من المثير تتبع كيف تُعرّف
الجماعات الوطنية نفسها، والجماعة الفلسطينية ليست استثناء في هذا المجال، بل يمكن
أن تشكل حالة دراسية نموذجية في هذا المجال.
خلال أقل من قرن
تتابعت على حكم البلاد عدة جهات، بشكل نسبي، وفعلي، وجزئي، ومناطقي، من
العثمانيين، إلى البريطانيين، إلى المصريين، فالأردنيين والإسرائيليين، حتى الحكم
الذاتي المحدود الفلسطيني، وهو في الواقع لا تنطيق عليه أية تعريفات الحكم الذاتي
التي تُدرّس في كليات العلوم السياسية، وقد يكون أصدق وصف له، ما يطلقه عليه علماء
الاجتماع الاسرائيليين.
حدد البريطانيون،
والعثمانيون، حدود فلسطين الحالية، بشكل اعتباطي، سواء مع مصر، أو الحدود الشرقية،
فبدلاً من أن يكون نهر الأردن، يجري وسط البلاد، تحول إلى حدود لها.
وتبنت الحركة القومية
الفلسطينية هذه الحدود (من المية للمية)، بعد فشل الانضمام إلى سوريا (وبشكل أقل
جدية الى مصر)، ورموزها الانتدابية، من علم الثورة العربية الكبرى، والحطة المرقطة
(التي تُبنت لاحقا)، إلى الشغف بالعملات والطوابع التي أصدرتها حكومة الانتداب،
وتحمل اسم فلسطين، وحرفين عبريين يرمزان إلى أرض إسرائيل، ودخلت العملات، في
الصناعات اليدوية التقليدية، وتستخدم كتعليقات، وفي الأساور وغيرها.
كيف يمكن أن يشعر
وطني (أو وطنية) فلسطيني متحمس وهو يعلق في رقبته (ايرتس إسرائيل)؟
صحيفة بالستين بوست،
التي هاجمها الثوار، وفجّروا مقرها، ضمن الفعل الثوري الذي شهدته البلاد قبل
نكبتها، تصبح، بالنسبة لمستشار للرئيس، على ما يبدو، دليلاً على جذورنا الراسخة في
هذا البلاد، فيتم تقديم نسخة منها إلى الملك السعودي.
سيسخر محرر الجيروسالم
بوست، وارثة البالستاين بوست، كثيرًا من الموقف، وسيتساءل موقع المصدر الإسرائيلي:
لماذا قدّم أبو مازن
للملك سلمان هدية صهيونية؟
ولن يشغل أحد نفسه
بالتوضيح، والنفي، إذا لم يكن الأمر صحيحا، أو الاعتذار، إذا نجم عن جهل مستشار،
حتى لو تمتع بنوايا طيبة؟
أمّا الشعب
الفلسطيني، فهو بحاجة إلى إعادة تعريف للذات، بعد التشظي القاتل، والحديث عن
أجنحة، وأقسام للوطن، غير تلك التي في الشتات، وداخل الأراضي المحتلة عام 1948م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق