أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 16 مارس 2017

جنبا: الألم والأمل في برية الخليل







































يواصل عمر جبارين (42) سنة تقاليد عائلية تعود لقرون، كما يقول، في خربة جنبا، في مسافر يطا، وهي منطقة برية تشكل المدخل الشمالي لصحراء النقب، وتمتد حتى البحر الميت.
ولكن بخلاف أسلافه، فإن جبارين يدفع ثمنا غاليا، بسبب إجراءات الاحتلال التي تستهدف طرده ونحو 200 من سكان الخربة، مثلما هو الحال بالنسبة لتجمعات فلسطينية أخرى في منطقة مسافر يطا.
يعيش سكان جنبا في المغر، ويحظر عليهم بناء البركسات، وفي العام الماضي، كما يقول الدكتور أحمد الرجوب، مدير وزارة السياحة والآثار في الجنوب، هدمت قوات الاحتلال خمس بركسات بناها الأهالي، ويوجد أمر هدم للمدرسة.

طريق الحجاج
يتحدث الرجوب، عن أهمية خربة جنبا، التي تظهر البقايا الأثرية العديدة فيها للعيان، ويقول: "كانت الخربة محطة مهمة على طريق التاريخية التي تربط شمال فلسطين بجنوبها، وفي الفترة الإسلامية كانت المحطة الأخيرة للحجاج الذين كانوا يتجمعون في القدس ثم يتحركون إلى الخليل، فالكرمل، وأخيرا إلى جنبا، قاصدين الديار الحجازية.
من الآثار المهمة والبارزة في الخربة البركة الرومانية، التي تتسع لنحو 600 كوب ماء، وكانت قبل الترميم، مطمورة بالأتربة، حتى تم تنظيفها وترميمها، ويبدو أن المرممين لم يراعوا طابعها الأثري فاستخدموا الاسمنت في الترميم.
يستخدم السكان مياه البركة لسقي المواشي وفي أغراض أخرى، ويعتمدون على الآبار في الشرب، حيث لا توجد ينابيع مياه في المنطقة.
يقول الرجوب: "هذه البركة تدل على أهمية الخربة في الفترات الرومانية والبيزنطية والإسلامية، كمحطة على الطريق التاريخية، وكاستراحة حجاج، وتذكرنا ببركة الكرمل، المحطة المهمة على الطريق التاريخية، ثم تأتي هذه المحطة".
ويعتبر الرجوب، نمط الحياة الذي يعيشه السكان هو استمرار للتقاليد القديمة، مشيرا إلى المصاعب التي تواجهها الجهات الحكومية في دعم السكان، لأنها محكومة بالاتفاقيات مع الاحتلال، وهذه المنطقة تصنف كمنطقة تدريب عسكري وإطلاق نار.
تشرد ومقاومة
حسب تقديرات عمر جبارين، فانه يوجد في الخربة نحو 100 مغارة استخدمها الأهالي، ويقدم نبذة عن معاناتهم: "في عام 2000 أصدرت قوات الاحتلال قرارا اعتبرت فيه المنطقة، منطقة عسكرية مغلقة، وعمدت هذه القوات إلى ردم المغر بالأتربة وطردتنا، فلجأنا إلى الجبال، في الليل ننزل إلى الخربة، وفي النهار نخبيء الفرشات في الأودية، ونغادر إلى الجبال، وبقينا على هذا المنوال ثلاث سنوات، ووكلنا محاميا يهوديا اسمه شلومو ليفي، الذي استصدر أمرا احترازيا لمدة عشر سنوات، فعدنا إلى المغر، ومع انتهاء السنوات العشر، تؤجل المحكمة كل عدة أشهر، وما زلنا نواصل الصمود".
ويضيف جبارين: "نعاني يوميا من الاقتحامات، ومصادرة الأغنام، والهدم، وكل هذا لن يثنينا عن الاستمرار في الحياة هنا في أرضنا".
يؤكد جبارين ان وجودهم في المنطقة يعني حماية نحو 36 ألف دونم مهددة بالمصادرة وتضم 11 خربة هي بالإضافة لجنبا: "المركز، والحلاوة، والبخيت، والتبان، والمجاز، والصفي (خربتان)، والطوبا، وشعب البطن، وأم طريف"
الدراسة والزواج والموت
مدرسة الخربة مبنية من الصفيح، وتضم 40 طالبا وطالبة، يدرسون حتى الصف السادس، ويعمل بها ستة مدرسين، وبعد الصف السادس يتعين على الطلبة الدراسة في مدارس أبعد مشيا على الأقدام.
والمدرسة التي بنيت بمساعدة أوروبية، وتم بناؤها عل مراحل، مهددة بالهدم، وإذا أقدمت قوات الاحتلال على ذلك فسيواجه طلبة الخربة ظروفا صعبة.
تحافظ عائلة جبارين على نقاء السلالة كما نفهم من عمر جبارين، الذي يقول بان حالات الزواج تتم داخل العائلة نفسها، وتقام الأعراس في مدينة يطا، وعندما تحدث حالة وفاة، يتم الدفن أيضا في يطا، فسكان الخربة أصولهم من يطا، ويحافظون على العلاقة العائلية الوثيقة.
يعيش جبارين في مغارة مقسمة الى مطبخ ومكان للنوم، ولاستقبال الضيوف، وبين شقوق المغارة يمكن رؤية جهاز تلفاز صغير يعمل على الطاقة الشمسية.
في خربة جنبا، والتجمعات السكانية الفلسطينية في مسافر بني يطا، يمكن سماع حكايات كثيرة عن معاناة يومية صعبة من جيش الاحتلال وأذرعه المختلفة والمستوطنين، وعن صمود الأهالي الأسطوري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق