من شارع التراجمة، الذي أُدرج على
قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو.
الحوش،
كما يُعرفه مركز حفظ التراث الثقافي في بيت لحم، هو عبارة عن وحدة سكنية اجتماعية
اقتصادية مغلقة، يضم الحمولة وعائلاتها، بيوتها متلاصقة ومتقاربة ويفصل بينهم
جدران عالية، وأغلب ممراتها وشوارعها ضيقة ومتعرجة تمر من خلال أزقة ملتوية
للحماية من الحر والغبار. ظهرت الأحواش خلال الفترة العثمانية وتباينت تبعاً لذلك
أحجام الأحواش حسب عدد العائلات القاطنة فيه وحسب قدرتهم الاقتصادية.
ويمتاز
حوش السِرّيان، وهو جزء من حارة الحريزات، احدى الحارات السبع في مدينة المهد،
بالعديد من الحجارة المزينة بالرسومات الدينية والنباتية. واشتهر أبناء الحريزات
بالنحت وصنع المسابح من خشب الزيتون والصدف.
عن
هذا الحوش والشوارع والمنازل القريبة منه، كتب الروائي الراحل جبرا إبراهيم جبرا،
سيرته الذاتية (البئر الأولى)، ونقل عوالم الحوش في النصف الأوّل من القرن
العشرين، إلى العالم.
ووفقا
للمعلومات التي أعدتها بلدية بيت لحم ومركز حفظ التراث الثقافي، فان الدراسات تظهر
بان حوش السِرّيان، بمبانيه الحالية يعود إلى الفترة الممتدة بين القرن السابع عشر
والقرن العشرين، وهو ما يُستشف من الخرائط والرسومات والصور التي رسمها وطبعها وأخذها
الرحالة والحجاج والمصورون الذين زاروا بيت لحم في تلك الفترة.
ويمكن،
من خلال وثائق الملكية القديمة، معرفة ان أقدم سكان الحوش هم من عائلة أبو جارور، التي انقرضت بسبب هجرة أفرادها
إلى أميركا اللاتينية خلال فترة نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين،
وكذلك سكن في الحوش عائلات سلامة وعواد والريادي. وسكن الحوش أفراد من عائلة قطان.
أخذ
الحوش اسمه، لسكن السِرّيان فيه، والذين أتوا إلى بيت لحم في الربع الثاني من
القرن التاسع عشر وسكنوا المدينة لحم عام 1838، وحسب المؤرخ نصري حزبون، فان عائلة
شمعون، هي اولى العائلات السريانية التي سكنت بيت لحم. و استمر قدوم السِرّيان إلى
المدينة خاصة في اعقاب مذبحة طور عابدين.
في
عام 1922م أنشأ السِرّيان جمعية مار افرام الخيرية، التي اشترت في عام 1927م الأبنية
الآيلة للسقوط، وهدمتها وبنت كنيسة العذراء للسريان الأرثوذكس.
يقول
المؤرخ خليل شوكة عن كنيسة السِرّيان: "التي اشترتها الطائفة، وكانت منطقة
بيوت مهدمة وخراب غرب ساحة النجمة، حيث أزالوا القسم الشرقي من الخراب، ووضع حجر
الاساس لبناية الكنيسة للسريان الارثوذكس بحضور البطريرك مار اغناطيوس بتاريخ
9-3-1926، وشيدت الكنيسة والعمارة بقربها ودشنت بتاريخ 7-2-1943م، ومن الجدير ذكره
انه تم تقديم المسطرين المنقوش عليه باللغة الآرامية إلى المهندس الذي صمم بناء
الكنيسة جريس خليل لنسطاس".
تتميز
العمارة في حوش السِرّيان، وفقا لمركز حفظ التراث الثقافي، بوجود عدة باحات وسطية
ترتبط ببعصها البعض عن طريق الممرات الفوقية، ويتكون الحوش إما من غرف مبنية أوّ
من مغر، ومن العناصر الملاحظة في الحوش، مرابط الخيل وهي عبارة عن حجارة على شكل
حلقات كانت تستخدم لربط الأحصنة. كذلك يضم الحوش العديد من الأقواس والأدراج التي
تعبر عن العمارة البيتلحمية وهناك بعض الامثلة النادرة التي لم يعد لها وجود إلا
في هذا الحوش المميز، ويحتوي الحوش على مثال لبيت يضم راوية للحيوانات ومصطبة.
تم
انجاز ترميم حوش السِرّيان، لإعادة استخدامه كبيت ضيافة للزوار والحجاج، وهو مشروع
لبلدية بيت لحم، بالشراكة مع مركز حفظ التراث، وبلدية مونتيفاركي الايطالية
والمالكين. تم تنفيذ المشروع بدعم من القنصلية الإيطالية العامة في القدس، وشاركت
5 بلديات إيطالية في التمويل، وهي بلدية مونتيفاركي، وبلدية سان مينياتو– بيزا، وبلدية
سيفيتا، بلدية فيزولا– فلورانس، بلدية سيفيتا كاستيلانا
وهدف
المشروع، الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني كأداة للتنمية، وبناء القدرات في
مجال الحفاظ على التراث الثقافي، وتطوير قطاع السياحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق