(المجانين في معرض تونس للكتاب)
يقول
الفلسطينيون للشخص الذي تظهر عليه علامات الجنون، أو لِمَن يغضبهم، أو لِمَن
يمازحونه، أو لِمَن يتمنَّون له شرًّا لا يصل حدّ بلوغ المنيّة، أو لِمَن يشمتون
به، أو للشرّير الذي يتمنَّون أن يَغرُب عَن محيطهم، ولأسباب أخرى كثيرة:
- أنت لازم يرسلونك إلى الدهيشة..!
وها أنا، مَن
تقمّصت شخصية الروائي حينًا، والراوي الكُلّي المعرفة في أحيانٍ أخرى، الذي يعرف
كلّ شيء، وقد لا يعرف شيئًا، وتواريتُ خلف شخصيات أخرى، كي لا يكشفني أحد (ولكنّ
هذا لن يمنع القارئ من المطابقة بين الراوي والمؤلف، ولن يسبّب لي ذلك أيّ حساسية
ولن أجهد لنفي ذلك)، على وشك الذهاب، طوعًا، وبإرادتي الحرّة إلى هذه الدهيشة،
بعدما كتبت نزرًا عن مجانينها، فأصبحت، من دون أن أدري، واحدًا منهم. وآمل أن يكون
يوسف علّان في انتظاري.
هل عندما
فكّرت بكتابة رواية عن دهيشة المجانين، كُنت مجنونًا بالفعل، أم كانت لديّ بوادر
جنون لم أتبيّنها، تطوَّرت مع انغماسي في عالم المجانين؟
ربّما بدأ
الأمر بدون تخطيط، مجموعة أوراق مُبعثرة تركها خالي العبد علوي، لا يُفهم منها
الكثير، وعلى الأغلب خَطّها وهو في دير المجانين، في محاولة لكتابة حكايته
وزملاءه، يبدو أنه تراجع عنها لاحقًا، فحرّكني الفضول للسؤال، والسؤال إلى آخر.
"ما
الدنيا إلّا سؤال كبير؟" قالها مُنير شحاتة في أيام جنونه الأولى، وأكاد
أرقبه من مكانه هناك، حيث لا يعود أحد، يرقب ساخرًا هذا المؤلف المحتار في كيفيّة
خوض الغمار.
لن يتوقّف، في
هذه الرواية، انثيال الأسئلة التي يصعب، بالنسبة إليّ، الإجابة عنها.
**
المجانين في
جناح دار نوفل في معرض تونس الدولي للكتاب.
من 27 مارس
الى 5 ابريل 2015.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق