أبو
ظبي - محمد عيسى
بروايته
"مجانين بيت لحم"، التي فازت مؤخرًا بجائزة الشيخ زايد فرع الآداب،
استطاع الفلسطيني أسامة العيسة، تكريس نفسه كاسم له حضوره الخاص. الرواية تشكل
نصًا أدبيًا فريدًا يهتم بسيرة المكان، ويتتبع تغيراته من خلال موضوع الجنون الذى
احتفى به العمل وصوره على نحو يؤرخ لحقبة فكرية في العالم العربي.
"بوابة
الأهرام" التقت العيسة، الذي قال عن فوزه بالجائزة: عندما ظهرت روايتي في
القائمة القصيرة بين أسماء روائية عربية بارزة، تتلمذ جيلي أدبيا على نتاج بعضها،
أمثال إبراهيم عبد المجيد، وغسان زقطان الشاعر الفلسطيني، شعرت بأنى أسير في
الطريق الصحيح إبداعيا. وكان ذلك كافيا لأن أشعر بالفوز، بغض النظر إذا ما كانت
الرواية ستحتل المرتبة الأولى أم لا.
وأضاف
العيسة: مسرور جدا لحصولي على هذه الجائزة المهمة، وكانت مفاجأة لي وهذا ما ضاعف سروري،
وأكد الكثير من النقاد خاصة في فلسطين على أنها التفاتة إلى الرواية والأدب الفلسطيني
بصورة عامة الذى غاب خلال السنوات الماضية. هذه الجائزة أعطت دفعة للأدب في أن
يكون في المكان الذى يستحقه عربيا وعالميا، واعتبر أن الجائزة هي انحياز لمشروعي الثقافي
الروائي الذى أحاول دائما من خلاله تقديم المكان والإنسان الفلسطيني بشكل جيد،
وانجاز المغامرة الروائية التي بدأتها.
وعن
مشروعه الروائي قال العيسة، إنه مشروعه انحياز للمهمشين والأقل حظا. فهو ابن مخيم
"الدهيشة" الذى تدور فيه أحداث من الرواية وملتزم تجاه هؤلاء الناس
المجانين الذين هم أكثر شريحة مهمشة، فلا احد يحاول أن يهتم بهم ويرفع الصوت عاليا
لإنصافهم، وأكد أنه سيكون دائما منحازا لهم، ولن يكتب عن رئيس أو وزير، وسيظل يكتب
عن هؤلاء الناس.
وأضاف
العيسة: أنا قدمت المكان الفلسطيني، بارتكاز على بقعة جغرافية معينة في مدينة بيت
لحم، اسمها الدهيشة. وتتبعت من خلال ذلك العصف بالمكان، من خلال توالى سلطات تبدو
أنها لا نهاية لها، وفى ظرف زمنى ليس طويلا: العثمانيون، والبريطانيون، والمصريون،
والأردنيون، والإسرائيليون، الحكم الذاتي المحدود جدا.. إذا وجد من رآها أنها
حكايات متفرقة، فمن الجيد أنه وجد رابطا واحدا جمع بينها.
ومخيم
الدهيشة هو مكان في بيت لحم استقبل اللاجئين الذين هجروا في عام النكبة من ضواحي
القدس، وقد عاش هذا المخيم فترات بؤس كبيرة ولكنه كان دائما مدرسة تخرّج منها
مثقفون وكتاب وإعلاميون وسياسيون. وقال العيسة: أنا ابن جيل حمل الحجر بيد والكتاب
باليد الأخرى.. نشأنا في مواجهة تامة مع الاحتلال حيث نقع على شارع القدس– الخليل في
المثلث بين بيت لحم والقدس والخليل، كنّا على تماس دائم مع الاحتلال وبنفس الوقت
كنّا نعى تماما دور الثقافة".
وعن
الأدب الفلسطيني بشكل عام قال العيسة: بعد اتفاق أوسلو حدث ليس فقط تراجعا وإنما
ما يشبه الغفوة الطويلة، وميل كثير من الأصوات الجديدة للذهاب بعيدا في الفردانية التي
أراها "غير إبداعية"، وإن كان بعض الكتاب واصلوا الكتابة، فهؤلاء الذين
تركوا بصمة في الماضي، لم يتمكنوا من فعل ذلك في المرحلة الجديدة التي كانت مرحلة
جزر ثقافية، على الأقل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق