وصف الشريف الإدريسي
(1100م-1166م) صاحب (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق)، مدينة يافا بأنها فُرْضَة
القدس، وحسب المعاجم فان أقرب معنى لجملته، أن يافا ميناء القدس، يقال مثلاً أن فُرْضَة
البَحْرِ تعني: مَحَطُّ السُّفُنِ، أو ان يافا متنفس القدس، يقال أيضا فُرْضَةُ
الْحَائِطِ: فُرْجَتُهُ.
القدس الكسولة،
المغترة بنفسها، يحلو لها أن تزهو بيافا كبوابة بحرية لها فُرْجَتُها، وأريحا
وبحرها الميت، حديقة خلفية يانعة، واحة في قاع العالم.
لست واثقًا إذا كان الإدريسي
زار فلسطين وكتب عنها، أم أن ما خطه، نقله عن آخرين، والنقل أسلوب لم يكن غريبا
على البلدانيين العرب، كما نجد ذلك لدى ياقوت الحموي مثلاً.
كان على يافا دائمًا دفع
ثمن بهائها، وعندما تتبعت أخبارها كما جاءت لدى الجبرتي (1753-
1825م)، صعقت من حجم المذابح التي ارتكبها القادة من المسلمين بحق ناسها، وإذا أضفنا
مذبحة نابليون، ومذابح الاحتلال البريطاني، لبدت النكبة-الكارثة المستمرة حتى
الآن، وكأنها مجرد تفصيل في تاريخ مدينة قدرية، حُسنها لا يحتمله البشر، ففرغوا عُقدهم
فيها..!
في النكبة خسرت يافا،
مدينة الفلسطينيين البهية، مدينة الميناء، والصحف، والبرتقال، والحِسان، نفسها، وأضحت
فُرْضَة تل أبيب وفَرضها، حيها اليهودي الذي تمدد، ليقضمها..!
هل توقف تاريخ يافا؟
كيف ستكون أيامها الأُخر..؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق