أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 7 مايو 2017

"صلّب وخُش، وخمّس واطلع"





















يظهر رائد صلاح (41) عاما، حارس دير الخضر في بلدة الخضر، غرب بيت لحم، نشاطا زائدا في أول أيام عيد مار جريس، المعروف أيضا باسم الخضر، وهو القديس الأكثر شعبية في فلسطين والإقليم ودول أخرى في العالم.
يطلق النَّاس على رائد المسلم، لقب أبونا رائد تحببا، وفي أول أيام العيد التي يطلق عليها محليا اسم الشطحة، يمكن رؤية أبونا رائد في كل مكان في الدير، يدل أحدًا، أو يساعد آخر، بالإضافة إلى عمله في مساعدة رجال الدين وآخرين من المجتمع المسيحي المحلي في بلدة بيت جالا القريبة، الذين يعملون فترة العيد لتلبية احتياجات المواطنين، الذين يأتون ليقدموا النذور المختلفة لصاحب العيد في عيده.

تأتي النساء إلى الدير حافيات من مناطق مختلفة من المحافظة ايفاء للنذور، والبعض ما زال متمسكا بعادات النذور القديمة، مثل تقديم الذبائح، وحسب صلاح، فان بضعة أشخاص قدموا ذبائح كنذور، وان لحمها سيتم توزيعه على مؤسسات أيتام وأخرى تعنى بالأطفال.
يأتي النَّاس إلى الدير، حاملين أرغفة خبز نقشت عليها صورة الخضر الشهيرة، وهو يمتطي حصانا ويطعن التنين، ليقدسها رجال الدين، ويحرص كثيرون على أخذ الخبز والزيت المقدسين، مقابل تبرعات.
ويصطحب مواطنون أطفالهم، الذين يحملون اسم الخضر، وهم يرتدون لباسا يحاكي لباس الخضر المفترض، أو طفلاتهم اللواتي يرتدن زيا يحاكي زي مريم العذراء في المخيلة الشعبية، لينالوا البركة، وهم يخطون خطواتهم الأولى في هذه الحياة.
ينتشر الزوار من مختلف الأعمار، من مسلمين ومسيحيين، في أروقة الدير الواسع، ويقدم متطوعان القهوة المجانية للجميع، في حين تشهد أجنحة أخرى من الدير نشاطات أخرى، كاستقبال رجال الدين لمواطنين في صالون الدير، أو إقامة صلاة في كنيسة الدير، التي تزدحم بالزوار، في حين يتولى متطوعان شابان، يرتدي أحدهما الزى الكهنوتي، مهمة تمرير دائرة حديدية على جسم من يرغب من الذين يصطفون بالدور، لينالوا بركة الخضر.
بعض المرشحين للانتخابات المحلية، ظهروا في الدير، ولكنهم قالوا إن حضورهم ليس له علاقة بالانتخابات أو طلب بركة الخضر ليساعدهم على النجاح، وإنما هو ما يفعلونه كل عام.
في الطابق الأعلى من الدير، يجد أبونا رائد فسحة من الوقت ليأخذ نفسا من مشاغله التي لا تنتهي في يوم الخضر، وليؤكد لمراسلنا بأنه يقدر عدد الزوار بنحو عشرة آلاف مواطن، وقد يبدو الرقم مبالغا فيه، ولكنه يعكس حجم كثافة الزوار في ذهن صلاح.
يتسلل طفل إلى أعلى الدير، ويتمكن من الإمساك بحبل الجرس، ويأخذ بدق الناقوس، وفي الأسفل يقف الزوار ليستطلعوا ماذا يحدث وقد جذبتهم دقات الجرس العفوية التي تفتقد لإيقاعات الجرس الدينية، وعندما يتمكن أبو رائد من وقفه، يشعر الجميع بسعادة يفتقدونها طوال العام، ويقصدونها لدى حامي الطرق، وعيون الماء، وأكثر القديسين استجابة للدعوات، كما يعتقدون.
ولدى أبونا رائد حكايات عديدة عن استجابات الخضر الأخضر السريعة، ومنها ما حدثت معه شخصيا.
بالنسبة للباحثين فان عيد الخضر، هو آخر أعياد الربيع الفلسطينية، ويقال في الأمثال الشعبية: "صلّب وخُش، وخمّس واطلع"، وتعني بلغة تقويم السنة الفلسطينية الفلاحية، ان على الفلاح بعد إنهائه أعياد الربيع في شهر نيسان، الذي يسمى شهر الخميس، ان يعود مجددا للتعزيب في أرضه، والذي يستمر حتى منتصف أيلول، حيث عيد الصليب، فمع أول قطرة مطر تنزل على الأرض، يعود إلى منزله، حاملا معه ثمار الأرض ليمضي شهر الشتاء. ويقال: "في عيد الخضر حرام حط النير ع البقر"، في إشارة إلى توقف حراثة الأرض، التي يتم حراثتها مرة ثالثة في بداية شهر أيار.
أمّا بالنسبة لأبونا رائد فان كل الأيام هي أيام الخضر، يستقبل فيه أصحاب الحاجات، التي يقصدون الخضر لتلبيتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق