في
حارة العناترة، في بيت لحم القديمة، تعيش ثلاث راهبات مصريات لوحدهن، ويدرن دير
وكنيسة السيدة العذراء للأقباط الأرثوذكس.
في
شارع مغارة الحليب العابق بالتاريخ، الذي يبدو كزقاق ضيق في بيت لحم القديمة، يقع
الدير، قبالة كنيسة المهد، وتتابع الراهبات الثلاث نسج أسطورته، وفقا لرؤية
البطريركية القبطية الأرثوذكسية.
في
عام 1948، اشترت البطريركية القبطية، منزلا من الراهب سابا فريج المنتمي لطائفة
الروم الأرثوذكس، وحولته مركزا قبطيا لخدمة أبناء الطائفة خصوصا الذين يأتون من
مصر حجاجا في المناسبات الدينية.
مغارة
أثرية
وعلى
الأغلب لم يكن كافيا، أن يصبح منزل الخوري فريج، إلى دير للأقباط، فكان لا بد من
أسطرة المكان، عبر مرويات حديثة عن مغارة اكتشفت أسفل المنزل، تُقدم الان باسم
كنيسة العائلة المقدسة، وبان تاريخها يعود إلى عصر السيد المسيح.
تم
إجراء حفريات وترميمات في المغارة، لتتحول إلى موقع ديني للصلاة وللزيارة، باعتبار
أن العائلة المقدسة مرت بها وسكنها بعض نساك العصور المسيحية الأولى.
ولان
المغارة تقع على نفس الخط الذي تقع عليه مغارة الحليب، الموقع التقليدي لسقوط نقاط
من حليب السيدة العذراء وهي ترضع المسيح، فانها بالنسبة لراهبات الدير تكتسب أهمية
مضاعفة.
وحسب
إحدى الراهبات التي التقيتها، فانه عثر في عام 2010م خلال أعمال الترميم على ما
يوصف بأنه الممر الذي يربط هذه المغارة بكنيسة المهد، والذي كان يستخدم في عصر الاضطهاد
للهروب بالذبيحة المقدسة.
وعندما
طلبت رؤية النفق، قالت الراهبة بان أعمال الترميم لم تنته وما زال مغلقا، ولكن هذا
بالنسبة للراهبات لا يقلل من أهميته، رغم أن العمل فيه لم ينجز.
أما
ربطه بتقليد ديني، فلا يمكن لأحد أن يجزم به، إلا من أراد إضفاء المزيد من القدسية
على الموقع الذي يملكه الأقباط الأرثوذكس الان.
كلاب
وعسل
تعيش
راهبات الدير الثلاث، فيما يشبه في عزلة، ولكن إحداهن تشيد بالعلاقات الوثيقة
بينهن وبين العائلات المسيحية في حارة العناترة.
وتمارس
الراهبات عدة نشاطات مثل تربية الكلاب واستيلادهن، وبيع الجراء، وكذلك بيع العسل
الطبيعي الأبيض الذي ياتن به من مصر، ويراهن في تسويقه على سعره الأقل من سعر
العسل في السوق الفلسطينية.
ويوجد
في الدير أماكن مبيت بسيطة لثلاث أسر أو بعض الشباب، بالإضافة إلى متجر للهدايا
التذكارية المسيحية التقليدية، بأسعار تقول إحدى الراهبات بأنها منخفضة، وتناسب
الحجاج المصريين.
تقام
القداديس في الدير مرتين أو ثلاث مرات في الشهر، ويمكن لأي كاهن ضيف الصلاة بترتيب
مسبق مع الدير، الذي يحوي أيضا قاعات استقبال بعد القداديس.
مغارة
أخرى
مشاريع
الدير متشعبة، ويجري حاليا تجهيز مغارة كبيرة، تقول الراهبات بأنها تعود للعصر
الكنعاني، في حديقة قريبة تابعة للدير، لتكون كنيسة لاستيعاب أعداد أكبر من
الرحلات الدينية، مع بناء بيت صغير للضيافة لرحلات الشباب في نفس المكان. وأيضا
سيتم البدء ببناء كنيسة بجانب الدير.
تفخر
الراهبات بأنهن يعشن في مدينة بيت لحم، فهي، بالنسبة للمؤمنين أول مكان على وجه
الأرض يشهد ظهور السيد المسيح بالجسد، ولذلك تحتل مع القدس المكانة الأولى في
الديانة المسيحية.
وعندما
يهبط الظلام على مدينة المهد، تتلألأ أضواء جرسيات الكنائس المحيطة بساحة المهد،
ومن بينها دير الأقباط، الذي تعيش فيه الراهبات المصريات الثلاث، ويتنفسن هواءً
فلسطينيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق