على أثير
الاذاعة الوطنية المغربية حلق الكاتب أسامة العيسة بين أعماله ليقول لنا ان كل
لحظة زمنية يمكن أن نكتب عنها فلكل حجر في فلسطين قصة يمكن أن تروي رواية أوّ
قصيدة ولم يترك المستمع يحتار بالسؤال فقد أكد ارتباطه بمخيم الدهيشة ومدينة بيت
لحم وانحيازه للمهمشين والفلاحين والطبقة العاملة الفلسطينية، والتي يحاول المحتل
ان يحاصر ذاكرتها ومكانها وزمانها ويسرقها منه ومن الشعب الفلسطيني بأكمله.
أظهر الكاتب
قلقه على المكان والزمان وحتى الحيوان والنبات والذي تحاول إسرائيل نسب ذلك إليها
عبر سرقة الأسماء والأنواع. مر أسامة على رواياته التي تعتبر بحق سلاحا يقاوم
تزوير المكان فكانت رواية (المسكوبية) شرحا عن القدس كلها وليس السجن الذي اعتقل
فيه عدة مرات فقط فعرج على البنايات والشوارع ليرسم أدب المكان وأدب السجون فهو
يسابق الزمن والجدار الفاصل ويعاصر ذلك الصراع على الذاكرة لا بل يقاوم كي يحمي
الذاكرة الفلسطينية التي يحاول المحتل شطبها. أسامة العيسة لا يقدم القدس في جولة
سياحية لارضاء وجهات نظر معينة إنما يكتب ما يشعر فيرضي نفسه والقارىء ويلملم الأشياء
ويحمي المكان بقلمه المقاوم.
يعرج الكاتب
على روايته" إمرأة العشق المقبل" لتسقط العبرات رغما عنه فنلمس ذلك في
صوته فهي قصة حقيقية لزوجة أحد المناضلين الشهداء الذي عاش مطاردا لسنوات إلى أن
اطلق الاحتلال الرصاص عليه وأعدمه ميدانيا دون محاكمة ولم يكتف بذلك بل قام بتعرية
زوجته التي كانت على وشك الولادة أمام والدها مما ادى الى اصابة هذه المرأة بحالة
نفسية غريبة وظل الاهل في قلق خوفا ان تقوم بعمل يودي بحياتها. أراد لها أسامة ان
تعيش وان تضرب حجرا على المحتل لترسم مستقبلا وهنا يوصل الكاتب الصورة واضحة بان المحتل
هو من كان عاريا حتى من الأخلاق.
أمّا رواية "مجانين
بيت لحم" فقد كانت الغربة حتى في الجنون حيث ضمت بيت لحم مرضى نفسيين من كل
العالم العربي وصلوا فلسطين قبل العام 1967 ولم يعرف عن أهلهم شيئا بعد ذلك فكان
واقعا غريبا خصوصا حين يموت الشخص فمن سيدفنه ومن سيمشي في جنازته ومن سيبكي عليه
وقد تابع الكاتب هذه القصص من خلال سكنه القريب منهم فرأى تلك القصص الكثيرة في
هذا المبنى فهناك منهم من يحب ومن يفكر بالزواج أوّ انهم اخترعوا هذه القصص على حد
تعبيره.
اما
"قبلة بيت لحم الأخيرة" فقد عرج فيها على تغيير المعالم المدنية
والحضارية حيث لم يبق من اراضي بيت لحم سوى ثلاثة عشر بالمئة وهي رواية تتحدث عن
اسير فلسطيني يخرج من المعتقل بعد عشرين عاما بسبب الوقوف بجانب فتاة أراد جيش
الاحتلال الاعتداء عليها وحينها يشهد بروز الاسلام السياسي ويشغله هاجس بروز مظاهر
تؤثر على المجتمع المدني والعيش المشترك في المدينة التي عرفت منذ قديم الزمان
بهذه الصفات.
أخيرا: أسامة
العيسة اظهر بالفعل ان الكاتب سلطة سياسية وهو حارس الهوية الوطنية وحارس الزمان
والمكان فهو لم يكتب عن المسؤولين والوزراء بل عن الشعب المهمش صاحب الحظ الأقل
وكان بالفعل ضمير الناس الذين ناضل معهم ومن أجلهم في دروب المخيم.
**
*
الاستماع للمقابلة
التي أجريت في شهر شباط الماضي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق