مساء يوم 20-12-2015،
روى الشيخ داود عريقات، ونحن، على شرفة منزله في أريحا، والشمس تغرب، بعض ذكرياته
في معتقل الجفر الأردني، في ستينات القرن الماضي.
سأتوقف هنا عند جزئية
تتعلق بالصراع التناحري، غير المفهوم، بين الأحزاب العربية. الشيخ داود اعتقل
كشيوعي، وكان من أصدقائه المقربين في المعتقل، منيف الرزّاز البعثيّ، الذي أصبح
لاحقا أمينا عامًا لحزب البعث، طلب الحزب الشيوعي، الذي كان يفتح المظلة عندما
تمطر في موسكو، من الشيخ داود، مقاطعة صديقه الرزّاز، بسب الخلافات التي لا تتوقف
بين الشيوعيين والبعثيين، ولم يخفف السجن من الخلافات، ولكن عريقات رفض.
الرزّاز، الذي يصفه
عريقات، بأنه كان دمثا، ومفكرًا، وصاحب طرفة، ويغني، بصوت جميل، كان يقول لعريقات، الذي يغني
ويعزف على العود:
-اسمع يا داود، أنت تُصيرني
شيوعيًا، ولا أنا سأُصيرك بعثيا..فلنظل أصدقاء نقبل بعضنا..!
يلاحظ هنا، ما كان
ينظر إليه أصحاب الأفكار العقائدية لأفكارهم، وكأنها أديان، وليست مجموعة من
الأفكار..! حتى من يترك حزبه، يُطلق عليه "المرتد"..!
يقول عريقات:
"عندما كان يحتاج الشيوعيين، لشيء من البعثتين، لم يكونوا يجدون إلا إنا لأنقل
ما يريدونه للرزّار".
تعرض الرزّاز لاحقا،
بعد الإفراج عنه، للقمع، ليس من الشيوعيين، ولكن من البعثتين، فحبس، وعُزل، ومات
في السجن، ويمكن أن نلاحظ صدى تلك التجربة في أعمال ابنه الروائي مؤنس الرزّاز.
الشيخ داود، أبعدته
سلطات الاحتلال، بعد حزيران 1967، وعاد إلى أريحا بعد اتفاق أوسلو، وترشح
لانتخابات المجلس التشريعي عام 1996، أمام ابن شقيقه الدكتور صائب..
كان الاتحاد السوفيتي
قد سقط، وأريحا قد تغيرت، ففاز ابن الأخ...!
أمّا بغداد بعث صدّام
حسين، التي تنكرت للرزاز، ومات في احد سجونها، فسقطت هي الأخرى..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق