في بداية شارع
النجمة، الطريق التقليدية، لمواكب البطاركة، الآتين من القدس، في أعياد الميلاد،
تقع ثلاثة آبار، تعتبر معلما، سياحيا، منذ قرون، كما يخبرنا الرحالة الذين زاروا
مدينة بيت لحم.
داود مرّ من هنا
وربما بسبب، وقوعها، في
بداية شارع النجمة، مدخل مدينة بيت لحم القديم والتاريخي، اكتسبت الأهمية التي
حظيت بها، فهي عبارة عن عدة آبار محفورة في الصخور، لتجميع مياه الأمطار، تشبه
الآبار التي حفرها الفلسطينيون في بيت لحم والقدس، ومدن فلسطينية أخرى.
يتحدث الباحثون عنها
باعتبارها ثلاثة آبار، وهي تقع الان في ساحة مؤسسة العمل الكاثوليك، إلا انه يوجد
بئر آخر، يمكن ضمه إلى هذه الآبار، يقع بالقرب منها، في حقل قريب.
ومثل باقي المواقع
المقدسة، حددت بعد تبني الإمبراطور قسطنطين للديانة المسيحية، بأنها الآبار التي
ذكرت في سفر صموئيل الثاني "وكان الملك داود في مغارة عدلام وجيش فلسطين
نازلا وادي الرفائين، وكان داود حينئذ في الحصن وحفظه اليهود في بيت لحم فتأوه
داود: من يسقيني ماء من بئر بيت لحم عند الباب. فشق الأبطال الثلاثة محلة
الفلسطينيين واستقوا ماء من بئر بيت لحم التي عند الباب وحملوه وآتوا به إلى داود.
فلم يشأ أن يشربه بل سكبه للرب وقال حاشا لي يا رب أن افعل ذلك. هذا دم الرجال
الذين خاطروا بأنفسهم فلم يشأ أن يشربه".
ولكن اللوحة
التعريفية، التي وُضعت حديثا في المكان، من قبل بلدية بيت لحم، واليونسكو، تعيد الأمر
إلى زمن أبعد، لا يمكن التحقق منه: "تشير إحدى
التقاليد التي تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد، ان الآبار الثلاثة تعود إلى
العصور التوراتية.
وبحسب
التقاليد، فقد شعر الملك داود بالتعب الشديد بعد معركة فاصلة مع قبائل
الفلسطينيين، فطلب من ثلاثة من رجاله أن يحضروا له الماء من الآبار التي يحرسها
الفلسطينيون قرب بيت لحم. وعندما علم الملك داود عن المخاطر التي خاضها رجاله
والمشقة التي مروا بها أثناء إحضارهم للماء، رفض أن يشربها وسكبها على الأرض
قربانا للرّب. (2 صم 23: 15-16)".
كنيسة بيزنطية
وأيضا مثل كثير من المواقع
التي تم تحديدها باعتبارها شهدت وقائع الكتاب المقدس، بنيت كنيسة بالقرب منها،
اكتشفت عام 1895، ويمكن معاينة المكان، الذي بنيت عليه مجمع مؤسسة العمل
الكاثوليك، جزئيا، حيث تظهر بقايا أرضية فسيفسائية.
ويُعتقد بان الإمبراطور
جوستنيان (527-565) قد بناها إلى الغرب من الآبار، وفي عام 1962م، أجرت
حراسة الأرض المقدسة تنقيبات في المكان، وحسب الباحث الراحل حنّا جقمان فانه تم
العثور على قطع فخارية تعود إلى القرن الرابع الميلادي، ونقوش على الصخور حدد
تاريخها ما بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين.
وعُثر أيضًا على
مقبرة محفورة في الصخر فيها 18 قبرا، كل منها يحوي ما بين قبرين إلى ستة قبور، وتم
تحديد تاريخها إلى عهد الإمبراطور قسطنطين، لوجود صليب على مدخل المقبرة، شكله
يعود إلى ذلك العهد.
ولا شك أن هذه الآثار
التي تعود للقرن الرابع الميلادي، أهم من الآبار الظاهرة، إلا انه لم يتم الاهتمام
بها، وأخفيت تحت الأبنية الحديثة في المكان.
وعلى الأرجح، بأن
فوهات الآبار الثلاثة الحالية، أعتقد، انهها قساطل من قناة المياه الرومانية (قناة
السبيل) التي نقلت المياه إلى القدس، تم أخذها، في وقت ماء، وأُعيد استخدامها
كفوهات للآبار التي يتم حتى الان استخدامها.
بئر واحدة وأفواه
متعددة
ذكر الآبار نعمان
قساطلي الدمشقي، في (الروضة النعمانية في سياحة فلسطين وبعض البلدان الشامية) الذي
حققها ووضع حواشيها تيسير خلف، باعتبارها بئر واحدة لها ستة أفواه: "بئر
كبيرة منقورة بالحجارة ولها ستة أفواه يسمونها آبار داوود، وهي واقعة إلى الشمال
الشرقي من الطريق الموصلة إلى القدس، قبل أن تصل إلى المدينة بنحو مائة ذراع. ومن
جراء تلك القلاقل والشرور التزمت الدولة أن تبني هناك مسكناً للعساكر لأجل قطع
النزاع وحفظ الراحة العمومية، وأن تجعل بيت لحم قائمقامية متعلقة في القدس الشريف،
وكان ذلك في سنة 1872 مسيحية".
ورغم وجودها
في مدخل شارع النجمة، الذي يُشكل المقطع الأخير من الطريق التاريخي الذي يربط بيت
لحم بالقدس، إلا انها لا تلقى الان الاهتمام المستحق من المجتمع المحلي.
يرتبط اسم
الشارع برواية المجوس، الثلاث الذين اتبعوا النجمة من الشرق للوصول إلى بيت لحم.
كما تروي التقاليد، ان العذراء مريم ويوسف قد سلكا شارع النجمة للوصول إلى بيت
لحم، عندما أنجبت طفلها يسوع المسيح، واستمر اتباع هذا الطريق كنوع من التقاليد من
قبل الحجاج القادمين إلى المدينة، ولهذا سمي، هذا الطريق مسار الحجاج.
تم إدراج بيت
لحم، مكان ولادة المسيح: كنيسة المهد ومسار الحجاج، على قائمة اليونسكو للتراث
العالمي عام 2012.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق