على
تلة مشرفة على مرج يمتد من أراضي عورتا حتى شارع نابلس-القدس، ينتصب مقام العزيز،
وهو مقام إسلامي قديم، وواحد من مقامات عديدة موجودة في قرية عورتا تبعد 8 كلم عن نابلس)،
تبناها المستوطنون اليهود، وبسببها يقتحمون القرية بشكل شبه يومي للوصول إليها.
يقدم
لنا رائد الفلكلور الفلسطيني الدكتور توفيق كنعان وصفا مفعما بالحيوية لحال
المقام، في الثلث الأول من القرن العشرين: "إن قمة الجبل الذي تقع عليه عورتا
متوجة بمقام العزيزات. ويحتوي المقام على غرفتين، الشرقية ولها قبتان، والغربية
وهي ذات قبة واحدة. وتحيط بالمقام مقبرة. ولا تخص المقام شجرة أو بئر. وعلى مقربة
من المقام هناك بركة مقطوعة في الصخر. وتوجد في الغرفة الشرقية، فتحة محراب للصلاة،
وفي مقابلها يوجد مدخل يؤدي إلى كهف. ويري الزائر العديد من علب الكبريت وزجاجات
الزيت مبعثرة هنا وهناك. وتجتمع نساء القرية، في كل يوم عيد، في هذا المكان لأداء
الصلاة. والغرفة الغربية كبيرة، وهي أعلى، واقل استعمالا. هنا يغسل الموتى قبل
دفنهم".
هذا
الوصف الذي يشير إلى الاستخدامات المحلية للمقام من قبل الأهالي، لا نرى أثرا له
الان، ويكاد لا يرتبط اسم المقام، إلا باقتحامات المستوطنين له، وما يسببه ذلك من
مواجهات بين الفتية والمستوطنين وجيش الاحتلال.
وواضح
ان التوترات التي تنتج عن تبني المستوطنين للمقام، ليس لها علاقة بإبعاد دينية، وإنما
بممارسات احتلالية، ففي مقام العزيز، الذي يُعرف، يهوديا، بأنه اليعازر بن هارون،
جرت ترميمات بالتعاون مع الطائفة السامرية، وأصبح مقصدا في السياحة-الدينية، لأبناء
هذه الطائفة.
مثل
هذا النوع من التعاون، والزيارات، مرحب بها في عورتا، كما يقول رئيس المجلس
القروي، سامي عواد، ولكنه مرفوض فيما يخص اقتحامات المستوطنين.
الوضع
يبدو مأساويا، فيما يخص المقامات في وسط وحول القرية، وعددها ١٤ منها ١١ مقاما داخل
القرية و٣ خارجها، مثل مقام المنصوري، والمفضل، والعزيزات الموجود بمحاذاة مقبرة
القرية، المحاصرة بالمستوطنات، وتم مصادرة مساحات واسعة من أراضيها، ولم يجد
المجلس القروي، أرضا لبناء مدرسة، إلا بمحاذاة المقبرة.
على
مقام العزيزات، وضع نشطاء محليون أعلاما وطنية، في إشارة مناهضة لاقتحامات
المستوطنين، بحراسة جيش الاحتلال للمقام.
وحسب
الأساطير المحلية، فانه من المفترض ان المقام ينسب إلى سبعين من القديسات الإناث
(عزيزات)، ويذكر توفيق كنعان، بأنه سمع من ناس القرية انهن يظهرن كالحمامات، في
حين يقول البعض انهم أنبياء أو شيوخ يحوي المقام رفاتهم.
يذكر
كنعان هذه الحكاية، التي تشير إلى الدور الذي لعبه المقام في حياة الناس في زمن
ما: "سكان القرى المحيطة بعورتا، وقد دفعهم البدو، قاموا بمهاجمة هذه القرية.
وعندما أحدق الخطر بالسكان استنجدوا بالعزيزات، فظهرت ثلاث حمامات وحومن فوق
القرية. وصار الأعداء، كما اعترفوا لاحقا، يرون كل شيء أخضر، ولم يستطيعوا التعرف
على الوضع في القرية. وفشلت كل محاولاتهم للبحث عن مواقع البيوت وارتدوا خائبين".
الان
ينتصب مقام العزيزات، كرمز للصراع على الأرض، ومحاولة استحواذ استعمارية على الإرث
الثقافي أيضا، وروى مجاورون للمقام، كيف ان المستوطنين يصلون بحافلات إلى الموقع،
تسبقهم مركبات الجيش، ليؤدون صلوات في المكان، ولا يكتفون بذلك في أحيان كثيرة،
فيعتدون على القبور الإسلامية، بتحطيم الشواهد.
وبجانب
مقام العزيزات، يوجد مقام أخر يحمل اسم الشيخ الزعبي، يطاله أيضا اعتداءات
المستوطنين، الذين يستهدفون مقامات أخرى في القرية، ومن أهمها مقام المفضل وسط
القرية.
يقول
احد أصحاب المحلات القريبة من المكان، بان المستوطنين، يأتون بشكل شبه يومي، فجرا إلى
مقام المفضل، للصلاة.
ويضيف:
"دخول المستوطنين إلى القرية، يشكل خطرا، واستفزازا للمواطنين، ونحن نعاني
بشكل مستمر من وجودهم، ومن حصار جيش الاحتلال للقرية، والذي يستمر أحيانا عدة أيام،
اننا نخشى من مخططاتهم المستقبلية".
مقامات
عورتا الإسلامية، تواجه المستوطنين، في فصل أخر، من أساليب الاستحواذ الاستعمارية،
وهذه المرة تحت مسمى الحج الديني، والذي يتم، ويا للمفارقة، إلى مقامات إسلامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق