عندما
مرّ موريس ميكيل، من أمام خيمة الاعتصام، مبتسمًا، متجها نحو شارع مغارة الحليب،
قلت لصديقي، انظر..هل تعرف ميكيل، أقدم مصوري بيت لحم؟ صور كل الناس، ولم يصور
نفسه..!
حاول
التذكر، ثم استدعى الذاكرة سريعا: "آه..تذكرته، تذكرت محله القديم، في شارع
مغارة الحليب، جئته مع علي، من المدرسة التي كانت تقع بجوار كنيسة المهد، مكان
الكازانوفا الان، ليلتقط صورة لكل منا لزوم متطلبات المدرسة، ولفقر حالنا، لم يعدم
حلولا، التقط لنا صورة واحدة، عمل فيها مقصه، لو أعطيتني فرصة، لو صمت من في
الخيمة، وتضاءلت نبرات الخطباء، وهجعت عصافير الساحة، العائدة الان إلى أعشاشها، لو صمتت بيت لحم، وهجعت الساحة، لأتاني صوت
تكتكة المقص، وهو يقضم الصورة من المنتصف، ويناول كل منّا، مبتسما، صورته، أو حصته
من الصورة، وربما الأصح، حصته من الدنيا، الان يمكن أن افهم، أكثر من أي وقت مضى،
سر ابتسامته، يا له من صوت للمقص".
*أنت
الان هنا...و
-حصتي
من الصورة، أعادتني عبر النهر متسللا، عندما وجدت نفسي هناك، متقهقرا، مع الجيش
المهزوم، وبعد سنوات، أودت بي إلى السجن 15 عاما هنا، نفذنا عملية البيجو، التي
خططها أبو جهاد، بعد عملية السادات التحريكية، ففجرنا في القدس الغربية، لنقول
بأننا سنصنع صورتنا، ولن نسمح لأي مقص، بأن يتكتكها كما يبغي. صوت هادر رفعناه تحديا
خسارات الحرب.
*وصديقك؟
-أودت
به الهزيمة إلى هناك، ووصلتنا نتفه، وحياته مع التحتيين والتحتيات، كابن ليل
معتبر، وفجأة، خطف طائرة، واتجه إلى القاهرة، طريقه في حصته من الصورة، احتجاجا
هذه المرة، على خيانات الحرب والسلام، أمضى سنواته الأخيرة في سجون القاهرة، وقضى،
ودفن هناك، لا نعرف أين.
إنها
فقط الصورة، كما أقول لك، هي حصصنا من صورنا، التي يقصها الآخرون..!
في
مساء اليوم التالي، التقيت موريس في الشارع الجديد مبتسما في مركبته، وهذه المرة
كان ثريا في مبادلته الكلام، وقبل أن أسأله كم عدد الصور، التي التقطها، وقصها،
وصورها، تحدث مستبقا، عن حصته هو من الصورة التي انتصف عقدها الثامن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق