أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 17 نوفمبر 2016

عطفة في صراع طويل مع الاحتلال






عندما قرر نصري عبد ربه (58) عاما، مواصلة درب شقيقه الراحل عبد الفتاح، في الحفاظ على الأرض، كان يعلم بمخاطر تلك الدرب.

تعيش عائلة عبد ربة في مخيم الدهيشة، في بيت لحم، بعد تهجيرها من قرية الولجة، جنوب القدس، التي احتلت في عام 1948م، فتهجر سكانها، ومنهم من انتقل إلى أراض للقرية شمال سكة الحديد التي يسير عليها قطار القدس-يافا، وبنوا الولجة الجديدة.
تمكن ابن العائلة عبد الفتاح، من إعادة إحياء، جزءا من أرض العائلة في قرية الولجة، ولم يكن ذلك بدون ثمن، حيث تعرض للملاحقة، وهدم وتدمير مزروعاته، وجزءا من مغارته التي عاش فيها وحيدا، طوال سنوات.
وتمكن عبد ربة، من تكوين شبكة علاقات تضامنية معه في الخارج، وداخل دولة الاحتلال نفسها، واشتهرت الأرض التي دافع عنها عبد التفاح باسم (عبد الفتاح لاند)، ولكنه رحل عام 2014م، متأثرا بتداعيات إجراءات الاحتلال المكثفة ضده قبل رحيله.
واستعدت قوات الاحتلال، جيدا لإحباط فكرة دفن عبد الفتاح في أرضه، حيث طوقت المنطقة، بينما دفن الراحل في مقبرة قبة راحيل الإسلامية في بيت لحم.
قرر نصري عبد ربة، أن يحل مكان شقيقه بالدفاع عن الأرض، التي أصبحت بمثابة شوكة، في مخططات احتلالية لبناء وحدات استيطانية تشكل تواصلا بين كتلة مستوطنات منتشرة على أراضي مدينتي بيت جالا والقدس، ليبدأ صراعه مع قوات الاحتلال، التي أغلقت الطريق المؤدية إلى أرضه، ومنعت إدخال الأشجار إليها، واتخذت إجراءات أخرى بحقه.
صباح يوم أمس الثلاثاء، وفي نحو الساعة العاشرة، كما يروي نصري، الذي كان يعتني بالأرض، تفاجأ، بجيب لحرس الحدود، وشاحنة تحمل جرافة، يتوقفان بمحاذاة أرضه.
يتابع نصري: "نزل أفراد حرس الحدود من الجيب، وقصدوني، وقال لي المسئول عنهم، بأنني معتقل، وسيتم خفرك إلى مركز تحقيق عطروت، وسألته عن الجرافة، فأخبرني بان وزارة الداخلية الاحتلالية ستنفذ عملية هدم في أرضي".
اعتقل جنود الاحتلال عبد ربة، ليذهب في رحلة لطالما خبر مثلها شقيقه عبد الفتاح، وخضع للتحقيق في مركز عطروت، قرب القدس، لمدة سبع ساعات.
يقول عبد ربه، انه تم التحقيق معه حول مكوثه في أرضه، بدون تصريح من سلطات الاحتلال، وان ذلك يشكل مخالفة.
يضيف عبد ربه: "أطلق سراحي، بعد تعهد بدفع 5 ألاف شيقل غرامة، وعندما عدت إلى أرضي، رأيت الفاجعة، لقد دمروا ما زرعته".
وجد عبد ربه، كلبه الأمين وسط الدمار ينتظره، ولا يكف عن تحريك ذيله، كأنه يريد أن يحكي ما جرى، باعتباره شاهدا على التدمير الاحتلالي.
ليس لدى عبد ربه، وقتا للبكاء على الأطلال، فبدأ من جديد باعمار ما خربه الاحتلال، والأمر بالنسبة له، صراع طويل مع احتلال قاس جوهره الأرض، وقرر أن ينتصر فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق