لا نعرف لماذا أصرت الأغنام التي اختبأت بينها السيدة
مريم، وطفلها، في ضواحي القدس، هربًا من اليهود، على المأمأة، فاستحقت دعوة مريمتنا
عليها بأن يكشف الله، عورتها، فاستجاب الله، تاركا فضلة الذنب معلقة في الهواء،
والعورة مكشوفة، بعكس الخراف، التي صمتت، فربتت مرميتنا عليها، ودعت بان يسترها
الله، وهو ما حدث، وما زالت الخراف (البياض) حتى هذا اليوم صامتة، والأغنام
(السمار) تمأميء. وفرح المدجنون البشر بالتفسير السماوي للوأد حرية ما أصبح يصفونه،
على الأقل في فلسطين، بـ"الحلال".
لا نعرف كيف استكانت الخراف، وكم عدد السنوات من التدجين،
وغسل الدماغ، والتعذيب، والقتل، والاستلاب، وتطبيق سياسة العصا والجزرة عليها،
التي قطعتها حتى صارت ما صارت عليه.
أما السمار، فيمأميء، رجع صدى لمقاومته التدجين، ويحدث
كل فترة، غير محددة، أن تغزوه ذاكرة المقاومة، فيرتد حرًا.
أذكر ذلك الفرد من السمار، الذي تمرد على القطيع، وتركه،
وقطع شارع القدس-الخليل، وانطلق إلى البر، بسرعة غزال، إلى الجهة الأخرى، إلى ما
يعرف الآن بالدوحة، ولم يتمكن احد من إمساكه، وتوقفت الكلاب عن ملاحقته. من يستطيع
من البشر ملاحقة غزال؟ بل أسرع منه، سمار تدفقت في عروقه، بقوة، دماء الحرية.
فزع الراعي، وأصدقاء الراعي، والفضوليون، والقطيع، كيف
فعلها هذا الماعز؟ وهل كان بإمكانه أن يفعلها؟ ومن أين أتته القوة ليفعلها.
لقد فعلها، تحرك فيه جين الحرية الكامن..!
في كل قطيع يوجد مثل هذا الحرّ، ولكن المؤسف، أنه يصنف،
أو يُعرف، عندما يحركه جين الحرية، باعتباره
اللامنتمي (أوت سايدر)، يظل خارجا، واحدا، صارخا في البرية، يذكّر القطيع
بما كانوا عليه قبل الحبال التي تقيدهم، حبال اجتماعية، واقتصادية، وعقائدية..!
أذكر دائما، بامتنان، ذلك الماعز المعلم..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق