أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 2 أبريل 2015

لا منفى في المنفى ولا وطن في الوطن..!


 
في سن العشرين، وبعد قمع قوات الاتحاد السوفيتي للانتفاضة المجرية عام 1956، كان على اغوتا كريستوف (1935-2011)، قطع الحدود بين بلادها إلى السويد لتستقر في سويسرا، رفقة زوجها وطفلتها الرضيعة، هروبا من نظام يرى في الناس مجرد أرقام، الى منفى، لن يكون العيش فيه أيضا سهلا.

في كتابها الأمية (ترجمه محمد آيت حنّا، دار الجمل 2015)، نطلع على نتف ليست كبيرة من حياة كريستوف، التي  تختبر منذ البداية قساوة حياة المنفى، تعمل لمدة خمس سنوات في مصنع للساعات، تنفذ نفس العمل، تثقب نفس الثقب، وعليها ان تعود للاهتمام بطفلتها، وتعلمها الفرنسية لغة وطنهما الجديد.

لا تعرف كريستوف إلا اللغة المجرية، أمّا اللغة الروسية التي فرضها السوفييت على سكان البلاد فلم تعلق لديها، لكرهها للسوفييت، وتذكر مثلا كيف عندما مات ستالين طُلب من الطلبة ان يحزنوا على من حولته البروباغندا السوفيتية إلى صنم يعبد.

تصف نفسها بالأمية، التي تكتب باللغة الفرنسية، باستخدام المعاجم، وتصدر كتابها الأوّل (الدفتر الكبير) الذي سيصبح الجزء الأوّل من ثلاثية ستشهرها في جميع أنحاء العالم، وعندما توفيت كان الدفتر الكبير قد ترجم إلى أربعين لغة، من بينها العربية.

بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، عادت إلى بلادها فقط في زيارات، لم تستطع الاستقرار، فمن يفقد وطنا يبدو انه من الصعب العودة إليه، لتعود إلى شقتها في سويسرا، حبيسة لا تكاد تخرج منها، فالأيّام أصبحت لديها (سيّان) وهو عنوان لاحد كتبها.

الدكتاتورية، والمنفى، وقمع الفردانية، تجعل الكاتب، بدون منفى ولا وطن..!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق