أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 4 مايو 2017

"شمسنا لا تغزل خيوطها إلا من ظلك..!"






في عام 2002م، أصبح لدى الشاب حمزة عمر شمارخة، من بلدة بيت فجار، جنوب بيت لحم، ما يشغله أكثر من أي شيء آخر، خلال الاجتياحات الاحتلالية للضفة، فخطط مع آخرين، تحت قيادة الشهيد مروان زلوم، لعملية فدائية نفذتها الشهيدة عندليب طقاطقة في القدس، في ظرف صعب كانت تعيشه الأراضي المحتلة، فالرئيس ياسر عرفات محاصر، ومعظم مدن الضفة محاصرة وتتعرض للانتهاك والقتل اليومي.

نجحت العملية، التي حملت توقيع كتائب شهداء الأقصى، في قلب القدس الغربية، وكان لها صدى يتعلق بالظرف الذي نفذت به، لدرجة أن قياديين في السلطة الوطنية، أشادوا بالعملية.
اعتقلت سلطات الاحتلال حمزة يوم 13-4-2002، وحكمت عليه محكمة احتلالية بالسجن ستة مؤبدات وعشرين عاما إضافية.
عندما قابلت والدة حمزة قبل عدة سنوات، قالت الأم المكلومة ساخرة: "وهل تضمن دولة الاحتلال أن تعيش ستة مؤبدات وعشرين عاما، لتعاقب ابني؟!".
غادرت والدة حمزة الحياة، دون أن يتمكن من توديعها، وها هو الآن يخوض إضرابا عن الطعام مثل باقي رفاقه في السجن، وتتابع عائلته وأصدقاؤه في بيت فجار حالته، خصوصا لأنه مصنف ضمن الأسرى المرضى.
حمزة ينحدر من عائلة لجأت إلى بيت فجار، من قرية زكريا، في الهضاب الفلسطينية الوسطى، وتحول الآن إلى رمز في القرية التي ولد وشب فيها. ولم يترك أعوام السجن تكر بدون جدوى، فخلالها حصل على درجة الماجستير في تخصص الاقتصاد والعلوم السياسة.
الصحفي محمد طقاطقة، عاش مع حمزة في سجن ريمون الاحتلالي نحو خمس سنوات، ويشيد بسجاياه: "حمزة رجل مؤدب خلوق، ومثقف، درسنا معا التوجيهي، وأكمل في السجن دراسة البكالوريوس وحصل على اللقب الجامعي الأول من الجامعة العبرية المفتوحة في تل أبيب، وأكمل دراسته حتى حصل على الماجستير".
يتذكر طقاطقة، كيف انه التقى بحمزة، وكان قد مضى على رحيل والدته فترة من الزمن، مشيرا إلى أن حمزة تأثر كثيرا برحيلها المبكر، في أواخر الأربعينيات من عمرها.
ووجه شقيقه محمد الذي كان عمره 11 عاما عندما اعتقل حمزة رسالة معبرة له: "عندما يتحول الجوع من كافر إلى ثائر فاعلم بأن النصر قادم، إلى أخي في العتمة، أنا لا أحفظ الرقم التسلسلي لزنزانتك، لا أعلم في أي زاوية ترقد الآن بالتحديد، لكن أعلم بأن جدران زنزانتك المُوحشة تخضع أمام جبروتك حين تتكئ عليها، أعلم أيضًا إنك تقف لتعارك الموت حين تلامس الموت بالجوار، ثم أن قطيع الضباع من حولك يجوب ويعوي، وأنت كالأسد ثابت بمكانك تقف وقفة الملوك، يا أخي: أعلم بأنك ما زلت شامخا، وأعلم أيضا بأن شمسنا لا تغزل خيوطها إلا من ظلك. الله يهونها عليك يا بطل".
لم يتوقف الاحتلال عن استهداف بيت فجار، ومنذ اعتقال شمارخة، اعتقلت سلطات الاحتلال المئات من أبناء البلدة، وقتلت وجرحت العديد من أبنائها، وفجر أمس اعتقلت ثلاثة فتية، كانوا رضعا عندما استيقظوا على صوت دبابات الاحتلال التي اقتحمت القرية لتقبض على حمزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق