توجب
على الطفل أمير إسماعيل عليان، قبل أن يبلغ عمره الرابع عشر، خوض تجربته الأصعب في
حياته حتى الان.
في
يوم 10-10-2016م، كان أمير، وعدد من رفاقه، من مخيم عايدة، في بيت لحم، في مدخل
المخيم، الذي أصبح يعرف بمنطقة مفتاح العودة، يرشقون جنود الاحتلال، حول الجيب
الاستيطاني قبة راحيل بالحجارة. مثل هذا المشهد أصبح يوميا في مخيم عايدة، المحاط
بجدار يفصله عن القدس، وبوجود قبة راحيل، التي حولها المحتلون من مقام ديني، إلى
جيب استيطاني، ومعسكر احتلالي، وسط مدينة بيت لحم.
حجارة
أولاد مخيم عايدة، لا تصل أهدافها، بسبب بعد المسافة، وبالنسبة للأولاد أصبحت
تعبيرا رمزيا إلى حد كبير، على مرحلة يعيشها أهل المخيم.
تنبه
الفتية، كما يقول أمير، إلى مجموعة بدأت تكبر من شبان يحملون الحقائب على ظهورهن،
يتقدمون منهم، بعضهم صعد إلى المخيم، واشتروا فلافلا من مطعم (صالح)، والبعض الأخر
شارك الفتية برشق الحجارة، واعتقد الفتية، بأنهم قد يكونوا من المتضامين الأجانب
مع شعبنا، إلا ان الأمر تغير فجأة، عندما انقض الكبار على الفتية، فعرف هؤلاء،
بأنهم أصبحوا في قبضة المستعربين.
قد
يبالغ أمير في عدد المستعربين، حين يشير إلى انهم أكثر من أربعين فردا، ويقول ردا
على ذلك: "لقد تقدموا نحونا من مختلف الجهات، ومن داخل المخيم، وكان عددهم
كبيرا، وسحب بعضهم مسدساتهم، وأطلقوا النار في الهواء، ليفرقوا الأولاد، ويتمكنوا
من القبض علينا".
أمير،
وجد نفسه في قبضة اثنين منهم، أحكموا القبض عليه، ورموه بقوة على الأرض، وبعد
تثبيته، قيداه بكلبشات بلاستيكية، وكشف عن يديه، ليظهر آثار الكلبشات التي ما زالت
ظاهرة حتى الان، ويقول بان ضغط الكلبشات، أدى إلى انتفاخ كبير في يديه، وتم
معالجته لاحقا بإعطائه ثلاث حقن.
تعرض
أمير، ورفاقه السبعة الذين القي القبض عليهم، إلى الاعتداء بالضرب المبرح، ونقلوا
إلى أمام بوابة قبة راحيل، حيث مكثوا نحو ساعتين، تعرضوا خلالها إلى الصفع من
الجنود، ثم نقلوا إلى مركز شرطة مستوطنة عطروت، وتم رميهم في المركبة التي نقلتهم،
ليتأذوا، كما حدث مع أمير الذي تضررت رأسه.
في
مركز شرطة عطروت، قرب القدس، عاش أمير ورفاقه، كما يقول أصعب ليلة بعد اعتقاله
الذي دام عشرين يوما.
يتدخل
والد أمير، ليشرح: "مركز شرطة عطروت، تحت إدارة حرس الحدود، ويتم التحقيق فيه
مع الأسرى الأطفال بوحشية".
عندما
يتحدث أمير عن ليلته في (عطروت) يمكن الشعور، بمشاعره التي تضطرم داخله. يتحدث
أمير عن تعرضه ورفاقه للضرب من قبل الشرطة والمحققين وحرس الحدود، ما أدى بالنسبة
له مثلا إلى كسر أنفه، وتضرر كتفيه، بالإضافة إلى رضوض في مختلف أنحاء جسمه،
ويتلقى الان العلاج بعد إطلاق سراحه.
خضع
أمير إلى ساعتين من التحقيق، في عطروت، وبعد انتهائه، لم يتم احتجاز الفتية في
غرفة، ولكن تم رميهم في الخلاء خارج المعسكر، على الحشيش المبلول، ليعانوا من
البرد، والضرب من قبل الجنود المناوبين.
يقول
أمير، بأنه تم إجلاسهم على الأرض، ورشقوا بالمياه من قبل الجنود، وارتعدوا من
البرد في ذلك المكان المكشوف، ومن الندى، وقدم للفتية الثمانية ثلاثة أرغفة فقط
بدون إدام، لتكون طعامهم أكثر من 30 ساعة.
وبقي
وضعهم على هذا الحال، حتى نقلوا في اليوم التالي إلى معتقل عوفر، وتوزيعهم على غرف
السجن، وبالنسبة لأمير فان معتقل عوفر على فظاعة أوضاعه، أهون بكثير مما خبره في
معسكر عطروت.
أطلق
سراج أمير، بعد عشرين يوما، ودفع مبلغ كفالة، انتظارا للمحاكمة، ويرافقه والده
الان في مشاوير علاجه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق