أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 25 يوليو 2022

حقًا؟ هناك من لا يصافح!






في عام 1987م، خطوت على جسر الملك فهد من الأراضي السعودية، الرابط البري الوحيد لجزيرة البحرين، والذي قُدِّم، وقتذاك، بطوله الذي يصل إلى 25 كلم، كثاني جسر، من نوعه في العالم. كان العاهل السعودي، يرسخ قيادته الدينية والسياسية، وأعاد إحياء لقب قديم: خادم الحرمين الشريفين. المفارقة، أن اللقب الذي قصد منه، ولو شكليا، التواضع، والابتعاد عن لفظ الجلالة، تحوَّل، في الإعلام السعودي، إلى دلالة على عظمة الملك.

في عام 2013م، قادنا مضيفونا في البحرين، إلى جانبهم من الجسر، فهو أحد معالم الجزيرة الصغيرة، ويرمز إلى قبضة الأخ الأكبر، وربما إلى القدر الدرامي لجزيرة سهلة التهديد، إلى درجة أن تكون لقمة في قبضة عقد إيران الإمبراطورية.

رغم أن الجزيرة، منذ القرامطة على الأقل، هي موطن تيارات عاصفة، ونقدية، ومعارضة، فإن الدعاية الرسمية، لا تحاول تقديم غناها، ويمكن للمراقب من بعيد، أن يبتسر مشكلتها في ثنائية الشيعة-السنة، وهذا باطل.

في مساءات المنامة السريعة، يمكن استكشاف الغنى والتنوع، وأماكن الوهج الثقافي. بدت الشيخة مي، التي تفضل تنانير الستينات القومية، وهدوء العبارة، في مزاجٍ شجني، وهي تؤكد في مؤتمر دولي للسياحة الثقافية: "المنامة تكبرُ اليومَ بامتلاءٍ حميم بجمعنا، لم يعد يكفيها التأريخ البعيد، بل تستثمر أيضًا إنسان اليوم، وتواصل صنيع الحضارات فيها تباعًا حتى تصيغ مستقبلها".

أثار مزاجها الشجني، تعاطفًا من الحضور، ومن المتحدثين، امتد إلى الفنانة الأوبرالية هبة القوّاس، التي أشجنت مسرح البحرين الوطني الفخم، برفقة أوركسترا فيلمارمونيكا ترانسيلفانيا العالمية، بأداء شفيف، شجعني، على توجيه دعوة، باسم فلسطين (هكذا مرَّة واحدة)، لزيارة فلسطين (كلها، التي لا تقسم على مرَّتين).

في اليوم التالي، جلست الشيخة ميِّ في الصف الأوَّل لتستمع لهذر فلسطينيِّ مكرّر وممل. قلت، محاولا التخفيف منه: عندما تتحرَّر فلسطين الصغيرة، سنطلب الوحدة مع البحرين، وعندها سننظم انتخاب لمنصب وزير الثقافة، وسننتخبك، وزيرة ثقافة لدولة الوحدة.

لا أعتقد أننا نحتاج لوزراء ثقافة، بل إلى مشاريع ثقافية. التقيت قبيل افتتاح احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، وزراء الثقافة العرب، واقتنعت أنه لا لزوم لهم، على الأقل، بسبب ثقلهم. لا يكفي أن واحدهم عُيِّن بواسطة ما، ولكن أضيف عليها ثقل الشخصية، وخوف على الكرسي، مقيم، يلعثم الألسنة، ويربطها.

من الواضح، أن الشيخة مي، ولأسبابٍ، امتد نشاطها الثقافي إلى خارج وزارة الثقافة، مثل: مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، الذي يستضيف مثقفين وفنانين وكتَّابا، وأنشطة ثقافية من العالم العربي، وربما من العالم.

وأيضًا، إلى هيئة البحرين للثقافة والآثار، رائدة نشر كتب مترجمة مؤسسة، بإشراف المثقف النقدي الطاهر لبيب.

مشروع (نقل المعارف) بإدارة لبيب، ودعم الشيخة ميّ، هو مشروع للتبادل الثقافي، حتى عام 2019 نجح في نقل 33 مجلدا متنوعا، ورغم أهميته فإنه غير مناسب للشغوفين بالكتب، من الذين لا يأبهون بالخطط المالية، مثلي، لأن عليهم البقاء بقية الشهر على قيد القراءة، أدامهم الوحيد.

في الصفحة الأولى الكتيب الذي يحوي أنشطة الموسم الثقافي الثاني عشر لمركز الشيخ إبراهيم، ما يثير محبي الاقتباسات، ومعقَّديها: القلب هو مكان المقاومة الحقيقية. لعله من انتخابات الشيخة مي نفسها، التي، أخبرها قلبها، أن لا تمدّ يدها، لمصافحة سفير دولة احتلال، وفصل عنصري، وقتل يومي، ففصلها، حسب نتف أخبار غير رسمية، ملك البلاد والعباد، من منصبها وزيرة ثقافة.

مسألة القلب هذه، يبدو أنها مهمة للشيخة مي التي كتبت غردت على تويتر: "من القلب ألف شكر لكل رسالة وصلتني، وحدها المحبة تحمينا وتقوّينا".

للمزيد، مقال منذ عام 2013:

مساء بيت لحم في المنامة

https://www.rb2000.ps/articles/202762.html

#مي_بنت_خليفة

#الطاهر_لبيب

#الملك_فهد

#البحرين

#المنامة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق